ماذا تنتظرون يا أعضاء اللجنة المركزية؟ إلى متى ستكتفون بدور المراقب للأحداث في فلسطين، بينما الأرض تضيع؟ وهل عرفتم أن 62% من أرض الضفة الغربية قد صارت يهودية، يقطنها 700 ألف يهودي، فهل ستقيمون الدولة الفلسطينية على ساحل العاج؟ وماذا ستقولون لأولادكم، وأحفادكم؟ بماذا ستجيبون لو سألكم أحدهم: أين كنتم طوال عشر سنوات، تضاعف فيها الاستيطان عشرات المرات، وتوسعت المستوطنات عشرات الأضعاف؟
إلى متى أنت صامتون على جريمة ضياع الأرض؟ هل تنتظرون أن تنزل الملائكة من السماء كي تحارب إسرائيل، وتطرد المستوطنين، وتقدم لك دولة على طبق من المفاوضات؟ ألستم من يقول في كل لقاء: إن نتنياهو يدمر حل الدولتين، وكل ما تقوم به حكومته من إملاءات واعتقالات وإعدامات ميدانية وهدم للمنازل وتهجير السكان وتطهير عرقي وحصار وإغلاق له هدف سياسي واحد وهو تدمير حل الدولتين، واستبداله بما يسمى مبدأ الدولة بنظامين!
فماذا فعلتم إزاء هذه الحقائق التي تعرفونها، وتتفقون عليها، وتنشرونها في وسائل الإعلام، وتؤكدون عليها في كل لقاءاتكم الفضائية والصحفية؟
وبماذا ستردون على وزير العلوم الإسرائيلي، أوفير أكونيس الذي يقول: إنّه "لن تقوم دولة فلسطينية". أتدرون لماذا؟ لأن الوزير الإسرائيلي الذي تفقد الضفة الغربية يوم أمس، وتجول فيها حيث يشاء هو، قال: "لا يوجد أي شعب يتنازل عن وطنه، ولا يوجد شعب يتنازل عن أمنه. إذا لم نكن نحن اليهود هنا، فسيجلس هنا حماس والجهاد الإسلامي".
هذا الكلام تجمع عليه الغالبية العظمى من اليهود، الذين يعتقدون أن ربهم إلياهو قد أعطاهم أرض الضفة الغربية، وهي وطنهم، فماذا أنتم فاعلون؟ ماذا تنتظرون؟
قبل خمس سنوات، كان معنا في الجزائر بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، تحدثنا نحن الفلسطينيين عن فلسطين، وعن الممارسات الإسرائيلية، وعن الصمود، وقد صفق لنا الجزائريون بحرارة، ومسحوا دمعتهم لمدة يومين، ولكن حين جاء دور الجزائر للحديث، قال المتحدثون بلغة واحدة:: أيها الفلسطينيون، من يريد وطنه حراً عليه أن يضحي من أجله، البكاء والدموع لا تسترجع وطناً، البكاء والدموع والتوجع قد يثير غباراً من التعاطف الدولي، ويستدُّر الشفقة، ولكنه لا يعيد وطناً سليباً، لأن الذي يعيد الأوطان هو الدم والجرح وعذاب السجن، والمقاومة دون توقف.
هل نسيت هذه الكلمات يا أخ عباس زكي؟ أنسيت يا أخ أمين مقبول؟ ألا تذكر ذلك يا سفيرنا محمد الحوارني، أنت والآخرون؟
وهل نسيتم كلمة الجزائري العجوز عبد السلام بوشارب، الذي هرب من سجون فرنسا، واختصر تجربة الجزائر بالأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاء؟
سأذكركم إن نسيتم، لقد الرجل العجوز: أيها الفلسطينيون، أوصيكم بالوحدة، واعلموا أن الجزائر لم تنل استقلالها إلا بعد أن قدمت في كل صباح 557 شهيداً لمدة سبعة أعوام، لقد قدمت الجزائر كل شهر 17 ألف شهيداً تقريباً، لقد بلغ عدد الشهداء مليون ونصف، وكان شعارنا: نعم للمفاوضات ولكن مع استمرار المقاومة المسلحة، ولهذا فرضنا على العدو الفرنسي إرادتنا، ونالت الجزائر استقلالها.
فما رأي أولئك الذين يقولون: ما لنا طاقة بإسرائيل؟ ما رأيكم بالمقاومة؟
في ذلك اليوم من عمر الجزائر، توجهت إلى الرجل العجوز أمام الجميع، وصافحته بحرارة، وشكرته من قلبي لصدق تعابيره، وسألته: كم بلغ عدد الأسرى الجزائريين؟ فقال: ثلاثة ملايين جزائري بين أسير ومفقود.
تحررت الجزائر بسواعد أبطالها، ومن حقها أن تفخر بماضيها وتجربتها، وباستقلالها الذي حصلت عليه بالقوة، فماذا عنكم يا أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح؟ بماذا ستفخرون بعد عشرين عاماً من المفاوضات والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية؟
د. فايز أبو شمالة