فيما لو خُيرّ الفلسطينيون بين ثلاثة ، بيع الأوهام وشراء الوقت ، أو إدارة الانقسام ، أم الاتفاق بين حماس وفتح ، فالمنطق والوطنية الفلسطينية ومن دون نقاش تذهب نحو خيار الاتفاق بين الحركتين . والسبب بسيط جداً لأن من اكتوى بنار الانقسام ودفع الأثمان الباهظة هو الشعب الفلسطيني ، ولكن التمسك بخيار الاتفاق والتوافق لا يعني بأي حال من الأحوال أن شعبنا ومن قبله الفصائل والنخب غير قانعين أن هناك جدية في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة من قبل الطرفين ، أو أنهم متوجسين ويضعون أياديهم على قلوبهم لكثرة الاتفاقات والدول الراعية لها . وأسمح لنفسي بالقول أن من داخل الحركتين من هو غير قانع بأن يرى الدخان الأبيض لتلك المصالحة يتصاعد على طريق دفن الانقسام إلى غير رجعة .
من تابع لقاءات الدوحة الأخيرة بين حماس وفتح ، والبيان المقتضب الذي تناقلته وسائل الإعلام لا يُشير بأن هناك شيء جدي قد خرج به المجتمعون ، إلاّ إذا هم من تعمدوا الأمر بهذه الطريقة ، ولكن استخدام البيان لعبارة الاتفاق على " تصور عملي لآليات وخطوات لاتفاقيات المصالحة سيتم تداوله والتوافق عليه من المؤسسات القيادية للحركتين ، وفي إطار الوطن مع الفصائل والشخصيات الوطنية ليأخذ مساره إلى التطبيق العملي على الأرض " ، قد أوصل رسالة غير إيجابية بأن الطرفين وحتى لا يُقال أنهما قد فشلا في التوصل إلى شيء جدي . ناهينا أن السجالات السياسية والإعلامية وإن خفت نسبياً بينهما إلاّ أنها لم تتوقف .
وإذا كانت لقاءات الدوحة التي نتمنى لها ألاّ تكون دوخة ، تسير بشكل إيجابي ، لماذا السجال الحاد الذي شهده المؤتمر الذي نظمه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات يوم 11 من الجاري تحت عنوان " قضية فلسطين - تقييم إستراتيجي 2015 – تقدير إستراتيجي 2016 " في بيروت ، خلال النقاشات بين الدكتور موسى أبو مرزوق ومحمد اشتيه ، على خلفية تحميل أبو مرزوق مسؤولية تعطيل المصالحة لرئيس السلطة السيد محمود عباس ، الأمر الذي دفع اشتيه للرد عليه بحدة بادية ، استدعت تدخل بعض الحضور العمل على التهدئة بينهما .
رامز مصطفى