أين غزة من إضراب المعلمين والمعلمات؟

بقلم: فايز أبو شمالة

تشكيل اللجان التنسيقية للمعملين والمعلمات هو النصر الأول الذي حققه المضربون عن العمل في الضفة الغربية، فوجود جسم نقابي يمثل المعلمين والمعلمات، وينبض بمشاعرهم هو المقدمة الأولى لتحقيق أهداف الإضراب، وأزعم أن هذا الجسم النقابي القوي الواثق قد أكسب إضراب المعلمين الدعم الجماهيري، الذي سيكسر عنق العناد الحكومي، وهذا الجسم النقابي هو سند المعلمين والمعلمات الذين كسروا  حاجز الخوف والتهديد بقطع الراتب وشديد العواقب.

لقد داس المعلمات والمعلون بإضرابهم المنظم والواعي على كل أشكال التحايل والالتفاف على أهدافهم المعلنة، وأثبتوا أنهم يقاتلون من نقطة الصفر بشكل لا يقل جرأة وقوة عن الشباب المقاوم للمحتلين في غزة والضفة الغربية، ولسان حالهم يقول: لو كان الفقر رجلاً لقتلته، ولكن الفقر قرار سياسي فلسطيني من أعلى المستويات، تعمد أن يفاضل بين الموظفين، وتعمد أن يقسم المجتمع إلى شرائح وظيفية، نجح إضراب المعلمين في رفع الغطاء عنها، وكشف مستورها؛ الذي انتبهت إليه الدولة المانحة، حين دققت في قسيمة رواتب المعلمين، فوجدت أنها تختلف عن فاتورة الراتب التي تقدمها السلطة الفلسطينية إلى المانحين، لذلك طالبت الدول المانحة من الحكومة الفلسطينية بصفة رسمية كشوفات أصلية لمستوى جميع الرواتب والدرجات في الكادر الإداري لأجهزة ووزارات السلطة الفلسطينية.

إن نفي الحكومة الفلسطينية لخبر تشكك الدول المانحة بفاتورة الراتب لا يعني عدم وجود خرق إداري ومالي، وإن ادعاء الحكومة بأن الاتحاد الأوربي يدقق كشوفات الرواتب، والذي يعني تدخل فاضح في الشئون الفلسطينية، هذا الادعاء لا يثبت النزاهة، وإنما يثير مزيد من الشك بأن هنالك سرقة رسمية منظمة لتعب وجهد المعلمين، يصب في جيوب منتفعين آخرين.

إضراب المعلمين والمعلمات سيكشف في الأيام القادمة عن الكثير من الخفايا الاقتصادية والتنظيمية والسياسية والوظيفية، لذلك فالإضراب بحاجة إلى دعم من كافة كوادر وقيادات التنظيمات الوطنية على اختلاف مشاربها، والإضراب بحاجة إلى إسناد من كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك معلمي ومعلمات قطاع غزة، وذلك للأسباب التالية:

1-         التحاق معلمي قطاع غزة في الإضراب الذي يخوضه معلمو الضفة الغربية سيؤكد على وحدة الحال الفلسطيني في غزة والضفة، ويؤكد أن جميع الموظفين في السلك التعليمي هنا وهناك لهم مرجعية وظيفية واحدة، هي حكومة التوافق الفلسطينية.

2-         اشتراك معلمو غزة في الإضراب يشير إلى أن مصير الوطن في غزة معلق بمصيره في الضفة، ويؤكد أن الوحدة الوظيفية هي المنطلق الصحيح للوحدة الوطنية.

3-         التحاق معلمي غزة جميعهم في الإضراب يرفد قادة الإضراب في الضفة بورقة تفاوضية جديدة، تتمثل بالتزام موظفي غزة بمرجعية نقابية جديدة اسمها "حراك المعلمين الموحد".

4-         الشراكة بين معلمي غزة ومعلمات الضفة الغربية في الإضراب سيرسل رسائل تحذيريه للحكومة من تطور الأمور إلى ما لا ترغب فيه، وهذا بدوره قد يسرع في الحل.

5-         لقد أعلن "حراك المعلمين الموحد" عن رفضه كل العروض الالتفافية على خطوتهم، وقرر تمديد الإضراب حتى 10/3/  وهذه فترة زمنية قصيرة وحاسمة، وهي فرصة تاريخية لموظفي غزة لأن يكسروا الحصار الذي يفرضه قرار الحكومة حول شرعيتهم، ففي الوقت الذي سيكون فيه معلمو غزة جزءاً من إنهاء الإضراب، فمعنى ذلك أنهم شركاء في الواجب، وسيكون لهذه الشراكة الميدانية ما بعدها من مردود إيجابي.

6-         لا صحة لما سيقوله البعض: بأن إضراب معلمي غزة سيؤثر سلباً على إضراب معلمي الضفة، وسيلج بقضيتهم الحياتية إلى الانقسام السياسي، وهذا ليس صحيحاً، لان الذي سيشارك في الإضراب هم المعلمون والمعلمات أنفسهم ضمن خطوة مطلبية وتضامنية.

7-         التحاق معلومو ومعلمات غزة بالإضراب ينفي التهمة التي يلصقها البعض بحركة حماس، بأنها تشجع إضراب المعلمين في الضفة وتمنع إضراب المعلمين في غزة.

الزمن الفاصل بين الحق والباطل قصير، والأيام القادمة حاسمة في تاريخ إضراب المعلمين، والتأخر في المشاركة قد يعقبه الندم الشديد، وعض الأصابع.

د. فايز أبو شمالة