خلال الشهر الماضي تطورات هامة حصلت بالبرازيل وما زالت احداثها تتفاعل حتى اليوم، اهمها محاولة اعتقال لولا او اختطافه من قبل المخابرات البرازيلية بقرار قضائي مشبوه، ونشر المحادثات الهاتفية بعد التنصت عليها بقرار قضائي، مع الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف وعدد من الوزراء، والجدل الذي حصل بعد ذلك حول قانونية التنصت وقانونية النشر، فالقاضي الفيدرالي Sergio Moro الذي اصدر القرار يبرر موقفه ان التنصت كان على لولا بصفته مواطنا عاديا ولم يكن القصد التنصت على رئيسة الجمهورية او الوزراء، وأن ما نشر يأتي ضمن القانون، اما الحكومة فاعتبرته مخالفا للقانون، باعتبار أن الطرف الاخر بالمحادثة لديهم حصانة.
احد القضاة الفيدراليين اصدر حكما يمنع به لولا من تولي منصب رئيس الوزراء مباشرة بعد تعيينه، قاضي المحكمة الدستورية Gilmar Mendes اكد بحكمه ايضا انه لا يجوز تسمية لولا لأي موقع حكومي وليس فقط ممنوع تعيينه، رئيس المحكمة الدستورية Ricardo Lewandowski بقراره طالب القاضي الفيدرالي Sergio Moro ارسال كل ملف الرئيس السابق لولا الى المحكة الدستورية للاطلاع على سير التحقيق من اجل التأكد من نزاهته وطريقة التحقيق السائرة، اما Marcos Aurilio قاضي اخر بالمحكمة الدستورية البرازيلية، اصدر حكمه بأن يتم فتح ملف عزل نائب الرئيسة ميشيل تامر الذي لديه شبهات وتهم هي مشابه لتهم الرئيسة ديلما، هناك اعترافا غير مباشرة من قبل القاضي الفيدرالي باعترافات باخطاء بمجريات التحقيق والتنصت، فهو يعترف انه التنصت على مكتب محاماة يدافع عن لولا دا سيلفا كان غير مقصود، فهذا ممنوع بالقانون، فالمؤشرات تقول ان هناك اخطاء وتجاوزات بمجريات التحقيقات.
قضاة المحكمة الدستورية، منقسمين بمواقفهم فمنهم من هو منحاز الى الحكومة الحالية واخرين معارضين وبشدة لها، وهذا ما يعزز مقولة ان الانقسام بالبرازيل هو سياسي اكثر منه محاربة الفساد واستئصاله.
خلال شهر اذار شهدت البرازيل مسيرات ضخمة بين معارضة ومؤيدة للحكومة، مسيرات المعارضة للحكومة لا تعني أن من شارك بها محسوب على المعارضة البرازيلية، فطرد Aecio Neves رئيس اكبر حزب معارض وحاكم ولاية ساوبولو من متظاهري سابولو واتهموهم بالانتهازية فاضطر للخروج من وسط الجماهير، حصل هذا يوم 13/03، اما المظاهرات المؤيدة للحكومة كانت فوق التوقعات حيث احتشدت الجماهير بالملايين بشوارع المدن البرازيل، ولكن باجمالها لم تكن بمستوى المظاهرات المعارضة.
التحقيقات كشفت حتى اللحظة ان الفساد بالبرازيل منذ منتصف الثمانينات، حيث تم الكشف عن اوراق ووثائق باسماء ما يزيد على 300 شخصية حكومية ونواب وشيوخ ووزراء ورؤساء سابقين وحاليين، وهناك وثائق اخرى قبل 20 عاما تم الكشف عنها واعتبرتها المباحث البرازيلية انه تقادمت، قرار رئيس المحكمة الدستورية مع ما كشفت عنه الوثائق، خففت من الضغط على حزب العمال والرئيس السابق لولا والرئيسة ديلما، لتأخذ الازمة مسارا اخرا، وهو التركيز على عزل ديلما او استقالتها او تقديم موعد الانتخابات، حيث تشهد العاصمة برازيليا اليوم محاولات كسر عظم حول طبيعة الحل للخروج من الازمة، التي بدأت تأخذ منحى اخرا، 25 حزبا برازيليا متهم بالفساد او الرشوة او استلام مبالغ بطريقة غير قانونية وغير مصرح بها، وهي نفس الطريقة التي يتم اتهام حزب العمال بها وملاحقة قياداته، لماذا ملاحقة حزب العمال فقط؟ كل الاوراق انكشفت ولا احد بريء.
رئيس مجلس الشيوخ يطالب بانتخابات عامة خلال شهر تشرين اول، واطراف اخرى تطالب باستقالة الحكومة، واللجنة البرلمانية الخاصة للبت بالتقرير ستصوت على التقرير خلال الايام القادمة، فاذا كانت النتجية الادانة سيتم رفعه الى البرلمان للتصويت بمقر البرلمان من قبل كل النواب البالغ عددهم 513 برلمانيا وعلى الحكومة ان تضمن 172 صوتا لتبقى.
بعد قرار انسحاب حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية من الحكومة، فإن إحتمالات بقاءها تضاءل جدا، فهي راهن على استقطاب الاحزاب الصغيرة كبديل، من خلال منحهم وزارات مهمة وسيادية بعد التصويت بالبرلمان، وقرار الحزب التقدمي بالتصويت لاستمرار ديلما رفع من اسهم الحكومة ولكنها غير كافية حتى اللحظة.
لا يوجد امام حزب العمال اليوم الا الانتصار بمعركة ربع الساعة الاخيرة التي تحصل، وان يمنع عزل الرئيسة، الاحزاب الصغيرة قد تكون المخرج، الاستفادة من الانقسامات بالمواقف داخل الاحزاب وجه التحديد حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية المنقسم على نفسه، ففي حال نجحت المعارضة بالبرلمان من عزل الرئيسة، فهي ستدعم الرئيس الجديد، وستكون الاغلبية بالبرلمان كبيرة لاغلاق كل الملفات الاخرى التي لها علاقة بفساد عناصر وقيادات من قوى المعارضة الحالية، على مدار العاميين الماضيين لم يدرك حزب العمال وقياداته طبيعة المؤامرة، الصحوة جاءت متاخرة جدا، والتحرك لم يكن بالمستوى المطلوب، حزب العمال يفتقد الى القيادات التاريخية، افتقدها نتيجة اهمال، تم زجها بالسجون دون ان يدرك الحزب حجم المؤامرة، فكيف سكت الحزب كل هذه الفترة ولم يدرك ذلك؟ هل سينجح الحزب بالحفاظ على وجوده؟ بانتظار الاسبوعين القادمين لنرى النتائج ومستقبل البرازيل وحكوماتها الحالية التي ستكون انعكاساتها دولية وليست على مستوى القارة فقط.
جادالله صفا - البرازيل
07/ نيسان / 2016
ملاحظة: ستكون هناك مزيدا من المقالات لتسليط الاضواء على الاحداث اول باول لاهميتها ولدور البرازيل ومكانتها بالقارة وعالميا.