وقفت مشدوها حينما سمعت تلك الطرق الخطيرة التي يستخدمها شباب في مقتبل اعمارهم للخروج من قطاع غزة ، بعضهم تحت حجة العلاج واخر تحت حجة الدراسة ، فالمهم هو الخروج تحت أي مسمى ، وحدثني العديد منهم انه تهرب عبر حدود العديد من الدول للوصول الى دولة الاحلام التي سمع عنها عبر الفيس بوك من صديق سبق له تكرار تجربة الهجرة ...
ومن الاهمية بمكان ان نذكر حجم المعاناة والمخاطر التي يتعرض لها غالبية المحاولين للهجرة من شظف العيش في بلادهم الى تجربة قد تكلفهم الموت اما غرقا او قتلا بيد المافيات ، او سرقة كل ما يملكونه ليتركوهم بين الجوع والتوهان
مفهوم مصطلح الهجرة في الوقت الحالي :
هي الانتقال من الدول النامية ذات إمكانات وفرص عمل ضعيفة ,إلى دولة اخرى اعتقادا منهم انها أكثر تطورا وانفتاحاً والتي تتوافر فيها قدرات اقتصادية عالية ومستوى معيشي مرتفع يفتقدها الشاب المهاجر من بلده.
ومن خلال هذا التفسير نجد بأن أعداد من يرغبون من الشباب في الهجرة الى الخارج قد تزايد في سنوات العجاف الأخيرة ، ظنا منهم تحقيق أهدافهم التي تعذر عليهم تحقيقها في بلادهم .
دوافع رغبة الشباب في الهجرة من غزة :
1: الوضع السياسي المتردي ، وغياب أي افق في ضوء المناكفات الحزبية الضيقة ، وتجذر الانتماء للحزب اكثر من الانتماء للوطن ، نتج عن ذلك زعزعه الانتماء والولاء بكافة مفاهيمهما .
2: عدم توفر فرص عمل مناسبة للشباب: حيث اننا نجد ان اكثر الراغبين في الهجرة من الذين يحملون شهادات جامعية فعدم توفر وظائف كافية واقتصار الوظائف على شريحة معينة من انصار الاحزاب المهيمنة تدفع بالشباب الى اللجوء الى بلدان اخرى للبحث عن وظيفة مناسبة ..
3- غياب الحضن الوطني الدافئ ،فالشباب الذى لا يجدون في بلدهم ذلك الحضن الدافئ الذي يحتويه ،ويقدم له حقه نجدهم يهاجرون الى بلدان اخرى كنوع من العقاب الذي يوجهونه لبلدهم على عدم توفيره لهم فرص عمل كافية.
4 - الاغراء الذي تقدمه البلدان الاخرى: فحالة الانفتاح ودعايات توفير التكامل الاجتماعي،،،،،، وضمان الحقوق حتى للمهاجرين ، التي تعيشها بعض البلدان الغربية تجعل من الشباب يحلمون بالهجرة ليتمكنوا من العيش بصورة اكثر انفتاحا وعولمة من البلد الذي يعيشون فيه فنجد اليوم ان اكثر شبابنا يهاجرون الى السويد وهولندا والمانيا واميركا طلبا للرزق وبحثا عن الحرية والتكافل في ان واحد.
4: الوضع الاقتصادي والغلاء الفاحش في الاسعار وغلاء المهور وتكاليف واجراءات الزواج المعقدة في بلادنا ، فيوم بعد يوم نجد ان اسعار السوق في ارتفاع مستمر بينما الدخل اليومي للفرد ثابت لا يحرك ساكنا، مما يجعل الشباب يتطلعون نحو السفر سنة او اكثر حتى يتمكنوا من ان يجمعوا مبلغا من المال يستطيعون معه ان يكونوا مستقبلا لهم فالعازب يريد ان يتزوج والمتزوج يريد ان يستقل بمنزل خاص به وبزوجته والدخل اليومي داخل بلده لا يتمكن معه بالعيش بصورة طبيعية...
5-ظاهرة الاغتراب الشديدة التى يعاني منها العديد من شبابنا داخل بقعة جغرافية ضيقة ، من المفترض ان تكون وطنهم وطن الجميع ، ليس وطن حزب او جماعة او حركة بذاتها ..
المطلوب وطنيا للحد من رغبة شبابنا للهجرة :
* التركيز على التربية السليمة القائمة على المواطنة في البرامج والمناهج المدرسية لتحفيز الشباب على التعلق بوطنهم و عدم التركيز على التربية الحزبية وليكن التغيير من رياض الاطفال.
* الاهتمام بمؤهلات الشباب من خلال توفير بعض الامتيازات لهم كوسائل الجذب المحلية من المسكن و التأمين الصحي حتى لا يكون هناك إغراء بالذهاب إلى البلدان الأخرى.
* توفير فضاءات ملائمة للدراسة العملية ، و تحفيز الشباب على الابداع ، و البحث العلمي و ذلك من خلال تقديم بعض التسهيلات ، وعدم تهميش المبدعين بسبب مخالفتهم للانتماء الحزبي الضيق ..
* القضاء على المحسوبية و الزبونية ،، و إدماج مبدأ المساواة و العدل.
* توفير فرص العمل للجميع على اساس الخبرات والكفاءات ، مع اعادة تقييم في من تم منحهم وظائف ودرجات لا تنسجم الا مع تتماهيهم مع الحزب ..
* استثمار جيد لمؤسسات التنشئة الاجتماعية والتركيز على ذ المؤهلات الشبابية كالنوادي الثقافية و الجمعيات، و تحفيز الشباب على المشاركة في الحياة السياسية.
تأسيسا لما سبق نؤكد ان الناظرين للهجرة انها حلم جميل قد يحقق السعادة السقراطية ، مصيرها ستنتهى الى كابوس ، ولمن نصبوا انفسهم كمسئولين في اوطاننا نقول (ان الصمت على ظاهرة الهجرة وخاصة للشباب والكفاءات مشاركة سلبية وقاتله فيها ، لان المنتصبين نراهم فقط يكتفون بمتابعة مشاهد الجثث العائمة في البحر، او الملقاة على حدود الوهم الجميل ، وما على المسئولين الا ان يخرجوا بياقاتهم الحريرية وافواههم النتنة ليحملوا المسئولية لغيرهم كالعادة في حيلهم الدفاعية) ...
بقلم/ د. ناصر اسماعيل اليافاوي