انقذوا الضفة الغربية

بقلم: فايز أبو شمالة

انقذوا الضفة الغربية من براثن الوحشية الأمنية والتطرف القانوني، هبوا أيها الفلسطينيون في كل مكان لمساعدة الضفة الغربية، إنها تعيش مأساتها الداخلية، وتعاني أكثر من غزة ألف مرة، إن الضفة الغربية تغرق في وحل:
1- التفرد بالقرار، ولاسيما بعد أن فشل عزام الأحمد في اقناع السيد محمود عباس في إلغاء قرار النائب العام بحق عضو المجلس التشريعي نجاة أبو بكر، لتصير كل الضفة الغربية سجينة قرار الفرد، ولا تقوى على الحركة، تماماً مثل النائب نجاة أبو بكر التي يحاصرها الأمن خلف أبواب التخويف، لأنها انتقدت فساد بعض الأجهزة والمؤسسات والوزارات، ولم تبخل بالتسمية، وقد ذكرت خصاً نصاً الدكتور حسين الأعرج، وحددت مبالغ السرقة، وحددت أماكن السرقة، فلماذا يصير حصارها، واغتصاب حقها في النقد والمسائلة؟
فهل دخلت الضفة الغربية مرحلة التطاحن من الداخل، بعد أن طحن الإسرائيليون تحت أحذية المستوطنين معظم أرض الضفة الغربية المحيطة بالمدن؟ وإلى متى الصمت على هذه الحالة التي لا يقوى فيها النائب في التشريعي على القيام بواجبه تجاه ناخبيه؟ ولماذا لا يصير الغضب على الاستبداد والظلم والفساد قبل أن تتوجه الثورة إلى الإسرائيليين؟
2- الانفلات الأمني، وانعدام الأمن والأمان، ولا أخص بمقالي هذا العميد الذي تمت تصفيته في جنين، ولا اخص بحديثي تغول المستوطنين على المواطن الفلسطيني، وانتهاك حرمة بيته، وأرضه ، وحرق أطفاله، وإنما الأقسى من ذلك هو استقواء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على المواطن، ومنعه من مواجهة المستوطنين، واعتقاله وتعذيبه، وتقديم المعلومات الناجزة للمخابرات الإسرائيلية وفق تقرير "بيتسلم"، والأكثر جرماً من ذلك هو اغتيال المناضل عمر النايف في بلغاريا، والطريقة الوحشية التي تمت فيها التصفية، ولاسيما أن الاغتيال قد تم بعد أيام معدودة من قيام وفد أمني فلسطيني من الضفة الغربية بزيارة السفارة الفلسطينية في بلغاريا، وفق تصريح السفير الفلسطيني في بلغاريا؟
فهل هذا اعتراف أم اتهام؟ وهل دخلت الضفة الغربية مرحلة المربع الأمني الذي شكل للناس رعباً مخيفاً في قطاع غزة قبل الانقسام؟
3- إضراب المعلمين والمعلمات، ودفاعهم أن أبسط حقوقهم في الحياة، وبدل أن تستجيب الحكومة، وتراجع أخطائها، وتحاسب المقصرين في انتهاك حقوق المعلم الإنسانية، استعصمت بكل أنواع الصلف والتعنت، وراحت تماطل وتسوف إزاء أعدل قضية اجتماعية لا يختلف عليها فلسطينيان ينتميان لهذا الوطن، إن إضراب المعلمين والمعلمات في هذه المرحلة ليمثل نقطة الفصل بين الحق والباطل، بين الخنوع والتمرد، بين الاستكانة وبين الثورة، وهناك مؤشرات على أن ثورة الجوع أقوى وأصلب من كل الثورات، فلا أوحش من إحساس المواطن بالغبن والظلم.
فهل تقف الضفة الغربية على أعتاب التمرد الشعبي على القيادة التي تحشد الأخطاء والمصائب حشداً في طريق الناس؟
4- استقواء السلطة الفلسطينية بالأمن الإسرائيلي، واعتراف الحاكم الإسرائيلي الفعلي في الضفة الغربية الجنوارل يوآف مردخاي بأن التنسيق الأمني يخدم السلطة أكثر مما يخدم إسرائيل، ويوصي بالدعم المالي وتحسين الوضع الاقتصادي للناس؛ كي تواصل السلطة سيطرتها على المناطق، ووفق هذا التصريح، لم يتأخر وزير المالية الإسرائيلي في الإفراج عن نصف مليون شيكل لمساعدة السلطة الفلسطينية في تثبيت أركانها.
فهل سينقلب السحر على الساحر؟ هل سيتوجه شباب الضفة الغربية إلى المقرات الأمنية لاقتلاع الشوك الذي يقف في طريق تحريرهم لأرضهم؟ هل سيتكرر ما حدث في أكثر من مدينة وقرية ومخيم في الضفة الغربية، حين انقض المواطنون على مقرات الأمن، ولاسيما أن المظاهرات التي تحركت في جنين قبل يومين، كانت تهتف ضد محمود عباس وقادة الأجهزة الأمنية، وتتهم الجميع بالخيانة، وتطالب بوقوفهم أمام القضاء الثوري كي يقول كلمته بحقهم؟
5- وسط تلك اللوحة القاتمة التي تعيشها الضفة الغربية جاء النصر الذي حققه الصحفي المعتقل محمد القيق ليقول للناس في الضفة الغربية، أيها الناس، للحرية الحمراء باب، بكل يد مضرجة يدق.

د. فايز أبو شمالة