الاعلام .....والفوضى الخلاقة !! .

بقلم: وفيق زنداح

بداية.... وللتأكيد فان الاعلام بكافة وسائله....والعاملين بتخصصاته ....يعملون بما يمتلكون ...وبما يقدر لهم من امكانيات ومساحات لحرية الرأي ...... لتأكيد فكرهم ..وأداء دورهم الوطني ....المهني .... بعيدا عن كافة الاجندات الخاصة ...والسياسات المشبوهة .
هناك العديد من وسائل الاعلام التي لا تخرج عن اطار مهامها وسياساتها المعتمدة خدمة لمجتمعاتها ...وعملا بمهنية عالية ...ومصداقية لا تشوبها شائبة ... وهذا ما تأكد عبر عقود طويلة ......ومن خلال كافة التطورات التكنولوجية التي حدثت على وسائل الاعلام المسموع والمقروء والمرئي ....وحتي عبر شبكات التواصل .....والمواقع الاخبارية التي انتشرت بشكل كبير .....ومؤثر .
وهناك البعض الاخر من وسائل الاعلام التي عملت على تهيئة المناخ ....وتوفير المتطلبات لتحقيق بعض النجاحات ....حول ما سمي بالفوضى الخلاقة ...وما تلاهي من ثورات الربيع العربي التي جاءت بشعارات رنانة .....لكنها الخالية من محتواها ...والمفرغة من مضمونها ...وما اكتنفها من غموض.... أثار حولها الشبهات ....والتساؤلات .
بعض وسائل الاعلام ......ومن خلال البعض من الكتاب والمحللين ومقدمي البرامج ....ومن حولهم من محررين ومراسلين ....اعتمدوا سياسة اعلامية ...تأكد نهجها ....وأسلوبها... ومن خلال مفرداتها ....واثارتها وتشويقها ...وكأنها تكتشف الجديد ....وما كان سرا بالماضي ....أصبح مكشوفا بالحاضر .
بعض الوسائل الاعلامية.... التي اعتمدت ثقافة محددة ..من خلال نهجها وأساليبها وتعابيرها ...وبما يخدم تلك الفوضى المعلنة..... تحت مسميات وعناوين ....وجدت من يتمسكون بها .....ومن تحقق لهم مصالحهم ...ومن يمكنهم من اتخاذ المنابر والوسائل الاعلامية ....لتأكيد مواقفهم ...وتحليل صحة أراءهم...واعلاء شأن شخوصهم وجماعاتهم ......وتبرأت ساحاتهم وتاريخهم ....من خلال كل ما هو جديد من وقائع وأحداث ....تصدرهم بالمشهد الاعلامي والسياسي ....تحت مسميات الديموقراطية وحقوق الانسان .....ومحاربة الدكتاتوريات ...والانظمة الشمولية ....والاحزاب الحاكمة ....والزعامات التي طال حكمها للبلاد .....ومحاولة ايهام وخداع المتلقين ...أن ما يمكن أن نعاني منه من فقر وجهل .....جوع ومرض ....أو أي شيء أخر ...هو بحكم نتائج هذه الحقب الزمنية .....التي تولي فيها قيادة تلك الشعوب العديد من الزعامات والقيادات ......محاولة للخداع .....وقلب الحقائق .....وعدم التصاق القضايا المطروحة ....بالتحليل الموضوعي .....الذي يأخذ باعتباره عامل الزمن وتقلباته ....والمعضلات ومصاعب ايجاد الحلول لها .
لقد أخذت بعض وسائل الاعلام من نفسها موقعا متقدما للدفاع والمطالبة ...وممارسة الضغوط ....واثارة الناس ....من خلال دغدغة عواطفهم ....وملامسة ضرورات حياتهم ....وجرهم الي حيث تريد هذه الوسائل الاعلامية ...والممولين لها ...والموجهين لسياساتها ...وبالتأكيد المراقبين لإنجازاتها ...وما حدث من خراب وانقسام .....تفتيت واقتتال ....واسالة للدماء وازهاق الارواح .....وما انتشر عبر بعض الساحات داخل المنطقة.... من جماعات ارهابية تكفيرية ....شيطانية ....يكون لها السبق الصحفي والاعلامي .....من بعض هذه الوسائل الاعلامية .....التي حادت عن مهنيتها ودورها وأهدافها .
بعض هذه الوسائل الاعلامية التي تصيدت المعضلات والازمات ...واستغلت ضائقة الشعوب ....حول أحوالهم وما يعانون ...من خلال أساليب الاثارة والتثوير .....وتعميق الفجوات ...وانهاك القدرات ..وتفتيت الجهود ....وخلط الاولويات ...وادخال الحكومات في متاهات ومنزلقات ....وردود أفعال..... دون فعل منظم ومخطط ....لمواجهة المعضلات والازمات ...وايجاد الحلول الممكنة لها .
هذه الوسائل الاعلامية التي خرجت عن نصوصها ومهنيتها وأولوياتها .....أدركتها الشعوب ...كما أدركتها بعض القوي والفعاليات.... التي وعت أحوالها وظروفها ...وأدركت مسئولياتها ....وأيقنت مصالحها .....وتعمل على ايقاف خداعها ....واستمرار هذا الهزل الاعلامي .....بفكره المنحرف ..واثارته المقصودة ....واستغلاله للظروف والازمات .
بعض وسائل الاعلام ....ومن خلال ما اعتمدوا من وسائل الفوضى الفكرية الثقافية ...الانسانية ....الاجتماعية ...الاقتصادية ...والسياسية ....وما يحاولون بثه من سموم وأفكار دخيلة ...كما اعتقدوا وتوهموا ونفذوا في بعض المراحل ...ولا زالوا ينفذون في ظل سياساتهم وما يمارسون من فوضى اعلامية...... وجدت مناخها وظروفها السياسية ....الامنية ..الاقتصادية ...الاجتماعية ...والثقافية ...لإحداث التأثير.... بقدر اكبر.... في ظل خصوصية المشهد القائم حاليا ....والتي روجت للأكاذيب والافتراءات ...حتي اصبحت حقائق .....يتم تداولها وتسجيلها ونشرها وتوثيقها .... من خلال شخوص وجماعات.... تحاول ان تقلب التاريخ ....وأن تؤكد وقائع لا زالت بخيالهم وأوهامهم .....ولن تجد لها طريقا .....بنهاية المطاف .
لعبة الاعلام .....لعبة البعض القليل من المؤسسات الاعلامية..... والتي كان لها تأثير عبر مراحل ماضية ...ولا زالت تمتلك من أدوات التأثير..... الا أنها وقد أصابها بعض الضعف ...ليس بإمكانياتها التقنية ...وامكانيات وصولها الي حيث المتلقي ....ولكن من خلال حجبها وعدم الالتفاف لأقولها ....وعدم التأثر بمؤثراتها ....باستمرار دعمها.... لإحداث المزيد من الفوضى ...وصناعة حالة من اليأس والاحباط ...وعدم التصديق ...وتأكيد الشك القاطع بكل ما يقال .
بعض وسائل الاعلام .....تؤكد على حالة الفراغ الفكري ...الثقافي ...الوطني ...وتعمل بكل ما تمتلك من جهود وطاقات .....واساليب ملتوية .....بمحاولة ملئ العقول بأفكار واراء وتحليلات لا علاقة لها بتاريخنا ...قوميتنا ....عروبتنا ...وحتي وطنية كل منا...اساليب مبرمجة ومنظمة تحاول بث بعض الافكار والمصطلحات ...والتي تؤكد على حالة الضعف والهوان ....حالة الفوضى والتشرذم ...حالة الانقسام والتفتت ....حالات طائفية ومذهبية وعقائدية .....تشكل مرضا وهاجسا مجتمعيا ووطنيا ...كما أنها تحاول الزج بجماعات ارهابية ....تقتل وتنحر وتحرق ...بما يسئ لديننا الحنيف .....كما ويسئ لقوميتنا وعروبيتنا ووطنيتنا .
بعض وسائل الاعلام ....والتي تعمل تحت عناوين وشعارات عديدة..... لكنها بمجملها تعبيرا عن حالة من الفوضى المستثمرة.... من خلال اشخاص وجماعات .....والممولة من خلال قوي ومصالح...لا زالت تري أن هذه الأمة .....يجب أن تهدم من داخلها .....ويجب أن يشاع ما بين شعوبها ....ما يمكن من تفتيت وحدتها .....وتأكل خيراتها ...وتعميق الانقسام بينها .
مخطط اعلامي .....تقوم به بعض الوسائل ...ومن خلال بعض الشخوص ....في اطار ما هو مخططا سياسيا ....والذي يمر تحت شعارات الديموقراطية ...والرأي... والرأي الاخر ...وتحت شعارات الحريات العامة والخاصة ....والتي نؤمن ونطالب بها ....ولكن ليس بالكيفية... والاسلوب والاليات القائمة....والتي تعمل على تدمير فكرنا...ونسيجنا ...واهدار طاقاتنا ...والتشكيك بقياداتنا ...وحتي وطنيتنا ...وهذا ما يتطلب من كافة الوسائل الاعلامية ...الوطنية ...والقومية .....المؤمنة بعدالة القضايا العربية...وعلى رأسها القضية الفلسطينية ....الوقوف بقوة وصلابة ..وبحنكة ومهنية ....وبأسلوب مضاد.... للفتك بهذا السرطان الاعلامي .....الذي ينتشر كالنار بالهشيم .....والذي يقتل..... يهجر .....ويدمر....ويساهم بزراعة الارهاب والارهابيين .... دون محاسبة له ....ودون أن يقف الجميع ضده .
الكاتب : وفيق زنداح