بداية وقبل الخوض بتجربة الحوارات واللقاءات والاتفاقيات ......وما تمخض عن تلك الحوارات واللقاءات من نتائج.... أحدثت المزيد من الاحباط .....وعمقت اليأس..... بداخل النفوس ....وجعلت من الحوار وانهاء الانقسام كلمات بلا معني ....وبلا مردود ايجابي ينتظره الناس.... بعد أن ملوا الاستماع والانتظار ....وبعد أن ايقنوا ان الاطراف المتخاصمة تزداد بخصامها ..وتزداد بمطالبها .....وتعتبر أن ما هو قائم حق مكتسب ....يجب أن يؤدي الي مكاسب اضافية ....أيا كانت خسائر الاخرين ....الاهم ما يستطيع كل طرف أن يحققه ...وليس ما يمكن أن يتحقق لصالح وطن وقضية ....ولشعب ينتظر بفارغ الصبر.... بزوغ فجر الامل وانبعاثه ...ليملأ سماء الوطن ....وليحدث فرحة غامرة ...بانتهاء صفحة سوداء ...وطئ مرحلة كانت الاصعب بتاريخنا الوطني .
ما بعد لقاء الدوحة .....وما صدر من كلمات مقتضبة ...تحاول أن توحي أن هناك أمال ....حتي ولو كانت بعيدة ...وأن هناك افاق مستقبل حتي ولو كانت ملغمة ....و هناك ما زال العديد من القضايا والملفات ....التي تحتاج للمزيد من النقاشات والحوارات والاليات ....حتي لا نرسل بالآمال على غير موضعها واتجاهها ...وحتي يكون الناس على واقعهم .....وأن لا يبنوا أحلامهم على أوهام وتصريحات قد لا تأتي بنتائجها ...وقد لا تأتي الا بما يصعب علينا أحوالنا
ربما استعجلنا الحكم بالفشل ....وأخذنا خطوات التشاؤم .....واعلان الفشل ما قبل لقاء الدوحة .....وحتي ما بعد اللقاء ...على قلة ما سمعنا ...وعلى غياب ما توقعنا .....من امكانية أن تحدث المعجزة ....على أمل أن نسمع ونشاهد ما يسر قلوبنا ....وما يجدد الآمال بداخلنا .....وحيث ان المتحاورين لا زالوا على صمتهم وعدم ايضاحهم لحقيقة ما جري .....وما تحدثوا به.... ان كل ما تم سوف يوضع على طاولة قيادة الحركتين للتشاور ....والتوقيع .
لذا نقدم اعتذارنا .....لكافة المتحاورين ...والمتفاوضين ....والملتقين .....على طاولة انهاء الانقسام ... فليعذرنا كافة الفصائل التي لم تحضر ....لأننا ربما تسرعنا .....بإصدار حكم الفشل ...بعد ما صدر من تطمينات ....ومداخلات..... وتصريحات تشير الي عدم حدوث الفشل ....وتؤكد أننا على الطريق ....وأن الخطوات تتقدم ....وأن الانقسام سيصبح من وراء ظهرنا ...وأن وحدتنا سر قوتنا ....وحتمية وجودنا ...وأن الانقسام مرحلة عابرة غابرة ....ستشطب من تاريخنا.... وسنعالج أخطائنا ....بما تعلمنا واستخلصنا من دروس .
لقاء الدوحة ما بين القطبين الاكبر ....الممسكين بمفاتيح أقفال الوطن ....اصحاب القرار والرأي الرشيد والسديد ....المالكين لبث روح الامل ....كما هم أنفسهم المالكين لإرسال رسائل اليأس والاحباط ....لهم أن يوكدوا ....او ينفوا ....او ما بينهما.... حتي نقف على ارضية واضحة .....وأن نحدد اتجاهاتنا ...وأن نقرأ واقعنا ...وان نحدد خطوات مستقبلنا .
حركتي فتح وحماس .....ليسوا بالدرجة التي يمكن ان يصورها البعض....من أنهم غير مدركين لخطورة المرحلة .....وما نحن عليه ونواجهه من تحديات ومصاعب ...فالحركتين لديهم من المؤسسات والكوادر والقيادات القادرة على استقراء الواقع ....واستشراف افاق المستقبل ....لما بداخل الحركتين من مؤسسات.... فيها الكثير من الكفاءات القادرة على تحديد الصواب من الخطأ ....وعلى تحديد النجاح من الفشل .....كما لدي الحركتين الكثير من الكوادر والقادة القادرين على حمايتنا من منزلقات الواقع ...وخطورة القادم ....هكذا املنا ...ونتمنى أن لا يخيب .
حركتي فتح وحماس يدركون تمام الادراك أن ليس بإمكان احدهما تجاوز الاخر ....كما يدركون أيضا ان الوطن والشعب ....وفصائل العمل الوطني والاسلامي ....هم شركاء حقيقيين ....لهم ما لهم ...وعليهم ما عليهم ....فليس للوطن من مالكين.... الا هؤلاء وعلى راسهم شعب فلسطين ....كما أن الحركتين يدركون أن أي تقدم ....أو خطوات يمكن أن نصل اليها.... ستكون عبر الشرعية الفلسطينية ومرجعياتها الشرعية المعترف بها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ...وأن أي محاولة لإحداث التغيير في برنامج المنظمة ....سيحدث التغيير بمواقف الدول ...وقراراتها ...كما سيحدث التغيير بقرارات الامم المتحدة ...ومؤسساتها ...كما سيحدث التغيير بخارطة السياسة والعلاقات الدولية بما يخص القضية الفلسطينية .
الحركتين يدركون ....أن من سيكتب له النجاح .....هوا الاقدر على اتخاذ خطوات متقدمة على طريق تعزيز الوحدة وانهاء الانقسام .....وأن مقياس وحساسية الرأي العام تتأثر بالإيجاب والسلب ....بما يسمع ويتخذ من خطوات عملية..... على طريق المصالحة وانهاء الانقسام وليس بما يقال عبر المنابر ....أو من خلال التصريحات والمؤتمرات الصحفية ...والندوات التلفزيونية .
شعبنا يدرك تمام الادراك ....أن ما وصلنا اليه لا يعبر بالمطلق عن ارادة شعبية ....ولا يؤكد عن ارادة وطنية.... بل تعبير عن حالات انفرادية ...وأجندات خاصة ...أدت الي ما ادت اليه ....وجعلت من الواقع وافرازاته عبئا ثقيلا .....يصعب معالجته بصورة سريعة .
لذا لا مناص ....ولا خيار .....ولا جدال ....ولا تأخير ...ولا تبديل ....أمام الحركتين من أن يأخذوا خطوات متقدمة ....على صعيد التنفيذ العملي.... لما تم الاتفاق عليه باتفاقية القاهرة ...وأن لا نبقي ندور حول انفسنا ....وأن نتجادل بقضايا ثابتة ....لا يمتلك أحد تجاوزها باعتبارها أسس قانونية دستورية ....كما أنها أسس وطنية سيادية .....متعارف عليها.
نحن لازلنا نتحاور من أجل أن يكسب أحد منا مواقف ومواقع متقدمة ....وبهذا نخطئ خطأ كبيرا .....ونرتكب جرما فاحشا... اذا اعتقد أي منا أن بإمكانه أن يحتكر موقعا أو انجازا بمفرده أو تحت سيطرته .
فلسطين وشعبها ...وعبر مسيرة كفاح طويلة ...وتضحيات جسيمة ....ومن خلال تجربة نضالية طويلة ....اعتمدوا خيار الديمقراطية .....والتعددية السياسية .....والشراكة الوطنية .....وأن النظام السياسي في المرحلة الانتقالية التي نعيشها..... ليس هو النظام السياسي الذي سوف نكون عليه في ظل دولتنا المستقلة .
علينا جميعا أن ندرك المرحلة بكل ما فيها وعليها .....أن ندرك مخاطر ما نحن عليه ....وأن نحدد أوليات عملنا الوطني ...وان نعمل على استعادة أرضنا ...ونيل حريتنا ...واقامة دولتنا كأولويات وطنية ثابتة واستراتيجية ....لا تحتاج الي جدال وحوار ...ولكنها تحتاج الي ارادة سياسية ...وفكر وطني .....ونوايا صادقة ....وليس لدينا أدني شك ....بل نحن على يقين وثبات أن الحركتين يحرصون على وطنهم وشعبهم ...حرصهم على تاريخهم وتضحياتهم .
المرحلة الحالية ...وقادم الايام ....لا يوفر المجال..... والوقت.... للمزيد من اضاعة الفرص ....فربما بلقاء الدوحة ما يحرك المياه الراكدة ....وما يجعل ويوفر للحركتين فرصة اللقاء.... حتي يوكدون النجاح .....وحتي لا يسمحون لنا.... بالتسرع لتأكيد الفشل .
الكاتب : وفيق زنداح