لو اطلعنا على الخارطة السياسية لكافة الدول .....الديموقراطية والدكتاتورية ....التي تأخذ بالنظام الحر أو النظام الاشتراكي .....ما بين دول غنية ....وفقيرة ....ونامية ....لن نجد على وقع هذه الخارطة العالمية حالة مشابهه ...لحالتنا الفلسطينية ....التي نعيشها بخصوصية نادرة ....وبميزات خاصة....ليس ايجابا وتفاخرا .....ولكن سلبا وامعانا مستمرا ...في ارتكاب الاخطاء ...وابراز المغالطات ... واحداث التفسيرات ... والتحليلات ...وفق مفاهيم وأراء ذات منطلقات أحادية ...لدي البعض منا ...وذات نظرة تشاؤميه لدي البعض الاخر ...وربما بنظرة تفاؤل عند القلة القليلة... ممن لا زالوا على توازنهم واعتدالهم ...وشمولية رؤيتهم ...وعدم انحيازهم للهوي والاهواء.... تحت مبررات ومزاعم... وخفايا بالنفس ...طال أمدها ...وتطاول السنة أصحابها ...ولا زالوا على غيهم وتجاوزاتهم ...دون قانون يحاسب من يخطئ ...ولا حتي وجود قانون يكافئ من ينجز .
حالة فلسطينية فريدة.... تشعرنا بالغضب والحسرة والالم ...على ما وصلنا اليه ...بكل ما نسمع ونشاهد ...وما يحدث على أرضنا ...وحتي على أرض غيرنا ...كله بمجموعه ...يكثر الحديث حول السلطة الوطنية ما بين تمني البعض بانهيارها ...وما بين اضعافها ...وخلخله أوضاعها ...وغياب استقرارها ...وحتي عجزها ..وعدم مقدرتها على تلبية متطلبات شعبها ...ومحاولة خلق الازمات بداخلها...والتشويش عليها ...ووضع العراقيل امامها ...لإثبات عدم مقدرتها ...على ايجاد الحلول ...للأزمات والمعضلات القائمة بداخلها ...حتي وصل الامر لدي البعض بالتمني بزوالها ...أو على الاقل تطويعها واحتوائها ...ولا مانع غياب رأس هرمها .
كل هذا يتم في ظل تصريحات اسرائيلية تبدي الندم والحسرة على قيام السلطة الوطنية ...باعتبارها قاعدة انطلاق للقضية الوطنية الفلسطينية ...وللعمل السياسي والدبلوماسي ..وساحة مفتوحة للمواجهة الشعبية ...وايصال رسالة الفلسطينيين لعدوهم المحتل ...وقطعان مستوطنيه ...أن الارض الفلسطينية ... لا يمكن أن تكون الا للفلسطينيين ...وأن صاحب القرار والفصل ...هي القيادة الفلسطينية ومن خلال السلطة الوطنية ...ومرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ...الارض الفلسطينية التي تجمع عليها الغالبية العظمي من القيادات والفصائل ...وعشرات الالاف من المناضلين من أبناء الثورة الفلسطينية وكوادرها التنظيمية والسياسية والاعلامية ...أرض فلسطينية يتواجد عليها ...وعبر أثيرها تنطلق الكلمة والصورة ويسمع الصوت الفلسطيني عبر قارات الدنيا ...وليشاهد العالم بأسره شعب فلسطين ...وهو يقاوم بالحجر ...وبمقاومته السلمية ...ارهاب الدولة المنظم ...الذي تمارسه دولة الاحتلال ...من الارض الفلسطينية ...تنطلق العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية...لتتعدي الحدود ولتصل الي كافة عواصم الدنيا ومؤسساتها الدولية .
سلطة وطنية فتحت لها الابواب ...واصبحت حاضرة وفاعلة ...في كافة الدول والمؤسسات العربية والاقليمية والدولية ...وكأن اسرائيل ولقد أصابها الندم ...وشعرت بالخطأ ...وكأن قيام السلطة الوطنية غلطة اسرائيلية لا تغتفر ...ولا يمكن الابقاء عليها .
عدونا المحتل والمجرم يبدي الندم على قيام السلطة الوطنية ...وللأسف الشديد البعض منا لا يجد في السلطة الوطنية أدني فائدة تذكر ...بل يعتبر وجودها غلطة سياسية ...وخطأ استراتيجي ...وأنها مرتع للفساد والافساد ...وكل ما فيها ما بين فاسد وخائن ...وأقلهم متأمر ...صفات وسمات.... لا تقال ولا يجوز قولها.... لعشرات الالاف من المناضلين ...الذين قضوا سنوات عمرهم في السجون ...وفي ساحات القتال والمواجهة ... وهم المرابطين والصامدين ..المعتزين بكرامتهم ووطنيتهم ...والحريصين على قضيتهم وأبناء شعبهم بالأفعال والاقوال .
ما يطلق على السلطة الوطنية ...من مفردات مخزية ...وكلمات خارجة عن المألوف... فيها ظلم كبير ...بل تتعدي الظلم الي حد التجني ...وعدم المصداقية ...وتشكل حالة من الانفصام السياسي والاعلامي والثقافي ...ولا علاقة لها بالواقع ... ولكنها تأتي في اطار التمنيات... والاوهام والمنافسة ...والصراع ...ومحاولة خداع الرأي العام الذي يدرك أن السلطة الوطنية الفلسطينية برغم كل ما يمكن ان يقال عنها ....حول اخطاء هنا أو هناك ...أو فساد هنا أو هناك ...الا أنها أكبر من الاخطاء ...وأكبر من المفسدين ...لأنها سلطة الشعب الفلسطيني ....سلطة القرار الوطني الفلسطيني المستقل ...سلطة الاجماع الوطني الفلسطيني ...السلطة التي يجتمع فيها وعليها كافة الفلسطينيين ...وبغض النظر عن موقفهم السياسي وانتماءاتهم السياسية ...ومنطلقاتهم الايدلوجية ... لأنهم بالحقيقة والواقع ...أصحاب مصلحة وطنية ...وسياسية ..في بقاء السلطة الوطنية .
السلطة الوطنية الفلسطينية لا زالت تشكل الناظم ...المنظم والجامع للفلسطينيين داخل الاراضي الفلسطينية ...ومرجعيتها الشرعية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ...والتي جاءت وليدة أحد قرارات المجلس المركزي الذي أعطي الحق للقيادة الفلسطينية بإقامة سلطة وطنية على أي جزء يتم تحريره في اجتماع المجلس الوطني بالعام 74 ...كما جاءت بقرار تأكيد من المجلس المركزي ما بعد اتفاقية أوسلو 93.
السلطة الوطنية الفلسطينية لم تأتي لنا بالحلم ...ولم تهبط علينا من السماء ...ولم يتم استيرادها من الخارج ...بل جاءت بفعل نضال طويل ...ومسيرة كفاح ...تكلفنا فيها الكثير من قوافل الشهداء والجرحى والاسري ....وهي بمجموعها تعبير صادق عن ارادة الثورة الفلسطينية ...وكوادرها ...ومناضليها ...وهي السلطة التي استوعبت عشرات الالاف من ابناء شعبنا من المناضلين والاسري والجرحى... وابناء الشهداء ...كما واستوعبت في صفوفها الالاف من ابناء شعبنا من خريجي الجامعات... وأصحاب المهن والخبرات .
نحن لا نتحدث عن سلطة وطنية فلسطينية... مصنعة بفعل ايادي خارجية...ولا عن سلطة فاقدة للشرعية الوطنية التاريخية والديموقراطية ...بل نحن نتحدث عن سلطة وطنية فلسطينية تمثل كافة الشرعيات وتعبر عن كافة الارادات والطموحات ...وهي نتاج نضال قرن من الزمن ...على طريق بناء دولة فلسطين وتحرير كافة الاراضي ...وازالة كافة المستوطنات والمستوطنين .
استمرار الاحتلال الاسرائيلي وعبر احزابه اليمينية المتطرفة ...وحكومته العنصرية برئاسة نتنياهو ...والتصريحات المتلاحقة الذين يهاجمون فيها الرئيس محمود عباس والسلطة الوطنية والفصائل الفلسطينية ...والتي يحاولون من خلال تصريحاتهم ابراز تمنياتهم وأحلامهم وأوهامهم ..أن السلطة الوطنية ستسقط ...وستنهار ..وأن بأيديهم يمكن أن يفعلوا ما يريدون...كما تستمر تصريحاتهم وأحاديثهم ....حول السلطة ما بعد الرئيس محمود عباس ...ويتحدثون عن اسماء ...وكما ويتحدثون عن سيناريوهات ...كل هذا في اطار هذيانهم ....ومحاولة خداعهم ..وعدم التصديق... أن فلسطين والفلسطينيين وبكافة مؤسساتهم وفصائلهم وديموقراطيتهم التي وصلوا اليها ...وقوانينهم وأنظمتهم التي تحكم تصرفاتهم وقراراتهم ...لن يخرجوا عن الاطار المألوف ...ولن يسيروا الا على الطريق التي بدأها الرئيس الخالد ياسر عرفات ...واستمر عليها الرئيس محمود عباس ...وأن الشعب الفلسطيني يمتلك من الوعي والادراك والقدرة على الفصل والحسم ...وتأكيد قرارته في الوقت التي يشاء ...وأن الصوت الفلسطيني ..صوت الناخب الفلسطيني ...هو المقرر الاول والاخير ...لمن يتولى قيادته ...ويترأس رأس هرمه ...شأنه شأن كافة الشعوب ...وهو ما زال على قراره وخياراته الوطنية ...وتأكيداته أن الرئيس محمود عباس هو الرئيس لكافة الفلسطينيين ...وبكافة أماكن تواجدهم
السلطة الوطنية الفلسطينية كانت البداية ...على طريق بناء مؤسسات الدولة ...وتجسيد أركانها ما بعد اتمام الانسحاب الكامل عن أرضنا ...وازالة المستوطنات ...والمستوطنين ..وحتي ينعم شعبنا بحريته وسيادته الكاملة ...على أرضه ..وعاصمته القدس ..وحتي يتحقق هذا الحلم الوطني ...نحتاج حقيقة ....الي وقفة صادقة مع أنفسنا .... نحتاج الي وقفة حاسمة لا نخرج فيها عن طريقنا ...وعن عهدنا ..وعن ثوابتنا ...أن نسلك الطريق ..وأن نبني ..وأن لا نشارك في تحقيق الحلم ..وتجسيد أركان الدولة ..تحت مبررات ومزاعم ...وتحت أوهام المنافسة والصراع على السلطة .
فالأرض تنهب ...والشعب يعاني ...والمستوطنات تزداد ...والمستوطنين يزدادون ...وممارسات الاحتلال وجرائمه تتصاعد ...فليس أمامنا الا أن نتوحد ...وان تكون ارادتنا واحدة ...وفكرنا السياسي واحد ...وأهدافنا محددة وثابته ..وان لا نجعل من مصالحنا الضيقة ...وأجنداتنا الخاصة ...سببا يمكن أن يؤدي بنا ...الي حافة الهاوية ( لا سمح الله ) .
بقلم/ وفيق زنداح