قراءة متأنية وشاملة ... للتاريخ القديم والحديث... تثبت بالكثير من الدلائل والمؤشرات ... أن الأمم والامبراطوريات ... وحتى نظم الدولة الحديثة ... حال سقوطها وبصورة أعم... نتيجة لعوامل الضعف المعنوي الذي يتولد بفعل ضعف بنيوي .. اجتماعي .. ثقافي .. اقتصادي ... وليس نتيجة لعوامل قوة مادية خارجية... تسعى بصورة أو بأخرى لإحداث اختراق بهذه الدولة أو تلك ... من يخطط لإسقاط الدول... ليس بالتأكيد من هواه السياسة ... بل من يقوم على هذا التخطيط الاستراتيجي مجموعات متخصصة من الخبراء والمختصين ... لم يلتقوا بمحض الصدفة ... ولكنهم التقوا وفق قرار... وخطة... وسياسة تستهدف النيل من هذا البلد او ذاك .
من يجتمعوا... ومن يتامروا ... ومن يخططوا لإسقاط الدول وتفتيتها ....وحتى تقسيمها... كانوا عاملين ولا زالوا بمراكز الأبحاث والدراسات والمعلومات ... من الخبراء النفسيين .. الاقتصاديين.. الاجتماعيين .. الاعلاميين والسياسيين ... الذين يدركون تمام الادراك ما يتحدثون عنه ... ويعرفون الى أين يريدون الوصول .
قدرات علمية تكنولوجية استخباراتية في ظل حرب نفسية ومعلوماتية... يقوم عليها خبراء متخصصين بالتخطيط الاستراتيجي ... والذين يستهدفون الوصول الى انهاء دولة ما ... هذه الدولة المستهدفة والمراد اسقاطها... جغرافيتها محددة... وعدد سكانها معلوم ...وفئاتها وشرائحها ونسبة تعليمها كما نسبة جهلها ... مواردها الاقتصادية كما مواردها البشرية ... قدراتها الصناعية والانتاجية ومستوى قدراتها الخدماتية ... بنيتها التحتية وقدرتها الاستيعابية كما قدرتها الاستثمارية ومعدلات الاحتياط والمخزون الاستراتيجي ... طبيعة الانسان في هذا البلد... ومزاجه العام والخاص ومدى قدرته على التحمل والصبر... وتحمل الأعباء بحكم التجربة ... وما ولدته من قناعات ثابتة وراسخة ... مجموعة عديدة من العوامل والأسباب والمعطيات التي تكون محل بحث ودراسة وتحليل ... لدراسة عوامل القوة والضعف .
هذا العالم الذي نتحدث عنه ونتناوله بصورة سريعة وموجزة ... ومن خلال مقالة صغيرة ... هو عالم كبير ... وخطير ... عالم واسع ومنتشر ... عالم قادر على انجاز ما يخطط ويدبر ... لكنه بذات الوقت عالم مفلس ... وخاوي ... وفاقد للتوازن ... ويصدم مع كل حالة صمود ... ومع كل حالة عناد ... ومع كل وقفة جامعة يؤكد فيها أن ما يتم تخطيطه ... داخل الغرف المغلقة ... وعلى طاولة المتآمرين... لا يمكن ان يسري بمفعوله على أرض الواقع... وفي داخل الفلاح والعامل والصانع ... ولن يكون مؤثرا على الشباب والمثقفين ورجال الأعمال ... لن يكون مؤثرا على الأمهات الذين يضحون بأبنائهم من أجل وطنهم وكرامتهم ... لن يكون مؤثرا على المثقفين والاعلاميين ووسائل الاعلام الوطنية القادرة للدفاع عن الشعب ومنجزاته ومكتسباته ... كما الدفاع عن الوطن ووحدة ترابه .
لقد شاء القدر أن ينجح بعض المتآمرين من المخططين في بعض المناطق والدول بصورة جزئية ولفترات زمنية ... لكنه ما لبث أن ارتدت السهام لأصحابها ... وان ارتدت المؤامرات لصانعيها ... بل حتى أن المخططات لم يعد لها طريقا تسلكه ... الا من خلال بعض الأيادي الملطخة بدماء الأبرياء ... والتي تحاول بوهم أنفسها... وخداع غيرها ... أن تثبت وجودها من خلال القتل وسفك الدماء ... ومن خلال أعمال مشينة تقشعر لها الأبدان ... ويلفظها كل صاحب عقل وضمير .
هؤلاء القتلة الماجورين الذين سلكوا طريق الدماء ... وازهاق الارواح ... والعبث بمقدرات وخيرات البلاد... طريقا واهما ومخادعا... باحتمالية وصولهم الى ما يبتغون ويتوهمون ... وان يسقطوا البلاد... ويشتتوا العباد... وان يقسموا الأوطان ... تحت مزاعم وأوهام لا علاقة لها بديننا الحنيف .
مصر العربية ... هذا البلد العربي الكبير ... والذي ما زال بدائرة الاستهداف الدموي ... في محاولة يائسة بائسة للتخريب على مسيرته الديمقراطية والتنموية... والمحاولات المستمرة لانعاش اقتصاده... وترتيب أوضاعه ومعالجة أزماته ... هذا البلد العربي وما خطط ضده ... وما زال يخطط لتفتيته واضعافه وتشتيته ... لمعرفة المخططين والمتآمرين أن سقوط مصر( لا سمح الله )... سقوط للأمة بأسرها... وأن ضياع مصر ضياع للأمة بأسرها ... وأن بقاء مصر وقوتها... وهذا ما سيكون... وما يجري العمل عليه قوة للأمة ومجدها وعزتها .
ان الواهمين ... والمراهنين ... والمتمنيين ... بإسقاط هذا البلد العربي ... انما هم يعيشون حالة من الخداع لأنفسهم ... ولمن حولهم ... ولمن يعيشون الوهم معهم ... لأننا لن نخالف التاريخ ... والواقع... ولن نخالف ما جاء بقراننا الكريم .
بقلم/ وفيق زنداح