إنها الذكرى الرابعة عشر لملحمة جنين البطولية والتي شكلت من خلالها ببضع العشرات من المقاتلين وسط الحاضنة الشعبية لهم من التصدي وقهر جنود الاحتلال وإلحاق خسائر فادحة حتى جعلت جيش الاحتلال يهدم المخيم ليتمكن من اقتحامه كما فعل في مخيم عين الحلوة في لبنان إبان الاجتياح الاسرائيلي .
في هذه الذكرى نقف ونحني القبعة لشهدائنا الأبطال متباهين ومتفاخرين بما قدمو من التضحية والفداء بما تركو من إرث عظيم ، حيث شكلو ظاهرة ومرحلة فارقة في تاريخ المقاومة المعاصرة ضد ممارسات هذا الاحتلال .
حيث حصدت هذه البسالة لأبناء شعبنا 26 جندياً صهيونياً قتلوا في هذه المعركة وجرح 130 آخرون، فيما استشهد نحو 60 مواطناً وجرح المئات، وهدمت غالبية منازل المخيم حيث صمد المخيم على الاقتحام على مدى 11 يوماً بفعل صلابة وبسالة المقاتلين إلى أن أخذ رئيس وزراء الاحتلال أريئيل شارون ورئيس أركانه شاؤول موفاز قراراً بهدم المخيم حتى تتمكن قواته من دخوله، وهو ما حصل في مشهد يجسد البربرية الاسرائيلية .
إن معركة جنين قد مثلت درساً قاسياً لقادة الاحتلال مفاده بأن القضية الفلسطينية لن تموت ، وأن جيلاً من الشباب البطل قرر المواجهه حتى النهاية ليسطر بدمائه الطاهرة ملحمة تاريخية في تاريخ الصراع الفلسطيني ضد المحتل ، في حين توحد المخيم والمدينة والريف في أبهى صور الوحدة والتعاون والتكافل حيث لم نكن نتوقع أن تكون معركة جنين معركة تحرير بحيث استخدم الاحتلال فيها أعتى أنواع الاسلحة ولكنها كانت معركة شموخ وانتصار للإرادة ، لأن هذه الملحمة ستبقى علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني حيث أكدت أن الإيمان بالله وحتمية النصر والقرار والوحدة الوطنية والتحام المقاومة مع الشعب ، والإعداد الجيد للمعركة وتوفر الغطاء السياسي يحقق المستحيل أمام أعتى القوى الصهيونية الظلامية متجسدين في هذه الكلمات :
في كل في درب جربو طغيانهم
من كل صوب صوبو نيرانهم
لكنما الأبطال لم يستلسمو
نفذ السلاح ولا يزل فيهم دم
إلا على أجسادنا قد أقسمو
بالحق يعلو الصوت بالحق يعلو الصوت
تقدمو ...تقدمو...تقدمو....
واختم أسطري هذه في ذكرى معركة المخيم نستذكر قادتها العظماء ممن رسموا تلك اللوحة العظيمة، وهم الشهيد محمود أبو حلوة، قائد كتائب القسام في المخيم، والشهيد محمود طوالبة، قائد سرايا القدس، والشهيد زياد العامر، قائد كتائب شهداء الأقصى، والضابط في الأمن الوطني وقائد العمليات في المعركة يوسف ريحان "أبو جندل" والشهيد القائد القسامي نصر جرار، كما ونستذكر الأسرى الذين رسموا برصاصهم لوحة المعركة ومنهم القيادي في سرايا القدس الشيخ علي الصفوري والمحكوم بالسجن المؤبد، والقيادي في السرايا الأسير ثابت مروادي، والقيادي في حماس الشيخ جمال أبو الهيجاء، وتكتمل اللوحة البطولية بنحو 60 شهيدا سطروا بدمائهم حكايات تلك المعركة التي أصبحت مصدر إلهام للمقاتلين الباحثين عن الحرية ضد هذا المغتصب الذي احتل ارضنا .
بقلم الأستاذ وسيم وني