إضراب المعلمين: وفق التعريف والتفسير القانوني

بقلم: علي ابوحبله

ربما توفر منظومة حقوق الإنسان الدولية ما يمكن أن يشكل أساسا لحسم هذا الجدل الوطني بخصوص إضراب المعلمين وهناك قرار سابق لمحكمة العدل العليا الفلسطينية ألغت فيه إضراب المعلمين 2013 لمخالفته للقانون والإجراءات التي اتبعت ، وبغض النظر عن الاعتبارات السياسية أو ألمصلحيه أو الأخلاقية التي يقدمها هذا الطرف أو ذاك كلا بحسب وجهة نظره ويبقى القانون هو الفيصل في الحكم حول قانونية أو عدم قانونية الإضراب مع أن نص المادة (25 ) من القانون الأساس واضحة لا لبس فيها 1- العمل حق لكل مواطن وهو واجب وشرف وتسعى السلطة الوطنية إلى توفيره لكل قادر عليه ، بند 4 – الحق في الإضراب يمارس في حدود القانون وهنا لا بد وان تستوقفنا كلمة في حدود القانون معناها وتفسيرها وهل الحق للجهات ذات العلاقة الإضراب المفتوح إلى ما شاء الله أم أن هناك حدود حددها القانون للإضراب ووضع ضوابط وقيود وفواصل لهذا الإضراب بكيفية الإعلان عنه ومسبباته وإنهائه والمرجع يعود لمحكمة العدل العليا وهناك سوابق قانونيه في هذا المضمار
لقد تطرق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي نشر في الجريدة الرسمية عام 2006، ومن ثم أصبح جزءا من منظومة القانون الوطنية إلى أن الحق في الإضراب في المادة الثامنة التي تنص على أن” تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي … (د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني”.
ويلاحظ على هذه المادة أنها أقرت الحق في الإضراب، ولكنها تركت للدولة تنظيم ممارسته وإمكانية تقييده وفقا للقانون المحلي، ولكن بالتأكيد أي عملية تقييد لهذا الحق يتوجب أن تراعي ما هو متعارف عليه من شروط وارده في متن العهد، وأهمها: الا يؤدي التقييد إلى إهدار الحق، وان يكون هذا التقييد في ضوء المبادئ المتعارف عليها بين الأمم، وهدفها الوحيد تعزيز الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي. ويلاحظ على صيغة النص الوارد في العهد المذكور أنها صيغة عامة، ولا يستشف منها الحالات التي يجوز فيها تقييد الحق في الإضراب، ولذلك عملت لجنة الحريات النقابية في منظمة العمل الدولية على بناء مجموعة من السوابق المتعلقة بممارسة الحريات النقابية، ومنها الحالات التي يجوز فيها تقييد الحق الإضراب، حيث أقرت إمكانية تقييد هذا الحق في حالتين هما: إضراب الموظفين الحكوميين الذين يمارسون السلطة باسم الدولة (العاملين في القوات المسلحة والشرطة بالإضافة إلى الموظفين العموميين في المستويات الإدارية العليا التي ترسم السياسة والإدارة التوجيهية) كون ممارسة هذه الفئات لحق الإضراب يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأمن العام للمجتمع. علما بان العهد المذكور أشار صراحة في الفقرة الثانية من المادة الثامنة إلى انه “لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم لهذه الحقوق”.
أما الحالة الثانية التي حظرت فيها لجنة الحريات النقابية الإضراب فهي في مجال الخدمات العامة الأساسية فقط، علما بان الممارسات الحكومية في اغلب أقطار العالم تكشف عن الرغبة في اعتبار أي نوع من الأعمال بأنه “خدمات أساسية”..
وعودا على بدء، يكشف الجدل الوطني حول إضراب المعلمين حاجة الدولة والمجتمع معا إلى ضرورة سن تشريع ينظم الحق في الإضراب وكيفية ممارسته في المرافق العامة لموظفي القطاع العام بشكل خاص، وبما يؤدي إلى أعمال فكرة التوازن ما بين مختلف الحقوق الإنسانية الأخرى كحق التقاضي والتعليم والصحة والغذاء، لا سيما وان هناك الكثير من القطاعات التي يشكو فيها العاملين ويبدون تظلمات مختلفة، وقد يستخدمون هذه الأداة كوسيلة ضد الحكومة والمجتمع، وخصوصا أن الإضراب عادة ما يتم اللجوء إليه إثر فشل أو تعثر التفاوض الجماعي كوسيلة ضغط على أصحاب العمل أو الدولة.
لقد سبق وان قررت المحكمة العليا برام الله في 2 ديسمبر 2013 وقف إضراب المعلمين الذي أعلنه الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين. وفيما يلي نص الحكم: قررت محكمة العدل العليا اليوم، إلغاء الإضراب الذي أعلن عنه اتحاد المعلمين الفلسطينيين، حيث جاء في قرار المحكمة أن اتحاد المعلمين أعلن عبر المواقع الإخبارية عن الإضراب المفتوح الشامل الذي يبدأ من يوم السبت، وينتهي يوم الثلاثاء، وأن الاتحاد أعلن عن الإضراب وشرع في تنفيذه دون الالتزام بقواعد الشكل والإجراءات القانونية. وقالت المحكمة في قرارها أن قيام المستدعى ضده (اتحاد المعلمين) بالإضراب دون إتباع نص المادة 67 من قانون العمل يشكل خرقا فاضحا للقانون، ويمس بكرامة المعلمين، ويتسبب بضياع لحقوق الطلاب، وهو إجراء باطل لا يستند إلى أساس قانوني وواجب الإلغاء، حيث أن نص المادة 76 من قانون العمل هو نص آمِر، يتعلق بالإجراءات القانونية وهي من النظام العام. وجاء قرار المحكمة بعد تأجيل الجلسة مرتين لمدة نصف ساعة في كل مرة، من أجل إعطاء فرصة لاتحاد المعلمين لتوكيل محام، حيث ادعى أمين عام الاتحاد، أحمد سحويل أنه لم يستطع توكيل محام لضيق الوقت، وطلب من المحكمة إعطاءه مهلة أكبر لتوكيل محام، فيما اعتبرت النيابة العامة طلب الاتحاد محاولة للمماطلة والتأخير في الدعوى التي حدد لها القانون مدة ثلاثة أيام لإصدار القرار. وسردت المحكمة بنود المادة (67) المتعلقة بأحكام الإضراب والإغلاق بأنه يجب توجيه تنبيه كتابي من قبل الطرف المعني بالإضراب أو الإغلاق إلى الطرف الآخر وإلى الوزارة قبل أسبوعين من اتخاذ الإجراء موضحاً أسباب الإضراب أو الإغلاق، كما يكون التنبيه قبل أربعة أسابيع في المرافق العامة، وجاء في نص المادة أنه في حال الإضراب يكون التنبيه الكتابي موقعاً من 51% من عدد العاملين في المنشأة على الأقل، وفي حال الإغلاق تكون نفس النسبة من مجلس إدارة المنشأة، كما أنه لا يجوز الإضراب أو الإغلاق أثناء إجراءات النظر في النزاع الجماعي، وأخيراً يترتب على عرض نزاع العمل الجماعي على جهة الاختصاص وقف الإضراب أو الإغلاق. وعقدت هيئة المحكمة برئاسة القاضي هشام الحتو، وعضوية القضاة هاني الناطور، وطلعت الطويل، ومثل النيابة العامة، رئيس النيابة وائل لافي، بحضور مساعد النائب العام أحمد براك، وتغيب أمين عام الاتحاد أحمد سحويل عن جلسة قرار المحكمة، فيما حضر الجلستين الأولى والثانية.
هذا القرار لمحكمة العدل العليا يؤكد ان اجراءات الاضراب والاستمرار فيه يخالف القانون ويتسبب بضرر بليع على المصلحه العامه وان الامعان بالاضراب رغم تجاوب الحكومه مع الطلبات امر يتعارض واستمرار الاضراب واصبح من اللازم انهاء الاضراب وفق مقتضيات المصلحه العامه ، مطالب المعلمين كانت تنفيذ اتفاقية 2013 وتحديد سقف زمني للتنفيذ مع بعض الاضافات وقد استجابت الحكومه ، كما تم الاستجابه لمطلب تقديم الاستاذ احمد سحويل لاستقالته من امانة الاتحاد ، لكن يبدوا ان الاضراب اخذ يحمل ابعاد سياسيه ابعد من المطالب ويتطلب شروط تعجيزيه وباستقالة الاستاذ احمد سحويل اصبح هناك فراغ نقابي أي عدم وجود غطاء للاضراب ،
لا احد ينكر المطالب المحقة للمعلمين ونتمنى على المعلمين والحكومة في حال استمر التعنت بالإضراب أن يسلكوا الطرق القانونية والإعلان عن فشل الحوار الذي لم يفضي إلى نتائج ، لأنه في المحصلة لا بد من تغليب المصلحة ألعامه دون الإضرار بمستقبل العملية التربوية والإضرار بمستقبل أبنائنا ألطلبه لاننا بتنا نخشى الدخول في نفق مظلم يقودنا إلى ما لا تحمد عقباه لننزلق في مزالق خطرة تهدد وحدة بنيانا الاجتماعي بحيث يبقى السؤال ما هي أهداف الإضراب ورفع سقف المطالب في ظل الوضع الدقيق والحساس الذي يواجه فيه الفلسطينيون مخاطر الصراع الاقليمي هذا الصراع الذي يتهدد حقوقنا الوطنيه ،
وأصبح من اللازم الخروج من دائرة الجدل حول قانونية الاضراب من عدمه الى التمسك بالسابقه القانونيه لقرار محكمة العدل العليا والذي الغت فيه اضراب 2013
المحامي علي ابوحبله