أعتقد أنني أعيش حلماً كل لحظة فيه كانت مميزة لا يمكن لي نسيانها ابداً، هذا ما قاله الشاب الكندي المريض بالسرطان "بربجت ليكهنبل" في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد يوم حافل من النشاط، شارك خلاله في مناقشات مجلس العموم بعد أن أدى اليمين الدستورية، ثم تناول العشاء في مطعم البرلمان قبل أن يصطحبه رئيس الوزراء في سيارته، لم يخطر ببال الشاب الذي يصارع مرض السرطان أن رئيس وزراء كندا الشاب "جاستن ترودو" سيعمل على تحقيق رغبته بأن يكون رئيساً لوزراء كندا، رئيس وزراء كندا "ترودو" الذي حقق حزبه فوزاً كبيراً في الانتخابات الكندية الأخيرة سارع إلى تلبية أمنية الشاب المريض بتعيينه شرفياً في منصبه لمدة اسبوع، ليس ثمة تحد يفوق ذلك الذي يتمتع به المرء وهو يصارع مرض السرطان الذي يتغول في جسده.
حلم الشاب الكندي جاء مرافقاً لبدء حملة تبرعات في فلسطين لإقامة مستشفى خالد الحسن لعلاج السرطان وزراعة النخاع، الحكومة الفلسطينية أعلنت عن مساهمتها بمبلغ أربعة ملايين دولار، فيما الرئاسة الفلسطينية دشنت حملة التبرع بمبلغ مليون دولار، لا شك أن المشروع بحاجة إلى الدعم والمساندة بإعتباره مرفقاً صحياً الشعب الفلسطيني بحاجة إليه، ليس من باب تخفيض قيمة فاتورة العلاج بالخارج حيث تنفق الحكومة مائة مليون دولار لعلاج مرضى السرطان، بل لأن الإصابة بمرض السرطان شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تشير التقديرات إلى أن عشرة حالات سرطان جديدة على الأقل تسجل اسبوعياً في قطاع غزة، وارتفت حالات السرطان الجديدة المبلغ عنها في فلسطين في العام 2015 بزيادة 25% عما كانت عليه في العام 2014، والمؤكد أن الاسلحة المحرمة دولياً التي استخدمها الاحتلال في عدوانه المتكرر على شعبنا سبباً في ذلك.
من المفيد التوقف عند ما قاله الشيخ محمد حسين "مفتي القدس والديار الفلسطينية"، والذي حث الجميع على على التعاون والتبرع والدعم لإنشاء مستشفى السرطان، سيما وأن التبرع لهذا المرفق الصحي الهام تأتي من باب الصدقة التي تشفع لصاحبها يوم القيامة بجانب أنها من أكبر أعمال البر، وانطلاقاً من ذلك من المفيد أن تكرس وزارة الأوقاف والشؤون الدينية جمع التبرعات في المساجد لدعم هذا المشروع الحيوي، سيما وأن حاجة الشعب الفلسطيني إليه تتقدم على ما سواه.
حملة التبرع لتشييد مستشفى خالد الحسن لعلاج السرطان وزراعة النخاع تبشر بالخير، حيث سيتم تنفيذ المشروع على جزء من الارض التي تبرع بها رجل الاعمال الفلسطيني المرحوم حسيب الصباغ، والمشروع يحمل اسم المناضل والمفكر الفلسطيني خالد الحسن الذي عانى طويلاً من مرض السرطان، ولا بد في هذا المقام من تقدير مساهمة تلفزيون فلسطين في دعم المشروع عبر بث موحد لحملة التبرعات تحت شعار "وردة أمل لشعب الأمل"، لعل تضافر الجهود المختلفة من اجل تشييد هذا الصرح الطبي الهام يوفر الأرضية الضرورية لإقامته بالشكل الذي نتمناه ليس فقط كمنشأة عمرانية وإنما أيضاً بما يوفره من خدمة طبية تجاري ما وصل إليه العلم من تقدم في معالجة مرض السرطان.
كون المشروع في خطوته الأولى فمن المفيد لنا الاطلاع على تجربة مماثلة له سجلت نجاحاً ملحوظاً، حيث أشرفت جمعية أصدقاء معهد الأورام في القاهرة على تنفيذ مشروع مستشفى سرطان الأطفال والذي يحمل اسم "مستشفى 57357" نسبة إلى رقم الحساب البنكي لجمع التبرعات، وبقدر ما تعتبر المستشفى تحفة معمارية مميزة بقدر ما استطاعت أن تتحول إلى واحد من أهم مراكز علاج سرطان الأطفال في العالم، ولم تقتصر حملة التبرعات على توفير الدعم المالي لإقامة المبنى وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية المطلوبة، بل واصلت نشاطها لتغطي النفقات التشغيلية السنوية، معتمدة في ذلك على جمع التبرعات من خلال الحملات الميدانية والاعلامية والزكاة والتبرع المباشر من الاشخاص والشركات والمؤسسات المحلية والدولية، من المفيد ان نطلع على هذه التجربة الناجحة بكل المقاييس وأن ننقل منها ما يتوائم معنا لتنفيذ هذا المشروع الحيوي.
بقلم/ د. أسامه الفرا