مرشحي الحزب الديموقراطي والجمهوري كلينتون وترامب وجهان لعملة واحدة .....وجهان لسياسة منحازة وثابته.... لا يحدث عليها أدني تغيير يمكن أن يذكر لاحقا .....من خلال كافة الملفات .....وخاصة ملف النزاع العربي الاسرائيلي ...وجوهره الصراع الفلسطيني الاسرائيلي
أمريكا وادارتها التي تودع مدتها الرئاسية الثانية.... من خلال زيارة أشبه ما تكون بمحاولة الرئيس الامريكي أوباما ....أن يقدم ما يمكن تقديمه لمرشحه الحزب الديموقراطي من خلال زيارته التاريخية لكوبا ....وما يمكن أن يحكم على هذه الزيارة من محاولة لانهاء اخر فصول الحرب الباردة .
المرشحين للرئاسة الامريكية القادمة ....يتنافسون في تقديم الوعود ....والعهود ....لإسرائيل وللحركة الصهيونية من خلال الأيباك ....والذين يحاولون ابداء التزامهم بتفوق اسرائيل وتسليحها واستمرار المساعدات الاقتصادية لها ....وتعزيز أمنها واستقرارها على حساب كل العرب والعجم ...وحتي الروم والفرس ...والعثمانيين الجدد ...وعود وعهود أمريكية ....تجد من يسمعها ....كما وتجد طريقها للتنفيذ والتطبيق ...والتأكيد أن في السياسة الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة أولويات استراتيجية ....على راسها اسرائيل وأمنها ...وتفوقها الدائم .
أمريكا الثابتة على وعودها وعهودها ....كما اسرائيل الثابتة على استمرار عدوانها واحتلالها ...غطرستها واستيطانها ....وعدم التزامها بكافة قرارات التسوية السياسية ....وقرارات الشرعية الدولية .
بينما نحن الثابتين على عدم تعلمنا ....واستمرار تجاهلنا ....واستبعاد كافة احتماليات أن يحدث التغيير بالسياسة الامريكية ....وحتي احداث أدني تغيير في اليات الرعاية الامريكية لعملية التسوية السياسية ....التي تراجعت ودخلت بحالة موت سريري ...ما بعد جمود وتجريد متعمد لمضمون التسوية.... وامكانية تنفيذ مفهوم حل الدولتين .
تجربتنا مع الولايات المتحدة ....ليست بأحسن أحوالها ....بل ربما وصلت الي حالة من السوء ....والتأكد أن أمريكا تعتمد سياسه العداء الحقيقي للعرب ....وقضاياهم ...لكنها بذات الوقت تمتلك من القدرات السياسية ....ووسائل الضغط في اعتماد المصالح مع العرب ....بما يوفر لأمريكا مصالحها ...وبما يجعل من اليد الامريكية ....قدرة دائمة للابتزاز السياسي الاقتصادي والامني .
أمام هذه الحالة من العلاقات الامريكية العربية ....والامريكية الفلسطينية ....نقف مكتوفي الايدي ....ولا نحرك ساكنا ...لأننا لا زلنا بمرحلة تلقي الضربات ....واستمرار التأثر بفعل الاخرين ....في ظل عجز دائم ....على احداث قوة التغيير.... في معادلة العلاقة الامريكية العربية .
لست محبا وعاشقا للتجربة الايرانية ....ولكنني اري أن ايران بما امتلكت من أدوات وقدرات وبرغم ما فرض عليها من حصار..... استطاعت أن تحدث التغيير في معادلة العلاقات ...وأن تخرج من أزمتها على أرضية التوافق والاتفاق .....مع ابقاء أدوات ايران مشرعه خارج اطار الاتفاق.... مستقبل حزب الله الذي اصبح ارهابي ما بين ليلة وضحاها ....وما يمكن أن يحدث من تغيير جذري في رؤية المنطقة ....والقوي الفاعلة بداخلها ...انما يؤكد أن لغة المصالح ...وخارطة التحالفات التي تستجد على المنطقة ....ربما ستحدث عاصفة كبيرة ....لن يخرج منها الا من سلم لسانه ...واستقام بمواقفه ...وعرف كيف يمكن حماية ذاته ....ومواقفه وفق معادلة التوازن ...حتي ولو كانت غير عادلة .
لقد وزعت أمريكا نبتتها الخبيثة داخل المنطقة ...وأخذت برعايتها.... حتي تنتشر بصورة سريعة لتشمل الجميع ....دون استثناء .....فالانقسامات والفتن والتجاذبات ....الاختلافات واضعاف المقومات الداخلية للشعوب والدول .....والدخول بحروب جانبية ....واهدار طاقات وامكانيات الدول .....واحداث الانقلابات بأولويات الدول والشعوب ....حتي تخطئ الطريق .
خارطة العلاقات الامريكية ومنذ عقود طويلة ...تثبت أن هذه الدولة الكبرى قد انحازت وبصورة كبيرة ....الي الكيان الاسرائيلي ....على حساب الحقوق العربية والفلسطينية ....وأنها تتعامل مع العرب على أرضية مصالحها واقتصادياتها وأمنها الاستراتيجي ...وهذا ما ثبت بنتائجه بالحالة العراقية ...والليبية والسورية .
مصر التي لم تأتي بحسب المزاج الامريكي ...بل اثبتت من خلال شعبها وجيشها ومؤسساتها السيادية.... أنها عصية على الكسر والاحتواء .....وأنها قادرة بفعل مقوماتها الذاتية.... ودعم الاشقاء ....من مواجهة هذا المخطط الامريكي الذي انحدر وانزلق على الارض المصرية ...ولا زال يواجه مصاعب عديدة ...لاستحالة تنفيذ هذا المخطط الامريكي ....الذي افتقد للكثير من القراءة المتأنية ...والمعرفة الحقيقية لطبيعة المزاج الشعبي المصري ...ومقومات قوته الكامنة ....التي تخرج بتوقيتاتها .
امريكا المنزعجة بنجاح التجربة المصرية ....يزعجها استقرار أمن هذا البلد العربي ....وتحاول بكل جهدها ومن خلال القوي الظلامية ....والذيول الصغيرة... لبعض دول المنطقة أن تحدث تعكير للأجواء... وزعزعه للاستقرار ...من خلال فرقعه هنا وهناك ....مع أن مصر تعيش أمنا واستقرارا بأكثر من الكثير من الدول... في اوروبا .....وجميعنا ولقد شاهد الاحداث الارهابية المؤسفة في باريس وبروكسل ...وحتي الاحداث الارهابية في تركيا .
أمريكا وسياسة العداء الممنهج استراتيجيا ....تحاول أن تحدث بعض التغيير اللفظي من خلال بعض الكلمات والمفردات ....وليس احداث التغيير بالمضمون والمحتوي السياسي .
من هنا ....ومن خلال كافة التصريحات.... التي تخرج عن مرشحي الرئاسة الامريكية تثبت انحيازا أمريكا ....كما كافة العهود السابقة ....منذ أيزنهاور .... مرورا بجونسون وفورد.... وجمي كارتر ....مرورا ببوش الاب وحتي الابن ....وحتي السيد باراك اوباما الذي يحاول في نهاية ولايته الثانية ...ومن خلال زيارته لكوبا ....أن يحدث الصدى الخاوي .....كما أحدث الصدى بجامعة القاهرة.... ببداية ولايته الرئاسية الاولي ....والتي تؤكد أن الرؤساء الامريكيين ليسوا صانعي سياسة ....ولكنهم المنفذين لأولويات واستراتيجية أمريكا .
الكاتب : وفيق زنداح