زيارة الملك سلمان إلى مصر كانت تمهد لزيارته إلى تركيا لحضور قمة التعاون الإسلامي وكان في مخطط الملك سليمان بن عبد العزيز تذويب الخلافات التركية المصرية ضمن مسعى السعودية لتتزعم العالم الإسلامي السني ولإنجاح التحالف الإسلامي لمواجهة إيران بالدرجة الأولى ومحاربة ما تسميه الإرهاب المقصود والمتمثل في داعش
لكن سارت الأمور باتجاه مغاير لما هدفت السعودية لتحقيقه بحيث لم يحصل التقارب بيت تركيا ومصر ولم يتم إزالة الخلافات بين البلدين بل العكس من ذلك تبادل الجانبان المصري والتركي إشارات التجاهل خلال عملية تسليم رئاسة القمة الإسلامية الثالثة عشرة التي افتتحت أعمالها الخميس 14 أبريل/ نيسان 2016، في مدينة إسطنبول التركية تحت عنوان "نحو العدل والسلام".
ففي كلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لم يحضر القمه لعدم توجيه دعوة حضور للرئيس السيسي من الرئيس التركي اردغان تجنب وزير الخارجية المصري سامح شكري الإشارة إلى الرئيس التركي، وتجاهل ذكر اسمه أو تحيته مثلما حيا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إياد بن أمين مدني، وفور انتهائه من الحديث غادر المنصة مباشرة دون أن ينتظر مصافحة الرئيس التركي، ودون أن يصافح وزير الخارجية التركي الذي كان يجلس إلى جواره.
وبدوره اختار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصعود إلى المنصة من طريق يجنبه لقاء الوزير المصري، وألقى كلمته متحاشيا الإشارة إلى مصر أو موجها التحية لها لرئاستها للقمة السابقة. كما امتنع أرودغان عن التصفيق مع باقي أعضاء منظمة التعاون الإسلامي عقب انتهاء سامح شكري وزير الخارجية من إلقاء كلمته .
ونقلت الكاميرات لقطات تعكس أجواء مضطربة في لحظات تسليم تركيا رئاسة القمة الإسلامية، حيث ظهر وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، مبتسما ومتهامسا مع جاره حول ما فعله الوزير المصري.واحتفى الإعلام المصري القريب من السلطات بما قام به سامح شكري، بنفس الطريقة التي تم التعامل بها معه عندما استبعد ميكروفون قناة الجزيرة في بعض مؤتمراته الصحفية.واحتفت صحيفة اليوم السابع المصرية بما فعله الوزير الذي قالت إنه أعلن تسليم الرئاسة لأنقرة ثم قام بالابتعاد من على المنصة دون الانتظار لمجيء أردوغان لمصافحته لاستلام وتسلم الرئاسة.
انطلقت فعاليات القمة أل 13 لمنظمة التعاون الإسلامي الخميس في الرابع عشر من نيسان "، بمشاركة قادة ورؤساء وفود أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية، حسب مراسلي "الأناضول" في مقر انعقاد القمة ، ويناقش القادة ورؤساء الوفود على مدى يومين في القمة التي تعقد تحت شعار " الوحدة والتضامن من اجل العدالة والسلام ، ومناقشة ملفات الاسلاموفوبيا والوضع الإنساني الإسلامي والخطة العشرية الجديدة لمنظمة التعاون الإسلامي
كما يبحثون قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف.
القمة كانت للسعودية هدف تريد من خلاله أن تثبت زعامتها للعالم الإسلامي وكانت تسعى لإحداث تقارب تركي مصري لم يتحقق وتعمقت الخلافات حشدت السعودية للقمه كل أوراق القوه السعودية قبل توجهها للقمه وذلك من اجل تتويجها زعيما للعالم الإسلامي ، على قاعدة أنها القوه الرئيسية في مواجهة النفوذ والتغلغل الإيراني في المنطقة بعد الاتفاق النووي الذي عقدته إيران مع الدول الكبرى الست ودخول اول دوله إسلاميه معترف فيها نوويا إلى نادي الكبار
وكانت السعودية قد أعلنت إيران عدواً علنياً أولاً، ولم تعد إسرائيل والصراع معها اولويه لا بل ، أصبح التنسيق العلني الأمني والسياسي بأوجه ،وأصبح هناك التقارب السعودي الإسرائيلي على قاعدة مواجهة عدو مشترك هو إيران، وخطر داهم هو حزب الله، وقلق مزدوج من تغير موازين القوى على الارض لصالح سورية بعد التدخل الروسي وأصبح التخوف المشترك للسعودية وإسرائيل من الاعتراف بالدور السوري والانخراط الغربي معها كشريك في الحرب على الإرهاب.
وبالتوازي مع هذا التدحرج بالعلاقات مع إسرائيل والانتقال بالعلاقة العلنية مع «إسرائيل» من سلبية كاملة إلى إيجابية كاملة،فان العناوين الرئيسية للصراع هو كل من إيران وسورية وحزب الله. فكانت حملة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتوصيف إيران كدولة حامية للإرهاب، مع استمرار الصراع على سورية والحملة ضد حزب الله ووصفه بالإرهاب في أكثر من محفل ومستوى عربي ودولي.
مهدت المملكه السعوديه حضورها قمة التعاون الاسلامي من خلال اعلان لوقف اطلاق النار في اليمن واجراء مباحثات مع الحوثيين في الكويت واجراء تعديلات على حكومة هادي وتعيين الاحمر نائبا لهادي وهو الحليف الموثوق للسعوديه وعزل خالد بحاح مما انعكس سلبا هذا الاجراء السعودي بعلاقاتها مع دولة الامارات المتحده وهي الحليف الاستراتيجي للسعوديه بحرب اليمن ودفعها الموقف السعودي لسحب غالبية قواتها من اليمن
وفي مصر حيث زيارة الملك سلمات توجت بسخاء مالي كبير قدر بخمسة وعشرون مليار دولار مقابل ما سمّي باستعادة جزيرتَي تيران وصنافير من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية، وبالتزامن تم الاعلان عن مشروع إقامة جسر برّي يمر عبر الجزيرتين إلى سيناء. والأمر وفقاً لاتفاقية «كامب ديفيد»، حيث جرى الاتفاق مع الإسرائيليين وموافقتهم وبرضا أمريكي ، ضمن اتفاقية تضمن وصول الطريق البرّي وخط أنابيب نفط مرافق له وصولاً إلى حيفا، لتشكيل نافذة إستراتيجية متوسطية بين السعودية وأوروبا في تجارة النفط والترانزيت، تتفادى مضيق هرمز، الواقع تحت سيطرة إيران، ومضيق باب المندب الواقع تحت السيطرة اليمنية، والذي لم تتمكن حرب السعودية من ضمان إمساكه. وقناة السويس المصرية وتقع تحت السيادة المصرية وضمن الاتفاق المصري السعودي فان الخطة السعودية لإنشاء الجسر الذي يربط السعودية بمصر يضمن لـ«إسرائيل» مكانة ودوراً وعائدات تعوّض خسائرها وتطمئن قلقها مع المتغيرات الإقليمية.
زيارة العاهل السعودي إلى تركيا وضخ الأموال للخزينة التركية بسبب التراجع الاقتصادي التركي لم تسير الأمور السعودية رغم ضخ مليارات الدولارات وفق المخطط له ، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقاطع القمة نزولاً عن إرادة تركيا ورئيسها التخريبي في مصر ووقوفه وراء تنظيم الإخوان، والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني يحزم حقائبه للمشاركة في القمة غير آبه بالتسريبات عن مسودة بيان ختاميّ يجرّم إيران ويتهمها بالإرهاب ويضع حزب الله على لوائح الإرهاب. والصحافتان التركية والباكستانية تتحدّث عن حاجات الأمن القومي للتفاهم مع إيران على الأوضاع الحدودية ومخاطر الأكراد على تركيا والمتطرفين البشتون على باكستان، وتفرد صفحات للتعاون الاقتصادي الإقليمي مع إيران. فتركيا موعودة بدور منصة استقبال الشركات الغربية المتجهة نحو إيران مع زوال العقوبات، وباكستان تحتضن أنبوبَي النفط والغاز الذاهبين من إيران إلى الصين، و«إسرائيل» أكلت طعم الجزيرتين، وأفلتت من صنارة استجلاب ضغوط أميركية على الحلفاء للسير بالخطة السعودية. فواشنطن لا تبحث عن مشكلة مع إيران.
انتهت القمةال 13 للتعاون الإسلامي ببيان تقليدي درجت القمة على إصدار بياناتها عبر عشر سنوات ، ودعت إلى علاقات حُسن جوار وأخوّة بين إيران وجيرانها وحلّ الخلافات بالحوار القائم على احترام متبادل للسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
فلسطينياً، أكدت القمة “ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في وقت مبكر لوضع آلياتٍ لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية”. ودعت إلى مواصلة العمل من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن إطارٍ زمني محدد، مجددة دعمها الكامل للجهود الفلسطينية للانضمام للمعاهدات والمنظمات الدولية “بغية تعزيز الأهلية القانونية لدولة فلسطين على المستوى الدولي”.
كما أكدت القمة على مركزية قضية فلسطين والقدس بالنسبة للأمة الإسلامية، إلى جانب “دعمها المبدئي لحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف”.
وعلى صعيد الملف السوري، جدد دعمه لإيجاد تسوية سياسية للنزاع الدائر في سوريا على أساس بيان جنيف، وللعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، “بغية تنفيذ عملية انتقال سياسي يقودها السوريون ويمتلكون زمامها، تُمكّن من بناء دولة سورية جديدة على أساس نظام تعددي ديمقراطي مدني قائم على مبادئ المساواة أمام القانون وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان”.
لبنانياً، جددت دعمها لهذا البلد “في استكمال تحرير كامل أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المشروعة”، مشددة على “ضرورة انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر”.كما أدانت “بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لسيادة لبنان براً وبحراً وجواً”.
وفي الشأن الليبي، دعت القمة، أعضاءها إلى “الامتناع عن التدخل في شؤون ليبيا الداخلية بما في ذلك توريد الأسلحة للجماعات المسلحة انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن، واستخدام وسائل الإعلام للتحريض على العنف، ومحاولات تقويض العملية السياسية”.
ورفضت “أي تدخل عسكري في ليبيا لعواقبه الوخيمة على هذا البلد والمنطقة”، مشددة على أن أي عمل عسكري موجه للإرهاب “لابد أن يتم بناءً على طلب حكومة الوفاق الوطني (برئاسة فايز السراج)، وفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وذلك في ضوء تداعيات الأوضاع في ليبيا على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة عموماً”.
وفي الملف السوداني، حثّ البيان المجتمع الدولي والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على شطب ديون السودان الخارجية، رافضاً “العقوبات الاقتصادية الانفرادية المفروضة عليه”، وداعياً في الوقت نفسه إلى رفعٍ فوري لهذه العقوبات “غير المبررة”.
وناشدت القمة الدول الأعضاء والمؤسسات المالية للمنظمة المساهمة في تقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة للسودان “لتمكينه من تجاوز الحالة الاقتصادية الحرجة”، ودعت إلى شطب اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة الأمريكية للدول الداعمة “للإرهاب”.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر خليجية لـ«السفير» عن محاولة سعودية لتسويق مشروع قرار بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن يصنف «حزب الله» إرهابياً. لكن المحاولة سرعان ما أحبطت في مهدها، بعد تصدي روسيا والصين لها، واستخفاف الولايات المتحدة بها.. من خلال تجاهلها.
باختصار، يقول مصدر متابع إنه تبين أن السعودية لا قدرة لها على اللعب في غير الساحات التي تمولها، ومنها «منظمة التعاون الإسلامي»، التي بالفعل تضمن بيانها الختامي إدانة أعمال «حزب الله»في سوريا والبحرين والعراق وقد تحفظ لبنان على القرار المتعلق بحزب الله .
وهكذا اكتفى لبنان بالتحفظ على فقرة تدين الأعمال الإرهابية لـ«حزب الله»، مثله مثل اندونيسيا، التي تعاني ما تعانيه من خطر الوهابية على نموذجها الإسلامي المعتدل!
ووفق تلك التحركات للملكه السعوديه لم تحقق نتائج القمه للتعاون الخليجي مبتغاها لحشد الجهود واستعمال القوه ضد سوريا لعزل الرئيس السوري بشار الاسد كما ان القمه لم تبدي موقفا مؤيدا لاستمرار الحرب على اليمن وبقي موقف القمه من القضيه الفلسطينيه في اطار الكلشيهات والتمسك بالمبادره العربيه للسلام وهي ولدت ميته وتحيى ببيانات القمم العربيه وغيره من الاجتماعات والقمم ، بالمفهوم العام لم تحقق السعوديه اهدافها الاستراتجيه في قمة التعاون الاسلامي ال 13 ولم تتمكن لفرض ارادتها وهيمنتها على القرارات التي صدرت عن القمه ولن تتمكن من اصلاح ذات البين بين تركيا ومصر وبقي المنفذ للسعوديه هو الاستمرار للتنسيق مع اسرائيل التي هي المستفيد الوحيد في غمرة هذه الصراعات وهي التي ستحقق الفوائد فيما لو تم تنفيذ مشروع بري يربط مصر بالسعوديه مقابل مد انبوب للنفط الى ميناء حيفا وصولا للاسواق الاوروبيه وهذا بحد ذاته مقابل مقايضة على الحقوق الوطنيه الفلسطينيه لان ما تسعى اليه السعوديه عبر استراتجيتها تحالف يؤمن لها صراعها مع ايران وهذا الصراع ثمنه القضيه الفلسطينيه وتدمير سوريا.
بقلم/ علي ابوحبله