كلنا شاهدنا مشهد ضرب توفيق عكاشه من قبل النواب بالحذاء وسحب عضويته من مجلس النواب المصري لاستقباله السفير الاسرائيلي الذي اثبتت ان نظريه التطبيع مع اسرائيل نظريه وهميه لا وجود لها في الدول العربية. الشعب العربي واعي لمخاطر الصهيونية ويدرك ان صراعنا مع اسرائيل ليس صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لكنه صراع ديني ازلي بين اليهود والمسلمين تجلى في القرءان الكريم الذي سرد تاريخهم بالتفصيل ونعتهم بكافة الاوصاف السيئة ابتداء من القردة والخنازير وقتله الانبياء ونقضة العهود. بل السرد التاريخي لليهود في القرءان الكريم كان من الأدلة الدامغة على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان اليهود يعرفون ذلك وبشروا العرب كثيرا بظهور نبي منهم، لكنهم كانوا اول من كذب به وحرضوا الكفار عليه و نقضوا العهود مع المسلمين وقاتلوه. وعندما اشتدت شوكة المسلمين وانتصروا على الكفار، اضطر الرسول لقتالهم وطردهم من المدينة لمشاركتهم الكفار في قتاله ونقضهم العهود مع المسلمين. المسلمون العرب يدرسون هذا التاريخ جيدا وتذكرهم كل ايه بأخطار اليهوديه، وزاد عليها انهم يرون بأم اعينهم الماسي التي حلت بالفلسطينيين بسبب الاحتلال الاسرائيلي. هم يرون كيف اصبح الشعب الفلسطيني لاجئا مشردا بعد ان سلب اليهود اراضيه وتشريده في بقاع الارض فاصبح بلا ارض او عمل او هويه او جواز سفر او جهة تتكفل به خاصه في الدول التي لا تعمل بها الاونروا وحرم من العودة لبلاده، وبات عليه ان يبحث على فرصه عمل تعيله معه عائلته. هم يرون كيف تقتل اليهود وتدمر ويستشهد الالاف من الشعب الفلسطيني في مجازرهم و حروبهم ضد الفلسطينيين، وابرزها حروب غزه التي استشهد بها ما يقارب 6000 شهيد ومجزرة دير ياسين ومجزره صبرا وشاتيلا. هم يرون كبف تعتقل اليهود الالاف من الفلسطيني مدى الحياه على مجرد راي او تذمر. هم يرون كيف تقيم اليهود الحواجز وتتحكم في المعابر وقد قسمت فلسطين وسكانها الى ثلاث اجزاء بات كل منهم يرى الاخر كأنه في كوكب اخر، وتفرق بينهم في اليه التعذيب والقمع والحصار حسب خططها وهواجسها الأمنية. اذن العرب من المحال ان يقبلوا التطبيع ولو قامت انظمتهم بعمل مليون اتفاقيه سلام مع اسرائيل والتزمت بها اسرائيل، فالعربي يرى العدوان الاسرائيلي في مطلق حياته.
سأستعرض هنا صوره تطبيع الدول العربية مع اسرائيل كما اراها:
1. تطبيع مصر مع اسرائيل: مجرد ابرام اتفاقيه كامب ديفيد بين مصر واسرائيل، قامت جميع الدول العربية بمقاطعه مصر وطردها من جامعه الدول العربية وظلت القطيعة مع مصر لسنوات مما يبرز رفض الدول العربية للتطبيع من حيث المبدأ. اتفاقيه السلام كانت نظريا وهميه لا معنى لها لان الشعب المصري لم يتعاطى معها، فقد حفر في ذهنه المجازر الإسرائيلية بفلسطين وتهجيره لاهلها ونكبه ال 1967 التي ادت لاستشهاد الالاف من المصريين. بعد اتفاقيه السلام اخذت الحكومة المصرية تتعاطى مع الفلسطيني بدونيه كأنه عبأ ثقيل ولا يستحق الحياه. قامت مصر بإعطاء اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزه وثيقه مصريه للاجئين الفلسطينيين لا قيمه لها ولا تمكنهم من العودة لمصر بمجرد خروجه منها. واليوم نرى كيف انها اغلقت معبر رفح بدون انسانيه في وجه الفلسطينيين بحجة سيطرة حماس على القطاع عام 2007 في حين انها تفتح معابرها مع اسرائيل على مدار الساعة وكل ذلك تحت مسمى الامن المصري وعدم وجود السلطة الشرعية على المعبر، فهل اسرائيل سلطة شرعيه ؟؟ لكن في ظل اذلال الحكومة المصرية للفلسطينيين بقى الشعب المصري اينما كان ووجد حليفا وصديقا للشعب الفلسطيني ومن اكثر من يعينه في غربتة وكأن المصري يريد الاعتذار عن تصرفات حكومته حياله. والمتابع لبرنامج الفنان احمد فؤاد "فؤش في المعسكر"، يرى كيف ان جميع الفنانين بما في ذلك راقصات رفضوا التعامل مع اليهود والاذعان لهم ولم يخشوا ابداء كراهيتهم واحتقارهم لهم بينما حياتهم كانت مهدده بالخطر وهم بين اسلحتهم يسوقونهم للإعدام حتى ان العالم ذهل واعتقد انها مشاهد مفبركة. واليوم يثبت مشهد ضرب توفيق عكاشه بالجزمة في مجلس النواب وسحب عضويته منه ان التطبيع مع اسرائيل امر مرفوض من مجلس النواب المصري الممثل للشعب المصري. ولم نسمع حتى عن أي زياره لمصري لإسرائيل او للعمل بها بموجب هذا التطبيع . اتاح هذا التطبيع فقط للإسرائيليين السياحة بخفاء في مصر وعقد بعض الاتفاقيات الاقتصادية.
2. تطبيع الاردن مع اسرائيل: الاردن لم تطبع مع اسرائيل الا بعد اتفاقيه اوسلو بموافقه المنظمة، وان كان التطبيع يحمل طابع وهمي لا معنى له، لان 60 % من ابناء الاردن من الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948 وقامت الاردن بتوطينهم ولم توافق اسرائيل على اصدار هويا لهم وعودتهم لليوم. ومن ثم لم يتعاطى اهل الاردن مع هذا التطبيع ولم نسمع قط حتى عن أي زيارات لأردنيين لإسرائيل بموجب هذا التطبيع او محاولة العمل بها. اتاح هذا التطبيع فقط للإسرائيليين السياحة في الاردن وبخفيه وعقد بعض الاتفاقيات الاقتصادية. ايضا المخابرات الأردنية تعمل بقوه للتحقق من عدم تعامل الشعب الاردني مع اسرائيل فيما يخل بالأمن القومي الاردني.
3. تطبيع قطر مع اسرائيل: تطبيع قطر مع اسرائيل غير معلن عنه صراحه ويكتنفه الغموض. لكن نرى ان قطر تضطر ان تتعامل مع اسرائيل والتحاور معها من منطلق انساني لتسهيل اقامه مشاريع في عزه والضفة وادخال مواد اعادة الاعمار والمساعدات لغزه المحاصره.
4. تطبيع باقي دول الخليج مع اسرائيل: من الواضح ان باقي دول الخليج خاصه السعودية والدول الحليفة لها كالكويت والامارات والبحرين وعمان اخذت قرارا حاسما على عدم التطبيع مع اسرائيل من منطلق عقائدي وقومي. لذا نجد رفض أي وفد من الخليج الدخول ارض فلسطين من خلال أي نقطه تتحكم بها اسرائيل. ومباراة السعودية وفلسطين اثبتت ذلك بصوره واضحه. بل اذكر مره انه كان لي طرد DHL على عنوان سابق لي خلال اقامتي في دوله خليجيه، وطلبت منهم ان يرسلوه لي الى غزه فرفضوا مطلقا وقالوا انه لا يمكن ان يرسلوا أي طرد يمر من خلال اسرائيل لان القانون الخليجي لا يسمح واعادوه للمرسل ، هذا مع ان شركة ال DHL امريكيه. وحتى البريد العادي من دول الخليج لقطاع غزه والضفة لا يمر الا عبر مصر والاردن. وقس على ذلك الاتصالات والامور الاخرى.
5. تطبيع سوريا وحزب الله مع اسرائيل: في احدى المرات اذكر انني دخلت سوريا في جوله سياحيه من الاردن وحاولت ان اري الشرطي انه لي اقامه في الاردن سجلوها الاردنيون على كرت لجسر الملك حسين مخصص لا هل قطاع غزه الزوار بالأردن، فوجدت الشرطي يوبخني ورفض ادخالي واستغرب الناس ولم افهم السبب. اخذت اجادله انني من غزه ولا يوجد أي ختم يهودي على الكرت بل اعطوني اياه الاردنيون لتجديد اقامتي بالأردن، فقال: "سأعذرك هذه المرة وسأدخلك لكن بناء على اقامتك في احدى دول الخليج بالجواز لكن لا ترينا مطلقا أي كارت لأي جسر مع اليهود او حتى هويتك الصادرة من اسرائيل ولن تدخلي ابدا سوريا لو رأيناهم لديك". هنا عرفت ان النظام السوري العلوي من المحال ان يطبع علاقته مع اليهود ويقدر خطورة هذا النظام الصهيوني، ونفس الشيء ينطبق مع ايران وحزب الله. واعتقد هذه اطهر صوره للتعامل مع الخطر الصهيوني، لماذا نعترف بالهوايا الصادرة من اسرائيل او أي كرت له علاقه بإسرائيل ونصدر جوازات سفر بناء على هوايا اسرائليه بينما يتوجب علينا قطع أي ارتباط باسرائيل.
6. تطبيع ايران مع اسرائيل: يجيد الايرانيون العربية لذا بالإمكان وصفهم انهم شعب عربي. تشترك الدول العربية وايران في امر جوهري هو الكراهية لإسرائيل، لكن ايران تدرك جيدا ان الخطر الاسرائيلي يأتي اساسا من الخطر الامريكي وان امريكا راس الحربة، لذا هي تعلن الحرب على امريكا علانيه ولا تخجل ان تسمي امريكا بالشيطان الاكبر في العالم. اذا الفارق ان ايران ترفض التطبيع مع امريكا بجانب رفضها التطبيع مع اسرائيل. ولذا نرى ان امريكا تحاول ان تغير أي نظام يدرك خطورتها وتواجهها مباشره وهذا ما فعلته مع افغانستان والعراق وليبيا وتحاول عمله مع سوريا، تحت مسمى الحرب على الارهاب او الربيع العربي، لكنها فشلت عمله مع ايران لقوتها واتحادها كدوله شيعيه. وصراحه اعتقد انه يجب ان نحترم المساعدات التي تريد ايران تقديمها لا هالي الشهداء في الانتفاضة، فأموال الزكاة والصدقة في الشريعة الإسلامية لا ينبغي ان تكون حكرا بان تمر عبر جهة معينه طالما ان هذه المساعدات انسانيه لا تضر بالأمن القومي. يحق للمتصدق ان يدعم أي جهة يريد من خلال المؤسسة التي يرى انها ستنقل مساعداته بشفافية، ولا يجب ان نرفض مساعدات اي دوله خشية من دوله اخرى، فالصدقة حق للمسلمين المحتاجين لها لا يجوز لنا منعها . كما ارى ان قطر وتركيا والاونروا تفرض شروطها في اليات صرف معوناتها ومشاريعها لقطاع غزه، فلماذا نقيد ايران اذن ؟؟
سهيله عمر
[email protected]