مع نهاية القرن التاسع عشر، وزادت خلال الحرب العالمية الثانية ، عندما حاول قادة الحركة القومية العربية الاستفادة من الظروف الدولية السائدة في ذلك الوقت ، وحصلوا على تصريح من ألمانيا وايطاليا بتاريخ 23 تشرين الأول أكتوبر 1940، تضمن اعترافهما باستقلال الدول العربية وتأييد الجهود العربية في هذا المجال. مما دفع بريطانيا للتحرك والتصريح بأنها لا تعارض الاتحاد ، وعلى العرب أن يقرروه بأنفسهم .
إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 حدثاً بارزاً على مستوى النظام العربي ، الذي أخذت ملامحه تتشكل مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وقد صاحب إنشاء الجامعة تبلور مجموعة من القضايا والتحديات الكبرى في مواجهة الأمة العربية وأقطارها في مرحلة ما بعد الاستقلال ، لذا تمثل الهدف من إنشاء الجامعة في تحقيق الاستقلال والأمن للدول الأعضاء فيها والسعي نحو تحقيق الوحدة العربية إلا أنها لم تستطع علي مدار تاريخها الطويل اكثر من سبعون عام في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها والدليل علي ذلك استمرار القضايا الكبرى منذ نشأة الجامعة دون حل أو حسم وعلي رأسها القضية الفلسطينية وقضية الوحدة العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي وأن هناك عددا من المنظمات التي أقرت من قبل مجلس الجامعة العربية لكنها لم تخرج بعد إلى حيز الوجود مثل منظمة العدل العربية ومؤسسة الخطوط الجوية العربية العالمية والمعهد العربي لبحوث البترول والهيئة السينمائية العربية المشتركة ، كذلك استمرار سياسة المحاور والتكتلات في صلب النظام العربي وبالتبعية في داخل مؤسساته جامعة الدول العربية ، وإن تغيرت تلك التكتلات من حيث أطرافها ومسمياتها ولكن الظاهرة نفسها استمرت.
لقد كان عجز الجامعة العربية نتاج لشبكة معقدة من التفاعلات الداخلية والخارجية ، فأحد أهم عوامل ضعف الجامعة يمكن ردها إلي عوامل ذاتية نابعة من الميثاق المنشئ لها ومن ناحية يعاني ميثاق الجامعة العربية من عدد من الثغرات مثل عدم تحديد مفهوم للعدوان ووجوب الاجماع في اتخاذ القرارات والتي تعني أن كل دولة لها حق الفيتو ذلك انه إذا اعترضت أي دولة على أي قرار فإن هذا يمنع صدوره. ولعل أبرز النقاط السلبية التي تضمنها الميثاق هو الجانب المتعلق بنظام التصويت واتخاذ القرارات حيث القرارات ملزمة لمن يقبلها فقط الأمر الذي أدي لإفتقاد الجامعة للقدرة علي مواجهة التحديات والتطورات المحيطة بها علي نحو فعال يلبي الطموحات والآمال التي كانت معقودة عليها ، كما فشلت الجامعة في أن تقف حائلاً دون نشوب صراعات بين الدول الأعضاء بداخلها ، ودفعت تلك العوامل مجتمعة إلي وجوب إصلاح الجامعة العربية.
ومن الملاحظ أن الحديث عن إصلاح جامعة الدول العربية ليس بجديد فهو يعود إلي سنوات ، إذ قدمت اقتراحات شتي ما بين تنسيق للسياسات الخارجية للدول العربية وإنشاء اتحاد عربي يراعي الفروق بين الدول العربية ، وتأسيس محكمة عدل عربية وتعديل الميثاق ، وجاءت تلك المقترحات تفاعلاً مع المادة التاسعة عشر من الميثاق بخصوص إمكان تعديله بأغلبية الثلثين ، لكن أياً منها لم يحظ بالتراضي بين الدول العربية كي يشق طريقه إلي حيز الوجود ، كتجمع يعكس آمال العرب ويقرب فيما بينهم ويدعم قضاياهم ويوحد أهدافهم ، إلا أن الواقع العربي لازال يعانى من عوامل الفرقة وأسباب التشتت ، وفيما يحمل الجامعة العربية كثير من العرب مسؤولية المأزق العربي الراهن وتداعياته التاريخية ، إلا أن آخرين يرون أن عدم تعاون الحكومات العربية مع الجامعة والعمل على تفعيل دورها والتنصل من التزاماتهم ، ربما يكون السبب الحقيقي وراء ضعف الجامعة ودورها الفاعل في تدعيم التضامن العربي ..
إننا عندما نفكر بعمق أكثر في هذا التجمع نجد أنه حاول أن يمثل الأمة العربية بكل معناها الجغرافي ، والسياسي ، والتاريخي ، والحضاري الممتد من المحيط إلى الخليج ، ولم يأتي ليخلق أمة عربية , فالأمة العربية موجودة والكيان العربي موجود ، الشعوب العربية موجودة ، ولها تاريخ لا يجهله إلا كل حاقد وناقم.لم نجد في العالم تواصل جغرافي له مثل هذا التشابه شعباً ولغة وديناً وحضارة وتاريخ. إذن فالأمة العربية قائمة موجودة ، والجامعة العربية تمثل أو تحاول أن تمثل هذه الصورة فإذا لم يكن هناك جامعة عربية ، فهناك بالفعل أمة عربية .
ولكن هذا الإطار ، إطار الوحدة ، الإطار الذي يجمع هؤلاء يوصف بأنه إطار مغيب ، الآن لا يوجد في العالم تجمع من كل النواحي التي ذكرتها مثل هذا التجمع ، ومع ذلك فهناك تجمعات أقوى وليس هناك أي شكل من أشكال الاتفاق أو عوامل الالتقاء الموجودة في العوامل العربية ، فما هي الأسباب الحقيقية للمأزق العربي الراهن ؟ ومن المسئول والمتسبب في هذا الشلل الذي استشرى بأطرافها ؟ هل هي حقاً جامعة الأمة العربية ؟ أم الأنظمة العربية هي سبب ما آل إليه الوضع الحالي للوطن العربي؟
هل يدفعنا هذا إلى القول بأن الجامعة فشلت في أن تفعل شيء للشعب العرب ؟ هل نقول أن صلاحيتها قد انتهت ؟ هل تخدم الجامعة العربية الشعب العربية ؟ هل ممكن العمل على استراتيجية في مواجهة العدو الصهيوني ودعم المقاومة الفلسطينية ؟ هل ممكن العمل على استراتيجية عاجلة للأمن القومي العربي ؟ هل ممكن إنقاذ ما يمكن انقاذه من حقن للدماء في الوطن العربي ؟ أن أهم غايات الأمن أن ينعم المواطن العربي بنعمة الأمن والأمان في كل مجالات الحياة الاجتماعي والأمن الاقتصادي والأمن النفسي والأمن الإنساني . فهل المواطن العربي يتمتع بالأمن الكامل ؟
الجامعة العربية فشلت ولم تستطع علي مدار تاريخها الطويل في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها ..
أم نطالب بتفعيل دورها وتطوير أدائها بما يتناسب مع الدور المنوط بها ، والعمل على الارتقاء بها ، وإزالة العوائق التي تقف حجر عثرة في سبيل ذلك حتى لا تكون هناك مرات رسوب أخرى كما حصل في كثير من الاختبارات في الوطن العربي مثل فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن ولبنان وتونس مصر والإرهاب اصبح في كل الوطن العربي هل ممكن ؟؟؟؟؟؟؟
جمال ايوب