مهما اجتهد البعض منا ... ومهما حاولت بعض الأطراف... بما تمتلك من أوراق وملفات ان تضع نفسها بصدارة مشهد اتمام المصالحة ... فالنتائج لن تكون ... كما يتوقع... من يجتهدون ... او حتى من يحاولون... ومن يحلمون ... لأن هناك الكثير من الحقائق الثابتة والراسخة تاريخيا سياسيا جغرافيا وثقافيا ... تفرض نفسها بكل قوة ...على مجمل أوضاعنا الفلسطينية ... كما أن هناك قناعات ثابتة... وثقة مطلقة ... أن القاهرة بوابتنا للمصالحة ... كما هي بوابتنا لإحداث الانفراج لكافة أزماتنا المستعصية ... وهذا ليس كلاما مرسلا ... وليس تنظيرا سياسيا ... ولكنه قيل بالماضي... ولا زلنا نؤكد عليه في لحظات الأزمة والانقسام ... وما ترتب من نتائج كارثية... لا زلنا نعاني منها على مدار السنوات الماضية .
لن يفلح كل من يحاولون تجاهل حقائق التاريخ ... ومن يحاولون احداث اختراق وثغرات في هذا الحصن المنيع للعلاقات المصرية الفلسطينية... التي تزداد قوة ومناعة وصلابة ... كلما اشتدت الأزمات ... وتعاظمت التحديات ... ولن يجد المتربصين الفرصة السانحة للدخول... واثارة القلاقل ما بين فلسطين ومصر .
نقول بكل صراحة... ولمن لا يتابعون التاريخ ... ولمن لا يقرأون صفحاته وأحداثه قبل سنوات معدودة... وليس قبل عقود ماضية ... أن القاهرة... وللتذكير كانت الحاضرة والمؤثرة في انهاء احداث ايلول بالعام 70... كما أن القاهرة كانت حاضرة باتفاقيتها ما بعد احداث لبنان ... كما ان القاهرة كانت حاضرة في الاتفاقيات ما بعد احداث الانقسام الاسود بالعام 2007 ... كما وأن القاهرة دائمة الحضور والتأثير... وبكافة عوامل الاسناد والدعم وعبر مراحل النضال الفلسطيني... ومنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ... وعقد العديد من المجالس الوطنية في ظل المنعطفات والأحداث التاريخية ...
القاهرة... كانت ولا زالت حاضرة وبقوة... في العديد من المؤتمرات الدولية لإعادة الاعمار ودعم عملية التسوية وتوجهات القيادة الفلسطينية ... كما أن القاهرة ... كانت ولا زالت الحاضرة والمؤثرة في مواجهة العدوان الاسرائيلي وحروبه العدوانية على قطاع غزة والوصول الى التهدئة .
كافة الملفات الخاصة والعامة بالقضية الفلسطينية على صعيد الأمم المتحدة أو المؤتمر الاسلامي وعدم الانحياز و الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ... يكون للقاهرة الدور الأساس والأهم في توفير سبل الدعم والاسناد للقضية الفلسطينية .
التاريخ لا يتوقف ... وحركة الدعم والاسناد لا زالت مستمرة ومنذ عقود طويلة... وعلى كافة الصعد والمستويات ... وهذا ما نلمسه وبشكل خاص نحن سكان قطاع غزة المرتبطين بعلاقات المودة والمحبة بمصر الشقيقة ودورها ورعايتها التي لم تتوقف يوما عن سكان القطاع .
القاهرة... ستبقى العنوان ... والمقر ... ولا بديل عنها... مع الاحترام لكافة العواصم والدول ... الا أن القاهرة ستبقى الحضن الدافئ ... المجمع عليه... من كافة الأطراف الفلسطينية مهما كانت علاقات تلك الأطراف مع دول أخرى ... الا ان القاهرة لا بديل عنها ... ولا حياد عن دورها .
الملف الفلسطيني... ومهما اشتدت أزمته وتفاقمت أوضاعه ... ليس ملفا يسهل التعامل معه من قبل أطراف اقليمية... لا خبرة لها ... ولا دراية تمتلكها ... ولا تأثير يمكن أو يتوفر لها ... لأسباب عديدة ... لا داعي لذكرها ... ولكننا نختصرها ... بعبارة واحدة... وباستثناء القاهرة ... ليرفع الجميع أيديه ... وليعمل الجميع... على مساعدتنا من خلال بوابتنا الشرعية وقيادتنا الوطنية المتمثلة بمنظمة التحرير والرئيس محمود عباس .
فالأمور محسومة ... والعناوين واضحة ... والملفات محددة ... ولا مجال لغيرنا أن يتحرك ... أو يحاول ... لأن القاهرة ... عنواننا الرئيسي وبوابتنا التي تحتضن كافة لقاءاتنا بما يخدم فلسطين وشعبها .
ان كل محاولة بعكس الحقائق السياسية الثابتة والتاريخية المعلومة والمؤكدة ... ستبقى مضيعة للوقت ... وتشتيت للجهود ... واعطاء المزيد من الفرص للمماطلة واطالة أمد الانقسام .
المصالحة لم تعد كلمة تردد ... أو شعارا يرفع ... لكنها مصالحة ... المصلحة الوطنية ... والتي تؤكدها الظروف والمعطيات القائمة ... على اعتبار أن المصالحة ... وانهاء الانقسام الأسود ممرا اجباريا ... وخيارا وحيدا ... ومخرجا منقذا للحالة التي وصلنا اليها .
ان الانقسام الأسود ... وما ترتب عليه من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة ... سيحتاج الى عقود طويلة لمواجهة اثاره ونتائجه ... المسألة لا تختصر بلقاء ... وتوقيع ... ومصافحة هنا أو هناك ... كما أن المصالحة... لا تتحقق بمفهومها الشمولي الوطني من خلال حكومة وحدة ... أو من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية... بل كل ذلك... وأكثر من هذا بكثير ... وهذا ما يتطلب مسؤولية وطنية وتاريخية ... وانهاء كامل للتجاذبات والمناكفات ... واسقاط لكافة الأجندات الخاصة ... واعتراف كامل بأن ما تم بالعام 2007 خطيئة وطنية... يجب أن لا تتكرر وأن كافة المبررات والذرائع ... التي تم محاولة تسويقها لم ولن تجد طريقها .
بل كل ما حدث ...من أحداث مؤسفة ... ونتائج كارثية ... يعتبر نظرة أحادية ... ومصلحة ضيقة ... وشخصنة لقضايا وطنية... لا علاقة لها بالوطن والقضية .
القاهرة ... عنوان مصالحتنا ... كما أنها عنوان مصالحنا ... والحديث بهذا الأمر يتسع للكثير مما يمكن الحديث عنه ... لكن الجميع يدركه ... ونحن يجب أن نسلك طريق القاهرة... دون كلل أو ملل ... ولا طريق غيرها .
الكاتب/ وفيق زنداح