في ظل مشهد معقد ومبعثر، وفي ظل تفاعلات المنطقة ،غابت القضية الفلسطينية خلالها عن الخريطة السياسية للمنطقة، وهو ما استغله الكيان الصهيوني في تمرير وتنفيذ المزيد من مخططاته الاجرامية والاستعمارية، وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني والتنكيل به أكثر فأكثر، وارتكاب المزيد من الجرائم على مرآى ومسمع العالم.
وفي ظل غياب القضية الفلسطينية عن الخطاب الرسمي العربي وتراجعها على المستوى الشعبي، تمكّن الشعب الفلسطيني من استعادة القدرة على ممارسة “الفعل الجمعي” من خلال تصعيد وتيرة الانتفاضة من قبل الجيل الجديد الفتي الذي أخذ يختزن الغضب في القلوب والعقول، وهو يرى وطنه يتسرب من تحت قدميه، ومن حوله، وأنه يعيش في معازل مقطعة الأوصال، اراد هؤلاء الشباب بانتفاضتهم تجاوز أوهام السلام ، وهو جيل فلسطين الأكثر خبرة وعنادا وهو الذي اكتوى بآلام وعذاب وقهر الاحتلال الذي نهب كل شيء، ولم يبق شيئا،سوى الانتفاضة التي يتصدى من خلالها الشباب ويتحدى الاحتلال الصهيوني ،هذه الانتفاضة التي تنمو يوميا وتتأجج نارها ، ترفض ترويج أوهام جديدة ما عادت تنطلي على شعبنا تحت يافطة السلام المزعوم، فهي تتقدم بوحدة الشعب الفلسطيني بأبهى تجلياتها، شعب عصي على العبث بقضيته.
وامام تصاعد الانتفاضة اقدمت قوات الاحتلال على اقتحام واغلاق فضائية فلسطين اليوم التي هي في قلب كل مقاوم شريف يربطه بوطنه حب الانتماء لفلسطين، بعد ان عجز عن الفتك بالانتفاضة ، حاول الاحتلال اسكات ذلك الصوت المقاوم الذي ينقل لحظة بلحظة مواجهة الشعب الفلسطيني وانتفاضته مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، حيث كانت فلسطين اليوم تلعب دور كبير في كشف حقيقة جرائم الاحتلال بحق شابات وشباب فلسطين ، الا ان هذا القرار الجائر سيضاعف وهج شعلة فلسطين اليوم ودورها الإعلامي الريادي في مواجهة الإحتلال فلن يوقفها خوفا بل سيزيدها قوة ، وهو وسام فخر يوضع على صدر هذه القناة المقاومة التي تفضح يومياً الممارسات الإرهابية والإجرامية للكيان الصهيوني الغاشم، من خلال الدور الرائد والمؤثر لهذا المنبر الإعلامي باستمرار وتصعيد الانتفاضة الباسلة على أرض فلسطين.
في ظل هذه الظروف التي توصم المقاومة بقيادة حزب الله الذي حققت انتصارات مجيدة بالارهاب ، تؤكد الانتفاضة ان بعض العرب بقرارهم هذا يريدون ايضا تصفية قضية فلسطين والاعتراف بالكيان الصهيوني والخضوع لدوره المركزي في المنطقة ،ولكن لم يعلموا ان الانتفاضة الفلسطينية بنموذجها المنطلق يجسد خيار المقاومة المتجددة بكل خصوصياتها وميادينها والمقاومة بالعمليات البطولية لشابات وشباب فلسطين بالسكاكين والحجارة والدهس وبما تيسر.
لهذا نقول للعرب إنها الانتفاضة الشعبية الأشد أصالة في تاريخ الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال الاستيطاني العنصري وهي حركة في قلب الأرض المحتلة تخض الكيان من جذوره ، لتعيد أصالة الثورة الفلسطينية التي تنبع من كونها عودة الروح إلى فلسطين بعد تجربة مريرة وظلام
دامس طويل وهذا ما لن يفهمه البعض ، ولكن المناضلون يدركون ان هذا التحول سينهض الشارع العربي بأسره بعد بزوغ صحوته ، فالشعب الفلسطيني وكل فصائله وقواه يرفض ان يكون حزب الله ومقاومته ارهابا ، بل هم مناضلون ومجاهدون يفتخر بهم كل مناضل عربي واممي فكيف لا وهم من حققت الانثصارات المجيدة على ارض لبنان بمواجهة العدو الصهيوني ودحره ذليلا ، فكيف لا وهو يدافع عن المنطقة في وجه سايكس بيكو جديد .
نعم نقول هذا الكلام وفلسطين المحتلة تعود لدائرة الصراع لا تستدعي شرحا أو فذلكة ، الشابات والشباب الفلسطيني يواجه عدوا صهيونيا غاصبا ومعتديا والصراع لا يحل الا بالتمسك بخيار الانتفاضة والمقاومة فالخليل تكتب بدماء شهداء البوصلة ، وبيت لحم واريحا ونابلس وطولكرم وجنين ورام الله والقدس والشريط الشائك في قطاع غزة تكتب امجاد النصر، هكذا حسم الشباب الفلسطيني الأمر وختم المحضر انتهت حقبة الأوهام والمرحلة صارت بوضوح الدم .
لقد بات توفير دعم وتصعيد الانتفاضة مطلبا ضروريا ملحا يتصدر أولويات شعبنا في هذه المرحلة الذي يستمر الاحتلال يلاحق ويهود ويقتل ويصادر الحقوق للفلسطينيين في الضفة والقدس ، حيث يبذل شابات وشباب الانتفاضة باجسادهم وثباتهم وصمودهم همة الرجال وإرادة الأحرار وعزيمة الأبطال ليرسموا بأرواحهم الزاهية ودمائهم الزكية طريق فلسطين ، رغم ما تتعرض له المنطقة من هجمة امبريالية وصهيونية ورجعية حيث تستهدف إغراق الوطن العربي بشلالات من الدماء، مستخدماً التيارات الظلامية الإرهابية، لتأجيج الصراعات المذهبية الطائفية ،تفتيتا للنسيج الوطني والاجتماعي العربي وتوجيه بوصلة الصراع إلى صراع طائفي وإقليمي مما أنتج مناخا سياسيا مناسبا لابعاد الشعوب العربية عن واجباتها تجاه فلسطين باعتبارها بوصلة الصراع في المنطقة.
وفي ظل هذه الاوضاع نرى ان على القوى اليسارية والقومية العربية اسناد ودعم الانتفاضة الفلسطينية من خلال اعادة بوصلة الصراع في المنطقة بمواجهة الكيان الصهيوني وحلفائه، وتعبئة الطاقات الشعبية واستنهاضها في الميادين ، والتصدي لسياسات التطبيع مع العدو الصهيوني، ومقاطعة منتجاته، سواء باستيرادها أو إعادة تصديرها، ومقاطعة المؤسسات التي تتعامل معه إقامة النشاطات السياسية والإعلامية دعماً لصمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته ، وفضح سياسات العدو العنصرية والانحياز الامريكي ، وتقديم الدعم المادي المباشر لأسر الشهداء والجرحى والأسرى، ومساعدتها بإعادة منازلها المهدمة من قبل العدو الصهيوني..
ختاما لا بد من القول : الانتفاضة مستمرة وقناة فلسطين اليوم مستمرة والشعب الفلسطيني بالمزيد من الصمود والثبات والتقدم والعطاء مستمر في نضاله ، ومواصلة مقاومته ، وبهذا الصمود والثبات والتمسك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني يمكن أن ينال شعبنا الفلسطيني حقه في العودة وتقرير المصيروإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس، فالتحية لشهداء الانتفاضة ، وتحية لكل القنوات الفضائية التي تحمل في عناوينها فلسطين والانتفاضة والمقاومة والوحدة الوطنية ، وتحية لفلسطين وانتفاضتها ، ولقناة فلسطين اليوم ولجميع العاملين فيها، والنصر حليف الشعوب المناضلة والشعب الفلسطيني سينتصر مهما كانت التضحيات .
بقلم/ عباس الجمعة