حول التدخل البري السعودي- التركي في سوريا...؟؟؟

بقلم: راسم عبيدات

بكلمات الرئيس السوري بشار الأسد عن الحرب في سوريا والحديث عن التدخل التركي- السعودي فيها يقول: الحرب اليوم صارت تعبيراً عن توازنات دولية حساسة ومعقدة لا يملك اللاعبون الصغار كأردوغان وآل سعود أن يكونوا مقرّرين فيها،حيث ارتفعت وتيرة الحديث عن التدخل البري- التركي- السعودي البري مؤخراً في سوريا،وما قد يدفع نحو إندلاع حرب إقليمية شاملة او حتى عالمية،تحت حجج وذرائع السعودية تقول بانها تريد محاربة"داعش"،وتركيا تقول بانها تريد حماية امنها وإستقرارها ولمنع نشوء جيب تركي على حدودها،ولكن هذه ليست الأهداف الحقيقية لهما من هذا التدخل،فبعد الإنتصارات المتتالية التي حققها ويحققها الجيش السوري في حلب ودرعا واللاذقية وإدلب،وتصميم الجيش السوري على تحرير وإستعادة كل الجغرافيا السورية،أدركت تلك الدولتان بان مشاريعهما ومصالحهما التي جرى الإستثمار فيها بمليارات الدولارات قد ذهبت ادراج الرياح،وكذلك قدرتهما على التأثير في المسألة السورية،في إطار الحل السياسي أصبحت محدودة جدا،ًفالقوى التي تراهن عليها من القاعدة ومتفرعاتها التكفيرية والإرهابية من "داعش" و"جبهة النصرة" و"احرار الشام" و"جيش الإسلام" وغيرها من الجماعات الإرهابية،يجري استئصالها وإجتثاثها من قبل الجيش السوري وحلفاؤه.

تركيا سقطت احلام خلفيتها السلجوقي أردوغان بإقتطاع جزء من الجغرافيا السورية في الشمال السوري،والتي جعل منها خزان للقوى الإرهابية منه يجري توزيع تلك الجماعات على كل الجغرافيا السورية، وكذلك الإستثمارات المالية والإقتصادية تراجعت كثيراً،فما كان ممكناً من الإستمرار في سرقة مصانع حلب والنفط السوري والعراقي بواسطة "داعش" وغيرها،حيث الطيران الروسي قصف مئات ناقلات النفط التركية التي تنقل النفط المسروق والمهرب،وبالتالي ما تستفيده الحكومة التركية ومن ضمنها عائلة أردوغان من تلك العملية نفط بأسعار مخفضة مقابل بضائع ومواد تموينية تركية تنقل لتلك العصابات الإرهابية انخفضت الى أدنى حد ممكن،ولتنتهي قريباً بإقتراب الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية من الحدود السورية – التركية وإقفال حدود التهريب والتمويل ونقل العتاد والسلاح والأفراد.
في المقابل السعودية التي كانت تراهن بان سيطرة ادواتها من "جبهة النصرة" على مقاليد الحكم،او ان تصبح ذو شان مقرر في الدولة والمؤسسات السورية،من شأنه ان يخضع الدولة السورية الجديدة لنفوذها وسيطرتها،ويحولها الى محمية سعودية،كما حال لبنان،وتكون مدخلاً لمحاصرة النفوذين الروسي والإيراني في المنطقة،ومن ثم تحجيم حزب الله في لبنان،إن لم يكن القضاء على نفوذه ودوره هناك،ذهبت أدراج الرياح.
المشروع التركي- السعودي- القطري- الأمريكي- الإسرائيلي – الإستعماري الغربي الذين شنّوا الحرب على سورية وجلبوا الإرهابيين، لكسر ثوابتها ومشروع الدولة الوطنية فيها وتفتيت مكوناتها وإعادة تركيب الدولة على أسس طائفية، لتفقد الدولة مصدر قوتها الذي يمثله استقلالها وتصير مجموعة كانتونات متناحرة تابعة تعتمد في قوتها بوجه الداخل على دعم الخارج المتعدّد لمكوناتها المتعدّدة،فتصير شركة مساهمة أجنبية بأسماء سورية كما هو حال وفود المعارضة إلى جنيف اليوم،وبالذات المعارضة المنبثقة من مؤتمر الرياض،وحال جماعة (14) آذار في لبنان،هذا المشروع في طريقه للسقوط المدوي،والذي اخرج الأدوات الأمريكية السعودية وتركيا واسرائيل عن طورها،وأخذت تنسق فيما بينها من اجل رسم تحالف وتدخل بري في سوريا.

هذا التدخل البري السعودي – التركي المشترك،دفع اطراف التحالف السوري – الروسي – الإيراني للقول بشكل قاطع بأنه سيواجه بقوة وحزم،فوزير الخارجية السوري المعلم قال بأنه سيقطع يد كل من يعتدي على الجغرافيا السورية،وسيعيد لتركيا والسعودية جنودها في توابيت خشبية،والقيادة الإيرانية اعتبرت ذلك نكته سياسية،في حين قالت القيادة الروسية أنّ النيران الروسية ستكون بانتظار أيّ تدخل سعودي تركي بري في سورية، بعدما كان رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف تولى لمرتين متتاليتين التحذير من مخاطر اللعب بالنار والانزلاق إلى حرب إقليمية قد تتحوّل إلى نوع من الحرب العالمية.

خيار التدخل البري السعودي- التركي في سوريا،ليس نزهة،وهو مستبعد دون إذن وقرار امريكي،فالسعودية رغم تحالفها المسمى ب"التحالف العربي"،وتفوقها العسكري الكبير،لم تستطع هزيمة جماعة انصار الله "الحوثيين" والجيش اليمني،فكيف عندما تواجه في الشام قوات روسية – ايرانية – سورية وقوات حزب الله،وكذلك هي تركيا،حيث سيضاف لهذا المكون في المواجهة قوات الحماية الكردية.

نحن نرى بأن ما تقوم به السعودية وتركيا من عويل وصراخ حول ما يسمى بحقوق الإنسان والحصار في سوريا والقتل والقمع من قبل النظام السوري،ليس اكثر من عملية "تهويش"،وتعبير عن عمق الإحباط والأزمة التي يعيشها هذين النظامين،بعد الحسم العسكري الكبير الذي قام به الجيش السوري،ب"فرم" وإستصال واجتثاث جماعاتهما الإرهابية،وهذين النظامين اعجز من ان يتدخلا برياً في الشام،وهما غير مالكين لقرارهما وإرادتهما لتبعيات مثل هذا القرار والتدخل ونتائجه،فالسعودية كذلك غارقة في المستنقع اليمني،وهي اعجز أن تواجه قوات بعيدة عن حدودها،تمتلك الكثير من الخبرة والإمكانيات،في حين الخليفة التركي السلجوقي أردوغان،يواجه مشكلة كبيرة في التدخل عسكرياً في سوريا،المؤسسة العسكرية" التركية،التي كانت صاحبة الكلمة الفصل في كل ما يخص السياستين الداخلية والخارجية، تبدي انزعاجاً وقلقاً شديدين، للطابع المغامر للسياسة الخارجية التركية، وخصوصاً في سوريا، وثمة من يقول أن "الجنرالات" يعارضون طموحات "السلطان" ونزعاته التدخلية والتوسعية في سوريا، وأنهم أبلغوه بأن الجيش لن يرسل قوات برية إلى الداخل السوري، وهذا ما نطق به وزير الدفاع بالأمس على أية حال، انعكاساً لرأي سائدة في المؤسسة العسكرية كما تقول المصادر.... وزير الدفاع التركي لم ينف دخول وحدات تركية من معبر باب السلامة رداً على اتهامات سورية فحسب، بل ونفى أن تكون لبلاده "النيّة" للزج بقوات برية في الحرب الدائرة في سوريا وعليها.

وختاماً أقول بأن "حكاية" القوات البرية، قد فقدت بريقها قبل أن يتم تشكيلها وتجميعها، تماماً مثلما حصل مع التحالف العسكري الإسلامي، والذي انفرط عقده قبل أن يلتئم، حين أعلنت كثرة من أعضائه، بأنها لم تعلم عنه، أو لم تستشر به، والأهم، أنها لم تقرر المشاركة فيه، أقله ميدانياً وقتالياً.

 

بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين

16/2/2016
0524533879
[email protected]