منذ عقود كان هناك خلط بين مطالب التيار التجديدي في حركة فتح ، والتيار الاصلاحي في داخل هذه الحركة ، وهل فعلا ً وفي كلا الاتجاهين والمطلبين قد حققت فتح شيئا مهما في جانب الاصلاح او التجديد
لا اظن ذلك ، فالمعوقات كبرى ، فالمؤتمرات الحركية لا تعقد الا بتوجهات فردية لا تنم الا عن توجهات قائد الحركة ، وان عقدت المؤتمرات فهي لا تعبر ايضا في توجهاتها الداخلية الا عن ماذا يريد رئيس الحركة واقطابها ، المركزية الديمقراطية بكل ما يقال عنها من الركوع في النهاية لدكتاتورية القرار ، الا انها معطلة .
اذا ما فائدة المؤتمرات الحركية بكل مستوياتها القاعدية والقيادية ، ان لم يكن هناك فكرة التجديد والاصلاح في توجهاتها والخضوع لديمقراطية المؤتمر وما انتخبه المؤتمرون في عملية شفافة تخرج عن الحسابات والموازين للوبي الذي يدير هذه الحركة .
التيار التجديدي في داخل حركة فتح لم يرى النور ، كما هو التيار الاصلاحي ، ولا استطيع الفرز بين التيار التجديدي والتيار الاصلاحي ، فهو تيار واحد وان بدى على السطح أي مؤثر لهذا التيار يتسارع المتمترسين في مواقعهم في تشويه هذا التيار والقاء التهم والقرارات والتجميد والفصل والاقصاء والتشهير بتهم ما انزل الله بها من سلطان
كيف يمكن ان تسير حركة وهي غير قادرة على التجديد وغير قادرة على تسلم الاجيال المتتالية موقع القيادة وبقيت كما هي عليه منذ ان انطلقت بحجة التيار التاريخي وجمايل التيار التاريخي حتى اصبح على الحركيين بل على الشعب الفلسطيني ان يقدسوا هؤلاء.. ان اخطأوا ام اصابوا ... ان اهملوا النظام ام لم يهملوه .. ان تجنحوا عن ادبيات الحركة ام لم يتجنحوا ! ، المهم انهم التاريخيون في هذه الحركة بلا حسابات وبلا دراسات وبلا مراجعات
هل هكذا يمكن ان تصل حركة التحرر الى اهدافها الوطنية المنشودة
لقد عانت حركة فتح وعانت الايكونة الفلسطينية بكاملها من القرارات الفردية والمزاجات الفردية وما الحق بها من مهللين ومصفقين ومزغردين حتى في اعمق الجروح الوطنية هم مزغردين ومصفقين ومهللين للنصر المبين ، لم يلتفت احد الى ان التيار الاصلاحي او التيار التجديدي او كما تسمونه سموه ... هو التيار الذي حمل العبئ بكل مراحله امام صلف قيادي دكتاتوري مهين للتجربة ومهين لحركة التحرر ومهين لمطالب شعب
امام هذه المعضلات التي تتعرض لها حركة فتح ومن خضم التجربة والمعاناة التي اصبحت لوحاتها منتشرة في كل افق وطني من تهاوي وانسلاخات وانشقاقات وغياب المشروع الوطني الفاعل عن الايكونة الوطنية ، لقد ثبت ان قيادة الفرد هي قيادة مهلكة ليس لحركة التحرر فقط بل لحركة الشعب بكامله ومن هنا كانت الاخفاقات السياسية والفشل السياسي والفشل البرمجي في ادارة الصراع مع المشروع الصهيوني على الارض الفلسطينية ، وبرغم قبول التيار التاريخي بالحل المرحلي الذي آل الى اوسلو بكل مصائبها التي مازال يتلقاها الشعب الفلسطيني الى الآن .
قيادة الفرد التي دعت الفرد يتحكم في اعناق الاخرين ، كوادر وعناصر ومؤسسات وايكونات وطنية اخرى فالقضاء معطل ووزراء بلا فاعلية واجهزة تنفذ ما يريد الدكتاتور المتنفذ في فتح .
القيادة الفردية التي دعت الى ان يصبح البرنامج الوطني هو محل تجارب ومناورات حتى على الثوابت ذاتها وان تغيرت تلك الثوابت بثوابت الدكتاتور المهيمن على قرار حركة فتح .
امام هذه الماساة الحادثة في حركة فتح وبالتاكيد المنعكسة على الساحة الوطنية الفلسطينية بكاملها .. ماهي فائدة المؤتمرات الحركية والمكاتب الحركية ان لم تكن تعبر عن المتغير المتجدد في حركة فتح والمعالج لكل قضاياها واخطائها السابقة .. نرى ان المؤتمرات الحركية وكل افرازاتها لا تعبر في هذه المرحلة الا عن المزيد من الانسلاخات لرؤية الفرد المتحجرة والمهيمن على القرار الحركي ، فان حدثت المؤتمرات واعطت نتائج غير محسوبة لهذه القيادة المتعفنة جمدت الانتخابات ونتائجها واطلقت الاشاعات وبدأت حملات التشويه ولأن الآتي للمؤتمرات خطرا ويمثل خروقات لتوجهات الرئيس او القائد المهيمن .. هكذا هي حركة فتح هذه الايام ومنذ سنوات .
متى تكون حركة فتح تعبر عن آلام شعبها وطموحاته في التحرير واقامة الدولة ، لا نرى في وجود سياسة الفرد ونرجسيته وسيطرته على القرار المالي أي تقدم في اتجاه أي انجاز حركي ووطني ... بل مزيدا ً من الانهيارات التي تصنعها نرجسيات ليغيب العمل الوطني وليبقى الصراع في داخل الاطر .. فالمطلوب الان هو اضعاف حركة فتح وذوبانها .. او ان تصبح منشيت عريض يستغل لصالح نهج .. فلابد ان اقرت القاعدة العريضة من كوادر وعناصر فتح لابد من التوجه الى صياغة القيادة الجماعية وتعديل النظام الداخلي بما يسمح بممارسة هذه الشعائر الديمقراطية بدأ من الاطار القيادي الاول في اللجنة المركزية الى البنية القاعدية للحركة وكذلك يجب البحث بجدية عن نزع صلاحيات التصرف سواء في السلطة او في اطر حركة فتح في الاموال الوطنية والحركية ونزعها من مسؤولية الفرد الى مسؤولية الجماعة لكي لا يقع مزيد من الضحايا امام نرجسيات غاضبة او منزعجة من التيار الاصلاحي او التجديد في داخل حركة فتح
بقلم/ سميح خلف