ان يحاسب كل منا ذاته ..... وان يحسب كل منا ما اصاب وما اخطا......... مسالة انسانية تعبر عن حالة من التوازن الفكري... والانساني.... والنفسي ..... كما انها حالة تعبر عن مصارحة الذات .... ورقي النفس .... كما انها تعبر عن روح المسؤولية .... وحالة النضوج الانساني والمجتمعي .... حالة من الوعي الثقافي ..... وقدرة عالية علي محاسبة الذات .... واستخلاص نتائج ىتجربة ماضية .... والبناء عليها ..... حتي يكون الانسان اكثر قوة .... وصلابة ..... وقدرة علي العمل والابداع والانجاز .... وتحقيق الذات .
يجب ان يحسب كل منا ما له ...وما عليه .... وان لا يترك ذاته دون ان يحسب وبدقة عالية .... وبشفافية خالصة .... حتي لا نحيد عن الطريق.... وحتي نصوب التوجهات ..... ونحدد الاهداف ..... ونرتب اولوياتنا بصورة منتظمة .
نواة أي مجتمع.... تبدا بالانسان اولا..... ولاجله والرقي باوضاعه .... والحفاظ علي كرامته .... وتوفير سبل الحياة الكريمة ....تكون في سلم اولويات اولي الامر.... الانسان ومدي قدرته ان يحسب لنفسه ..... لان من لا يستطيع ان يحسب لنفسه .... لا يستطيع ان يحسب لمن حوله ... ولغيره ... أي ان الانسان الذي لا يستطيع مساعدة نفسه ..... والرقي باوضاعه .... والنهوض بطاقاته .... لن يستطيع مساعدة غيره .....علي اعتبار ان الانسان الفاشل ..... لن يكون عامل نجاح لمن حوله .
مشكلتنا ..... اننا لا نحسب لانفسنا ما نفعل .... ولا نحسب لانفسنا ما تم استخلاصه من سنوات ماضية ..... استعدادا لسنوات قادمة ..... وهذا ما يجعل من حياة البعض منا .... حالة نمطية روتينية ..... لا جديد فيها .... ولا تجديد .... وهنا يكون الانسان قد فقد فرصة ذهبية لاثبات الذات .... وتحقيق النجاح ... وهذا ما سيبقي مسجلا عليه ..... ولن يسجل له .
نخطي.... ونكابر .... بعناد .... ولا نعترف باخطائنا .... نخطي ولا نريد لاحد ان يحاسبنا .... او علي الاقل ان ينتقدنا .... او حتي يصوب مسارنا ..... او يعمل علي ردنا عن اخطائنا..... هذه الظواهر الاجتماعية التي تعيش بداخل البعض منا .... وتدخل بتفاصيل حياتنا.... وعلاقاتنا الانسانية .... ولا تتوقف ..... بل تزداد ضراوة وشراسة ..... وتتفشي كظواهر معيبة داخل مجتمعنا وعلاقاتنا الاجتماعية والانسانية ..... بل تستمر تاثيراتها وتفاعلاتها وانعكاساتها السلبية علي علاقاتنا الوطنية والسياسية .... وبصورة اكبر .... واكثر تاثيرا وانعكاسا سلبيا .... بمجمل مردوداته التي تؤثر علي مجمل مناحي حياتنا .... وفكرنا .... ومنهج عملنا.
الحركة السياسية الفلسطينية بمعظمها ..... وان لم نقل غالبيتها حركات مناضلة .... لها عطائها .... وانجازاتها .... لكنها لا زالت غير قادرة .... ولا تمتلك الشجاعة .... والقدرة علي المحاسبة .... لكي تحسب مسيرتها ... ولا تمتلك شجاعة محاسبة ذاتها .... ولا حتي ان يحاسبها احد .... او حتي ان ينتقدها احد .
وهذا خلل واضح وكبير .... يؤدي بنا الي ترسيخ نمطية الفعل .... وعدم انتظامه .... وبالتالي سنجد النتائج بعكس ما نتمني ... ونامل ... وهذا ما يحدث حالة من الارباك والتراجع ...وربما حالة من الهوان والضعف .... الذي نحاول تغطيته ... دون ان نعمل علي علاجه بصورة جذرية .... لاننا لا نحاسب انفسنا.... ونترك امورنا .... وتوجهاتنا .... دون حساب ومراجعة .... ونعمل علي تغطية اخطائنا .... وعدم الكشف عنها.... وكان ما يهمنا .... وفي سلم اولوياتنا .... ان لا يعرف احد عيوبنا .... او اخطائنا .... او لماذا فشلنا ؟!
كل فصيل سياسي يجب ان يحسب مراحل مسيرته .... وما تحقق من انجازات وما تم من اخفاقات .... كما يتم مراجعة الشعارات والاهداف المعلنة .... وحساب ماتم تنفيذه .... ومن لا زال قيد التنفيذ .... ومن لا زال غائبا عن اولويات التنفيذ .... وما تم الفشل بتحقيقه .... لان الفشل ليس عيبا .... او حراما... بل ان الفشل الذي يتم دراسته من خلال اسبابه ونتائجه .... ربما يولد حالة من محاسبة الذات .... كما يوفر ارضية استنهاض الطاقات .... وتسخيرها والعمل بارادة اكثر صلابة وقدرة علي التنفيذ .
القسوة علي الذات ... وحتي جلد الذات ... ربما لا نرغب بممارستها .... لكنها اهون بكثير من التهاون .... وسياسة الطبطبة .... والاهمال .... والي حد النفاق .... وترك الامور علي غاربها.
نحن احوج ما نكون لنحسب لانفسنا كل صغيرة وكبيرة .... لا ان نجلد ذاتنا .... مع اننا يجب ان نجلد الذات اذا كان في هذا علاجا ومخرجا .... من حالة الجمود ... والتراجع ... والمكابرة .... واستمرار المزايدات .... التي تزداد بتاثيراتها ..... والتي تصل لحالة من الغرور والتعالي وعدم رؤية الاخر .
لا يجوز ان يستمر البعض منا بمسيرته دون ان يحسب لها .... ودون ان يراجع الذات وما حولها .... وان يدقق بما انجز وبما تم اخفاقه .... وان يسجل مقدار التراجع ونسبته ومستوياته .... وان لا نعيش الوهم وخداع النفس .... لان من يحسب .... ويراجع ... يدقق... يصوب .... ويستخلص العبر والدروس .... سيجد نفسه اقرب الي الصواب .... واكثر شجاعة وقدرة علي الحساب والمحاسبة.
بقلم/ وفيق زنداح