الناس ما عادت تؤثر فيهم مثل تلك الخطب ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

ومن الناس من يصعدون على منبر رسول الله ..مستغلين خطبة الجمعة حيث تواجد جموع المصلين في مثل تلك الأوقات من كلٍ أسبوع.. وبدلا من أن يخطبوا بالناس ِ.. خطبة تهدي الناس إلى الخير والرشاد أو تعلمهم فقه الوضوء.. أو الصلاة.. أو غسل الجنابة..من الأمور الفقهية التي يجهلها البعض من المسلمين ِ..!، وبدلا من أن يكون حديثهم بلسما شافيا لمعالجة القلوب المقهورة ،والبائسة بكل أدب ، فتخفف عنهم آلامهم..وتهدي نفوسهم..وتفرج كربهم ! إلا أن البعض منهم من عزم على التفوه بصب الزيت على النار ،والتنغيص على عباد الله ..!!،وكعادتهم يطلقون العنان لألسنتهم السليطة معتمدين على الإيحاء أو التورية كما في علم البلاغة، وساعدهم على ذلك صوتهم الجهوري،فنجدهم ينهالون بالقذف، والتحقير والشتائم ضد السلطة،و رجال السلطة،وينكرون اتفاقيات السلام التي أبرمتها السلطة مع اليهود، وكأنهم أي السلطة مجرد أناس قد جاءوا من كوكب ٍ آخر،كخوارج ِ، ولا علاقة لهم بالإسلام .! فكأنما هم على عداوة شخصية ، لما بينهم وبين السلطة .. أم ثأرٌ قديمٌ نجم عنه عقدة نفسية تولدت في ذاتهم فكبرت وترعرعت.. وإلا ماذا يعني بزعم البعض منهم ..كيف يكون السلام مع اليهود..اليهود الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم في كتابه العزيز " لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82]. ولم يكملوا الآية فعلوا كما الذين يقتطعون آيات من القرآن ِدون تمامها،المهم إذا كانوا ينكرون التصالح أو السلام مع اليهود قولا واحدا ..فما رأيهم إذا في صلح الحديبية الذي تم بين المسلمين وكفار قريش ..؟! ذاك الصلح الذي شهد عليه معلمنا وقائدنا ومربينا وأشرف الخلق.. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، هو ورجالا من المسلمين ورجالا من المشركين.. وإن كنت هنا لست بصدد المقارنة.. لكن أليس صلح الحديبية عندما أبرم كان من باب السياسة الشرعية الحكيمة ..؟! عموما مهما كانت الدوافع أو الأسباب ،إلا أنه ليس من هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يقوم مثل أولئك الأئمة بتشبيه رجال السلطة ..بكل آسف برأس الكفر عبد الله بن سلول ،في تنسيقه مع الكفار ضد الإسلام والمسلمين..! وهل التشهير بالناس.. هو أحد أهداف الخطيب.؟! أم المطلوب هو الالتزام بالهدي النبوي أي الالتزام بالنصح، والوعظ، والإرشاد..كنت أتمنى من أولئك الخطباء الذين هدفهم التحريض.. وبث روح الفرقة بين الناس واستفزازهم أن يتأملوا ذاك الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف، قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً المنكر معروفاً ؟ ))
المشكلة لم تكن فقط هنا وإن كُذّب القياس برأي البعض ،ولكن في التناقض الشاذ، والمفارقة الغريبة في شخصية أولئك القوم والذين رغم تمحور حديثهم ، عن النفاق والمنافقين.. إلا أنهم تحدثوا بنفس الوتيرة في خطب ٍ أخرى لهم في أماكن ٍ أخرى.. ولكن بصورة مخالفة تماما.. فهناك قد دعوا في خطبتهم على ذمة الراوي إلى المحبة ..والود ..والتسامح ..والتصالح والإخاء، قائلا :مهما اختلفنا تنظيميا أو حزبيا..إلا أن ديننا واحد ،ووطننا واحد والأرض واحدة التي تجمعنا و...! لكن لطالما فشلت المساعي الرامية للتصالح بالدوحة.. غيّروا وبدّلوا أثوابهم كما الحرباء وحرّفوا أقاويلهم .! وإن ذلك ليذكرني بنكتة مصرية سمعتها منذ أيام الصغر لما قالوا لأحد الشيوخ الذي كان يتكلم بكل حرقة عن تبرج النساء ،وحرمته قالوا له ياعم الشيخ.. ابنتك بتلبس قصيّر وبتخرج بشعرها..!، رد عليهم بكل برود : ماهو"لايئ (لايق) عليها المأصوفة (المقصوفة) أو "لابق" كما في بعض لهجاتنا العربية العامية "لابيء"..! لكن عوام الناس أو في بلاد العرب أوطاني ماعادت تسحرهم ولا تبهرهم .. مثل تلك الأحاديث الرنانة بسمومها وفحيحها ، ولا بعلو الصوت ..كم تمنيت أن يفهم مثل أولئك الذين يقرءون.. تفسير آية في سورة الكهف حيث يقول فيها الحق سبحانه وتعالى :"قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "..وأخيرا لي سؤالٍ واحدٍ ..أيها المحسوبون على قائمة الأئمة ألم يعلموا ..أن من علامة المنافق.. سلاطة اللسان على المسلم..؟!!

بقلم /حامد أبو عمرة