إذا كان غياب المجلس الوطني الفلسطيني عن مجريات الأحداث السياسية والحياتية في الساحة الفلسطينية لمدة عشرين عاماً جريمة، فإن غياب المجلس المركزي عن مجريات الحدث لمدة سنة واحدة لهو فاحشة سياسية، وجريمة تنظيمية، ولاسيما أن المجلس المركزي قد عقد دورته العادية السابعة والعشرين قبل عام بالتمام والكمال بتاريخ 4/3/2015 وفي مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وقرر ما يلي:
البند الثاني عشر: قرر المجلس المركزي انتظام دورة اجتماعاته مرة كل ثلاثة اشهر، وتتابع اللجنة التنفيذية تنفيذ هذه القرارات وتقدم تقريرها للاجتماع القادم للمجلس المركزي.
فما هي القرارات التي توجب تنفيذها في غضون ثلاثة أشهر؟
1- تحميل سلطة الاحتلال (إسرائيل) مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي.
2. وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
اليوم يصادق ذكرى مرور عام على قرارات المجلس المركزي، ولم يطبق منها شيئاً، فلماذا؟ وأين الخلل؟ لماذا لم يدع المجلس المركزي للاجتماع بعد ثلاثة أشهر، وفق القرار، وبتاريخ شهر 6/2015، ومن الذي يجب أن يدعو المجلس المركزي للاجتماع، ولماذا التسويف؟ وهل لا يوجد بين أعضاء المجلس المركزي من يذكر بالقرار؟ ألا يوجد بين أعضاء المجلس المركزي أغلبية تدعو لعقد جلسة؟ لماذا تقبلون على أنفسكم الغياب؟
لقد عقدت اللجنة التنفيذية عشرات الاجتماعات من ذلك اليوم الذي اتخذ فيه المجلس المركزي قراره بتاريخ 4/3/2015 وحتى اليوم، فما الذي أنجزته على هذا الصعيد؟ وإذا كانت اللجنة التنفيذية قد عجزت عن تطبيق قرار المجلس المركزي، فلماذا لا تعيد الأمانة لأصحابها؟ ولاسيما أن اللجنة التنفيذية قد اتخذت جملة من القرارات الفجة في هذا المجال، وأذكر منها:
قرار بتاريخ 4/11/2015 حيث اعتمدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، توصيات اللجنة السياسية المتعلقة بتحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، التي أكدت عدم إمكانية استمرار الأوضاع على ما هي عليه.
طالما قد اعتمدتم توصيات اللجنة السياسية، فما الداعي للقرار الصادر عن اجتماعاتكم بتاريخ 19/11/2015 والذي يقول:
استنادا إلى قرار المجلس المركزي الفلسطيني، فقد قررت اللجنة التنفيذية تكليف اللجنة السياسية ومعهم قادة الأجهزة الأمنية والجهات المعنية بوضع خطة مفصلة لتطبيق وقف التنسيق الأمني مع مؤسسات الاحتلال.
إن تلك القرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية، والتي فقد معانيها، قد أفقدت شعبنا الفلسطيني الثقة باللجنة التنفيذية، وبقدراتها، وبقراراتها، واجتماعاتها الوهمية، ولاسيما قرارها الأخير الذي اتخذته يوم أمس، وفي ذكرى مرور عام على قرار المجلس المركزي، حيث ناقشت اللجنة التنفيذية بتاريخ 3/3/2016 خطوات وآليات تنفيذ قرار المجلس المركزي الفلسطيني الخاص بتحديد العلاقة مع سلطة الاحتلال.
فكيف تناقشون يا أعضاء اللجنة التنفيذية قرارا تم اتخاذه قبل عام من هذا التاريخ؟ هل كنتم في غفلة من الشأن الفلسطيني؟ هل كنتم في سبات عميق على مدار عام؟
وكيف تناقشون خطوات تنفيذ قرار المجلس المركزي، وأنتم تعرفون أن وفداً أمنياً فلسطينياً قد توجه إلى القدس بتاريخ 23/2/2916 بهدف إبلاغ الإسرائيليين بقرار وقف التنسيق الأمني؟
لم يبق للشعب الفلسطيني إلا أعضاء المجلس المركزي، يتداركون الموقف بجلسة عاجلة، ويتخذون قرارات مصيرية، تتعلق بآلية عمل اللجنة التنفيذية نفسها، وتحديد صلاحيات ومسئوليات قيادة السلطة الفلسطينية، ودون ذلك، فالقرار الفلسطيني يتخبط، والسياسة تائه بين اجتماع لإدانة العدوان، واجتماع لشجب الاستيطان، والمصيبة زاحفةٌ، والانكسار عميقٌ.
د. فايز ابو شمالة