أعيدوا الامانة ....لأصحابها

بقلم: وفيق زنداح

عندما تستعصي الامور والقضايا ...وعندما تتأزم العلاقات ....وعندما تجد القوي السياسية أنه ليس بمقدورها ايجاد التوافقات.... واحداث التقاربات.... وانهاء الخلافات ....في ظل حالة عجز واضح ...وعدم مقدرة على امتلاك شجاعة القرار.... وحتي شجاعة القول ....وبصريح العبارة أننا فشلنا ...وأننا وصلنا الي نقطة اللاعودة .
عند انتهاء المدة الزمنية..... التي أعطيت مرارا وتكرارا..... لمن يتولون حكم البلاد والعباد ...ومن يمسكون بالقانون والنظام ...ومن يرون بعقلهم الراجح عن غيرهم.... من العقول أنهم الاقدر على معرفة الحقائق وتبيانها ....كما أنهم الاقدر على ابراز الخفايا ومخاطرها ...كما وأنهم الاكثر قدرة وتجربة ومصلحة .
حالنا كما حال كل شعوب الدنيا ...حالنا كما حال من سبقونا ....ومن يلحقون بنا ...حالنا وقد وصلنا الي قمة الازمة ....وعمق الفرقة ...وجذر الانقسام ....وصلنا الي ما نحن عليه ...وبذلت الجهود ....وأجريت الحوارات واللقاءات ....وتدخل الاصدقاء والاشقاء ...واجتمع أخوة السلاح والنضال في فنادق النجوم ....سعيا لإنهاء الانقسام.... وعملا بواجب احداث الوحدة والتصالح ونبذ الخلافات ...وتعزيز وحدة الموقف والقرار ....واحداث الشراكة ....ما بين شركاء الوطن ...لعل وعسي ...أن يكون بوحدتهم مخرجا وطريقا لتحرير ارضهم.... واقامة دولتهم ...ونيل حريتهم ..... لكننا وللأسف الشديد.... لم نصل الي نقطة التوافق ...والي محطة الوحدة .....ولا حتي وصلنا الي اول طريق الشراكة ....وهذا ما يزيد من حالتنا بؤسا ويأسا ...وما يجعل مخرجنا في اطار مرجعياتنا ....ونظامنا.... وقانوننا.... بعيدا عن الاجتهادات والمواقف والاجندات الخاصة .
لا يجوز .....ولا يحق وطنيا ...قانونيا ..ودستوريا ....أن يستمر التجاهل المقصود للقوي السياسية ذات النفوذ والقرار ...بإعاقة موعد اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ....ليمارس الشعب الفلسطيني حقه الديمقراطي والقانوني .....وليتجاوز هذه المرحلة المستعصية ....مرحلة اللاموقف ...مرحلة اللاقرار ...مرحلة اللاتوازن ....مراحل عبثية.... أفقدتنا الكثير ...وأضاعت علينا بأكثر مما نتصور..... في ظل مجادلات عقيمة..... وحوارات ماراثونية يكتنفها الغموض .....ويحيطها حالة من الارباك وعدم اليقين ....في ظل تصريحات مبهمة ...وغير واضحة ..وحتي عندما تكون التصريحات واضحة ....فإنها تعزز الانقسام ...وتزيد من عوامل الاحباط ....كما وتزيد من فجوة الشقاق والخلاف .
قلنا مرارا وتكرارا .....أن طريقنا واحد وموحد..... وأن خياراتنا واحدة موحدة .....وأن برنامجنا واحد وموحد....وأن قيادتنا الشرعية واحدة وموحدة ....وأن اطارنا الشرعي والقيادي والسياسي واحد وموحد....وكل ما يتعدى ذلك..... اومن يحاول تجاوز ذلك .....اضاعة للوقت وهدر للطاقات ...وتعزيزا للشقاق والانقسام ....ومحاولة خاطئة لإرجاعنا الي مربعات المجهول وعدم اليقين ....وعدم القدرة على تحديد طريق الصواب .....والوصول الي الاهداف .
ما يقارب 10 سنوات من الانقسام الاسود ...وما زالت القوي المنقسمة ....كما القوي الشاهدة على هذا الانقسام..... تعيش بحالة الجمود .....والي درجة التكاسل ....وعدم الاهتمام الجدي ....وعدم توفر الارادة الحقيقية لإنهاء هذا الانقسام وتبعاته ....وتعزيز وحدة الموقف الداخلي ....كما تعزيز مقومات الصمود .....حتي نتمكن من قدرة المواجهة لعدو مجرم لا زال على عدوانه ومخططاته..... التي تستهدف شعبنا وقواه المقاومة ....كما وتستهدف تدمير كافة منجزاتنا وبنيتنا التحتية ...وادخالنا في أتون حرب مدمرة.... تولد المزيد من الخراب والدمار ...وكما وتولد المزيد من التضحيات والالام .
عدو مجرم ...لا يرحم ...ولا زال على حصاره وعدوانه ....كما لا زال على مخططاته ومؤامراته والجميع منا يدرك كل هذا ....لكننا لا زلنا على انقسامنا ....ولا زلنا نعيد تكرار تجارب مريرة دون أن نتعلم من دروس الماضي القريب ...ولا حتي من استخلاصات الواقع المرير ....ولا من
مخاوف المستقبل المجهول .
لقد وصلنا بعد هذه السنوات العجاف...... الي مرحلة المطالبة بإعادة الامانة الي أصحابها ...اعادة الوطن الي اصحابه....كما القانون .....وكما خيارات الوطن .....أعيدوا البسمة المفقودة ...والفرحة الغائبة .....أعيدوا لنا حياتنا التي سلبت .....في وضح النهار ....وتحت مسميات الاوهام ...وخزعبلات لا أول لها ولا أخر .
أعيدوا لنا ما فقدنا من أخلاقياتنا .....وعلاقاتنا .....واصالتنا ....أعيدوا لنا ارادتنا ...معنوياتنا ....أعيدوا لنا حرية اختيارنا..... وانتخابنا.... لمن نريد له أن يقودنا ....وان يحقق لنا أهدافنا الوطنية الثابتة .
الجميع منا ....وقد أصبح واضحا وملتزما بما يعلن عنه من برامج واليات وخيارات ....الجميع منا ولقد عرفنا أخر ما يمتلك ...وأعظم ما يستطيع فعله ...فالتجربة ليست بقصيرة ....كما والاستخلاصات ليست بقليلة .....فسنوات نضالنا طويلة ...وتجاربنا غنية ومريرة .....عرفنا فيها ....وامتلكنا خبرة طويلة حول مقدرة الكل منا .
اعادة الامانة لأصحابها.... ليس تقليلا .....او تجاوزا ....أو انقاصا .....من شأن أحد ...كما أنه ليس تجاوزا .....أو قفزا ..... لنضالات وتضحيات الجميع منا...كما أنها ليست محاولة عدمية لهدم المعابد ...... والامبراطوريات .....والكيانات ....لكنها محاولة تجديد واصلاح ....محاولة تعبيد لطريق لا بد أن نسلكه .....وتحسين لظروف.... يجب أن تتلاءم وتتناسب مع حركة التاريخ ..وحركة الشعوب وحريتها .
ليس في قولنا .....بإعادة الامانة لأصحابها ...اي محاولة يمكن أن تخطر على بال أحد .....لإهانة أحد لا سمح الله.....او انقاص قدر احد ....فالجميع نحترمه ....ونقدر مواقفه وفعله ....ومسيرته الكفاحية الطويلة .....لكن هذا التقدير... والعرفان ...والوفاء المتجدد لكافة فصائل العمل الوطني والاسلامي ...لا يعني بالمطلق .....اسقاط حق الشعب الفلسطيني في اعادة الاختيار ...وتجديد الشرعيات ....بما يتناسب وتجربة شعبنا واستخلاصاته.... وما يحدده شعبنا من مواصفات وسمات ...كفاءات ومميزات ....لكي تقود المرحلة القادمة... بكل ما فيها وعليها
خيارنا الديمقراطي ...وحق الشعب الفلسطيني في ممارسة اختياراته الديمقراطية ....حق كفله القانون ....كما أنه حق وطني ....لا منازعة فيه .....هذا الحق الواجب.... يجب ان يتم بأكبر سرعة ممكنة ......من خلال تحديد موعد ثابت لهذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية ...وعلى قاعدة أن الوطن دائرة واحدة ....وحق الجميع بالترشح والانتخاب .....في ظل أجواء ديمقراطية ...ووفق القانون والنظام .....الذي تحدده لجنة الانتخابات المركزية .
مخرجنا الديمقراطي ....هو المخرج الوحيد من هذه الازمة المستعصية .....المسماه بالانقسام ...بعد ان اخدت القوي السياسية العديد من الفرص لإنهائه..... وفق ما تم التوافق والاتفاق عليه....لكن القوي المنقسمة ...وشركاء الوطن من باقي الفصائل .....لا زالوا يعتقدون أن هناك مجالا واسعا ....وأن هناك وقتا طويلا ...وأننا لسنا بحالة ضغط الوقت ....وهذا بعكس الحقيقة ....وبعكس الازمة المستعصية ....وتفاعلاتها ...وانعكاساتها السلبية ...وبكافة المجالات والمناحي.
الكاتب :وفيق زنداح