لقد لجأت اسرائيل ومنذ بداية الاحتلال وبشكل دائم لسياسة الاعتقال الإداري للزج بأكبر عدد ممكن من الشباب الفلسطيني بداخل السجون دون تهم او محاكمات مخالفة بذلك كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، مكتفية بإبلاغ الاسير بقرار اعتقاله إداريا وبقرار من قائد المنطقة العسكري التي يسكن فيها الاسير وغالبا ما تكون مدة الاعتقال ستة أشهر قابلة للتجديد، وفي أغلب الأحيان يتم تجديد الاعتقال الإداري للاسير لعدة مرات بعد عرضه أمام محكمة عسكرية صورية يوافق فيها القاضي على قرار الاعتقال او التجديد بناء على ملف يحتوي على مواد استخبارية سرية يحظر الكشف عنها كما يزعمون ولكنها تبرر الاعتقال وتقنع القاضي من وجهة نظرهم أمام كل هذا التعسف الاسرائيلي والاستهتار بحياة البشر لجأ المعتقلون الإداريون للنضال رفضا لهذه السياسة من خلال قيامهم بعدة خطوات تمثلت برفضهم المثول أمام هذه المحاكم الصورية وصولا للاضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضه كل الأسرى الإداريون في نفس الوقت سنة 2014 والذي استمر لأكثر من شهرين والذي انتهى للأسف بدون أن يضع حدا نهائيا لسياسة الاعتقال الإداري... ولم يتوقف النضال ضد هذه السياسة عند هذا الحد فباستمرار هناك إضرابات فردية يقوم بها معتقلون ضد تلك السياسة، فقد بدأ بعض الأسرى فعلا باضراباتهم الفردية والتي استمرت لفترات طويلة فكان المعتقل خضر عدنان اول من بدأ بها فاستمر إضرابه لأكثر من شهرين حيث وصلت حياته لحافة الخطر لكنه تمكن من الانتصار وتم إطلاق سراحه، الأمر الذي حذا بالكثير من الأسرى لاتباع نفس النهج فلحق به العديد منهم وصولا للأخ محمد القيق الذي تجاوز إضرابه الثلاثة شهور مما يعرض حالته الصحية للخطر وبحسب الكثير من المؤسسات ذات الصلة فإن حياته أصبحت في خطر حقيقي. بالرغم من أن الاضرابات الفردية حققت نتائج آنية انتهت بتحرير الاسير المضرب إلا أن سياسة الاعتقال الإداري ما زالت مستمرة وتزيد شراسة وغالبا ما تعاود إسرائيل اعتقال الأسير الذي خاض تلك المعركة بعد تحرره وتزج به مرة آخرة داخل المعتقل.. وهذا لانه غالبا ما يتم إدارة هذه الخطوات من قبل المحاميين والمؤسسات ذات الصلة على اساس أن هذه الاضرابات تعالج قضية المعتقل المضرب وحده وليس سياسة الاعتقال الإداري بشكل عام، لا يمكن أن نتوقع من المعتقلين الإداريين فعل أكثر مما فعلوه فهم يناضلون بأرواحهم ويصلون بأغلب الأحيان لحافة الموت رفضا لتلك السياسة فهل هذا يكفي؟؟؟؟. محمد القيق مضرب عن الطعام منذ اكثر من ثلاثة أشهر وهو يدنو قريبا من الموت كل يوم أكثر وأكثر ولا زلنا نتعامل مع خطواته تلك على اساس أنها خطوة فردية تعالج ملفه وحده وليس ملف الاعتقال الإداري بشكل عام ومع ذلك ماذا فعلنا لأجل القيق؟؟؟. إن النضال ضد سياسة الاعتقال الإداري بحاجة منا للكثير وعلى كل المستويات الرسمية والشعبية مع التركيز على ما يلي : 1-لقد سمعنا كثيرا حول نية القيادة الفلسطينية للتوجه للمؤسسات الدولية وخاصة ما يسمى بمحكمة الجنايات الدولية، إن ما ترتكبه إسرائيل بحق الأسرى داخل السجون بشكل عام واصرارها على الاستمرار في سياسة الاعتقال الإداري يصل حدود جرائم الحرب، لذا يجب الإسراع في التوجه لكل الجهات الدولية ذات العلاقة بمحاكمة إسرائيل وفضح ممارساتها. 2-ضرورة استمرار وزارة شؤون الاسرى والتي تم تحويلها لهيئة لأسباب سياسية في جهدها لأجل تدوين قضية الأسرى والعمل على عقد مؤتمرات دولية وعلى كل المستويات لأجل النضال ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى واستمرار سياسة الاعتقال الإداري 3-يجب تصعيد ورفع مستوى التضامن الشعبي مع الأسرى المضربين عن الطعام من خلال أكبر مشاركة شعبية في المظاهرات. 4-يجب أن تكون قضية الاسرى حاضرة في كل وسائل الإعلام لأجل إبرازها بشكل أكبر وزيادة الوعي الشعبي بقضية الاسرى ودعم التضامن الجماهيري معهم. 5-العمل على رفع مستوى التثقيف الوطني خاصة لقضية الأسرى والتي تظهر التجارب أن حجم التضامن مع هذه القضية الوطنية الكبيرة لا يليق ابدا بحجمها حاليا وهذه تعتبر من مسؤوليات مؤسسات المجتمع الرسمية والشعبية. كل هذه القضايا بحاجة لقرار وطني من قبل قيادات الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية تعتبر فيه قضية الاسرى قضية كل الشعب وأن العمل لأجلها بحاجة لكل جهد رسمي وشعبي وعلى كل المستويات. لا يعقل أن ننتظر حتى يستشهد القيق حتى نتحرك فالمراقب بحجم التضامن الشعبي والرسمي مع هذه القضية الوطنية العادلة لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع حجمها الطبيعي، فمن المنطقي والطبيعي أن لا يترك الشعب أبنائه المناضلين رهائن لدى الاحتلال ينكل بهم ويستهتر بحياتهم لهذا الحد، إن استمرار هذه السياسة سيؤدي لمزيد من النضال وفي حال تم استشهاد أحد المعتقلين المضربين عن الطعام فإن المسؤولية ستقع بالدرجة الأولى على الاحتلال وعلى كل من لم يقوم بما هو مطلوب لأجل تفعيل هذه القضية ورفع مستوى التضامن الشعبي والرسمي مع هؤلاء المناضلين الذين يصلون كل لحظة لحافة الموت.
بقلم الأسير أمجد أبو لطيفه