المتغيرات الاقليمية وحتمية المصالحة الفلسطينية

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

يذهلني ما اسمعه واقرأه من مقالات وتصريحات وادعاءات اعلامية تزعم ان تحبق المصالحة الفلسطينية اصبحت في درب الخيال ، ولكن التحليل للمعطيات والمتغيرات وتسارع الاحداث الاقليمية والمحلية بوتيرة ملفته للنظر يدرك ان المصالحة باتت اقرب للحقيقة والتطبيق من ذي قبل ..

فقد ازداد الحديث مؤخراً على لسان قيادات في حركة (حماس) عن أن الأيام المقبلة ستحمل في طياتها انفراجات بسبب تغيرات اقليمية ودولية تحدث في المنطقة من شأنها أن تنعكس ايجاباً على الوضع الفلسطيني الداخلي .، وان هنالك نوع من الانفتاح مع دول عربية وإسلامية بسبب التغيرات في المنطقة، إلى جانب توافر امكانية كبيرة في الوقت الراهن لتحقيق المصالحة الفلسطينية للمصالحة كخيار استراتيجي

وممكن طرح نماذج من تلك المتغيرات بصورها التالية:

المتغير الاول : أن التغير الذي حدث في العربية السعودية بعد وفاة الملك عبد الله وقدوم الملك سلمان، كان أبرز المتغيرات وخاصة علاقته بجماعة الإخوان المسلمين التي لم تعد تعتبر تهديداً مباشراً للمملكة بل هي تشاطرها الأهداف السياسيّة، كهزيمة «الأسد» في سوريا، والحوثيين في اليمن. في نفس الوقت، ترى جماعة الإخوان المسلمين والحركات السياسيّة السنّيّة الأخرى، التي تتراوح بين حزب العدالة والتنميّة في تركيا وحزب النهضة في تونس، مصالحها أكثر اتساقاً مع قيادة الملك «سلمان» . وباختصار ممكن القول ان الهدف من هذا التقارب هو تحجيم النفوذ الإيرانيّ والشيعيّ ظل أولويةً في السياسة الإقليميّة الجديدة الصارمة للمملكة العربيّة السعودية، وتحدّياً لطموحات المملكة الداخليّة والإقليميّة،

.المتغير الثاني : حالة الهدوء التي سادت في الأيام الأخيرة بين مصر وقطاع غزة، كنتيجة للجهد السعودي وهو ما شهدته الأيام الأخيرة من محاولات لترميم العلاقة بين مصر وحماس. وسماح مصر بتنقل بعض من قيادات حماس للتنقل اقليميا ، بالإضافة الى الاتصالات لعلاج بعض القضايا الامنية ، يعتبر مؤشر على بداية الانفراج وما فتح معبر رفح الاخير الا ترجمة إيجابية للمرحلة القادمة ..

المتغير الثالث : تداعي المبادرات الاقليمية والدولية على حماس لإعلان هدنة طويلة الامد ، هذا سيسهم تدريجيا في الاتجاه حتما الى المصالحة ..

المتغير الرابع : موقف أمريكيا ويتلخص بجانبين أ – الاعتراف والتعاون مع حكومة الوفاق التي ساهمت حماس بتشكيلها ، ورفعت الفيتو عنها رغم معارضة حليفتها اسرائيل ..

ب- محاولة امريكا احتواء حماس، وفتح قنوات اتصال معها ، لإ دراكها عدم جدوى عزل الحركة ، وبالتالى لن تمانع التقارب بين حماس و السلطة لترتيب اوضاع المنطقة من جديد ...

المتغير الخامس : الاتفاق النووي اﻷمريكي اﻹيراني .: باعتقادنا ان هذا الاتفاق خلق نوع من تحالف المصالح ، واخص بالذكر هنا السعودية وقطر وتركيا وبالتالي اسرائيل ، لمواجهة الخطر الايراني الروسي وحلفائهم في المنطقة ، لذا ستسعى تلك الدول لتوفير بيئة هادئة ومناخات ايجابية لتحالفهم وعليه لابد من تحقيق المصالحة جبرا على الفلسطينيين ، للانشغال بقضايا اكبر من سلطة لم تكتمل اركانها بعد ، من ناحية ومن ناحية اخرى كسب ود جماعة الاخوان واستغلالهم في الصراع القادم مع المحور الإيراني الجديد ، وهذا يعيد اذهاننا الى استغلالهم في الحرب الافغانية وتجنيدهم من كل بقاع العالم ومن فلسطين أيضا (عبد الله عزام نموذجا ) ، كما يذكرنا بلعبة الرئيس السادات حينما اخرج انصار الاخوان من السجون ، وترك لهم المنابر لتشريح الحقبة الناصرية ، وتكفير التحالف مع الاتحاد السوفيتي ، وشرعنه التحالف مع الامريكان كوتهم اهل كتاب ..

انطلاقا من تلك المعطيات ادركت السعودية وحلفائها انه لابد من دفع في موضوع المصالحة الفلسطينية خاصة بعد التدخل الروسي العسكري المباشر في الصراع الجاري في سوريا داعما لنظام بشار اﻻسد وحزب الله الحلفاء الاقوياء لإيران في المنطقة ..

تأسيسا لتلك الرؤى نري ان المصالحة باتت اقرب مما يشاع ، والاشهر القادمة ستحثنا عنها بشكل واقعى وعملي فلننتظر.

بقلم/ د. ناصر اسماعيل اليافاوي