دعانى الفضول للتعرف على أسوأ سجون العالم ، وتفاجئت حينما وجدت أن السجون الاسرائيلية أسوأ حال منها جميعا ، وللمقارنة بين سجون الاحتلال الاسرائيلى بسجون أخرى فى العالم ، وتجربة المعتقلين الفلسطينيين بأسرى آخرين من حركات التحرر العالمية ، وجدت أن السجون الاسرائيلية تعد من أسوأ سجون العالم ، وانتهاكات سلطات الاحتلال بحق المعتقلين غير مسبوقة فى الكثير من نواحى الحياة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر تحدث نلسون مانديلا فى مذكراته التي نشرت في العام 1994 بعد خروجه من السجن بعد 27 عاماً من الاعتقال فى سجون نظام الفصل العنصرى " الابرتهايد " ، عن تجاربه في الزراعة حيث وافقت إدارة السجن السماح له بزراعة قطعة صغيرة ، وكانت تجاربه في الزراعة محلا للاحتفال والذكر في رسائله لزوجته ، فى مقابل ذلك منعت إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية عن الأسرى الفلسطينيين كل مظهر للحياة فى سجونها .
ووجدت أن أسوأ السجون بظروفها هى " سجن ألكاتارز الاتحادي الأميركي الذى يضم أخطر المساجين على الإطلاق ، ومعسكر 22 السياسي الذي تم إنشاؤه عام 1965 في شمال كوريا في مكان منعزل تماماً وحراسته بالكلاب والأسلحة الحديثة ، وإحاطة السجن بسور مكهرب لإحباط أي محاولات هرب ، و سجن سان كوينتين الأميركي المكتظ بولاية كاليفورنيا ، و سجن غوانتانامو الذى أقامه جورج بوش (الرئيس الأميركي السابق) من أجل حربه مع العراق وأفغانستان ، واشتهارهذا السجن بإجراءات التعذيب ، و سجن نيروبي بكينيا المكتظ والسىء الطعام والمنتشر بالأمراض ، وسجن فلورانس الأميركي الذى أنشئ من أجل احتواء أشد المساجين شغباً والمشتهر بالعزل الانفرادى ، و سجن سانت الفرنسي الذى أنشىء عام 1867، وهو واحد من أهم 3 سجون في فرنسا، وتم استخدامه أثناء الحرب العالمية الثانية ، وتأقلم المساجين فيه مع الفئران وقضية الازدحام ، و سجن مينتوزا بالأرجنتين المعروف بالازدحام وقضاء الحاجة بالزجاجات مما يجعل هناك روائح كريهة وانتشار الأمراض ، بالإضافة إلى عدم وجود عناية طبية كافية ، وسجن سابينيتا الفنزويلي المزدحم والمشهور بسوء العناية الطبية واستخدام أسلحة نارية .
ورأيت أن الظروف المعيشية لأسوأ عشرة سجون فى العالم مجتمعة موجودة فى سجون الاحتلال من إجراءات التحقيق والتعذيب وقتل الأسرى باستخدام الأسلحة الحية ، وسوء الطعام ، والاكتظاظ ، والتفتيشات العارية ، والاقتحامات الليلية ، والاستهتار الطبى ، وانتشار الحشرات ومنها السامة وخاصة فى سجون ومعتقلات والأماكن المنعزلة والنائية فى صحراء النقب ، والأسوار الشاهقة وإستخدام الكلاب فى التفتيشات .
وأعتقد أن استخدام مصطلح ” الباستيلات الصهيونية ” نسبة إلى سجن الباستيل الذى أُنشئ في فرنسا بين عامي 1370 و1383 كحصن للدفاع عن باريس ومن ثم كسجن للمعارضين السياسيين والمحرضين على الدولة والجناة أخلاقياً يعد تقليل من قسوة الحياة فى السجون الاسرائيلية ، لأن لحظة اقتحام السجن من قبل الثوار الفرنسيين عند الساعة السابعة عشرة والنصف من الرابع عشر من تموز 1789 ، لم يكن فى سجن الباستيل سوى 7 من السجناء من مزورى العملة ، والنصابين ، والمصابين بالأمراض العقلية ، والمتهمين بالجنح الأخلاقية ، ولم يجدوا سجناء الملك المكبلين بالسلاسل ، ولا كل المبالغات التى روجها عوام الناس فى فرنسا عن أحوال السجن وأعداد معتقليه ، على العكس تفاجئوا بغرف كبيرة مشرقة ومكتبة منظمة ، ولم يجدوا الزنازين السيئة التى وصفت وصفا مرعبا فى التصاوير .
ووفق المؤرخين سجن الباستيل كان فى القرن الثامن عشر سجناً مريحاً بناءا على شهادة أحد السجناء ، لأن الطعام كان جيداً ، والورق والحبر كانا متوافرين ، وكانت مصاريف السجن على نفقة الملك بشكل مباشر .
ولهذا أجد أنه من التجنى إسقاط كلمة الباستيلات على سجون ومعتقلات الاحتلال الاسرائيلى لأنها أكثر جرماً وأشنع ممارسة ، وأصعب وأقسى حالاً .
/ الكاتب رأفت حمدونة