الكاتب هيكل... ذكري وذكريات

بقلم: وفيق زنداح

الكاتب محمد حسنين هيكل ....من عالم الصحافة ..هذا الكاتب ذات السنوات الطويلة من عمره الصحفي... ككاتب محترف ذات شهره اقليمية ودولية..... وذات باع طويل في قدراته التحليلية ومقالاته الصحفية ومؤلفاته العديدة ...واصدارته المتعددة .

مشوار طويل وحافل ...وعطاء دائم .....حتي أخر لحظات عمره وتمنياتنا له بموفور الصحة والعافية والعمر المديد ....حيث كان يطل علينا عبر شاشة سي بي سي المصرية وبرنامج مصر الي أين ...مع المذيعة المصرية لميس الحديدي .....وكم نكون سعداء باستمرار عطائه ...واسماعنا لصوته وتحليلاته المعمقة ....المبنية والمستندة الي معلومات وحقائق وتجربة غنية .

الاستاذ محمد حسنين هيكل كان رئيسا لتحرير صحيفة الاهرام المصرية ...كما كان من الشخصيات الاكثر قربا بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ...وأحد كبار مستشاريه ومن كبار الشخصيات التي كانت تحتفظ بأسرار عديدة ....من خلال لقاءات متعددة بزعماء ورؤساء وعلى مدار عقود طويلة .....اكسبت الاستاذ هيكل تجربة غنية وفريدة من خلال معلومات اقرب الي الحقيقة .....مما وفر له قدرة عالية على التحليل وقراءة المشهد السياسي بكافة احتمالاته ومتغيراته .

تاريخ طويل للأستاذ محمد حسنين هيكل في عالم الصحافة .....وأجيال عديدة كانت تتابع ما يقوم بكتابته ونشره عبر صحيفة الاهرام ....ومقالته الشهيرة الاسبوعية (بصراحة ) ....وأنا ومنذ كنت طفلا صغيرا ...وابان ادارة الحاكم العام لقطاع غزة ....كنت من الشغوفين والمهتمين بقراءة مقالته الاسبوعية ....حيث كنا ننتظر وصول الصحف والمجلات المصرية عبر القطار اليومي الواصل ما بين القاهرة وغزة ....كنا شغوفين ومهتمين وحريصين في تلك الحقبة الزمنية ....على قراءة أخر المستجدات والاخبار السياسية والتحليلات الصحفية .....كما كنا مهتمين بالاطلاع على أخر الاخبار الرياضية .

كان الاستاذ محمد حسنين هيكل أحد ابرز الاعلاميين والكتاب في تلك الفترة التاريخية.... كما كان في عهده ومرحلته أساتذة كبار من الكتاب والادباء ومنهم الأساتذة مصطفي وعلي امين .....ونجيب محفوظ ...ويوسف السباعي ....ويوسف ادريس ....وعباس العقاد ...وموسي صبري ...وأنيس منصور ...ومكرم محمد أحمد ...عشرات الكتاب العمالقة في عالم الصحافة والادب من أصحاب الرأي والرؤية والداعمين للثقافة ....الحريصين على بناء ثقافة المجتمع ...وتعزيز تقاليده وأدبياته..... انضاجا للعقل ...وتعزيزا للرؤية ...وترسيخا للوطنية والقومية التي كانت ولا زالت صمام هذه الامة ......وأحد رموز مجدها .

الاستاذ محمد حسنين هيكل كان ولا زال كاتبا صحفيا سياسيا ...متألقا وحاضرا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ...وما تقلده من مناصب عديدة من رئاسة الاهرام الي وزارة الاعلام ...وحتي وزارة الخارجية ....حيث كان من الشخصيات التي كانت تحظي بثقة الزعيم الخالد عبد الناصر ....حتي وفاته بالعام 70 .

استمر الاستاذ محمد حسنين هيكل بمهامه ونشاطاته في عهد الرئيس الراحل انور السادات ولمدة قصيرة.... في ظل ما برز من خلافات بوجهات النظر .....حيث استمر الخلاف السياسي ...وموقف الاستاذ هيكل من اتفاقية كامب ديفيد ....وسياسة الانفتاح ....كما استمرت خلافاته مع نظام الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك ...كما كان الاستاذ محمد حسنين هيكل على مواقف متناقضة مع حركة الاخوان المسلمين ....كما مع الحزب الشيوعي ...واليسار ....كما كان يقترب ....ويبتعد.... بحسب المتغيرات السياسية والرؤية التحليلية من الاحزاب القومية والتقدمية .

الاستاذ محمد حسنين هيكل لم يتضح فكره السياسي الأيدولوجي الذي كان يستند اليه في كتاباته وتحليلاته .....لكنه كان متابعا ونشطا ....وحريصا على جمع المعلومات من مصادرها من خلال حركته المتواصلة..... واتصالاته المتعددة ...ولقاءاته بالمراكز البحثية ....وكبريات الصحف العالمية ورؤساء الاحزاب السياسية والشخصيات ذات المواقع الحساسة والهامة....وحتي بعض الزعماء والقادة..... كل هذا قد جمع لديه مخزونا كبيرا من المعلومات والتجربة التي أهلته لإعطاء تصورات عامة وخاصة.... حول الكثير من القضايا الاقليمية والدولية .

الاستاذ محمد حسنين هيكل ...كان من المؤيدين لثورة 30 يونيو ومن الداعمين للرئيس عبد الفتاح السيسي وكان دائم المطالبة بالوقوف حول الرئيس ودعمه واسناده والالتفاف حوله وعدم تركه وحيدا أمام العديد من التحديات والمخاطر التي لا زالت قائمة .

سيبقي الاستاذ محمد حسنين هيكل أحد علامات واقطاب الاعلام المصري العربي والعالمي ....حيث كان وما زال يتسم بسمات وصفات شخصية وفكرية ...تؤكد على ثقافته العالية ...وقدراته التحليلية ...كما قدراته اللغوية بالعديد من اللغات العربية والعالمية ....كما كان شخصية متجددة ذات طابع متغير...... ومتألق.... يجمع ما بين التقليد والحداثة ....ما بين الاصالة والتقدم ...و التكنولوجيا الحديثة ....شخصية بارعة وجذابة .....لها محبيها وعشاقها ...كما لها منتقديها ومعارضيها .....خاصة في المراحل الاخيرة وما تحلي به من صراحة شديدة أدت الي حدوث الخلافات والتناقضات معه ومع مواقفه التحليلية .

سيبقي الاستاذ الكبير الصحفي والكاتب محمد حسنين هيكل ....أحد عمالقة الصحافة المصرية ...وأحد أهراماتها ....سواء اتفقنا أو اختلفنا معه .

واليوم يرقد الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل على فراش المرض ....نتمنى من كل قلوبنا له بالشفاء العاجل ....وأن يبقي مستمرا بعطائه وتواصله ....وخدمته لوطنه وأمته من خلال أفكاره وتحليلاته ومقالاته .

بقلم/ وفيق زنداح