اللقاء الذي جرى بين الرئيس محمود عباس ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في عمان الأحد الماضي لم يخلو من تحذير الفلسطينيين للإقدام على أية خطوة فعليه أحادية الجانب لتحديد العلاقة مع إسرائيل وبخاصة الامنيه ، وحذر جون كيري الفلسطينيين من أي تصعيد للموقف الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وطالب بشكل واضح الفلسطينيين بالابتعاد عن التوجه لمؤسسات الأمم المتحدة ضمن محاولات الفلسطينيين بمسعى تامين الحماية للفلسطينيين وإلزام إسرائيل لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والاعتراف بدولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس .
جون كيري وبحسب تصريحات لمسئولين فلسطينيين عاد للحديث إلى مربع الاقتصاد وان الإدارة الأمريكية عبر كيري ناقشت باستفاضة الخطوات التي ستقوم إسرائيل بتطبيقها من اجل تحسين الوضع في المناطق الفلسطينية، والتي تأتي كبادرة “حسن نية” في سبيل الوصول إلى تهدئة الأراضي الفلسطينية ووقف موجة المواجهات المندلعة منذ أكتوبر من العام الماضي،
وان حكومة إسرائيل أعدت خطة جديدة تهدف إلى مساعدة الفلسطينيين اقتصاديا وذلك بالتنسيق مع الجانب الأمريكي.ونص هذه الخطة التي تنتظر مصادقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عليها وتهدف الى زيادة عدد الفلسطينيين العاملين في مجال البناء في إسرائيل واستيعاب أكاديميين فلسطينيين في صناعات التقنية العالية (الهايتيك)، وزيادة عدد الأطباء الفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية. وبحسب المعلومات المتداولة أن الجانب الإسرائيلي ممثلة بوزير المالية موشيه كحلون عرض هذه الخطة على الجانب الفلسطيني خلال لقاء جمعهم مؤخرا بالقدس.
وبهذا تعيدنا الأفكار الاسرائيليه إلى فكرة شمعون بيرس الذي كان ينادي بحل اقتصادي عبر ما عرف بخطة الشرق الأوسط الاقتصادية، التي أراد إحياءها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، ويكملها نتنياهو بعروضه ضمن مفهوم السلام الاقتصادي بديلًا عن الحل السياسي.
إن إعادة طرح الموضوع الاقتصادي بديلا عن تحقيق السلام ورؤيا الدولتين يعيدنا للمربع الأول و تترك وراءها العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وكأننا أصباحنا نطبق ما يريده الآخرون، بل إن الخطة تعمق ربط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاد الاحتلال؛ فالخطة الاقتصادية الاسرائيليه الجديدة لإنماء فلسطين هي استمرار لسياسة البقاء الاقتصادي تحت تحكم وسيطرة الاحتلال، ألا يكفي ربط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاده بالاتفاقيات المجحفة والمتمثلة باتفاقية باريس الاقتصادية, كي نقبل بالمبادرات الاسرائيليه والتي تقزم الحل السياسي
جون كيري رفض الموقف الفلسطيني الداعي لوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ويتضح من المعلومات المستقاة أن الوزير كيري استخدم كل نفوذه، كما المرات السابقة، لوقف أي خطوة فلسطينية تجاه وقف التنسيق الأمني، مستعينا بأطراف مساندة منها عربية، للضغط على الرئيس أبو مازن، وإنذاره من الإقدام على هذه الخطوة.
الرئيس محمود عباس كان واضحا وصريحا في لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن الفلسطينيون يرفضون تعليق القضية ألفلسطينيه إلى ما لا نهاية وأكد أن الفلسطينيون متمسكون بمواقفهم الرافضة لاستمرار الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس واستمرار إسرائيل بممارساتها القمعية والقتل والاعتقال التي تستهدف الفلسطينيين ، وأن الرئيس محمود عباس شدد على أننا نقوم بجهود مع المجتمع الدولي لعقد المؤتمر الدولي للسلام وإيجاد آلية على نمط 5+1 لإيجاد حلول فعالة للقضية الفلسطينية.
وطلب الرئيس محمود عباس أبو مازن حسب قول الناطق الرسمي من الوزير كيري التدخل الفوري لدى الجانب الإسرائيلي لإطلاق سراح الصحفي محمد القيق المضرب عن الطعام منذ 90 يوما، والإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة.جثامينهم لدى الجانب الإسرائيلي
أما صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين الذي كان برفقة أبو مازن في الاجتماع، فلم يشر هو الآخر لقرار “وقف التنسيق الأمني” وقال في وصفه للقاء أنه كان “معمقا وصريحا”، وأن أبو مازن أثار الأفكار الفرنسية المتعلقة بعقد مؤتمر دولي للسلام بمرجعيات محددة.وشدد عريقات على ضرورة الحفاظ على خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، مشيرا إلى أن كل ما تقوم به حكومة نتنياهو هو تدمير لهذا الخيار.
الاداره الامريكيه بحسب فحوى الاجتماع والتشدد الأمريكي للضغط على الفلسطينيين يستدل من كل ذلك أن القضية الفلسطينية لم تعد لتتصدر الاولويه في السياسة الخارجية الامريكيه وان الصراع الذي تشهده المنطقة وبخاصة الصراع في سوريا وحرب اليمن يستحوذ على الاهتمامات الامريكيه وان الدول العربية غارقة في صراعاتها وهي لم تدعم الموقف الفلسطيني وان أمريكا تستغل الدول العربية والمساعدات المالية كوسيلة للضغط على الفلسطينيين وإملاء الشروط عليهم
غياب الإجماع العربي بفعل الصراعات التي تشهدها المنطقة حرف أولوية الصراع مع إسرائيل في ظل غياب أي موقف عربي ضاغط على إسرائيل مما جعل حكومة نتنياهو تسعى لفرض شروط الاستسلام على الفلسطينيين وإملاءها لشروط القبول بالخطة ألاقتصاديه كبديل على الحل السياسي ضمن تبني الاداره الامريكيه للموقف الإسرائيلي وممارسة الضغوط على الفلسطينيين .
الفلسطينيون وأمام هذا الواقع في ظل السياسة الامريكيه والموقف العربي في ظل غياب إجماع عربي مما يتطلب من الفلسطينيين جميعهم توحيد مواقفهم وإنهاء الانقسام والشروع بخطه وطنيه استراتجيه تعيد للقضية الفلسطينية أهميتها وأولويتها لتعود وتتصدر أولوية الصراع في المنطقة