تسهيلات

بقلم: أسامه الفرا

بين فترة وأخرى تعلن حكومة الاحتلال عن جملة من التسهيلات ستشرع في تنفيذها للتخفيف عن الفلسطينيين، الفلسطينيون يعرفون جيداً ما الذي تعنيه كلمة تسهيلات في قاموس حكومة الاحتلال، سواء جاءت تلك التسهيلات من باب حسن النوايا كما تحاول دوماً حكومة الاحتلال أن تجمل وجهها العنصري بها، أو من باب منع الانفجار الناجم عن الضغوطات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من جراء تضيق الخناق عليه، من الواضح أن حكومة الاحتلال تحاول أن تعتمد على الفلسفة التي وضع رئيس وزرائها السابق "بيغن" ادبياتها التي كشف عنها في مذكراته، والتي تقوم على مبدأ أن على حكومة الاحتلال أن تعمل على وضع الفلسطينيين على الدرجة الاولى من السلم، كي يفكر الفلسطيني دوماً بأن هناك ما يمكن أن يخسره، لأن اخطر ما يمكن أن يواجهه الاحتلال هو شعور الفلسطيني بأن ليست ثمة ما يخسره.

كلما تحدثت حكومة الاحتلال عن تسهيلات جديدة للفلسطينيين، يدفعنا بيانها إلى أحد المربعين، الأول المتعلق بالبنوك وما تقدمه من تسهيلات لعملائها، فهل نحن مدينون لحكومة الاحتلال مما يدفعها لإعادة جدولة الدين بالطريقة التي تراها؟، والثاني فلسفة السجان التى اعتادت عليها في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين في سجونها، حيث دوماً ما كانت تقابل حراك الأسرى الفلسطينيين للمطالبة ببعض القضايا البسيطة بإعتماد سياسة انتزاع ما لدى الأسرى من أدوات ينظر اليها الاحتلال بمثابة الامتيازات التي يمن بها عليهم، ثم لا تلبث أن تفتح ادارة السجون مع الأسرى ماراثوناً تفاوضياً كي تعيد لهم تدريجياً ما انتزعته منهم، والتي عادة ما تتعلق بحقوق بديهية للاسرى.

في الوقت الذي اتخذ فيه المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال "الكابينيت" سلسلة من الاجراءات العقابية الجديدة بحق الفلسطينيين على اثر العمليات الأخيرة، من بينها استكمال جدرا الفصل العنصري حول القدس، والذي سبق لمحكمة العدل الدولية في لاهاي أن حكمت بعدم قانونيته وطالبت بإزالته، واغلاق المحطات الإذاعية ووسائل الاعلام الفلسطينية بحجة التحريض، حيث سارعت حكومة الاحتلال بإغلاق مكتب فضائية فلسطين اليوم في الضفة الغربية، بجانب تنفيذ عمليات ضد المناطق التي يخرج منها منفذو العمليات وفرض حصار وإغلاق عليها، في مقابل تلك الخطوات التصعيدية من قبل حكومة الاحتلال تناولت وسائل الاعلام تسهيلات ستقدمها حكومة الاحتلال لسكان قطاع غزة، التسهيلات تتعلق بالسماح لعدد محدود اسبوعيا في الصلاة في المسجد الأقصى ممن لا تقل أعمارهم عن 50 عاماً بدلاً من 60 عاماً كما كان معمول به في السابق، وايضاً ستسمح بسفر عدد محدود من الطلبة والحالات الانسانية عبر معبر بيت حانون إلى الإردن شريطة أن يوقع المسافر على تعهد بألا يعود قبل مضي عام على سفره.

المشكلة أن الكثير من وسائل الاعلام الفلسطينية أفردت للإجراءات العقابية الجديدة التي اتخذها المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال ذات المساحة التي خصصتها للحديث عن التسهيلات الاسرائيلية الجديدة لسكان قطاع غزة، والأهم من ذلك أننا ننقل خبر "التسهيلات" بذات المصطلح رغم ما تحمله الاجراءات من تشويه لقيمة الكلمة، الا يجدر بنا التوقف عن استخدام مصطلح التسهيلات والاستعاضة عنه بتخفيف القيود كي لا نخرج الاجراءات عن سياق الفهم الحقيقي لها؟.

بقلم/ د. أسامه الفرا