اضرابات مسيسه لنقابات العاملين في الخدمة الحكومية

بقلم: سهيله عمر

نتفاجأ اليوم بسلسلة اضرابات المدرسين المفتوح التي لا افهم معناها ولا اعرف تفاصيلها ، لكن لا اايدها بصورتها الحالية التي ستكون على حساب المسيرة التعليمية. لا ارتاح للنقابات، لأني اعرف انها مسيسه ولا تتحرك الا لتحقيق مكاسب ماديه او اهداف سياسيه. وعندما يلجأ لها الموظف للتظلم من قرار تعسفي وقع عليه، نجدها تتملص من مساعدته، بل تدافع عن جهة العمل ضده. اذكر عندما كنت اعمل في احدى الجامعات الاجنبيه، كان اسم نقابة الموظفين ALAP تطالب الموظفين المشتركين فيها بدفع مبلغ مالي شهري لها. ولم اقبل الاشتراك لعلمي انها لن تنصرني لو ظلمت. كانت الترقيات الأكاديمية في هذه الجامعة تتم بدون شفافية، ولا تبرر الجامعة سبب رفضها لترقيه المدرس الاكاديمي المتقدم للترقية مع ان اوراقه مستوفيه للترقية. تقدمت للترقية ورفضت ترقيتي بدون اسباب مع ان مؤهلاتي اعلى ممن تم ترقيتهم وبدأ خلافي مع الجامعة بسبب عدم شفافية نظام الترقية. ايضا كان هناك قانون بان لا يتم تحميل المدرس باكثر من 12 ساعه وان زادت عدد الساعات عن ذلك فيستحق اجرا للساعات الإضافية. وكنت قد قمت بالتدريس في بعض الفصول حوالي 17 ساعه، وطالبت باجر الساعات الإضافية وتم التملص من ذلك. توجهت للنقابة فدافعوا عن الجامعة بل حذروني ان الجامعة لن تجدد عقدي لو اعترضت على قراراتهم في حين ان رقاب جميع الموظفين الاجانب بيد الجامعه ولن تستطيع النقابه مساعده المدرس ضد اي قرارات تعسفيه . ولهذا كان جميع المدرسين لا يعترضون على أي حمل دراسي او على عدم ترقيتهم. كان دور النقابة فقط طرح وجهة نظرها لتعديل بعض بنود عقود العمل للمواطنين والعقود الخارجية او طلب علاوة غلاء معيشه، والاغرب انني كنت اجد رئيس النقابة هو نفسه عضو في مجلس امناء الجامعة، فكيف ممكن ان يدافع عن حقوق الموظفين ؟؟ في المقابل كانت نقابة الطلاب في هذه الجامعه هم من يديرون الاضرابات بشكل فعال من اجل المال ايضا. كان جميع الطلاب يتلقون منح دراسية من قبل الحكومة تشمل تكلفة الدراسة والسكن بالجامعة وايضا مبلغ نقدي سنوي لشراء الكتب والاكل والشرب. اذا تأخرت الحكومة بدفع المبلغ المخصص للأكل والشرب ، كانوا يقيمون الدنيا ويقعدونها ويوقفون الدراسة ويعتدون بالضرب على أي طالب يذهب للفصل فتضطر الجامعة اغلاق ابوابها فتتعطل الدراسة لمده اسابيع حتى يتم اعطاءهم المنحة النقدية المخصصة للأكل والشرب من قبل الحكومة. ثم يعود المدرسون للتدريس وعليهم ان يغطوا اكبر كم من المادة في مده قياسيه لتعويض ما فات على الطلاب فترة الاضراب حيث لا يمكن تغيير موعد نهاية الفصل باي حال من الاحوال، أي في النهاية ينتهي الامر بضرر كبير في مستوى الطلاب. هذه كانت صوره من عمل نقابة المدرسين ونقابة الطلاب في الخارج وكلاهما صوره سيئه وكارثيه، فنقابة الموظفين تخشى الاضراب خوفا على مستقبلهم الوظيفي بالجامعة ونقابه الطلبة يعطلون التدريس وقتما شاءوا طلبا للمال وللتخلص من عبأ الدراسة.

اما عندنا في فلسطين فإضرابات النقابات غالبا ما تكون مسيسه وتهدف اما لزيادة الرواتب او لعرقلة عمل الحكومة وفرض اوضاع سياسيه معينه، ولم نرى نقابه عملت على انصاف موظف من ظلم وقع عليه من جهة عمله. بل اذا تمعنا سنجد ان جميع هذه الاضرابات ادت بنتائج كارثيه على مستقبل الواقع السياسي في فلسطين وساهمت بالانقسام الحالي وتعطيل سير الحكومة والمصالحة:

1. هناك حالات قهر وظيفي نتجت عن قرارات كيديه ترفع ضد موظفين من قبل رؤسائهم لتصفيتهم من العمل، كما ان هناك حالات تهميش لموظفين ولم تتساعد النقابات قط مع الموظفين بحجة انها امور داخليه في الوزاره لا تتدخل بها.

2. في عام 2007 عندما حوصرت حكومة حماس ولم تدفع رواتب الموظفين، اضربت نقابه الموظفين الحكومية وثارت الأجهزة الأمنية بحجة عدم دفع الرواتب، فكان الرد من حماس ان شكلت القوه التنفيذية وبدأ الاقتتال الداخلي الذي انتهى بالانقلاب وسيطرت حماس على القطاع لتفرض ابناءها بالقوة في المؤسسات تجبي وتعتقل وتهمش وتعين من تشاء من ابناءها وتستفرد بالقرارات والاراضي والاموال.

3. في نفس العام 2007 طلب من الموظفين في السلطة بقرار سياسي ان لا يذهبوا للعمل بسبب انقلاب حماس سوى موظفي الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم وسلطة الطاقة والشئون المدنية، فلم تعترض النقابه على هذا القرار مع انه كان تحول خطير في مستقبل الموظفين حيث سيخسرون حقهم في ممارسة عملهم والدورات والبعثات والترقيات، كما تعلم ان ان حماس ستتعامل مع الموظفين المضربين كمواطنين درجه دنيا وتعتبرهم مفصولين وتمنع الاستعانة بهم باي مؤسسه حكومية تابعه لحماس ولو للتدريس على نظام الساعة، كما ستعرقل حماس عودتهم للعمل او أي اجراءات حكومية، فاين كانت النقابة ولماذا لم تعترض على القرار لحمايه الموظفين ؟؟

4. في عام 2014 بعد تشكيل حكومة الوفاق، اصدرت حكومة الوفاق عدة قرارات بعودة الموظفين القدامى للعمل، التي وقفت ضدها نقابة موظفين حماس ورفضت عودة أي من الموظفين القدامى وخرج قادة حماس يضعون اشتراطاتهم التعجيزيه ان لا يعود أي منهم الا بعد اعتماد كافة موظفيها في السلطة، ويعود فقط من يوجد له شاغر بالهيكلية بعد اعادة تأهيله. والهدف من وراء ذلك اجبار الحكومه ان تتولى العمل في ظل سيطرتها بالقطاع بالوضع القائم من خلال وكلاء وزاراتها واجهزتها الامنيه واعتماد موظفيها المدنيين والعسكريين وتوفير موازنات الوزارات واعادة الاعمار بدون عوده للموظفين القدامى.

5. عندما اتى الوزراء لتوحيد الوزارات عام 2015 ، تم منعهم من قبل نقابه الموظفين والأجهزة الأمنية لحماس في تنفيذ خطتهم لتوحيد المؤسسات التي تبدأ بتسجيل الموظفين القدامى.

6. وحتى مبادرة معبر رفح القائمة على الشراكة وكانت ستخفف من معاناة اهل القطاع رفضتها حماس بأساليب غريبه وجعلت من المعبر ورقه تساوم بها على كافة رواتب موظفيها بالقطاع.

7. لن اعترض عن حرمان موظفي غزه من علاوة المواصلات والترقيات والادراج بالهيكليات نظرا لوضعهم الاستثنائي انهم ليسوا على رأس عملهم. لكن سأتحدث عن خصم العلاوة الشرافية على العمل من موظفي غزه بحجة انهم ليسوا على راس عمله مع ان بعضهم تعين على هذا المنصب، فحامل الدكتوراه يعين رئيس قسم مثلا، والعديد من الموظفين ترقى لرئيس قسم ونائب مدير بعد سنوات خدمه طويله, فلا يحق حرمانه من هذه العلاوه، فاين كانت النقابه من هذا الخصم ؟؟

8. . لقد تفاجأ موظفو قطاع غزه بقرار اتفق عليه بين سلطتي الطاقة في رام الله وغزه المبدعين باستقطاع كامل فاتورة الكهرباء من قسيمة رواتبهم (حصرا من دون موظفي الضفه ) في قرار عشوائي غير مدروس وبدون اليات لحل المشاكل المتعلقة به في حال وجود اكثر من موظف في نفس الاشتراك ، وكان الواضح ان الهدف من القرار اجبار الموظفين عمل سداد الي او شراء عداد مسبق الدفع وتركيبه على حسابه وفي الحالتين الشركة ستكسب. وبالفعل احدث القرار ببلبله وفوضى وتفاجأ الموظفون باقتطاع مبالغ كبيره تصل الى 500 شيكل من رواتبهم لصالح شركة الكهرباء بدون معرفة الاسباب مع ان منهم ليس للشركة استحقاقات عليه ومنهم من قام بعمل سداد الي ولم تفده الشركة في توضيح الخطأ. اين كانت النقابه من ذلك ؟؟

9. حسب ما يتوارد في الاعلام ان الاضرابات الحالية للمدرسين من المفترض ان تكون انتهت باتفاق مقبول لكافة الاطراف مع رئيس نقابة المدرسين سحويل، الا ان هناك اطراف سياسيه تعمل ضد تهدئة الاوضاع واستمرار الاضراب حتى تنفيذ 18 طلب للنقابة ليس من السهل تنفيذهم.

10. ان كانت حماس تقف مع اضرابات الموظفين في الضفه، فلماذا تمنع حماس نقابة موظفيها الذين لا يتقاضون اكثر من 40 % من رواتبهم من الاضراب حتى يتقاضوا رواتبهم، الإجابة ان نقابة الموظفين في حكومة حماس لا تخرج الا عندما تريد حماس لها ان تخرج لعرقله استلام الحكومة لوزاراتها ومنع عودة الموظفين القدامى.

برايي ان استمرت الاضرابات بشكل فوضوضي مسيس، فالتحذر الحكومة المدرسين من اقتطاع ايام الاضراب من رواتبهم وتغلق المدارس ويرسلوا الطلاب والمدرسين للبيوت، حتى يعلنوا انهم عادوا عن الاضراب وسيكون اولادهم اكثر من تضرروا. وعندما يعودوا عن الاضراب، تفتح المدارس مجددا. اما عن النقابه، فيجب اعادة انتخابات النقابه لان يوجد خلاف في النقابه الحاليه، والنقابة المنتخبة الجديدة ترفع توصياتها ومطالبها لتعديل الخدمة المدنية لمجلس الوزراء ويتم التوافق عن الممكن تنفيذه منها. لو اضرب الاطباء و اضرب المهندسون واضرب المدرسون الجامعيون واضرب المدرسون واضرب المبرمجون واضرب الطلاب، لانتهينا لسلسلة من الفوضى وتتوقف جميع الخدمات بالبلد لزيادة رواتبهم. واعود واذكر دور النقابة ان تدافع عن الموظفين المظلومين من القرارات التعسفية في مؤسساتهم وترفع توصياتها لتعديل قوانين العمل بشكل منظم بدون فوضى او تعطيل سير العمل .

سهيله عمر
[email protected]