عقوبات الاحتلال الجماعية والصلاة في القدس

بقلم: رائد موسى

منعت سلطات الاحتلال المسجلين للصلاة في القدس من الخروج من غزة يومي الخميس والجمعة بذريعة وقحة وهي مخالفة بعض الفلسطينيين لشروط التصريح الممنوح لهم وبذلك يرتكب الاحتلال عقوبة جماعية تخالف مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولي، وعندما نعود للوراء قليلا، نجد ان الشروط التي يضعها الاحتلال لمنح التصريح لزيارة القدس هي في الاصل تمثل عقوبات جماعية، فما ذنب الانسان الذي سنه لم يصل الى خمسين عاما حتى يتم حرمانه من حقه في حرية التنقل وحرية العبادة وممارسة شعائره الدينية ؟؟ بذلك يمارس الاحتلال عقوبة جماعية مركبة، ولو عدنا ايضا الى الوراء أكثر، فمنع الناس من حقهم في حرية التنقل وربطه بموافقه أمنية هو ايضا انتهاك واضح لحقوق الانسان والقانون الدولي، حيث انه من حق كل انسان ان يتنقل داخل وطنه بحرية ويختار محل اقامته دون قيود كما تكفل مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وكما نظمت ذلك اتفاقية اوسلو من خلال اصدار بطاقات مرور واستخدام "ممر آمن" لتلك الغاية.
نعود لمخالفي التصريح فالمفارقة العجيبة ان الاحتلال يسمح لهم بدخول اسرائيل ثم القدس اما دخولهم للضفة الغربية يصيبهم بالهلع !! فذلك يشير الى حقيقة النوايا الاسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ويشير الى مدى سعادة اسرائيل باستمرار الانقسام فالاحتلال يرى ان الخطر الحقيقي على مشروعه الاستيطاني الاحلالي، هو تسرب الكثافة السكانية في غزة وتنفيسها تجاه الضفة الغربية مما سيملئ الفراغ ويستنزف ارض وموارد يطمع الاحتلال بملئها بمستوطنيه، لذلك الانقسام الفلسطيني هو مشروع اسرائيلي بامتياز ومصلحة استراتيجية عليا له، فلب الصراع وجوهره مع الاحتلال هو صراع الوجود على الأرض في الضفة بما فيها القدس، لذلك الاحتلال يمنع الفلسطيني من ان ينتشر في اراضي الضفة ويسعى لان يبقيه محشورا في غزة لا يتسرب إلا تجاه مصر فقط.
لذلك علينا مهاجمة وفضح انتهاكات الاحتلال بأقصى ما يمكن لحرية حركة المواطن الفلسطيني، وخصوصا من غزة تجاه الضفة الغربية، وكل من يتواطئ او يتفهم او يحاول ان يبرر التصرف الاسرائيلي هو متهم بالتعاون مع الاحتلال ان لم يكن بسوء نية يكون بغباءه، وعلى الجمهور الفلسطيني ألا يبقى صامتا على انتهاك حقوقه في حرية الحركة والإقامة داخل وطنه، وألا يبقى ساكنا ينتظر المحتل ان يمنحه حقوقه، فاستئناف الرحلات لزيارة القدس من غزة رغم شروطها المجحفة، لم تتم إلا بعد ان أُطلقت مبادرة شعبيه باسم (أريد حقي بالصلاة في القدس) قد مورس فيها كل وسائل الاحتجاج والضغط المدني على كل طرف له دور في القضية، فكما قال الشاعر "وما نيل المطالب بالتمني .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا"، لذلك انني ادعو كل الأطراف، المواطن أولا، ثم مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات، والسلطة الفلسطينية والمنظمات الدولية، ألا تصمت امام انتهاكات الاحتلال وممارسته للعقوبات الجماعية تجاه الفلسطيني مهما كانت الذرائع، وان تثار القضية بأعلى صوت وبكل ضغط ممكن، فحرية الحركة والإقامة داخل الوطن هي جوهر صراعنا مع المحتل، وادعوا الشباب العاطلين عن العمل والطلاب وحتى الراغبين في شم الهواء والتنزه في مدن الوطن، ان يبادروا بحملات شعبية تفضح حقيقة الحصار، وحقيقة الاحتلال العنصري، وأؤكد بان الاحتلال بقدر قوته العسكرية تجاه قوتنا هو ضعيف تجاه قوة حقوقنا، وما ينجيه دائما بأفعاله وانتهاكاته هو صمتنا فقط، وخصوصا الشعبي فالقيادة السياسية لا تستطيع ان تنجح في مواجهة انتهاكات الاحتلال بدون حالة غليان شعبي تعزز موقفها وتقوي هجومها على انتهاكات الاحتلال، فضعفها في ذلك نابع من ضعف ولا مبالاة الجمهور الذي انهكه الانقسام وافرازاته، فلا بد من الصحوة وامتلاك زمام المبادرة، لتُتعزز وتُستكمل هبة القدس، وتُحدد لها أهداف آنية حتى تحقيق الهدف الرئيسي بالحرية والاستقلال.
وأخيرا اوجه رسالة للقيادة ولوزير التربية والتعليم بشكل خاص وأقول، لا تنسوا اطفالنا من حقهم في التجول داخل وطنهم، ليرتبطوا وجدانيا وروحيا بأرض فلسطين وعاصمتها القدس، فلتنظموا لهم الرحلات المدرسية داخل الوطن، كما نجحت مبادرتنا في تنظيم رحلة مدرسة الزهراء العام الماضي في زيارة مدن الضفة وعلى رأسها القدس العاصمة، بفضل جهود الاهالي وإدارة المدرسة ودعم القيادة، وقد كانت مبادرة فريدة من نوعها نتمنى ألا تكون يتيمة.

رائد موسى