يبدوا أن لقاءات المصالحة الفلسطينية بين حركة حماس وفتح لم تفضي إلى الوصول لنتائج ملموسة ولم يتضمن بيان الدوحة إلى ما يستنتج منه أن البيان يساهم في إنهاء الانقسام الفلسطيني والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الإعلان عن التوصل لتصور عام ونقله إلى الأوساط القيادية لنقاشه.
يبدوا ان الفريقين فشلا في التوصل لاتفاق عملي وجوهري قابل للتطبيق خاصة في ظل ما تتضمنه البيان التوجه لاطلاع القيادة الفلسطينية في كلا الفريقين إضافة للفصائل الفلسطينية
إن انعدام وجود رؤية واضحة تستند إلى استراتجيه وطنيه جامعه حيث فشل حوار الدوحة إلى التوصل لهذه ألاستراتجيه المطلوبة في المرحلة ألراهنه والتي تتطلب تشكيل حكومة وحده وطنيه وتقود إلى خطه وطنيه تقود لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني ضمن مهمة توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وإعادة فرض تصويب أولوية الصراع لحل القضية الفلسطينية
البيان في ختام حوار الدوحة لم يشير إلى احتمالات الفشل والنجاح بين فتح وحماس ولا يوجد معلومات حقيقة تشير إلى التوصل لحل لكافة الخلافات التي حالت ولغاية ألان من الانتصار على الخلافات وتوحيد الموقف الفلسطيني ، والتجارب السابقة لا توفر عوامل التفاؤل
ويشير بيان الدوحة إلى أن الخلافات بين فتح وحماس واضح في ظل وجود تباين في برنامجين سياسيين غير متطابقين بين حركة حماس وفتح مع اقتصار التفاوض بشكل دائم على قضايا سطحية دون التطرق لحل هذه الخلافات بين الجانبين والتوصل لمصالحة حقيقة تقود لناء استراتجيه وطنيه
ويبدوا أن المصالحة وإنهاء الانقسام ستبقى معلقه غير مطلقه طلاق بائنا بينونة كبرى وهي ما زالت في الطلاق الرجعي بحسب صيغة البيان وكأنه كتب علينا نحن الفلسطينيون أن نعيش الفرقة والانقسام محكومين للخلافات العربية والاقليميه دون أن نأخذ بالمصالح الوطنية الفلسطينية والتمرد على أي فيتو يعرقل عملية المصالحة
نحن الفلسطينيون بأمس الحاجة للوفاق والاتفاق لأنه لا يكمن الإبقاء على هذا الانقسام المدمر ، خاصة وان الكيان الإسرائيلي ممعن في إجراءاته القمعية والتدمير بحق الشعب الفلسطيني وان حكومة نتنياهو ممعنة في إجراءات التهويد واستكمال المشروع الاستيطاني الصهيوني ضمن مخطط يقود لإنشاء مملكة يهودا والسامر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعودة إسرائيل للخيارات التي من بينها خيار الوطن البديل
الاحتلال لا يمكن له إلا أن يقف حجر عثرة في أية محاوله تهدف لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام لأن الاحتلال يريد من شعبنا الفلسطيني الخنوع والاستسلام لمخططاته وهو في هذا يحاول أن يجمل بعض الشئ من سياسته . وهنا تذكرنا حادثة العصفور والصياد
" وهذه حادثة الصياد والعصفور لا تنظر إلى دموع عينيه، ولكن انظر إلى فعل يدي
"اذ يحكى أن صياداً اصطاد مجموعة من العصافير في يومٍ بارد،ثم وضعها أمامه، وصار يذبحها واحداً واحداً، والباقي ينظر ويتفرج وكانت دموع الصياد الجزار تنزل من عينيه بسبب البرد القارص والريح الشديد، فنظر عصفوران إليه وإلى دموعه، فقال أحدهما للآخر…انظر إلى الصياد المسكين، كيف يبدو حزيناً على ذبحنا،إنه يبكي شفقة علينا ورحمة بنا فقال له العصفور الآخر بفطنة وذكاء ،لا تنظر إلى دموع عينيه، ولكن انظر إلى فعل يديه لذلك أذكِّر نفسي وإياكم : لا تنظروا إلي محاولات الاحتلال لتحسين وتجميل صورته
فهو كالصياد يذبح شعبنا ويحاول تجميل صورته أمام العالم مع أن الاحتلال تجاوز عن كل الاتفاقات مع منظمة التحرير وأصبحت اتفاقات أوسلو من الماضي والاحتلال يخطط لتدمير مؤسسات السلطة وإضعافها والإبقاء على خضوعها وهيمنته عليها
الاحتلال يحاول أن يصور صورته ويحسنها ويدعي انه سيقدم تسهيلات للشعب الفلسطيني وإصدار خمسة وثلاثين ألف تصريح عمل ، مع انه يقوم بقتل شعبنا وهدم البيوت ومصادرة الأراضي لصالح الاستيطان ويمارس سياسة العقاب الجماعي ويحاصر شعبنا .
الاحتلال يقف حجر عثرة أمام بناء اقتصاد وطني فلسطيني قادر على التنمية واستيعاب الأيدي العاطلة عن العمل لان الاحتلال يريدنا عمال سخره لمصانعه مقابل تدمير اقتصادنا
الاحتلال يعمل بكل ما أوتي من قوه لتدمير مكونات شعبنا ليقتل روحه الوطنية ضمن مهمة إحباط شعبنا الفلسطيني
وما يزيد في هذه المعانة هو اختلافنا نحن الفلسطينيون فيما بيننا وكأنه القدر المكتوب على الشعب الفلسطيني ليبقى منقسما على نفسه خاضعا لإرادة الغير المتحكم في كل شؤون حياته ومتنكر لحقوقنا الوطنية ويتنكر بحق شعبنا لمقاومة الاحتلال مع أن المقاومة ضد المحتل أمر مشروع شرعته كل الاتفاقات الدولية
بيان الدوحة لم يحمل أي جديد وابقي المصالحة وإنهاء الانقسام تراوح مكانها لان كل فريق يريد التمسك والتخندق بمطالبه محكوما بضغوط إقليميه وعربيه
لا يمكن لنا المراهنة على عملية السلام ولا يمكن المراهنة للعودة إلى طاولة المفاوضات وان الاتفاقات مع إسرائيل جميعها أصبحت من الماضي وان اتفاق أوسلو لم يدخل حيز الاتفاقات الدولية وهو عقد من عقود الإذعان فرض على شعبنا الفلسطيني قسرا ولم يلبي أيا من تطلعات شعبنا الفلسطيني وان حكومة الاحتلال أول من تنكرت له وهي تستغله ورقه من الأوراق الضاغطة على شعبنا الفلسطيني وان اتفاق باريس مجحف بحق شعبنا منذ التوقيع عليه لأنه لم يلبي أية طموحات تقودنا لبناء اقتصاد وطني فلسطيني مستقل
وفق كل ذلك لا بد من الوصول لبرنامج وطني يخضع لإرادة ومشيئة شعبنا الفلسطيني ضمن استراتجيه وطنيه جامعه تأخذ بتطلعات الشعب الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، خاصة إذا ما بقيت الحوارات والاتفاقات تدور حول محور التمسك والتخندق بالاتفاقات أو التمحور والتخندق بمصالح إقليميه أو التخندق حول سلطه بلا سلطه فأكيد لن يصل المتحاورون إلى اتفاق
وهذا ما تريده إسرائيل لأنها تستكمل مشروعها الاستيطاني بكل أريحيه ولن تنظر لأي مؤتمر دولي يمكن أن ينعقد من اجل السلام بعين الرضي أو القبول بنتائجه ولعلنا نعود للماضي حيث لم يحقق مؤتمر مدريد للسلام في تسعينات القرن الماضي أيا مما كان الفلسطينيون يتوقعون حدوثه ولو تمعنا في نتائج مدريد لما كنا قبلنا في اتفاق اوسلوا الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه
لا بد من تجاوز كل النقاط العالقة والقفز على كل العوائق ورفض كل الضغوطات والاتفاق على برنامج وطني يقود للتحرر لا التمسك بسلطة بلا سلطه أو انتظار مساعدات ماليه مقيده لتحررنا ومطالبنا المحقة وإذا بقينا على حالنا هذه سنكون في المستقبل القريب متقوقعين في قصبات المدن والريف ومحاطين بالمدن الاستيطانية للمستوطنات الاسرائيليه وهذا هو خطر ما أصبح يتهددنا فهل تعي القيادات الفلسطينية لمخاطر الانقسام والتخندق بمصالح أنية لا تغني ولا تسمن من جوع سوى المزيد من الضياع والذي يحمله بيان الدوحة ذو الضبابية التي قد تعيدنا للمربع الأول.
بقلم/ علي ابوحبله