الكيان يقتل أطفالنا في يوم الطفل الفلسطيني

بقلم: فايز رشيد

أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها، فعاد مستشهدا، بكت دمعتين ووردا.
لم تنته الحرب لكنه عاد، عاد مستشهدا… فما بالكم بقتل الأطفال؟
ليتصور كل منّا لدقيقة، أن أطفاله أو أحفاده الأطفال كانوا مكان الأطفال الفلسطينيين؟ مُعرضين للقتل من العدو في كل لحظة؟ أصدرت دائرة إعلام الطفل في وزارة الإعلام الفلسطينية، بيانا أوضحت فيه، أنه استشهد منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية شهر مارس 2015 نحو 2070 طفلا، وجرح أكثر من 13000 طفل. وأضاف البيان، أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 12000 طفل منذ عام 2000، وما زال في سجون الاحتلال 480 طفلا؛ تعرض 95٪ منهم للتعذيب والاعتداء خلال حملات الاعتقال والتحقيق وانتزاع الاعترافات بالإكراه، في غياب محامين أثناء الاستجواب.واستعرض البيان انتهاكات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بحق الطفولة الفلسطينية، منذ بداية انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر عام 2000، وقال: إن الاحتلال يعتقل سنويا نحو 700 طفل، بذريعة إلقاء الحجارة على قوات الاحتلال والمستوطنين، فيما يتعرض طلبة المدارس إلى انتهاكات على الحواجز العسكرية المقامة على مداخل المدن والقرى والمخيمات. وبينت الدائرة، أن الأطفال يواجهون أيضا مشاكل الفقر المتفشي، بسبب تردي الوضع الاقتصادي، والحصار المستمر، خاصة في قطاع غزة، مما يضطر الكثير منهم إلى ترك مدارسهم والتوجه إلى سوق العمل. وبحسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2013، فقد بلغت نسبة الأطفال الفلسطينيين الملتحقين بسوق العمل من الفئة العمرية (10 ـ 17) نحو 4.1٪.
كما أشار آخر تقرير لوزارة العمل إلى أنه يوجد 102 ألف طفل فلسطيني دون سن 18 عاما في سوق العمل، في حين بلغ عددهم عام 2011 نحو 65 ألف طفل. وأوضحت أن 85٪ من أطفال القدس يعيشون تحت خط الفقر. وبحسب جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، فإن عدد سكان مدينة القدس الشرقية يبلغ 371844 مواطنا، يعيش 79٪ من هذا العدد تحت خط الفقر، نتيجة السياسات والاجراءات الاحتلالية بحقهم. وبالنسبة للتعليم في مدينة القدس الشرقية، ما زال هناك نقص في الغرف التدريسية يقدر بألف غرفة دراسية، وبحسب بيانات مديرية التربية والتعليم في القدس، فإن إجمالي الأطفال في القدس الشرقية ما بين السادسة والـثامنة عشرة، وصل عام 2012 إلى 88 ألفا و845 طفلا، من بينهم 86 ألفا و18 طفلاً التحقوا بمؤسسات تعليمية. كما بلغت نسبة التسرب من صفوف الثاني عشر الثانوية فقط في مدارس القدس نحو 40٪، في حين تعاني المدينة من نقص في مراكز الأمومة والطفولة، إذ توجد فقط أربعة مراكز مقارنة بمدينة القدس الغربية التي يوجد بها 25 مركزا تعتني بالأطفال.
تتضمن الإحصائية أرقاما أوسع، غير أن ما أوردناه يلقي صورة واضحة على حقيقة أوضاع أطفالنا في مناطق 67 وبضمنها عاصمة دولتنا القدس، بفعل فاشية الاحتلال الصهيوني، وساديته المطلقة، التي لا يوجد لها مثيل في التاريخ. فاشية جديدة مطوّرة! هذه التي تعتنقها إسرائيل وفاشيّوها المستوطنون، الذين يطبقون أساليبها في التفنن بقتل الأحياء، ولا يتوانون عن ممارسة فاشيتهم حتى بحق الأطفال. الشهيد الفتى محمد أبو خضير أحرقوه حيّاً، لقد سكبوا البنزين في فمه وعلى جسمه وأشعلوا فيه النار،التي التهمته حتى لم يتبق من جثمانه سوى أجزاء محروقة قليلة لم يملأ رمادها سوى كيس صغير. اغتيال الطفلينْ المراهقين محمد أبو ظاهر 16 سنة، ونديم نوارة 17 سنة. قتلهما تم بدمٍ بارد وبصورة غير مشروعة. الطفلان لم يمثّلا خطراً على قوات الاحتلال، وكانا يمشيان بقرب حائط خارج سجن عوفر بالقرب من رام الله. حصل ذلك في 15 مايو الماضي الذي صادف يوم ذكرى النكبة، وكانا في طريقهما إلى بيتيهما، يحمل كلٌ منهما حقيبته المدرسية على ظهره. الطفل محمد الدرّة اغتالوه وهو في حضن والده.. وغيرهم كثيرون.
تعاليم الحاخامات في المدارس الدينية تنص على أنه "يجوز قتل العرب وحتى أطفالهم". فتاوى تشرّع "قتل الطفل العربي لمجرد الشك في حمله لسكين، وإن اقتضى بقاؤه حيا لفترة وجيزة لأخذ المعلومات عن غيره، فبعد انتزاعها منه، يُقتل فورا". فتوى كبير حاخامات إسرائيل أصدرها قبل أسبوع فقط، وتنص على "أن من يوجد على أرض إسرائيل التاريخية (فلسطين كاملة كمرحلة أولى) هم اليهود. وإن وجود غيرهم من البشرصدفة، فيتوجب عليهم أن يكونوا خدما لليهود". أيضا سيجري تقديم مشروع قرار للكنيست قريبا، لإقراره بصيغته الثالثة والأخيرة، يُتيح للمحاكم الإسرائيلية إصدار أحكام بحق الأطفال الفلسطينيين دون سن 14 عاما. ومشروع قرار يتيح لسلطات الاحتلال إبعاد عائلات المقاومين إلى الخارج. وثالث يتيح سحب عضوية الكنيست من النواب العرب، ممن يُظهرون تعاطفا مع "المخربين" أو يقومون بزيارة عائلاتهم. بالتالي ما دمنا لا نستغرب هذه الفاشية الشنيعة والمخُزية من الحاخامات، فكيف نستغرب المذابح التي لا تُعدّ ولا تُحصى بحق الفلسطينيين والعرب والإنسانية جمعاء.
وبالتالي لا نستغرب الجرائم النكراء من جيش تربىّ على تعاليم الحاقد، مائير كاهانا والقادة، بن غوريون وغولدا مائير ونتنياهو ورابين وبيريز وغيرهم. ومن قبل على يدي وتعاليم كل من هرتزل وجابوتينسكي. لا نستغرب هذا الإجرام الذي يُمارس إسرائيلياً، حكومةً وشارعاً ومستوطنين وجيشا وحاخامات.
لا نستغرب ذلك من شارع يتحول بتسارعٍ حاد إلى التطرف والحقد على كل العرب على رأسهم الفلسطينيون بالطبع. لا نستغرب ذلك من دولة تُربّي أجيالها المتعاقبة على أيديولوجية القتل والعنف، وثقافة الكراهية للفلسطينيين والعرب. هذه هي حقيقة إسرائيل، التعبير العضوي عن الصهيونية. الإسرائيليون جميعهم عندما يمارسون القتل ضد الفلسطينيين والعرب، فإنهم يدركون أنهم لن ينالوا عقاباً من محاكم القضاء في دولتهم العنصرية. لقد حكمت المحكمة الإسرائيلية على الضابط المسؤول (شيدمي) عن مذبحة دير ياسين بالغرامة "عشرة أغورات"، التي تساوي "قرشا واحدا".
أما من أحرق الأقصى ومن قام بالمجزرة في الحرم الإبراهيمي في الخليل، فهما "مختلاّن عقلياً" لذا لم يُحاكما. الجنود أو المستوطنون الذين يقومون بقتل فلسطينيين عن سابق إصرار وترصد (وكما حصل في الانتفاضتين الأولى والثانية، وما يحصل في الانتفاضة الحالية) يحاكمون وتصدر عليهم أحكام بالسجن بضعة أشهر، يقضونها في ما يسمى "سجوناً خاصة"هي أقرب إلى فنادق ذات الخمسة نجوم منها إلى سجونٍ عقابية، يخرجون من السجن متى يشاؤون، ويجري الإفراج عنهم بعد قضائهم في السجن (الفندق) بضعة أيام.
هذا لا نقوله نحن فقط، بل عشرات منظمات حقوق الإنسان ومنها: منظمة الدفاع عن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل "عدالة" ولها تقارير مثبتة على هذا الصعيد. لقد برّأ القضاء الإسرائيلي سائق الجرّار الذي قتل عن عمد الناشطة الأمريكية ريتشيل كوري عندما قام بدهسها، بأوامر من جيش الاحتلال عندما كانت تقف أمام بيت فلسطيني، أراد الإسرائيليون هدمه.
اعتقدت هذه الفتاة الأمريكية المناضلة أن الإسرائيليين لن يقوموا بقتلها، هذه هي "العدالة" الإسرائيلية، هذا هو القضاء الصهيوني و"استقلاليته"المزعومة. هذه هي"الديمقراطية" الإسرائيلية، وهؤلاء هم"حاخامات"هذه الدولة. شعبنا لم ولن تُضعف الجرائم الصهيونية من عزيمته القوية على مقاومة الاحتلال، وقام بانتفاضته الثالثة الحالية ولن يتوقف، قبل نيل حقوقه الوطنية، كل حقوقة في العودة وتقرير المصير وإٌقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. لن يتوقف عن المقاومة إلا بعد أن يحمل العدو عصاه على كاهله ويرحل عن أرضنا.. عن برّنا..عن بحرنا… عن ملحنا.. عن جرحنا.. فخذوا أشياءكم وانصرفوا.. لقد تفاعل أهلنا في منطقة 48 مع انتفاضة إخوتهم وقاموا ويقومون بنشاطات واسعة تضامنا مع أهلهم في مناطق 67. هذا ما أزعج ويُزعج إسرائيل، التي تعتبرهم مواطنين ولكن من الدرجة العاشرة.
هذا يثبت وحدة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. المقاومة شرّعتها الأمم المتحدة باعتبارها حقا للشعوب المحتلة أرضها.
الفاشية مدرسة واحدة، لكن الصهيونية طوّرت من أساليبها وأشكالها، وهذا ما نراه يومياً من جرائم ترتكبها إسرائيل بحق أهلنا وشعبنا وأمتنا. الرحمة لشهداء شعبنا ولأطفالنا. المجد لأسرانا وأسيراتنا وأطفال المقاومة القابعين في سجون العدو الصهيوني. العظمة لأهلنا الصامدين في وجه الاحتلال وبطشه الفاشي. الخزي والعار للمحتلين الصهاينة.

د. فايز رشيد
كاتب فلسطيني