نسميها ..مفاوضات ...حوارات ...لقاءات ...اجتماعات ...باعتقادي بطياتها كافة العناوين ...بعد أن صعب على المراقبين والمحللين والمتابعين للشأن الداخلي الفلسطيني ...أن يخرجوا بعنوانا لافتا .....يمكن أن يلبي كافة اجابات مفردات الواقع ... بكل ما يحمله من معاني ودلالات وتحديات ما زالت تتعاظم وتزداد بانتشارها وتأثيراتها على مجمل الحياة الفلسطينية .
فقهاء السياسة والقانون والذين يبذلون الجهد حول كل مفرده ....وحول كل معني واستنتاج والذين ينظرون... حتي لطبيعة الجلسات ومن حولها .....ومن يقف على رأسها ومن يجلس على جنباتها..... كما ويبحثون ويتأملون حول الطاولة المستديرة ....او المستطيلة ...وحول البروتوكولات والاجراءات والمراسم.... لمن يقفون على اليمين ..ومن يقفون على اليسار ...وأين يوضع العلم ....وأين المكان والموعد.... ومن سيدخل قبل من ....ومن سيتحدث بداية ومن سيختم الجلسات ....ومن سيجلس في المؤتمر الصحفي المقرر عقده..... بعد كل ما يجري وما تسفر عنه... مهما كانت التسميات ...وأيا كانت النتائج.
كل شيء مرتب ومنظم ومدقق بإجراءاته ومراسمه وبروتوكولاته ...وما على الملتقين الا أن يتحدث كل منهم ....بما اعطي من معلومات ....وما تم توجيهه .....وكأننا نتحرك على أوتار الزمن المفتوح... لنمارس الترف الفكري... والتنظير السياسي... ومحاولة اثبات أن برنامج كل منا هو الحقيقة بعينها... والتعبير الصادق لاعادة الحقوق كاملة غير منقوصة... لا زلنا على فكرنا السياسي ... كما ولا زلنا نحاول أن نخاطب أنفسنا ... ولا زلنا نصرخ في وادي عميق ... نسمع انفسنا ... ولا نسمع غيرنا ... وقت ضائع ... يكلف الكثير ... واستخلاصات لا زالت متواضعة وبحدها الأدنى .
وطن محتل .....وأرض تنهب ...ومقدسات تدنس .....وحقوق على طريق الضياع ... وأحلام وأمنيات على طريق الانهيار ...ولا زلنا لا نتعلم من تجاربنا...ولا حتي من تجارب غيرنا...كل شيء لدينا بمقدار مصلحة كل منا ... وبما يضر هذه المصلحة ... اذا ما حققنا ... وتحققننا ... من نتائج كثيرة ... وابعاد خطيرة ... ولا زال الوطن في ضياع وخطر.
صفحات كتبت ....وبنود أدرجت ...وملفات أعدت ....واستضافتنا دول وعواصم ...وجلسنا بعدة أماكن .....و ما زالت الكلمات على حالها .....والمواقف على جمودها ....ولا احد يتغير رغم أن الزمن يتغير... والمصاعب تزداد ...والتحديات تتعاظم .....حتي يتبادر لنا ولغيرنا حق طرح التساؤلات حول العديد من القضايا ... التي لا زلنا نتهرب منها ... ونحاول ان نتحدث بعموميات الحديث ... وحتى اذا ما كتبنا واتفقنا ... تكون العبارات خاضعة للتفسيرات والتحليلات ... وتحمل أوجه عديدة في معانيها ودلالاتها ... مما يعيدنا الى نقطة الصفر ... وحتى ما قبل نقطة الصفر ... لنبدأ بتجديد تجاذباتنا ومناكفتنا .
هناك العديد من القضايا والتساؤلات ... التي تحتاج الى اجابات واضحة وشافية ... حتى نطمئن على واقعنا المهدد ... وعلى مستقبلنا المجهول ... وعلى وطننا الذي لا زال يسلب على مدار اللحظة ... ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ..
1- علي أي اساس تم الاتفاق على أن يكون هذا اللقاء في الدوحة وليس غيرها ؟؟!!
2- هل في هذا اللقاء.... القضايا مفتوحة بكافة ملفاتها ..أم ان هناك ملف واحد اسمه حكومة الوحدة؟؟!!
3- هل الحكومة ....حكومة كافة المسئوليات ومعالجة كافة الملفات ..وتتحمل كامل المسئوليات ....أم أنها حكومة خدمات وتسيير أعمال ...وتهيئة المناخ للانتخابات ؟؟!!
4- هل حكومة الوحدة الوطنية بمشاركة كافة الفصائل ...ام أن هناك من يعارض المشاركة...أو من يحرد عنها ..أو من يتحفظ عليها ؟؟!!
5- هل تم التشاور مع كافة الفصائل حول حكومة الوحدة الوطنية ... برنامجها السياسي ....مرجعياتها السياسية والقانونية ؟؟!!
اذا كان الامر كذلك ....فلا برنامج سياسي يجمع الكل الفلسطيني .....ولا وسائل نضالية يجمع عليها الجميع ....ولا حتي اهداف وطنية استراتيجية متوافق عليها من الجميع ... للأسباب التالية:
أولا : البرنامج السياسي ...برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ليس هو برنامج حركة حماس ...الا اذا كان هناك تغير في موقف الحركة بقبولها المشاركة في الاطار القيادي تمهيدا لعضويتها بالمنظمة والذي يوفر ارضية القبول ...مع أن الانسحاب لحدود الرابع من حزيران 67 واقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية ...موقف سياسي مقبول ومتوافق عليه وتم تأكيده بالعديد من المناسبات والاتفاقيات الموقعة.
ثانيا: الوسائل النضالية ليست واحدة بحكم أن خيار التفاوض هو أحد خيارات منظمة التحرير التي لا تسقط الخيارات الأخرى في ظل ان حركة حماس لا زالت ترفع خيار المقاومة وفي هذا تعارض واضح ما بين الخيارين .
ثالثا: اختلاف الاهداف السياسية بالمعني الاستراتيجي .....منظمة التحرير الفلسطينية تقر برنامج الحد الأدنى والذي جاء بإعلان وثيقة الاستقلال وبقرارات المجالس الوطنية .....بينما حركة حماس و برنامجها السياسي المعلن تريد فلسطين من البحر الي النهر .
فهل حكومة الوحدة الوطنية تشمل البرنامج السياسي ... والوسائل النضالية... والاهداف الوطنية ؟؟
اذا كانت الحكومة ستشمل كل ما سبق ....فلا أعتقد أن هناك حكومة مجمع عليها .
الا اذا كانت حكومة الوحدة الوطنية يفهم منها...
1- حل لمشكلة موظفي غزة ... وحل لمشكلة كهرباء غزة ....وحل لمشكلة معبر رفح .....وفسح المجال لحركات الاسلام السياسي بالدخول بكافة الوزارات والمؤسسات والمرجعيات....والعمل بداخلها ....وتهيئة الاجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ...وانتخابات المجلس الوطني .
المواطن الفلسطيني مهتم بكافة هذه القضايا ....ويتمنى تحقيقها ...لكن سيبقي السؤال هل هذه هي أهداف حكومة الوحدة الوطنية ؟؟!!
وهل نجاحها أو فشلها يتعلق بتنفيذ هذه الاهداف ؟؟!!.
الفصائل الوطنية والاسلامية مختلفة ببرامجها ....ووسائلها النضالية .....وأهدافها الاستراتيجية ... وفيها من الخلافات والتباينات التي لا زالت على حالها .....فكيف لها أن تجتمع بحكومة وحدة وطنية عليها من المهام والمسئوليات والاهداف الملحة التي ينتظرها الناس بفارغ الصبر ؟؟!!ومدى حاجة هذه الحكومة ... اذا ما اريد لها النجاح ... أن تكون طريقها معبدة... وأن يكون المجتمع الدولي يقبل بها... وبتركيبتها ... وببرنامجها ... وبوسائلها ... هذه هي الحقيقة السياسية ... التي يعرفها الجميع.
نحن على الساحة الفلسطينية بارعين ومتفوقين بل متميزين.... بفردية العمل ...لكننا لا نحقق النتائج المطلوبة من خلال العمل الجماعي ....لأننا نركب الامور على الأخطاء ....وليس على الصواب ...نركب الامور ولا زالت القضايا الخلافية شاهدة على حالنا السياسي ....لا زالت خلافاتنا تتصدر المشهد حتي مع اجتماعاتنا ومحاولاتنا الدائمة للحديث بلباقة سياسية ودبلوماسية ....لكن هذا لا يخفي عمق الخلافات وأسبابها الحقيقة..... والتي يجب ان تعالج....وأن لا نتهرب من حقيقة وجودها ....بل يجب ان نمتلك الشجاعة جميعا ....لمواجهة أسباب اختلافنا بكل جدية وصدق ...وبمحاولة جادة وصادقة ....للوصول الي التوافقات ....التي تمنع كافة احتمالات الخلاف المعطل لحكومة وحدة وطنية..... يمكن أن تكون بداية صحيحة لتحقيق نتائج أفضل ... اذا كانت المعالجات كافية ....والممارسات سليمة ....والاهداف صادقة....والايام القادمة كفيلة بأن نتحقق من كل ذلك .
بقلم/ وفيق زنداح