على أنقاض شعب ضارب جذوره في الأعماق, فوق تاريخ شعب يأبى النسيان أو أن يموت ساكنًا صامتًا عبر عقود الزمان, هو شعب خلق ليحيى شامخًا بين الشعوب الحرة, ارتضى لنفسه أن يكون سدًا منيعًا في وجه الطغيان لتزول دولة الاحتلال ويقول لها إننا عائدون ولو بعد حين, عائدون منتصرون لنعيد للأرض كرامتها ولنطهر ما تبقى من رجز خلفه المحتل في أراضيها في مساجدها كنائسها قراها ومدنها, جبالها سهولها, وحتى صحرائها وبحرها ونهرها.
عقود تجاوزت ستة وما زالت تحتل أرضنا بقرار أممي يعلن عن قيام دولة الظلم فوق أرضنا, شعب شرد وهجر بل وارتكبت بحقه مجازر في محاولة لمحوه واندثاره لعل دولة المحتل تهنئ بهدوء وسكينة وتبني حضارة فوق دمائنا, لعل أبناءنا ومن تبقى منا أن ينصهر في دولتهم وكما قالوا في قولتهم الشهيرة "يموت الكبار وينسى الصغار" .
وها هو الشعب الفلسطيني بعد اربع وستون عامًا يقول للأشهاد "استشهد الكبار ولازال الصغار على دربهم ماضون" فما أرهبتنا مجازرهم ولا أسكتتنا صواريخهم ولا استطاعت إغراءات محتل أن تجعلنا نصمت على وطن قد سرق ونهب منا.
هو يوم الارض كما نسميه هي عيد لديهم حيث تكتمل جرائمهم بحقنا, ولكن لم يفهموا رسالة شعب على مر عقود تقول لهم وللدنيا بأسرها هي ارضنا لن ننساها ولكن ستكون يوم زوال لدولتكم لن نقبل يوما ببقائها على صدورنا تجثم وعلى أرضنا تعلو حضارتها, فنحن أصحاب الأرض وأصحاب الحق لن نفنى ولن نموت إلا بزوال دولة المحتل الغادر لنبقى بعمق فلسطين كما جذور الزيتون .
إن أرض فلسطين أرض الثبات ورمز الصمود, هي عنوان التحرر والبقاء, أجيال تسلم أجيال مفاتيح البيوت وتورثها لأبنائها وتروي لهم حكاية شعب شرد من أرضه بليل تحت ترهيب ابتدعه المحتل وصمتت عليه الامم, فقتل أبناءنا وشيوخنا ونساءنا ولم يترك رجالنا إلا أشلاء أو أسرى ليبقى الرعب والخوف في حياة من تبقى من أجيالنا لنقبل ونصمت عن فلسطين تسرق لتكون إسرائيل تحل مكانها, ونقبل بأن نكون في أطرافها شعب مشرد يعيش على الكفاف والمعونات الدولية و"بطاقات الاونروا" التي نعتبرها وصمة عار على جبين الأمة وعلى جبين العالم الذي يدعي التحضر والمدنية ويرفع شعار الإنسانية.
ولازال الاحتلال الإسرائيلي في زمن الحضارة والمدنية هو الاحتلال الغاصب الأوحد بالعالم وما زال قائمًا فوق أنقاض حضارة شعب, لم تنصفه الهيئات الأممية والدولية ولا منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المسميات التي طالما بقيت قضيتنا في أدراجها تغطيها الأتربة, وتآكلت من غبار الزمان القابع فوق صفحاتها, عقود تمر والحال باقي على ما هو عليه رغم لجوئنا إلى كل ما من شئنه أن يحمينا وينصفنا ويعيد لنا حقوقنا بينما اتضحت صورة مرعبة تدلل على مدى التواطؤ الدولي والأممي مع هذا المحتل ضد شعب لا يقبل النسيان ولا يقبل التفريط بأرضه وعرضه ولو ملكونا دولة على أية بقعة من بقاع الأرض, فلن نقبل أن تكون غير فلسطين هي بلادنا وغير القدس هي عاصمتنا.
يا من تقولون أنكم أصحاب قانون دولي يحمي الضعيف وينصف الضحية فنحن اليوم ما عدنا نؤمن بكم ولا بقوانينكم ولا بتصريحاتكم, فأنتم شركاء محتل صمتم عليه عقود وهو يبطش بنا ويقتل منا ما شاء ويدمر بيوتنا, ولم يبق لنا من أرضنا مكان إلا ووضع فيه بصماته الخبيثة ليمحو آثار وجودنا فيها ويدعي أن فلسطين بلاده وحضارته وتاريخه وهو المستعمر المحتل الذي جاء من أقاصي الأرض لم يعش يومًا على أرضنا ليدعي أنها أرض أجداده التي لم تطأ أقدامهم يوما ترابها.
في يوم الارض نرفع شعارنا عاليًا في عنان السماء لتصل رسالتنا إلى كل من يهتم بأمر قضيتنا, إننا لن نساوم ولن نفرط في حبة رمل من تراب فلسطين وسنبقى لها أوفياء وأجيالنا لن تنسى أن لها أرض اسمها فلسطين حتى وإن قالوا عن تل الربيع - تل أبيب وان قالوا عن الضفة وغزة - يهودا والسامرة ستبقى أرضنا حية فينا نسلم مفاتيح بيوتنا لأجيالنا تتوارثها ليعود جيل يفتحها ويعيد بناءها ويرفع على القدس راياتها لتبقى فلسطين يرفع علمها بين رايات الأمم عاليا شامخا وإن لون بدماء أبنائه فلن تكون دماؤنا أغلى علينا من أوطاننا التي هي في قلوبنا نستنشق منها ما يحيينا وستبقى الراية.
بقلم/ محمد فايز الافرنجي