الاطر الطلابية وثقافة الشراكة

بقلم: أسامه الفرا

بغياب الكتل الطلابية التابعة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة الجهاد الاسلامي فازت الكتلة الاسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس في انتخابات مجلس طلبة الجامعة الاسلامية، حصلت الكتلة الاسلامية على نسبة 86.8% من الأصوات، فيما نسبة المشاركة في الانتخابات ممن يحق لهم الانتخاب بلغت 48%، وهي نسبة مشاركة متدنية مقارنة على سبيل المثال بإنتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت الأخيرة والتي بلغت 77.1% ممن يحق لهم الانتخاب، ويمكن لحركة الشبيبة الذراع الطلابي لحركة فتح أن تحقق هي الأخرى فوزاً ساحقاً في انتخابات مجلس طلبة جامعة الأزهر إذا جرت الانتخابات بذات الطريقة، مؤكد أن هذا الشكل من الفوز في الانتخابات هو مجرد فوز على الذات، ولا يخدم بشكل أو بآخر الحركة الطلابية التي شكلت دوماً المخزون الأساس لفصائل العمل الوطني والاسلامي.

شكل الاتحاد العام لطلبة فلسطين ومن قبله رابطة طلبة فلسطين مركز العمل النضالي الفلسطيني، واستطاعت الحركة الطلابية، التي نشات في الاراضي المحتلة منتصف السبعينات مع انشاء كليات بيرزيت وبيت لحم والنجاح، أن تتواجد بقوة على خارطة العمل السياسي والنقابي، وشهدت نشاطاً كبيراً في الثمانينات لم تجد قوات الاحتلال بداً سوى إغلاق الجامعات الفلسطينية في الضفة وغزة لفترات متفاوتة، وفي ذات الوقت لاحقت القيادات الطلابية وزجت بهم في السجون، ومع اندلاع الانتفاضة الأولى شكل الطلبة ما نسبته 70% من عدد الأسرى في السجون الاسرائيلية، انخرطت بعدها القيادات الطلابية في قيادة الفصائل الوطنية والاسلامية، ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا بأن الغالبية من القيادات الفلسطينية سبق لها أن مرت بتجربة قيادة العمل الطلابي.

تواجد حزب الشعب "الحزب الشيوعي" بقوة في مجالس طلبة الجامعات في بداية تأسيسها، قبل أن يتراجع لصالح الجبهة الشعبية نهاية السبعينات، والتي تراجعت هي الاخرى لصالح الشبيبة "الذراع الطلابي لحركة فتح" بداية الثمانينات، وبدأت الكتلة الاسلامية "الذراع الطلابي لحركة حماس في الصعود تدريجياً داخل الجامعات بداية التسعينات، ولا شك أن زخم الحركة الطلابية ازداد نضوجاً عبر التنافس بين الاطر الطلابية المختلفة، واستحوذت انتخابات مجالس الطلبة على اهتمام الكل الفلسطيني، كونها تتعلق بفئة اجتماعية تمثل ثلث قوة المجتمع الفلسطيي وما تشكله من أداة قياس للرأي العام الفلسطيني.

لا شك أن انتخابات الطلبة بالجامعات الفلسطينية يطغى عليها الجانب السياسي وإن إحتفظت بشيء من العمل النقابي، ويشكل الشق السياسي محور البرامج الانتخابية للأطر الطلابية المختلفة، وهو ما دفع الأطر الطلابية في جامعات الضفة الغربية إلى التوافق منذ عقد ونيف على اجراء الانتخابات الطلابية طبقاً لنظام التمثيل النسبي، الذي يكفل تمثيل كافة الأطر الطلابية، وكانت هنالك مبادرة في قطاع غزة لإعتماد نظام التمثيل النسبي في الانتخابات الطلابية، والتي لاقت يومها ترحيباً من جامعتي الأزهر والإسلامية، وتم التوافق مبدئياً على إجراء انتخابات طلابية متزامنة في كافة الجامعات في قطاع غزة وفق التمثيل النسبي، إلا أن هذا الجهد تعثر في خطواته الأخيرة، ومعها غابت الانتخابات الطلابية عن جامعات القطاع وإن وجدت تكون على طريقة الفريق الذي يلعب بمفرده في الملعب، إن إعتماد التمثيل النسبي لإنتخابات الطلبة في الجامعات لا يحقق فقط التمثيل العادل للأطر الطلابية المختلفة، بل أنه يكرس لديها تقبل الآخر والعمل بمنظور الشراكة بعيداً عن فلسفة الاقصاء، وفي ذلك ما يؤسس لمفهوم الشراكة السياسية التي ينادي بها الجميع.

لعلنا بحاجة إلى إحياء المبادرة من جديد والتوافق حول ميثاق طلابي يستند على التمثيل النسبي في الانتخابات ومبدأ الشراكة في قيادة العمل الطلابي وتوفير المساحة المطلوبة من حرية التعبير والعمل، يمثل دستوراً للعمل الطلابي في الضفة الغربية وقطاع غزة، نعيد من خلاله أهمية الجسم الطلابي التي تراجعت في السنوات الأخيرة مع غياب التنافس بين الأطر الطلابية وغياب ثقافة الشراكة.

بقلم/ د. أسامه الفرا