الحداثة في التفكير السياسي الفلسطيني

بقلم: عدنان الصباح

الفكر هو وعي الفعل وهو التعبير اللغوي الوصفي التحليلي باستخدام سائر أدوات الفعل للذات الجماعية بالمفهوم الإنساني الشمولي بهدف قراءة الحاضر لصياغة خطوط الغد.
التفكير هو استخدام أدوات الغير لقراءة الذات في محاولة للانتقال بها إلى مستوى أصحاب أدوات التفكير وهو لغة العجز عن الفعل باستخدام الهروب لمكونات فعل الآخرين الملموسة أكثر

رؤية عامة:

تطرح هذه الورقة تساؤلات عدة أهمها السؤال الرئيس وهو هل هناك أصلا فكر سياسي عربي أو فلسطيني كون الفكر السياسي العربي هو حاضنة المكونات الوطنية أم أن هناك تفكير سياسي فلسطيني وعربي قائم على ردة الفعل لا الفعل وهذه الرؤيا تنطلق من حقيقة تعريف الفكر على انه وعي الفعل, فمن ينشئ الفكر هو من ينشا أساسه المادي فلا فكر يأتي من الهواء أو من الفراغ والنظريات في العلوم الاجتماعية هي نتاج الواقع الإنتاجي المادي ونظريات السياسة والمجتمع هي البنى الفوقية الضرورية لمواصلة الإنتاج المادي للسلع وتطوره ولذا تأتي البلدان الصناعية في مقدمة الدول الصانعة للفكر بكل مكوناته والفكر السياسي في المقدمة فبينما يقوم الفكر السياسي في الدول الصناعية على مكونات النظام الرأسمالي التعددي المبني على أسس تداول السلطة والديمقراطية والحياة البرلمانية أو النظام الاشتراكي الاجتماعي التعددي – الاشتراكية الديمقراطية - أو النظام الأحادي القائم على ديكتاتورية الطبقة العاملة, يأتي النظام السياسي في الدول الفقيرة ليستند إلى النظم القبلية والعشائرية والتي تتمثل في حكم السيد الإقطاعي أو الأب أو الكبير وقبول حكمه أيا كان, بما في ذلك قبول الانتقال طوعا إلى حكم ورثته وهو ما يمكن تسميته بالنظام الأبوي وهنا لا مجال للفكر ولا للنظم فصانع الفكر هو الحاكم ومصالحه ورغباته ورؤاه بما في ذلك تقلباته وأهوائه وعلى الآخرين بما في ذلك المثقفين وأشباههم التفكير له لا صياغة الفكر ونظرياته.
وأورد هنا على سبيل المثال نماذج لهذه الرؤيا التي تنطلق نحو الدعوة للقومية العربية والفكر القومي بالتحفيز لتقليد الآخر وهذا المفكر الإسلامي البارز رشيد رضا محرر صحيفة المنار ينشر مقالا في عدد المنار الصادر في كانون الثاني 1902 بعنوان " حياة امة بعد موتها " يقول فيه " من واجب المسلمين تطوير معرفتهم السياسية والتعلم من اليهود، الذين حافظوا على الرغم من تبعثرهم، على لغتهم وعلى وحدتهم الدينية. وقد تكيف اليهود حتى مع التقنيات الحديثة وراكموا الأموال، والآن يتطلعون، أيضاً إلى "الملك" عبر منظمات قومية كبيرة "

من هنا ننطلق إلى رؤية التفكر السياسي الفلسطيني الذي تشكلت مكوناته الأولى في البرلمان العثماني إلى أن بدأت فكرة القومية التركية في الظهور والسيطرة فجاءت الحداثة عند الفلسطينيين والعرب ردا على فكرة التتريك بفكرة التعريب بمعنى بسيط – وحدة بوحدة – فقد تذكروا عروبتهم عندما بدأت فكرة قومية الأتراك وهذا لا يمكن أن يسمى فكرا ولا بأي حال من الأحوال, وحتى الجمعيات السرية الأولى التي تشكلت آنذاك انطلقت فقط من باب الرد على فكرة التتريك إلى أن جاء الانتداب البريطاني أيضا وبدأت الحياة السياسية بمجملها تتشكل من خلال الرد على الهجرة اليهودية أو ما يطرحه الاستعمار بدءا من وعد بلفور وانتهاء بالنكبة وقرار إنشاء دولة إسرائيل وانتفاء الشكل السياسي الفلسطيني عمليا فكل الأنشطة السياسية الفلسطينية جاءت ردا على أفعال الآخر أكان الاستعمار البريطاني أو الحركة الصهيونية ومن يتابع الكتب البيضاء والسوداء يرى تلك الحقيقة المأساة.

هذه الورقة تسعى للوصول إلى حقيقة أن الحياة السياسية الفلسطينية لم ترقى بعد إلى مستوى الفكر ومكوناته النظرية بل ظلت تراوح نشاطها بين استخدام نظريات الآخرين في الرد عليهم أنفسهم, وبسبب من كون التفكير السياسي العربي عموما والفلسطيني خصوصا هو رد فعل على أداء الآخرين العملي فان هذا التفكير وتجلياته جاء منغلقا وشوفينيا أحيانا كثيرة ولذا لم تظهر لا في فلسطين ولا في الوطن العربي عموما نماذج لأحزاب ليبرالية حقيقية تقبل الآخر وتتقن التعاطي معه واحترام مكانته ودوره وقبول قيادته على قاعدة تداول السلطة وظلت السلطة في الوطن العربي بما في ذلك في الحياة السياسية عند الفلسطينيين أنفسهم سلطة أبوية ريفية واستخدمت الحداثة بأشكال وأنماط باهتة لا تتعدى الاستخدام اللفظي في معظم الأحيان وذلك بما يوفر خدمة النظام الأبوي واستمراره وليس العكس ولا زال ذلك مستمرا في الحال الفلسطيني حتى اليوم.

مكانة فلسطين:

احد لا يستطيع أن يغمض عينيه عن الدور العظيم الذي قامت به هذه البقعة الصغيرة من الأرض التي تسمى فلسطين فعلى هذه الأرض نفسها تختلف كل الديانات وبها وعلى أرضها ولدت ولذا تسمى مهد الديانات السماوية وأيا كانت مفاهيم الحداثة العصرية فمن رسالة النبي لوط وما حملته من قيم أخلاقية ومثل عظيمة تمثلت بقلب الأرض على الباطل وأصحابه إلى رسالة موسى عليه السلام والتي جاءت محاربة للظلم والجبروت إلى رسالة عيسى عليه السلام في التسامح والمحبة إلى أن جاء الإسلام ليمثل في حينه القدرة على قبول الآخر باعترافه بكل الديانات التي سبقته وإيمانه المطلق بها وما رافق رسالة النبي محمد عليه السلام من معجزة الإسراء والمعراج من القدس ومن القدس تحديدا إلا تأكيد على أهمية ومكانة هذه الأرض وقدرتها على الانتقال والتطور من حال إلى حال وهي اليوم قبلة كل أصحاب الديانات السماوية على الأرض, ففلسطين إذن رائدة الحداثة على الأرض فكرا, وسلوكا, وحضارة فعل على الأرض تاريخيا, وان لم تتمكن من الاحتفاظ بهذا الدور مع متغيرات العصور والأزمان لأسباب موضوعية وذاتية في آن معا.
ومن الإشارات التاريخية الهامة في الدور الذي أدته فلسطين تاريخيا في صياغة الحداثة في الفكر والحضارة الإنسانية كانت أول ترجمة هامة للكتاب المقدس قام بها القديس جيروم في بيت لحم في الأعوام 347-420م وحتى اليوم لا زال عيد ميلاد القديس جيروم 30/9 يعتبر غيدا للمترجمين في العالم بأسره ويعرف باسم " يوم الترجمة العالمي " كما أن أول مدرسة للترجمة في العالم أنشئت في بيت لحم في المكان الذي يعرف اليوم باسم مدرسة القديس جيروم.

نماذج الفكر السياسي عالميا:

يعرف الأمريكيون فكر نظامهم السياسي والاجتماعي بكلمتين هما – من الكل واحد – وقد عرف جيفرسون الحرية بقوله " الحرية الشرعية دون عائق وفقا لإرادتنا هي ضمن الحدود المرسومة من حولنا ووفقا للحقوق المتساوية للآخرين. أنا لا أضيف في حدود القانون ، لأن القانون في كثير من الأحيان يكون رغبة الطاغية وسوف يكون ويظل دائما ينتهك حقوق الفرد" وأضاف في تعريفه للقانون وحدود تطبيقه وصلاحيته قائلا "لا يمكن لأي مجتمع أن يكون له دستور دائم، أو حتى قانون دائم. الأرض تنتمي دائما إلى الجيل القائم" وقد دافع جيفرسون عن الثورة والتمرد ضد الحكومة في أكثر من موقف ووصف أهمية ذلك في رسالة موجهة إلى أبيغيل آدمز يوم 22 فبراير 1787 كتب يقول : "إن روح المقاومة ضد الحكومة أمرا قيما للغاية في بعض المناسبات التي أتمنى أن تظل دائما موجودة. التمرد سوف يمارس في كثير من الأحيان عندما يكون هناك خطأ، ولكن هذا أفضل من أن لا يمارس على الإطلاق.." هذا الرجل نفسه الذي دافع عن حرية الأفراد ذهب بعيدا في الدعوة إلى إبادة ما اعتقد أنهم الأعداء قائلا عن السكان الأصليين في رسالة إلى الكسندر فون همبولت في 1813 : أنت تعرف، يا صديقي، أن الخطة التي كنا نسعى لتحقيقها كانت من أجل سعادة السكان الأصليين في المناطق المجاورة لنا. نحن لم نترك شيء ولم نقم به لإبقائهم في سلام مع بعضهم البعض. لتعليمهم الزراعة ومعظم أساسيات الحرف اللازمة، وتشجيع الصناعة من خلال إنشاء ملكية منفصلة. بهذه الطريقة لكان من الممكن أن يبقوا ويتكاثروا على نطاق معتدل وتحت حيازة محدودة. كانت دمائهم ستختلط معنا ويتم دمجهم ضمن المجتمع خلال فترة قصيرة. عندما بدأنا في حربنا الحالية، ضغطنا عليهم من أجل احترام السلم والحياد، ولكن السياسات المعنية والمجردة من انكلترا هزمت كافة جهودنا المخلصة للتخلص من هؤلاء التعساء. لقد قاموا بإغواء الجزء الأكبر من القبائل داخل المنطقة التي نقطن بها ليتحدوننا والمذابح الوحشية التي ارتكبوها ضد النساء والأطفال على حدودنا على حين غرة، سوف تفرض علينا الآن ملاحقتهم لإبادتهم، أو لندفع بهم إلى أماكن جديدة بعيدة عن متناول أيدينا, هذه هي ملامح السياسة والفكر السياسي الأمريكي الذي يعتبر الغاية تبرر الوسيلة وان حاجاته وحده هي الصحيحة والأساس وعلى الجميع الرضوخ لها وما أقدمه هنا هو محاولة للقول إن الفكر السياسي الأمريكي منذ جيفرسون حتى الآن لم يتغير.

نشأة التفكير السياسي الفلسطيني:

حتى ظهور الهجرة الصهيونية السياسية إلى فلسطين ظل الفلسطينيون ينتمون في أنشطتهم السياسية إلى العالم العربي ويلاحظ الدارس أن سائر التشكيلات السياسية في فلسطين كانت جزء من الحراك العربي الواحد أو الحراك العام لبلاد الشام والعراق في أضيق الصور وحتى عند بروز ظاهرة الهجرة الصهيونية لم يقف العرب في البدايات موقفا موحدا منها ومن هذه الأمثلة الموقف الذي اتخذه عبد الحميد الزهراوي رئيس المؤتمر القومي العربي الأول في باريس وقد نشر ذلك على لسانه في صحيفة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 26/7/1913 والذي أعلن فيه عن تأييده لاستيطان اليهود في فلسطين قائلا بان العرب مسلميهم ومسيحييهم بأنهم " مفعمون بالعواطف الطيبة تجاه الإسرائيليين" بل انه ذهب إلى أكثر من ذلك واصفا اليهود بأنهم مواطنين " اضطروا في سابق العصر إلى مغادرة بلادهم ولكن قلبهم يدق في إيقاع واحد مع قلبنا" ونشرت الأهرام على لسانه أيضا :" نحن على ثقة من أن إخواننا الإسرائيليين في العالم أجمع سوف يمدون لنا يد المساعدة لنصرة قضيتنا بنفس القدر الذي يساعدوننا به لرقي بلدنا المشترك مادياً ومعنوياً" لكن هذا النمط الجنيني الضعيف من التفكير قضي عليه مع الانتداب البريطاني والنوايا التي بينها صدور وعد بلفور محددا الأهداف العدوانية لبريطانيا والحركة الصهيونية من هجرة اليهود إلى فلسطين.
يقول يوسف لمدن في كتابه العرب والصهيونية 1882-1914 ترجمة الياس شوفاني ما يلي " في عام 1899، وهو ابن 70 سنة، اضطر " واجبُ الضمير المقدس " يوسف ضياء باشا الخالدي إرسال كتاب بالفرنسية منمق بدقة إلى تسادوك كاهان، الحاخام الأول في فرنسا وصديق هيرتسل. ويوسف الخالدي، أحد البارزين في عائلته، عمل لسنوات عديدة في الخدمة العامة. وكتابه للحاخام كاهان وثيقة فريدة من نوعها، وإلى حدّ ما, نبوئية. ونظرياً، كتب يوسف الخالدي، أن الفكرة الصهيونية "طبيعية، لائقة، وصادقة تماماً" "من يستطيع أن يطعن في حق اليهود بفلسطين؟ فو الله إن هذا بلدكم في المفهوم التاريخي" إلا أنه لابد من الأخذ في الاعتبار "القوة الصادمة" للواقع: فلسطين هي جزء لا يتجزأ من السلطنة العثمانية، وهي مأهولة بغير اليهود. وسأل الخالدي: ما هي " القدرات المادية" المتوفرة لدى اليهود لامتلاك الأماكن المقدسة الغالية على 390 مليون مسيحي، و300 مليون مسلم؟". وعبر عن خشيته أنه على الرغم من الموارد المالية اليهودية، لن تكون الأمكنة المقدسة لهم بدون استخدام المدافع والبوارج الحربية. وبعد: ففي فلسطين هناك "غلاة" مسيحيون، خاصة في أوساط العرب من أبناء الطوائف الكاثوليكية والأرثوذوكسية، المعادية للتقدم اليهودي الحالي، "وهم لا يضيعون فرصة لإثارة الكراهية الإسلامية لليهود". وتنبأ بيقظة حركة شعبية ضد اليهود، لا تستطيع الحكومة العثمانية قمعها، رغم إرادتها الحسنة جداً. وحتى لو استطاع هيرتسل الحصول على موافقة السلطان لمشروعه، فمن السخف الاعتقاد بأنه سيأتي يوم ويكون الصهيونيون سادة فلسطين" ويبدو واضحا الرؤيا الإنسانية العقلانية التي أوردها يوسف الخالدي في كتابه المذكور أعلاه كما أورده يوسف لمدن في محاولة للإشارة إلى عدم عدوانية العرب ضد الهجرة اليهودية في حين اثبت بالحقيقة الرفض الواعي والواقعي للهجرة اليهودية لا حقدا وكراهية بل وعيا وإدراكا لواقع الحال.

"من الضروري إذن، ومن أجل راحة اليهود في تركيا أن تتوقف الحركة الصهيونية بالمعنى الجغرافي _ فو الله إن العالم واسع بما فيه الكفاية، وهناك بلاد لا تزال غير مستوطنة حيث ربما يستطيعون أن يكونوا سعداء أكثر هناك، ويصبحون ذات يوم أمة. وهذا لعله يكون الحل الأفضل، الأكثر وعياً لمسألة اليهود. ولكن بالله عليكم دعوا فلسطين تعيش بهدوء".

نشأة الحداثة في فلسطين

يمكن القول أن النشاط الحداثي في فلسطين قد بدأ مع حملة إبراهيم باشا على فلسطين فهو كما أوردت في كتابي المنشور على الانترنت " بصدد ما ينبغي تعلمه " قد اصدر عدة فرمانات عند توليه الحكم في فلسطين غاية في الأهمية للانتقال إلى حياة أكثر حداثة وعصرية ( ساوى بين المسلمين واليهود والنصارى فأعفى النصارى واليهود من عادة النزول عن الدابة إذا ما صادفوا مسلما في الطريق تلك العادة التي كانت متبعة من قبل كما أتاح لهم لبس الحذاء الأحمر.... وأمر بأن لا يؤخذ من اليهود والنصارى أي مبلغ من المال باسم عوائد ومرتبات, لا ولا ضريبة من النوع المعروف " بالأغفار " التي كانت مفروضة على الزوار) كما ( الغى الضريبة التي كان يجبيها حراس الكنيسة، آل نسيبه وجوده منذ عهد صلاح الدين ). إضافة إلى كون هذا القرار يشكل ضربة للقاعدة المادية لأركان الإقطاع لصالح البرجوازية وخاصة ضد الارستقراطية الدينية والمستفيدة الأولى من مجمل الضرائب والعوائد المذكورة كذلك عبرت هذه الخطوة عن أرقى أشكال التوجه القومي البرجوازي ممثلا حيا على السعي الواقعي والعملي في (فصل الدين عن الدولة ) والتعامل مع القومية كوحدة واحدة يمكن أن تضم جملة من الأديان وإذا كان يحق للمرء أن يتعامل مع التاريخ من خلال المشاعر فلا بد له يأسف لأنه لم يكتب لمثل هذه الخطوة النجاح.
"عمل ابراهيم باشا كما اورد عارف العارف في "المفصل في تاريخ القدس ص 290-291" (على ازالة نفوذ المشايخ و الزعماء والرؤساء واصحاب الاقطاعات مثل عائلة ابي غوش في جبل القدس والمواضي في اجزم وطوقان و آل جرار في جبل نابلس وآل عمرو في جبل الخليل وغيرهم كثيرين فألغى مثلا العوائد التي يجبيها آل غوش من السياح الذين يسلكون طريق القدس في سفرهم تلك العوائد التي سمح لهم بجبايتها السلطان سليمان القانوني، فعصى امره – أي امر ابراهيم باشا ع.ص – الاخوان جبر وابراهيم ابو غوش وثابرا على جبايتها بالقوة فنفاهما ابراهيم الى عكا وجبر الى الشام ونفى معهما عدد اخر من الزعماء )".
وبالتالي فان حركة إبراهيم باشا قد أسست لفكرة الانفصال عن الدولة العثمانية ونمط جديد من التفكير لدى الفلسطينيين إلا انه لم يدم طويلا كونه في الأصل أيضا غريب وجاء على شكل غزو خارجي لا تطور طبيعي من الداخل إلا أن ما جاء في رسالة القنصل البريطاني في القدس جيمس فِن، التي بعث بها إلى السفير مالمسبيري المؤرخة في 13 أيلول (سبتمبر) 1858،" أن عرب فلسطين يفهمون من كلمة الاستقلال، التي راجت في تل الفترة، استقلالهم عن الدولة العثمانية" حسبما أوردها الدكتور علي محافظة في كتابه الفكر السياسي في فلسطين".
يمكن القول أن التاريخ السياسي الفلسطيني والعربي الحقيقي بدأ فعلا وتشكل على الأرض مع ظهور القومية التركية وسياسة التتريك وقد عبر عن ذلك السيرة السياسية لبعض الأشخاص ومنهم مثلا المرحوم محمد عزت دروزة 18887- 1984 والذي انضم في بداية شبابه إلى جمعية الاتحاد والترقي بسبب معارضتها لحكم السلاطين كغيره من المثقفين العرب طامعين إلى الاستقلال, إلى أن تبين له ولغيره أن الجمعية تهدف إلى تتريك العرب فانفصل عنها وانضم إلى حزب الائتلاف والحرية وهو في غالبيته من أبناء القوميات الأخرى غير التركية والتي تسعى إلى تحقيق الاستقلال لشعوبها عن الحكم التركي ومن أبرزهم الحمصي عبد الحميد الزهراوي الذي كان يمثل الاعتدال ويهاجم التشدد حتى في المسائل الدينية وهذا يعني أن الموقف عند دروزة وأقرانه كانت عامة وهي الموقف المجابه لموقف التتريك لا أكثر, وبعد فترة قصيرة انضم دروزة إلى حزب اللامركزية الإدارية وهو فرع لحزب تأسس في مصر وهو يسعى إلى الاستقلال غير التام عن التبعية للسلطة العثمانية وهو حزب ذو ميول قومية عربية جنينية إن صح التعبير وهو حزب إصلاحي حداثوي لم يسعى للانفصال الكلي بقدر ما دعا إلى تحقيق الإصلاح السياسي في النظام العثماني آنذاك وقد انضم دروزة وغيره إلى حركات وجمعيات حديثة تأسست في البلاد السورية بشكل عام ومنها حركة المطالبة الإصلاحية 1912 ويفهم من اسم الحركة أنها أيضا كانت حركة حداثوية تطالب بالإصلاح السياسي في نظام الحكم العثماني وكذلك المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1913 وقد جاءت قرارات المؤتمر على النحو التالي
1. إن على الدولة العثمانية إجراء إصلاحات حقيقية وبسرعة.
2. على الدولة العثمانية أن تسمح للعرب بالمشاركة بالحكم فعليا وعليها أن تضمن لهم التمتع بحقوقهم السياسية.
3. على الدولة العثمانية أن تسمح بتكوين حكم ذاتي في الولايات العربية.
4. يجب اعتبار اللغة العربية لغة رسمية في مجلس النواب العثماني إلى جانب التركية وأيضا اعتبارها اللغة الرسمية في الولايات العربية.
5. في الولايات العربية يجب أن تكون الخدمة العسكرية محلية إلا في حالة الضرورة القصوى.
6. لائحة بيروت: كانت ولاية بيروت قد تقدمت بلائحة خاصة صودق عليها وكانت ترتكز على أمرين هما توسيع سلطة المجالس العمومية وتعيين مستشارين أجانب.
7. طالب المؤتمر من الحكومة العثمانية أن تكفل لمتصرفية لبنان وسائل لتحسين ماليتها.
ثم انضم دروزة بعد ذلك إلى جمعية العربية الفتاة التي تأسست في باريس عام 1909 (لاحظوا الاسم المشتق من اسم حركة تركيا الفتاة وهو يبين فكرة الفعل ورد الفعل لا أكثر ) وكانت المقدمة لتأسيس المؤتمر القومي العربي الأول ويذكر أن مؤسسي هذه الجمعية هم أنفسهم واضعي ألوان العلم العربي الحالي وكان من بين مؤسسيها الفلسطينيين إلى جانب محمد عزت دروزة عوني عبد الهادي ورفيق التميمي ومعين الماضي وظهرت هذه الجمعية للمطالبة بإصلاحات اجتماعية وسياسية خاصة بالعرب بعد أن ظهرت دعوة التتريك من قبل جمعية الاتحاد والترقي التركية ثم ما لبثت أن شكلت النواة لفكرة القومية وانبثق عنها ما سمي فيما بعد المؤتمر القومي العربي.
الملاحظ فيما سبق أن لا ثبات على الموقف السياسي وان تشكيل الجمعيات والأحزاب والمؤتمرات لم يأتي أبدا انطلاقا من الحاجة لذلك بل جاء في كل تشكيلاته كرد على خطوات تركية في الأصل والشخوص الذين بدؤوا حياتهم السياسية في حركة قومية تركية – الاتحاد والترقي - انطلقوا لحركات انفعالية سريعة ومرتبكة لم تدم طويلا وما سردناه عن حياة محمد عزت دروزة ينطبق على الآخرين كليا, عام 1917 انتهت الأمور إلى ما انتهت إليه بسقوط الإمبراطورية العثمانية وخضوع فلسطين للانتداب البريطاني بعد ذلك انضم دروزة إلى الجمعية الإسلامية المسيحية سنة 1917 وقد شارك في تأسيسها إلى جانب دروزة كل من موسى كاظم الحسيني وخليل السكاكيني وعارف الدجاني.
عام 1919 تأسست عصبة الاستقلاليين في سوريا ثم حزب الاستقلال العربي في فلسطين وكان دروزة أمينه العام منذ تأسيسه وحتى النكبة وتشكلت قيادته من كل من عوني عبد الهادي، محمد عزة دروزة، صبحي الخضرا، رشيد الحاج إبراهيم، معين الماضي، سليم سلامة، فهمي العبوشي، أكرم زعيتر، عجاج نويهض، حمدي الحسيني، حربي الأيوبي.
ساهم ظهور الخطر الصهيوني على فلسطين مبكرا في ظهور حراك قومي بعيدا عن الطائفية والتشدد فظهرت جمعية الإخاء العربي في القدس عام 1908ى برئاسة إسماعيل الحسيني وتشكلت هيئتها الإدارية الأولى التي انتخبت في اجتماع عام في بيت موسى الخالدي من مسلمين ومسيحيين ومنهم حنا العيسى، نخلة زريق، خليل السكاكيني , وأفنيم مشبك، وشبلي الجمل، وجميل الخالدي , وفيض العلمي وقد وثق ذلك كل من خليل السكاكيني في كتابه كذا أنا يا دنيا وبيان نويهض الحوت في كتابها القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين ثم أن السكاكيني أورد نبذة عن لقاء بينه وبين وفد من مسيحيي يافا مؤلف من فرنسيس الخياط وحنا العيسى، جاء يوم السبت في 14 آذار 1914، أي قبل اشتعال الحرب الاستعمارية الأولى بعدة أشهر، لدعوة المسيحيين إلى تأليف حزب سياسي للمحافظة على حقوق المسيحيين الذين هم الأقلية في البلاد. وقال لهم: "إذا كان غرضكم سياسياً، فأنا لا أستحسنه لأني عربي قبل كل شيء، وعندي أن الأفضل أن نؤلف حزباً وطنياً لجمع كلمة أبناء الوطن على اختلاف المذاهب والنحل لتنبيه الشعور الوطني وبث روح جديدة في النفوس. وحينئذ فإذا كان المنتخبون لمجلس المبعوثين مسلمين أو مسيحيين، فإنهم يشتغلون لما فيه خير الوطن".
في فترة الانتداب البريطاني تطورت الرؤى الحداثوية أكثر عند الفلسطينيين وأخذت تتضح معالمها وتتحدد لدى أصحابها المطالب التي يسعون إليها وعلى سبيل المثال فقد دعت القيادة الوطنية العربية وعلى رأسها الأثرياء حسب غسان كنفاني ( ثورة 36-39 في فلسطين ص 29) إلى التفكير ( بوسائل تجعلهم قادرين على المزاحمة وكان هذا من الأسباب التي أدت إلى عقد مؤتمر اقتصادي في القدس عام 1923 م ولقد قرر المؤتمر:

1- السعي لإلغاء ضريبة العشر و الويركو ورسوم الإفراز

2- تشجيع غرس الأشجار

3- تأسيس مدرسة زراعية

4- إعادة المصرف الزراعي

5- تخفيض رسوم التبغ البلدي وتزييد رسوم التبغ الأجنبي

6- تحسين الطرق

7- منع بيع الأراضي إذا كان المالك لا يملك أكثر من مئتي دونم

8- زيادة ضريبة المشروبات الكحولية

9- تحديد المهور

10- تخفيض أجور السكك الحديدية

11- استنكار آفة القمار المنتشرة في البلاد

12- مقاطعة مشروع روتنبرغ

13- تشجيع تعليم فن الخياطة في مدارس الإناث )
على أية حال فان مشاركة الفلسطينيين في قضية الحداثة أو صياغة فكر سياسي عربي مستقل توقفت مع بداية ظهور الخطر الصهيوني والأهداف الحقيقية للحركة الصهيونية في فلسطين ولذا ظهر شرخ في العلاقة بين الجزء الفلسطيني والكل العربي منذ المؤتمر القومي العربي الأول في باريس لاعتراض الفلسطينيين على كون المؤتمر ركز جل اهتمامه على مسالة الاستقلال الذاتي للبلدان العربية عن الحكم التركي وخصوصا بعد ظهور النزعة القومية التركية من جماعة الاتحاد والترقي وكان احتجاج الفلسطينيين على أن على المؤتمر أن يولي أهمية خاصة ومركزية لقضية النشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين ولذا لجأ الفلسطينيين إلى عقد مؤتمرهم الفلسطيني الخاص الأول في القدس بعد أن كان الفلسطينيين على صلة وثيقة بحكومة الأمير فيصل التي تشكلت في دمشق في 30/9/1919 إلا أن هذه الحكومة وسائر الحكومات العربية انشغلت بهم الاستقلال الوطني عن البلدان الاستعمارية بينما وقعت فلسطين تحت هم ثنائي طرفية المتضامنين الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني ولذا لجأت الشخصيات الفلسطينية التي كانت على صلة وثيقة بحكومة الأمير فيصل إلى الاجتماع في النادي العربي بدمشق وأعلنوا تأسيس الجمعية العربية الفلسطينية وذلك يوم 31/5/1920 وتشكلت الهيئة الإدارية من كل من الحاج أمين الحسيني، عارف العارف، رفيق التميمي، عزة دروزة، معين الماضي، إبراهيم عبد الهادي وسليم عبد الرحمن ونجد النشاط الأبرز لهذه الجمعية الدعوة التي وجهتها إلى مسلمي الهند محذرة من الخطر الصهيوني مما يشير إلى الاهتمام العالي للحركة الوطنية الفلسطينية بالطابع الديني ردا على الطابع الديني للحركة الصهيونية والهجرة اليهودية والتي استخدمت الدين اليهودي والتاريخ اليهودي القديم في دعايتها الصهيونية لدفع اليهود للهجرة إلى فلسطين حتى ظهر الخطر الصهيوني كخطر ديني لا بد أن يماثله الرد أيضا من قبل الفلسطينيين الذين حاولوا ولا زالوا الاستنجاد ببعديهم العربي والإسلامي

الحداثة في الصحافة

كان لدخول الطباعة إلى فلسطين اثر ايجابي في خلق نقلة نوعية في الحياة الثقافية والفكرية بكل تجلياتها وكان ذلك للمرة الأولى عام 1846 حيث أسست المطبعة البطريركية الارتذوكسية وفي 1847 أسست مطبعة الآباء الفرنسيسكان وكانت أول صحيفة أسست في فلسطين سنة 1867 هي صحيفة " القدس الشريف " وهي صحيفة حكومية صدرت باللغتين العربية والتركية كما صدرت في نفس العام صحيفة الغزال باللغة العربية فقط وكانت عبارة عن جريدة رسمية هدفها نشر الأوامر والفرمانات الحكومية الرسمية في سنة 1903 عادت صحيفة القدس الشريف مرة أخرى إلى الصدور كجريدة رسمية تصدر عن متصرفية القدس, لكن الصحف الرسمية هذه لم تكن منتظمة ولم تشر أبدا إلى اهتمام الحكومة بتأسيس صحافة وطنية فلسطينية بقدر ما اهتمت موسميا بإيصال أوامرها إلى الجمهور لا أكثر إلا أن أهمية ذلك كان في فتح العيون على أهمية الصحافة ودورها في فلسطين ولفتت الحكومة بصحفها الرسمية جمهور المثقفين والمهتمين بالشأن العام إلى وجود وسيلة للتواصل والتأثير في الجمهور بشكل أكثر فعالية من أية وسيلة أخرى ولذا بدأت حركة النشر وانتعاش الصحافة في فلسطين مع مطلع عام 1905 حيث صدرت أول صحيفة باللغة العربية
- في كانون أول 1905 وكانت تحمل اسم " باكورة جبل صهيون " وهي صحيفة شهرية لا علاقة لها بالحركة الصهيونية وكان يرأس تحريرها توفيق زيبق.
- في أيلول 1908 أسس جورجي حبيب حنانيا جريدة القدس وكانت جريدة ملتزمة بسياسة الحكومة العثمانية وتنشر أوامرها وفرماناتها وتعليماتها وفي افتتاحية العدد الأول من الصحيفة بتاريخ 18/9/1908 يكتب جورجي حنانيا لما كانت بلدتنا القدس مثل غيرها متعطشة إلى العلوم والمعارف التي نضب معينها منذ أجيال طوال، وكانت هذه لا تنتشر وتعمم إلا بواسطة المطابع. فحيث كانت كل مطابع القدس دينية محضة، تشتغل كل واحدة منها لطائفتها، فقد مسّت الحاجة إلى تأسيس مطبعة تزرع بذور الإخاء وتعامل الجميع على السواء، غايتها خدمة الوطن؛ ولا تختص بفريق دون الآخر. ولكن هذا الأمر كان صعباً لما كان يحول دونه من الموانع والعثرات التي كان يقف الاستبداد في سبيل تذليلها وإزالتها. ولما كنت ممن مارسوا هذه الصناعة، دفعتني النفس أن أجرب القيام بهذا الواجب على ثقله وصعوبته ووعورة مسلكه. ولكن الطلب لم يجد آذاناً صاغية وظل حبيساً في أدراج موظفي الحكومة يتراكم عليه الغبار يوماً إثر يوم حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً. ويلاحظ من افتتاحية صحيفة القدس وخطاب جورجي حنانيا لغة مواطنة راقية ورفض للظلم والاستبداد الرسمي آنذاك.
- عام 1908 أيضا صدرت صحيفة الكرمل الأسبوعية والتي أسسها نجيب نصار
- عام 1908 صدرت أيضا صحيفة النفائس العصرية وقد أصدرها خليل بيدس
- عام 1908 أيضا اصدر على الريماوي صحيفة النجاح في القدس
- عام 1908 اصدر إبراهيم زكا صحيفة النفير وقد اتهمت بأنها صحيفة مأجورة لأنها كانت تصدر ملحقا لها باللغة العبرية
على أية حال فان الإحصائيات تجمع على انه في الفترة الواقع ما بين 1867 – 1914 صدر في فلسطين ملا يقل عن 40 مطبوعة صحفية بأنماط وأشكال مختلفة منها الأدبي والسياسي والهزلي والمتخصص لكن أيا منها لم يكتب له الاستمرار لأسباب مختلفة وخصوصا السياسي منها رغم أن الصحف السياسية كالكرمل مثلا لم يكن عنوان خطها مهاجمة السلطة العثمانية بل كان جل اهتمامها الهجرة الصهيونية إلى فلسطين.
الحرب العالمية الأولى وما تبعها من تغيرات جذرية ودراماتيكية قاسية في المنطقة ساهمت أيضا في إجراء تغيير جذري إن لم يكن انقلابي في طريقة تفكير الفلسطينيين ولم يكن ذلك بالتغير العادي كما حصل مثلا في العديد من البلدان العربية التي وجدت نفسها تحت الاستعمار الأوروبي فجأة, الفلسطينيون وجدوا أنفسهم تحت وطأة عدوين متكاتفين الاستعمار البريطاني من جهة والهجرة الصهيونية من جهة أخرى ولذا تجد التناقض بين أطراف الحركة السياسية الفلسطينية والتي تشكلت من أطياف مختلفة وانعكس ذلك أيضا على حال الصحافة الفلسطينية
الفكر المقارن

في مقال منشور سابقا بعنوان وعي الفعل قمت بتعريف الفكر على انه " وعي الفعل الجماعي مرفوعا لحد المطواعية والقدرة على التحول إلى آليات لمعاودة الفعل بشكل أفضل والمفكر هو قاريء مشارك بالفعل وفاحص وباني مبدع لفعل المنتجين وعيا " وتابعت في نفس المقال "
إن التناول الفج لموضوعة الفكر بمعزل عن تناول الفعل الإنساني للأمة نفسها هو ضرب من العبث لا معنى له أبدا, فالولايات المتحدة اليوم والتي لا يزيد عمرها عن خمسة عقود ويعرف العالم جيدا أنها تجميع للبشر من أعراق واديان وألوان مختلفة تمكنت من صياغة فكرها المجمع على شاكلتها وهي اليوم تعتبر البعبع الذي يخيف العالم بشعار العولمة الفكرية والاقتصادية ويسعى أعداء العولمة تلك جاهدين لإيجاد السبل الممكنة لحمايتهم من خطر العولمة تلك, ولا شك أن المهزلة واضحة جيدا حين تجهد امة عمرها آلاف السنين بحماية نفسها من فكر مجموعات لم ينسى أبناءها بعد منابتهم الأصلية, والسبب في ذلك واضح جدا وهو أن ما تسمى بالأمة الأمريكية اليوم هي سيدة إنتاج الثروة في الكون فهي وحدها تنتج ثلثي خيرات البشرية ولذا أصبح من حقها وحدها صياغة فكر خاص بها بات يخيف العالم بكل بساطة, وهذا إثبات على أن الفكر هو وعي الفعل." ولهذا وصل الأمر بالكاتب الأمريكي من أصل ألماني " ليو شتراوس" ويعتبر الأب الروحي للمحافظين الجدد حد القول " إن النظام السياسي لا يمكن أن يكون مستقراً بدون وجود خطر خارجي" ونعود إلى توماس بارنت وأفكاره العدوانية فيؤكد على ضرورة نشر العولمة الرأسمالية وفرضها بقوة السلاح، وإذا ما فشلت دولة ما في الانضمام إلى العولمة ورفضت الكثير من تدفقاتها الثقافية فإنها ستجد في النهاية القوات الأمريكية على أراضيها، والديمقراطية هي مجرد وظيفة ودور وليست مبادئ " وهو هنا يقدم احد ابرز الصور للفكر السياسي الأمريكي بشموليته الرابطة للاقتصاد والمجتمع بالسياسة تعبيرا فوقيا لبنى الإنتاج على الأرض وما صرخ به سيسيل رودوس ردا على إضرابات العمل من تأسيس للفكر الاستعماري العسكري كحل لمعضلة الأزمة الاقتصادية وسعي للسيطرة على ثروات البشر كان أيضا وسيلة وعي لحل إشكال واقع فعلي والشعار الأمريكي القائل في تفسيره لتركيبة الفكر الأمريكي – من الكل واحد – هو أيضا تجاوز واعي لواقع فعلي بحاجة لتصور نظري لصياغته وجعله قادرا على الوقوف فالفكر أيضا كما ذكرت هو تعبير نظري عن حالة فعل حي منتج وملموس, ولذا يفسر الفكر السياسي الأمريكي على انه فكر برغماتي يسعى إلى الغاية وهو يقبل استخدام كل السبل المتاحة للوصول إلى الغايات المرجوة وهو يختلف إلى حد ما مع الفكر السياسي الأوروبي الليبرالي الديمقراطي الذي يجد في بعض القيم محددات لمسيرته ورؤيته للواقع وتفسيره وكذا في استخدام الأدوات المتاحة للوصول إلى الأهداف ورغم أن البرجماتية في الأصل هي مدرسة للفكر نشأت في أوروبا إلا أن حملتها باتوا الأمريكيين وليسوا صناعها الأصليين – الأوروبيين – ويمكن فرز النظريات السياسية بالإجمال إلى نظريتين لا ثالث لهما حتى الآن وهما النظرية الرأسمالية والنظرية الشيوعية وبينهما العديد من المدارس التي اعتمدت مناحي وقراءات مختلفة في التطبيق ومنها ما اغرق في راديكاليته في الطرفين كأمريكا في الجانب الرأسمالي نموذج للراديكالية وكذا مثلت الصين ومحورها نموذج التطرف في اعتناق النظرية الشيوعية ومنها ما ذهب إلى التخفيف محاولا لبرلة التجربة أكثر فأكثر كالدول الاسكندينافية في المعسكر الرأسمالي ورومانيا ويوغسلافيا في المعسكر الاشتراكي بينما راوح العرب مكانهم في الحالتين فلا هم امسكوا بالنظرية الشيوعية بشكل ناجح كتجربة اليمن الدولة والتجارب العديدة للحركات والأحزاب التي وجدت نفسها تتبرأ كليا من فكرها اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وكذا لم تتمكن الدول والأنظمة الرسمية العربية التي تدور في الفلك الغربي من الانتقال إلى التجربة الحقيقية لليبرالية والديمقراطية لان ذلك كان سيلغي الامتيازات التي تتمتع بها الطبقات الحاكمة والنظام العشائري برمته فسعوا للتوفيق الأعرج بين شعارات ليبرالية وتطبيق شمولي يفرغ الديمقراطية أو المشاركة الشعبية من أي محتوى, ولم تكن الأحزاب والقوى السياسية العربية والفلسطينية بمعزل عن النمطين المذكورين.

تفكير وليس فكر:

لم يكن من الممكن للفلسطينيين أن يسعوا للتمايز بفكرهم الخاص عن محيطهم العربي فهم كانوا ولا زالوا أكثر الشعوب العربية مصلحة بالوحدة العربية بل والإسلامية أحيانا لان حجم الخطر الذي داهمهم اثر الحرب الاستعمارية الأولى كان اكبر من أن يواجهوه وحدهم ولذا لجئوا إلى حاضنتهم العربية تارة والإسلامية تارة أخرى وكون المواجهة هنا لم تكن مواجهة قائمة على فكرة الحكم الذاتي والإصلاحات في مواجهة الحكومة المركزية في اسطنبول ابان الحكم العثماني والذي برز فيه الفلسطينيون كمطالبين إصلاحيين ليبراليين ولم يتوقف دورهم الريادي الإصلاحي هذا إلا مع ظهور خطر الحركة الصهيونية من جهة والتتريك على يد جماعة الاتحاد والترقي من جهة اخرى, الفلسطينيون واهل الشام عموما كانوا الاكثر من بين رعايا الدولة العثمانية حرصا على استمرارها ولذا وجدنا دعواتهم اصلاحية ووجدناهم ينتمون الى جماعة الاتحاد والترقي املين بالإصلاح على ايديهم الى ان تبينت لهم نوايا التتريك التي يخفونها, ذلك يوضح اذن سبب عدم نشوء فكر سياسي فلسطيني خاص او حتى فكر عام خاص مستقل عن المحيط العربي ناهيك عن انه لا وجود ايضا لسمات ومعالم لفكر سياسي عربي خاص وبالتالي فان النشاط السياسي الفلسطيني والعربي ارتكز على التفكير بالحدث وصياغة الموقف منه بعد وقوعه وفي حال الفلسطينيين نجد لإثبات هذا الراي تفصيلا ما يلي:
1- احد من الفلسطينيين وحتى اليوم لم يشتغل في صياغة الفكر السياسي او نظرياته وظل العاملين بالسياسة انفسهم هم من يصوغون فكرها ولا يمكن القول ابدا ان المشتغلين بالسياسة يمكن ان يصوغوا نظرياتها, فهم ابدا عرضة للمتغيرات والاحداث المتسارعة التي تقتضي وجود ردود ومواقف منها, والفلسطينيون ظلوا ولا زالوا دون ثوابت حقيقية علما بانها الكلمة الوحيدة الثابتة في قاموسهم واذا اعتبر التغير حداثة فهم اذن اسياد الحداثة على الارض فما يسمى ابدا الثوابت الفلسطينية انتقل من رفض وجود اليهود وهجرتهم لدى الغالبية العظمى من الفلسطينيين حتى عام 1948م الى انتظار التحرير القومي حتى عام 1967م الى القبول بعلمانية الدولة في فلسطين ديمقراطية او علمانية موحدة بوجود كل سكانها بما فيهم اليهود القادمين الجدد والقدامى الى القبول بمبدأ الدولتين الى الحال التي نعيش ورغم ذلك فان سائر الفلسطينيين يتحدثون عن تمسكهم بالثوابت والحقوق المشروعة علما بان المتفحص سيجد ان المضمون تغير مرارا وتكرارا وظلت العناوين ثابتة لا اكثر
2- حتى ظاهرة التتريك اعتبر الفلسطينيون انفسهم عثمانيين ولم يسعوا للتمايز من تلقاء انفسهم, وحتى مع تجربة ابراهيم باشا فهي لم تأخذ الطابع الوطني الفلسطيني ولا الطابع القومي العربي بل جاءت كحركة مصرية بحتة لتوسيع نفوذ وسيطرة اسرة محمد علي ووجد الفلسطينيون انفسهم يعودون الى حضن دولتهم الام بعد فترة قصيرة وهم انفسهم ساعدوا الدولة العثمانية على العودة للسيطرة على بلادهم في مواجهة ابراهيم باشا رغم الاصلاحات الكبيرة والعصرية التي جاء بها ابراهيم باشا الى فلسطين والمعنى هنا انهم لم يخطوا مع ابراهيم او ضده الى الامام بل بالعكس عادوا مع الدولة العثمانية الى الوراء.
3- الفلسطينيون قبلوا الاصلاحات التي نادت بها جماعة الاتحاد والترقي حتى قبل التمحيص بها بل وقبلوا الانضمام للحركة حتى تبينت اهدافها فيما بعد فانفصلوا عنها الى جمعيات وفرق صغيرة وانشطة معزولة غير محددة البرامج والاهداف وبالتالي فهم هنا ايضا لم يكونوا ذاتهم بل قبلوا ما هو قادم على امل احداث تغييرات في حياتهم نحو الافضل.
4- الفلسطينيون في الحرب العالمية الاولى انقسموا بين العامة والخاصة اي بين عامة الشعب التي خدمت مرغمة في الجيش العثماني والخاصة التي ارتبطت بقيادة الشريف الحسين بن علي الداعي الى الاستقلال وهم ايضا لم يكونوا ذاتهم لا هنا مع العثمانيين ودعاة التتريك ولا هناك حيث تعرض الشريف حسين وثورته الى تآمر الاستعماريين عليه وعلى ثورته واهدافها وهم هنا لم يواصلوا مع الشريف ولا مع ابناءه بل انكفئوا على ذواتهم في محاولة لمعالجة جرحيهم النازفين من بريطانيا الاستعمارية والحركة الصهيونية.
5- في فترة الاستعمار البريطاني لم يرتق الفلسطينيين الى مستوى حمل راية استراتيجية موحدة مدركة لذاتها ولاحتياجاتها فهم انقسموا على انفسهم كما هو الحال دائما بين قومي عربي منادي بطرد المستعمرين والمهاجرين اليهود ومهادن قابل بوجود الاستعمار البريطاني معتقدا انه حليف يمكن الوثوق جانبه وطلب مساعدته في التخلص من الهجرة اليهودية وآثارها وطوال فترة الانتداب كانت العلاقة مع المستعمرين تتراوح بين الاستعداد للتعاون واقناع الدولة المستعمرة بأفضلية التعاون مع العرب وبين الاستعداد لمقاومة المستعمر وافرازاته- الهجرة اليهودية - .
6- بمعزل عن الصراع الشكلي بين المجلسيين والمعارضين فقد ظهر على الجانب النشاط الشيوعي ورغم انه يمكن اعتباره النشاط الحداثي الابرز الا ان مأساته تمثلت في الفهم الميكانيكي للفكر الشيوعي فذهبوا في ذلك حد المساواة بين اليهود والعرب طبقيا وتناسوا المسالة القومية وخطورتها واعتبروا العامل اليهودي حليف للعامل العربي والاقطاعي او البرجوازي الفلسطيني حليف لصنوه اليهودي وتلك كانت مأساتهم وهم النموذج الابرز لاستبدال الفكر بالتفكير باستخدامهم الفكر الشيوعي جامدا كما هو طريقة لتفكيرهم.
7- الحركة الوطنية الفلسطينية بسبب التفكير والتنفيذ التجريبي لقيادتها مارست جرائم عبر التاريخ كان من أخطرها مثلا- العي للتحالف مع المستعمر نفسه وحين فشلوا لم يلجأوا للاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي كحلفاء أقوياء محتملين بل سعوا للتحالف مع المانيا النازية وايطاليا الفاشية.
8- البنى السياسية الفلسطينية التي بدأ تشكلها الجنيني في العهد العثماني وتطورت كثيرا في ظل الاستعمار البريطاني ظلت تتشكل بأنماط نخبوية مستثنية العامة منها وظل حق القيادة في الأحزاب المشكلة لنفس القيادات العشائرية الإقطاعية ورغم أن أبناء هذه العشائر المتنورين رفعوا شعارات ديمقراطية حداثوية لأحزابهم إلا أن واقع الحال ظل على قاعدة أنهم القادة الطبيعيين للشعب وان على العامة الولاء لهم.
9- لم يستطع السياسيين الفلسطينيين ان يحددوا رؤيتهم بشكل مطلق وواضح لطبيعة الصراع فهم لجأوا اولا الى الحاضنة القومية في المؤتمر العربي الاول في باريس وحين لم يجدوا في ذلك مبتغاهم اقاموا المؤتمر الفلسطيني الاول ثم عادوا واقاموا المؤتمر الاسلامي الاول حين احسوا بان المواجهة اكبر من امكانياتهم الوطنية وهذا يشير الى انعدام الرؤيا الواضحة لمركبات الصراع وطبيعته وبالتالي لآليات مواجهته.
مما تقدم اعلاه نتعلم ان الفلسطينيون لم يسعوا ابدا الى صياغة فكرهم المتمايز ولو حتى في حاضنة اوسع كالحاضنة العربية او السورية ويمكن القول ان الاسباب الموضوعية هي الاشد مساءلة امام هذا العجز فهم لم يشكلوا يوما دولتهم المستقلة ولم يقيموا مؤسساتهم الخاصة ولم يتمايزوا في مسيرة الاقتصاد العربي او العالمي وظلوا تابعين محكومين بأشكال مختلفة وبالتالي فان صياغة فكر متماسك واضح المعالم لا يمكن له ان يتم في ظل الظروف التي عاشها العرب والفلسطينيين على حد سواء وبالتالي فهم لم يجدوا بدا من استقدام ادوات التفكير المستخدمة لدى الآخرين لاستخدامها بشأنهم الخاص دون ان يتمكنوا حتى من استخدامها بشكل خلاق, فقد جاءوا بالفكر الشيوعي كرافعة للخلاص فاذا بهم يستخدموه بكل جموده وكما هو في بلاد متخلفة يأخذ الدين فيها مركز الاساس وفي مجتمع عشائري محافظ وفي ظروف وطنية قاهرة وضع بها السيد الاقطاعي والقن- القطروز – في التعبير الوطني الفلسطيني في سلة وطنية واحدة ليأتي الشيوعيين بشعار معاكس تماما للواقع ومجانبا الحقيقية بالمطلق, فهم اذن حاولوا استخدام فكر راقي متماسك ولد كفلسفة في اكثر بلدان العالم تقدما وحضارة وتطورا وسهل تطبيقه الى حد ما في بلد يشابه حال البلد الام ليحمله مهاجرون جاءوا لاحتلال البلاد من اصحابها ويستخدموه اداة لإسكاتهم او هكذا بدا الحال على ابعد تقدير وكان المثقفين الفلسطينيين الذين وجدوا في هذا الفكر ضالتهم يشبهون – حمير الحجارة – لا اكثر ولا اقل, هذا الحال ينطبق ايضا على بعض المثقفين الليبراليين شكلا والذين تعرفوا على الفكر الغربي بأشكال مختلفة فهم ايضا جاءوا به لاستخدامه كوسيلة حديثة لتثبيت سلطة العشير وبالتالي افرغوه من محتواه الديمقراطي العصري واكتفوا باستخدام شكلياته ضد اعدائهم من جانب ولابهار جماهيرهم بقوة المعرفة والحجة والمنطق اللغوي لا اكثر ولا اقل بينما استسهل البعض الآخر استخدام الفكر الديني وقوة الموقع الديني لتثبيت مواقعه بغض النظر عن القدرة على تحقيق الاهداف او لا وانسحب ذلك حتى على الثورة الفلسطينية فيما بعد فقد ظلت مسالة الذات هي الاساس وانسحبت القضية دوما الى المرتبة الثانية وبالتالي فان الفلسطينيين وعلى مر العصور لم يتوحدوا على فكر واحد بأدواته ومكوناته وسماته واسس استخدامه للتحليل ولذا فلم تشفع لهم الشعارات العامة الموحدة وظلت المناهل المختلفة لطرق التفكير نفسها تشكل عائقا امام القدرة على ايجاد حل مشترك للمسائل الوطنية الكبرى.


عقبات خطيرة:

كثيرة هي العقبات التي وقفت في وجه نمو التفكير الحداثي في فلسطين بدءا من تزامن الاقتراب من التجربة الغربية وهبوط الاستعمار البريطاني مترافقا مع وعد بلفور على فلسطين مما جعل النظرة للفكر الغربي وأنماطها الليبرالية والديمقراطية كأنها وممثلة للاستعمار لا على أنها فكر أنساني بحت من حق كل البشر الاستفادة منها فكرا وممارسة وتطويرها وقد ذكر الباحثون كثيرا أن الفلسطينيين تمسكوا بغطاء الرأس العربي كنموذج للوطنية مثلا ردا على شيوع استخدام البرنيطة الانجليزية.
ظهرت معاداة الحداثة اكثر في فلسطين في الموقف من الافكار اليسارية والشيوعية وفي اوساط الطبقة العاملة والمثقفين والاشارات على ذلك كثيرة ومنها:
1- نشأت الحركة النقابية في فلسطين في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين مرافقة للحركة الصهيونية في حين كان العامل العربي حتى ذلك الوقت لا يملك ادنى شكل او رابطة تنظيمية ولذا نرى انه وحسب د. سليمان بشير" الشرق العربي في النظرية والممارسة الشيوعية ص 91,92 ( تم وضع أسس الحركة النقابية الصهيونية في فلسطين في ربيع 1911, وذلك بأقامة اتحادين لعمال الزراعة في شمال ووسط البلاد ، وهذان الاتحادان مهدا لإقامة اللجنة الموحدة لعمال فلسطين في شباط 1914 التي نشأت عنها الهستدروت فيما بعد ),
2- على الصعيد الصهيوني فانه ونتيجة الصراع الذي كان يدور في صفوف الحركة العالمية لعمال صهيون فقد ادى ذلك الى انشقاق الجناح اليساري في الحركة وتم في تشرين اول 1920م تشكيل الجناح اليساري لحزب العمال الاشتراكي (مفليجيت بوعاليم سوتسالستيم م.ب.س ) وقد اهتم هذا الجناح بالعمال العرب معتقدا ان بإمكانه ان يكسبهم الى جانبه, وكان ذلك بداية اول توجه نحو العمال العرب, ذلك ان حزب (م.ب.س ) وحسب المصدر السابق ص 95 كان قد اعلن بأنه ( على العمال اليهود الوقوف الى جانب العمال الاخرين دون اخذ انتمائهم القومي بعين الاعتبار ذلك من اجل تحقيق اهدافهم ) ورغم اهمية مثل هذا التوجه بالنسبة للعمال العرب الذين لم تكن اعينهم قد تفتحت بعد على النضال الطبقي ومع ان دعوة العمال لتحقيق اهدافهم المطلبية والطبقية من المفترض ان تلقى استجابة في اوساط العمال انفسهم الا ان هذا الحزب نفسه دمر الارضية التي يمكن ان تبني عليها الفائدة من توجهه كحزب يساري حين تابع داعيا ( لإقامة نقابات عمالية مهنية ولقيام العمال اليهود بهجرة كثيفه الى فلسطين حيث سيشكلون طليعة الحركة الثورية هناك وفي الشرق الادنى ) المصدر السابق ص 95
3- استفاد من هذه الحادثة الى حد ما يسار م.ب.س حين حمل احد اجنحته اسم الحزب الشيوعي في فلسطين (ك.ب.ب ) وحسب د. سليمان بشير المصدر السابق ص 105 (فقد قطع حزب "ك.ب.ب" جميع علاقاته باحدوت هعفودا وقاطع المؤتمر الثاني للهستدروت الذي عقد في 7-20/1/1923. بهدف الوصول الى الجماهير العربية ) ولكن ذلك لم يؤدي الى اية نتائج عملية ، بسبب كون هذا الحزب جميعه ، قيادة واعضاء من اليهود وكون الحزب حسب المصدر السابق ص 113 ( لم ينجح في تجنيد أي عضو عربي الى صفوف قبل 1924 )
4- كرد على مؤتمر العمال العرب وتشكيل عصبة التحرر الوطني التي انتهجت خطا يساريا واضحا عقدت الجمعية في آب 1946 مؤتمرها الاول بحضور 180 مندوبا وحسب المصدر نفسه ص75 فقد قرر المجتمعون (تحويل التنظيم النقابي الى حزب سياسي جديد وعرف سامي طه الاشتراكية التي اعلن عنها كهدف لهذا الحزب الجديد بكونها حركة اصلاح اجتماعه تهدف الى توزيع ثروات البلاد الطبيعية ومنح الفرص المتساوية للجميع ، وفي الوقت نفسة شجب سامي طه الثورة كأسلوب للوصول الى هذا الهدف )

بقلم
عدنان الصباح