بمناسبة عيد الكذب، وساحاول ان اضرب امثله في مقالي هذا عن صور الكذب والفوضى والغدر التي رايتها في فلسطين. عشت وتعايشت مع كافة الشعوب لكن لم اجد أي صور الكذب واللف والدوران والفوضى التي توجد لدينا. دول الخليج لديهم مشاكل بين السنه والشيعة الا انهم يتفقون على النظرة العنصرية نحو العرب والاجانب فممكن يستغنوا عن الاجنبي او العربي متى شاءوا بدون اسباب او مراعاة لظروفه، لكن من النادر ان تجد للكذب مكان في حياتهم بل تجد الشيعي يطالب وجها لوجه بحقوقه بدون خوف او مناوره. دول اوروبا ايضا تحكمها العنصرية نحو العرب، ومن النادر ان يسمح للعربي بالعمل في وظيفه راقيه بهذه الدول بسبب عدم ثقتها به، فنجد معظم العرب سمح لهم اما الدراسة او العمل بمحلات تجاريه او اللجوء، لكن من النادر ان نجد للكذب مكان في حياتهم وتعاملاتهم يغلبها الصراحة والمصداقيه والنظام. في دول افريقيا ترتفع وتيرة الجريمة لا على معدل حتى ان جميع بيوتهم محصنه لا على مستوى وتسود الكراهية الشديدة من السود للبيض، بل ان تكون ابيضا يعتبر جريمة في نظرهم بغض النظر عن جنسيتك، لكن مع هذا من النادر جدا ان نجد للكذب مكانا في تعاملاتهم وتغلب تعاملاتهم النظام والمصداقيه. الشعب المصري والهندي والصيني هي شعوب اجتماعيه فيما بينها وتساعد بعضها البعض والاخرين ومن النادر ان تحكم علاقاتهم الغدر والكذب.
استطيع ان اقول ان معاناة الشعب الفلسطيني اثرت كثيرا على اخلاقيات الكثير منهم بشكل اساسي، فقد اصبح عدد منهم يكذب ويعصب ويلف ويدور ويزحلق بأساليب ملتويه ممنهجه، وبات الاخ لا يثق بأخيه والمواطن لا يثق باي مواطن اخر. وساحاول ان اضرب امثله في مقالي هذا عن صور الكذب والفوضى والغدر التي رايتها في فلسطين من خلال تجربتي:
1. مع انني حاصلة على دكتوراه في الطاقة، الا انني رأيت كافة اشكال اللف والدوران من سلطة الطاقة وشركات الكهرباء لمنعي من العمل في مجال تخصصي خشية من وصولي لمنصب عالي باساليب ملتويه سواء قبل الانقسام او بعد الانقسام منذ عام 1998 بينما جميع تعييناتهم كانت قائمه على الواسطة لموظفين لا يحملون تخصص بالطاقة حتى على مستوى البكالوريوس . اتفاجأ بمسئول يدعي ان مؤهلي اعلى من احتياجاتهم لزحلقتي، ومسئول اخر يقول لي انه ليس من الضروري ان يكون عندي دكتوراه لكي اكون متمكنة من العمل بالشركة ومن ثم علي ان اسوق نفسي اليهم بالعمل التطوعي، ومسئول اخر يتساءل ماذا سأضيف لهم من بين اكثر من الفين موظف يعملون بسلطة الطاقه وشركات الكهرباء، ومسئول اخر يرسل لي شخص غير مؤهل لمقابلتي لكتابه أي تقرير عني، ومسئول اخر يقول لي لا يمكن ان يشغل فتاه في محطة توليد بسبب نوعيه العمل والنوبات، ومسئول اخر يطالبني ان انتظر اعلان وعندما ينزل اعلان لمهندسين اتفاجأ انهم حددوا السن اقل من 30 عام وكأنهم يبحثون عن عرسان وعرائس اضف ان امتحاناتهم خيار من متعدد مليئة بالأخطاء فلا يمكن ان تقيم المتقدمون، وعندما اريد ان اتقدم لوظيفه مدير اتفاجأ ايضا ان الاعلان وهمي وقد حددوا العمر فيه اقل من 40 سنه او 45 سنه حسب مزاج المسئولين والغوا الامتحان بينما المقابله صوريه بدون أي اساله مهنيه، بل تجد من ينفخ في وجهك طيلة المقابله ليجعلك تشعر بالفشل، ومن ثم يتضح ان المقعد محجوز مسبقا. هذه صور من الكذب التي تسود مؤسسات الطاقه تحديدا حسب تجربتي معهم وتسود مؤسسات اخرى لزحلقه المؤهلين المتخصصين ومنعهم من العمل في هذه المؤسسات، فاين ممكن تتواجد هذه الاساليب ؟؟
2. جامعات فلسطين، تعاني كل اشكال الفوضى الأكاديمية والإدارية. جميع الشواغر محجوزة مقدما. جامعات فتح مختصه بتعيين ابناء فتح وجامعات حماس مختصه بتعيين ابناء حماس حصرا، وان وجدت اعلانات فتكون اعلانات وهميه باعترافهم فيعلنون ان الوظيفة نزلت بشكل صوري لتعيين شخص بعينه تمت دعوته للمقابلة واستثناء الاخرين، وان وجدت جامعه تقدرك فهي تطالبك بالعمل التطوعي لديها بحجة قلة عدد الطلاب لتعطيك عقد بعد عام بدون ضمانات. بل حتى لو وجد الشاغر يكذبون عليك ويدعون عدم الحاجه لمدرسين بانتظار المهدي المنتظر ليشغل الشاغر.
3. الوظائف الحكوميه والاهليه مليئه بكافة اشكال القهر الوظيفي تحت مسمى التسلسل الاداري. يوضع الموظف تحت رحمة مديره بالعمل. ان شاء مديره ان يستفيد منه، فله مطلق الحرية في ذلك، لكن ما يحدث ان المدير الضعيف في مؤهلاته واخلاقياته عندما يشعر ان هذا الموظف ذكي وعالي المؤهلات وممكن ان يصل بسرعه، يعمد الى تهميشه في العمل ليشيع عنه انه غير صالح للعمل. عندما يستمر حال المدير معه بالتهميش يرفع رسائل للإدارة يطالب بتفعيله بالعمل او نقله لا داره اخرى. لكن أي رسائل يجب ان تمر من خلال المدير وفق قوانين العمل التي تحتم التسلسل الاداري، فيعلق المدير عليها كما يشاء، كأن يدعي ان الموظف سيء السلوكيات والاخلاقيات، وهذا من منطلق ان الهجوم خير وسيله للدفاع السياسة السائدة في فلسطين. وعندما يتظلم الموظف للمجلس التشريعي او مجلس الوزراء او النيابة او نقابته ويرفع شكوى على مديره ومن يكيدون ضده بالعمل، ترفض شكوته بحجة ان هذه مشكله داخليه يجب حلها فقط في المؤسسة وقد يحال للتحقيق لرفعه شكوى لجهات خارجيه. من هنا جميع الابواب مغلقه في وجه الموظف، ويبقى الحل النهائي لهذا السيناريو ان يمن الله عليه بتغيير الطاقم الاداري في هذه المؤسسة ليأتي اشخاص اعلى تأهيلا وصلاحا لا دارة الاقسام. للأسف هذا سيناريو يتكرر في جميع مؤسساتنا فقوانينا تحمي الفاسدين، فهل يحدث باي مكان بالعالم ؟؟؟
4. الانقلاب الذي لجأت اليه حماس عام 2007 لتختصر الطريق فتسيطر على كافة المؤسسات المدنية والعسكرية والمعابر لتعين وتعتقل وتجبي وتستفرد في القرارات والاراضي والاموال ودفع اهل غزه الفاتورة بالحصار واغلاق المعابر الدائم والبطالة والحروب التي استشهد بها الالاف ودمر به القطاع بدون اي نتائج لرفع الحصار وكأن الحرب لعبه، وكل ذلك في سبيل ان تبقي حماس سيطرتها على القطاع وتتحكم بالتوظيف والجباية والامن، هل يحدث باي مكان بالعالم ؟؟
5. المصالحة الوهمية التي يتم الاعلان عنها بتوافق الطرفين فتح وحماس، ثم نتفاجأ بمناورات حماس تحديدا باعتبارها الطرف المسيطر بالقطاع لعرقلة عمل الحكومة، فاتفاق المصالحة لا يعني لها الا تحقيق مزيد من المكاسب بان يعتمد موظفوها مع بقاءها مسيطره على كافة المؤسسات المدنية والأمنية والمعابر من خلال موظفيها واجهزتها الأمنية بالوضع القائم وبدون عودة الموظفين القدامى.
6. الاهمال الطبي المتفشي في مستشفياتنا ودائرة العلاج بالخارج، بل يعاني المريض كافة اساليب الزحلقة والاهمال ليمنع تحويله للخارج، ويضطر المريض للجوء للمناشدات والوساطات ليأخذ حظه في التحويل للخارج. هل يحدث هذا باي مكان في العالم ؟؟
7. بل وصل الغش لا بحاث الماجيستير، حيث يوجد في غزه مراكز ابحاث مختصه لا عداد ابحاث ماجيستير للطلبة، فهل يحدث هذا باي مكان بالعالم ؟؟؟
8. الواسطة والرشاوي التي تحكم مجرد السفر عبر معبر ايريز ومعبر رفح ويستفيد المتنفذون من الفصائل من معاناتنا ، بل حتى مبادرة معبر رفح رفضتها حماس وجعلت من معبر رفح وحق المواطنين بالتنقل ورقه تقايض بها على رواتب موظفيها تحت مناورة الرزمة الواحدة.
9. الاعتقالات السياسية في غزه بدعوى التخابر مع رام الله، واخرها اعتقال منذر محسن، بل اصبحت الشكوى لأي وزير على أي قرار يتخذ من وكيل وزاره في غزه تخابر، اضف للإعدامات في صفوف الفصائل لعناصرهم خارج اطار القانون بحجة التخابر مع الاحتلال بدون ادله دامغه، في أي مكان يحدث هذا الالتواء ؟؟
10. بل حتى الفتاه تجد انها ملاحقه عندما تعلق في الفيس بوك او أي موقع بالنت بمافيا من الفلسطينيين المجهولين لا تعرف لهم عنوان يقومون بسياسة ممنهجه لتشويه سمعتها وتدمير حياتها بمجرد وصولهم لاسمها.
11. بل حتى المجلس التشريعي في غزه ومؤسسات مكافحة الفساد يسود عملها الواسطة والحزبية. لو اشتكى مواطن على أي مؤسسه لأي ظلم تعرض اليه او سياسة خاطئة تحفظ شكوته بحجة انهم لا يتدخلون بعمل الوزارة وكأن وكلاء الوزارات قديسون وان كان السبب الرئيس هو عدم الانتماء لحماس ليتم انصافه.
الغش والكذب والواسطة والمحسوبية واللف والدوان والفوضى هي عناوين بارزه في كافة المجتمعات، فمتى نتخلص منها ؟؟؟ علما انني كتبت المقال مع انه سينال امتعاض البعض لا صلاح هذه المظاهر التي ذكرتها وانا لا اشمل بها جميع الفلسطينيين فحتما هناك الشرفاء .
سهيله عمر
[email protected]