مستشفى الامل

بقلم: أسامه الفرا

اشبه ما يكون بنحلة يتنقل بين الأفكار ينتقي منها ما يشبع طموحه الذي لا حدود له، لم يهدأ البتة منذ ان وضع اللبنة الأولى لصرح جمعية الهلال الأحمر في خان يونس، كانت الأفكار تنمو لديه بشكل سريع ويجيد تحويلها إلى واقع، لم ينكفيء على ذاته تحت حجة غياب الامكانيات كما يفعل الكثير، دوماً ما كان التحدي رفيقاً له، يطرق به ابواباً لم يفكر أحد في الاقتراب منها، أفسح الكثير من جهدة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، كان همه لا يتوقف عند دمجهم في الحياة المجتمعية بقدر ما كان يسعى لجعلهم طاقة انتاجية، استطاع خلال فترة زمنية قصيرة أن يحول المنشأة إلى خلية نحل تعج بالعمل والنشاط، رحل د. فتحي عرفات بعد أن شيد عالمه المصغر المتعدد الأغراض، بعد رحيله تراجعت أهمية المكان، لم يعد بذات النشاط الذي كان عليه في السابق، وتراجعت معه الخدمات الطبية التي تقدمها مستشفى الأمل التابعة للجمعية.

بعد المشاركة في ندوة تتعلق بالتشخيص المبكر لسرطان الثدي عقدت في قاعة مستشفى الأمل، إصطحبنا الصديق د. وائل مكي "مدير المستشفى" إلى جولة تفقدية في أقسامها، حقق قسم التأهيل الطبي الذي افتتح منتصف عام 2013 نجاحاً ملحوظاً، سيما وأن القسم يوفر للمريض العلاج الوظيفي والطبيعي والنفسي، كثيرة هي الحالات التي وصلت القسم في وضع صحي سيىء لم تلبث أن غادرته بوضع أفضل بكثير مما كانت عليه، ما يلفت الانتباه العلاقة المميزة بين المرضى والطواقم الطبية العاملة بالقسم، العمل بهذه الروح الجماعية في قسم التأهيل الطبي جعل منه الأهم في قطاع غزة وبات ملاذاً للحالات المرضية المعقدة التي تحتاج هذا النوع من العلاج، أهمية القسم تأتي من حجم المرضى في قطاع غزة الذين هم بحاجة إلى تأهيل طبي، سيما وأن الحروب المتواصلة على غزة خلفت كل منها قائمة طويلة ممن هم بحاجة إلى رعاية طبية خاصة، ونجاح القسم تترجمه الحالات المرضية التي تحسن وضعها الصحي بشكل لافت بعد جلسات علاجية راعت الحاجة العلاجية والنفسية للمريض.

لم يكن قسم التأهيل الطبي هو الوحيد الذي طاله التطوير، بل أن قسم النساء والتوليد الذي تم افتتاحه مؤخراً تم تطويره بشكل مميز، يحمل في مرافقه طابع الخدمة الفندقية، على أمل أن يحقق من التميز في العمل ما حققه قسم التأهيل الطبي.

لا شك أن هذا التطوير في مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يسجل ضمن الانجازات التي يحق للجمعية الفخر بها، ويحثها على استكمال تطوير باقي أقسام المستشفى التي تمتلك إدارة المستشفى رؤية واضحة لها، لكن بالمقابل يطرح تساؤلا كبيراً حول مستشفى فلسطين بالعاصمة المصرية "القاهرة"، والذي هو الآخر يتبع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث غاب التطوير عن المستشفى منذ سنوات عدة، ولم تعد الخدمات الطبية التي تقدمها بذات القيمة التي كانت عليها في السابق، وهي بحاجة لأن تولى جمعية الهلال الأحمر الأهمية المطلوبة لتطويرها، وكي تحقق ذلك هي بحاجة اولاً لإعادة صياغة الاشراف عليها من خلال تعزيز الجانب اللامركزي والتوقف عن سياسة الادارة عن بعد، وأن تستعيد الجمعية دورها المسؤول عنها من خلال إعادة تشكيل مجلس أمناء من الكفاءات المقيمة في مصر، على قاعدة أهل مكة أدرى بشعابها، وهم الأقدر على تطويرها بالشكل الذي يليق بتاريخها ومكانتها.

بقلم/ د. اسامه الفرا