الفصائل.. والانتخابات !!

بقلم: وفيق زنداح

لا أقصد بطبيعة الحال الانتخابات الداخلية للفصائل .....ومدي أهمية التجديد الداخلي ...كما حاجتنا للتجديد بالنظام السياسي الفلسطيني ....بعد أن طال عمر قيادات هذه الفصائل ...والتي وصلت الي مرحلة الذروة بالعطاء ...وسنوات العمل المتواصل ....والذي تعدي سنوات التقاعد الوظيفي بعقود.... وليس بسنوات .

الفصائل لها أنظمتها واليات عملها التنظيمي ...وبرامجها الداخلية ....وانتخاباتها لمؤسساتها التنظيمية الداخلية ...وهذا ما يحتاج الي تجديد وتحديث.... لضخ دماء جديدة ....بعد أن شاخ حال فصائلنا ....ووصلنا بها الي مراحل متقدمة ....أصبحنا لا نستطيع تعدادها ....ولا حتي معرفة قياداتها ....ومناصبهم ....وربما نسمع عن البعض منهم بالمناسبات والاحتفالات وبذكري التأسيس ....أو من خلال مانشتات الصحف ...واللقاءات التلفزيونية .

فصائل عددية.... لها أسمائها ....كما ولها قياداتها ونظامها الداخلي ....لكنها ليست ذات تأثير وقوة على الارض ....بمعظمها ....وربما لا يسمع عنها الكثير من الناس ....الا من كانوا على معرفة ودراية بها ....أو ذات مصلحة وارتباط بها ....وهذا موضوع يحتاج الي مراجعه صادقة ...وتقييم جاد ....لإعادة رسم خارطة الفصائل وطبيعتها.... والتحديات التي تواجهها ....ومدي أهمية وجودها وبهذا العدد الكبير الذي يشتت الجهود والطاقات ....ولا يزيد بأي حال من الاحوال من اغناء التجربة الديموقراطية والتعددية السياسية ...فالفرق شاسع ...ما بين الاعداد والتعددية السياسية الفكرية الايدلوجية ....وأهمية التنوع في العمل الفصائلي والحزبي ....الذي يضيف للحالة السياسية ...تجارب اضافية لها مدلولاتها الديموقراطية ...كما دلائلها السياسية .

موضوع الفصائل يحتاج الي خطوات توحيدية ....ما بين الفصائل ذات الفكر والايدلوجيا الواحدة ....حتي لا نصبح أمام أعداد يسهل نسيان بعضها ....هذا اذا كان ممكنا من الناحية الفكرية والايدلوجية والمواقف السياسية ....والاهم اذا كان ممكنا من الناحية الشخصية ومصالح الافراد والقيادات .

ما سبق ليس مضمون مقالتي والمراد قوله .....حول الفصائل والانتخابات ....على اعتبار أننا قد وصلنا جميعا..... لمرحلة الحاجة الملحة لتجديد الشرعيات ....وتجديد المؤسسات ....وأن يقول الشعب كلمته ....ويحدد رأيه وموقفه ....بعد سنوات طويلة.... أخذنا فيها الي أقصي اليمين وأقصي اليسار ....وزادت السنوات علينا شدة وقسوة .....وزادت التحديات والمصاعب ...ولم نلمس الكثير من الانجازات .....بل صدمنا بحالة انقسامية ....زادت من همومنا ومصاعب حياتنا ...ووضعت قضيتنا أمام مفترق طرق ...ومنزلقات خطيرة ...تهدد مستقبلنا السياسي ...وتجعلنا في موقف النسيان والضياع ....أمام تحديات اقليمية وعالمية لا زالت تزداد بحدتها وتحدياتها .

وحتي لا يفهم من كلامي أن كل ما هو جديد ....يمكن أن يكون الافضل ....فالتجربة بكل خصوصيتها ....قد أثبتت أن غالبية قياداتنا الذين رحلوا أو استشهدوا ....كانوا الأفضل بنتائج تجربتهم ....وسلوكيات عملهم ....الا أن حركة التاريخ وطبيعة الاشياء ...تفرض علينا أن نسلك الطريق ...باعتباره ممرا اجباريا لا حياد عنه .....حتي ننهي هذا الكم الكبير من الشعارات والتصريحات ....والشخصيات التي نراها على مدار اللحظة ...والتي طال انتظار تجديدها وتغيرها.... ليس كرها فيها( لا سمح الله) ولا اعتراض على شخوصها .....ولكنها حركة التاريخ.... والتجديد ....الذي يجب أن يطال كافة مناحي حياتنا ...سعيا للأفضل وحتي نحقق أفضل النتائج..... هذا اذا ما كان للتجديد نتائج افضل .....يمكن أن نحصدها وليس العكس تماما

لنا تجربة مريرة مع كلمة التغيير ...حتي أصبحنا نكره التغيير..... على قاعدة أن من نعرفه قد يكون أقل ضررا ممن لا نعرفه .....الا أن التجربة ومتغيرات الواقع ...تفرض علينا أن نخوض التجربة ....وأن نحدث التغيير ...وأن نستخلص العبر ...وأن نستفيد من تجاربنا ....وأن نعيد صياغة واقعنا ومستقبلنا ....بما يخدم مصالحنا .

الانتخابات الديموقراطية لا حياد عنها ...ولا بديل عنها ....لأنها حق مشروع ومكتسب ...حق دستوري قانوني ...حق وطني انساني ....يجب أن نمارسه بكل حرية.... وفي ظل مناخ ديموقراطي ....يوفر للجميع حق الانتخاب والترشح والترشيح ....وحتي نجري الانتخابات بشفافية ونزاهة وحيادية ....وحتي تكون النتائج بأفضل ما يتمني المواطن ...وما يخدم مصالحه ويحقق طموحاته العامة والخاصة .

ولكن سيبقي السؤال ....هل الفصائل على استعداد تام للدخول بالانتخابات القادمة ؟؟!!

أم أن الفصائل تستبعد حدوث مثل هذه الانتخابات بالمدي المنظور .....ولا تجد نفسها مضطرة للاستعداد ؟؟!!

أم ان الفصائل ستدخل الانتخابات في أي وقت ....اعتمادا على اسمها وشخصياتها القيادية ...وتاريخ مسيرتها ...وعدد أعضائها ومناصريها ؟؟!!

يصعب الاجابة الشافية والقاطعة ....لمثل هذه التساؤلات .....حتي ولو امتلكنا الجزء اليسير من الاجابة الموضوعية ....والتي ربما تدخلنا بدائرة الانتقاد من فصائلنا التي نحترمها ونعتز بها ...والتي تزداد بحساسيتها ....عند الاقتراب منها ....أو توجيه النقد لها ...وكأنها امبراطوريات مملوكة لأصحابها.... وليس للشعب أن ينتقدها ....أو حتي يقدم النصح لها .

لكنني أقولها وبصراحة شديدة ....أن الفصائل بأغلبيتها غير مستعدة للانتخابات ....لكنها مستعدة تمام الاستعداد للدخول بحكومة وحدة وطنية ...ليتقاسموا فيها ما يمكن تقاسمه ...وكأننا نسعي للحكومة ....ما قبل اعادة ترتيب حياتنا السياسية والديموقراطية ....وتحديد وتجديد نظامنا السياسي ....وعدم الانتظار طويلا أمام شرعيات اصبحت بحاجة الي التجديد والتحديث .

حالة الرضي الشعبي على الفصائل في أسوأ أحوالها ...وهذا مؤشر ودليل على أن الفصائل لا زالت غير قادرة ....أو بالأحرى ليس بأولوياتها وضع البرامج القادرة على مخاطبة الناس وتلبية طموحاتهم ...وتحقيق أهدافهم ....فالحضور الفصائلي من خلال المهرجانات والتصريحات والمسيرات لا يكفي للبناء عليه....وتحديد مدي قدرة وجماهيرية هذا التنظيم أو ذاك .

الانتخابات الديموقراطية .....هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن البناء عليها لتحديد شعبيه كل فصيل ...ومدي شعبيه كل قائد .....أما الاستمرار بواقع الحال ...انما يضعنا جميعا بحالة فراغ ....في ظل ملعب متروك.... كلا يلعب بطريقته ....وبالأسلوب الذي يراه مناسبا ...وهذا ما لا يخدم قضيتنا ....ولا يحقق لشعبنا طموحاته وأهدافه ....وما يضعنا جميعا بحالة الخطر الشديد .

بقلم/ وفيق زنداح