الفكر السياسي في طليعة مجالات علم السياسة

بقلم: حنا عيسى

السياسة: هي الإجراءات و الطرق المؤدية لاتخاذ قرارات من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية، ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول وأمور الحكومات، فإن كلمة سياسة قد تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد بما فيها التجمعات الدينية والأكاديميات و المنظمات. وتعرف السياسة بكيفية توزع القوة والنفوذ بمجتمع ما أو نظام معين.

الفكر السياسي: هو الافكار والنظريات والقيم التي تحرك الحكومه والسلوك السياسي، وهو البنيان الفكري المجرد المرتبط بتفسير الوجود السياسي، وهو يمثل كل ما يخطر في ذهن الانسان حول تنظيمه السياسي، وحياته العامة كما هي أو كما يجب أن تكون.. والفكر السياسي يعد في طليعة مجالات علم السياسة وتنقسم الدراسات في هذا المجال الي نوعين:

1تاريخ الافكار السياسية: وهي دراسة تاريخية تقوم علي المتابعة الزمنية للتراث الفكري المرتبط بتفسير ظاهرة السلطة، مهتما باراء وتصورات المفكرينن والفلاسفة للظاهرة السياسية عبر العصور.

2النظرية السياسية: وهي حين تتجه النظرية السياسية نحو التخلص من عناصر الزمان والمكان وتسير نحو ايجاد احكام مطلقة جامعة بين المنهاجية التجريبية والواقع او الحركة (محاولة الربط بين مباديء معينة ونتائج معينة لاكتشاف قواعد التحكم في النشاط ).

 

أنماط الفكر السياسي

1الفكر السياسي التنبؤي: هو النتاجات الفكرية التي تستهدف تغيير الواقع السياسي، فإذا التغيير المنشود جذري وشامل فهو فكر سياسي تنبؤي جذري، واذا كان التغيير المنشود جزئي ومحدود، فهو فكر سياسي تنبؤي إصلاحي.

2الفكر السياسي التبريري: هو النتاجات الفكرية التي تستهدف تبرير الواقع السياسي، لضمان استمراره وديمومته.

3الفكر السياسي الوصفي: وهو الدراسات التي تقوم بمهمة وصف وعرض الافكار السياسية التي تم انتاجها من قبل.

 

مراحل الفكر السياسي

1الفكر السياسي القديم ويتكون من ثلاثة اقسام رئيسية هي (الفكر السياسي في بلاد الشرق القديم وهي مصر، وادي الرافدين، الهند، فارس، الصين).

2الفكر السياسي في اليونان القديمة: وهذا الفكر يعد من أرقى انواع الفكر السياسي في التراث الفكري الانساني، وذلك لما قدمه من مساهمات فكرية بالغة الاهمية، ونتيجة لتأثيره الواضح في كل الفلسفات الفكرية التي اعقبته تقريبا، وقد تبلور هذا الفكر خلال ما يسمى بـ (لعصر الذهبي) لأثينا، ذلك العصر الذي يعتبر العصر الذهبي للفلسفة السياسية، بصفة عامة ، وقد امتد منذ القرن الخامس قبل الميلاد، وحتى القرن الثاني قبل الميلاد تقريبا، وقد إرتقت هذه الفلسفة وبلغت الشأن العظيم بفضل مساهمات العديد من الفلاسفة ابرزهم (سقراط، افلاطون، وأرسطو ).

3الفكر السياسي الروماني: وهو الفكر الذي عقب الفكر اليوناني، وأقام مبادئه على نفس مبادئ الفكر اليوناني فكان مقلد يندر فيه الابداع ويبدأ هذا الفكر بإزدهاره وسيادته بظهور الفلاسفة الرومان الكبار امثال بوليب وشيشرون وسنكا. ينتهي ببداية العصور الوسطى .

وتقسم فترة العصور الوسطى إلى قسمين

 

·   الفكر السياسي في مرحلة المسيحية والاقطاع، وقد بدأت هذه الفترة بظهور الدين المسيحي، في الجزء الاخير من العصور القديمة وتقارب الفلسفة السياسية مع مبادئ الدين المسيحي ساعد في ظهور فئة من الفلاسفة السياسيين المسيحيين، الذين قدموا أفكار سياسية قائمة على مبادئ الدين المسيحي وابرز المواضيع التي خاضوا فيها العلاقة بين الدولة والكنيسة.

ثم كان عصر الاقطاع الذي يبدأ بزوال امبراطورية شارلمان سنة 422م، ثم بدأ في التلاشي في أوروبا منذ القرن الثالث عشر الميلادي، وساد في عصر الاقطاع خليط من الافكار المسيحية والافكار التي تجسد تفكك الامبراطوريات والمماليك وقيام الدويلات الاقطاعية ، كأهم الوحدات السياسية في أوروبا المسيحية في تلك الفترة، استمر عصر الاقطاع حتى بزوغ عصر النهضة، وبداية ظهور وقيام الدولة القومية ومن ابرز فلاسفة المرحلة المسيحية الاقطاعية هم:

جون سالسبوري القديس توماس الاكويني – دانتي اليغري – مارسيلو بادو.

·   الفكر السياسي في صدر الإسلام: لقد ساد العالم في فترة العصور الوسطى الحضارة الإسلامية الناشئة، التي كان لها اساسات فكرية وحضارية واسعة والتي تبدأ بظهور الدين الاسلامي الحنيف في بداية القرن السابع الميلادي على يد خاتم الانبياء سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم، وازدهار العلوم والمعارف في تلك الفترة. ومنها الجانب السياسي، فجاءت المبادئ الاسلامية موضحة ما يجب ان تكون عليه الدولة الاسلامية، وتاركة الكثير من تفاصيلها لاجتهادات الفقهاء والمفكرين المسلمين حسب راي عدد منهم، فوضع الاسلام على عاتق المسلمين إيجاد السبل التي تكفل تحقيق المبادئ الاسلامية في كل المجالات العلمية والفكرية والانسانية ومنها السياسية.

·   الفكر السياسي في العصور الحديثة: ويبدأ هذا العصر بإنتهاء العصور الوسطى في عام 1453م، وهناك من يؤرخ لبدئها بإندلاع الثورة الفرنسية عام 1789م، اما تاريخ انتهائها فهو محل جدل كبير بين المؤرخين، وطريقة تقديم الفلسفة السياسية لهذا العصر تم عادة بعرض افكار اهم الفلاسفة السياسيون وهم

1.     نيقولا ميكاقيلي: وفلسفته الواقعية القائمة على الفصل بين السياسة والاخلاق.

2.     توماس هوبز: وفلسفة العقد الاجتماعي والتنظير للملكية الفردية.

3.     جان لوك: العقد الاجتماعي وسياسة الامة والشعب.

4.     جان جاك روسو: العقد الاجتماعي وسياسة الامة والشعب.

5.     مونيسكو : الفصل بين السلطات.

 

الفكر السياسي المعاصر: وتبدأ هذه الفترة منذ بداية القرن العشرين، وتستمر حتى الآن، ومن أهم أحداث وسمات هذه الفترة الزمنية هو:

1.     أستتباب قوة القومية وتبلور مفهومها العام.

2.     نشوء وتبلور الإيديولوجيات السياسية الكبرى.

3التأكيد بأن الديمقراطية هي إسلوب الحكم الطبيعي. و (الاسلم) والبديل الوحيد للـ (الديكتاتوري) وتحفل هذه الفترة بوجود عدد يصعب حصره من التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية، ولكن معظم الافكار هذه تدور في إطار مذاهب سياسية أيدلوجيات محدودة فالفكر السياسي المعاصر يتجسد في هيئة أيدلوجيات سياسية، هذا الفكر إنقسم منذ بداية القرن العشرين الى ثلاث أقسام رئيسة، او ثلاث مذاهب سياسية كبرى هي :

a.     (المذهب الفردي، ويتمثل في الديمقراطية التقليدية، المحافظة أو المتحددة).

b.  (المذهب الاشتراكي يتمثل في الديمقراطية الاشتراكية ويمكن ان نضيف اليه الماركسية).

c.      المذهب الاجتماعي: وهو وسط، أي مذهب وسط بين الفردية والاشتراكية.

بقلم/ د. حنا عيسى