الجولان السوري المحتل جزء من الجغرافية السورية لبلاد الشام ولن تخضع لترسيم الحدود ....

بقلم: علي ابوحبله

حكومة نتنياهو لم تقرأ التاريخ جيدا ولم تستوعب التاريخ والجغرافيا وان بإعلانها عن ضم هضبة الجولان السوري لفلسطين التاريخية أمر يتعارض مع التاريخ والجغرافية والدين ،وبان الجولان السوري وفق التاريخ والجغرافية يقع في وسط بلاد الشام التي تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن .

ادعاء نتنياهو أن هضبة الجولان ستظل جزءا من إسرائيل إلى الأبد هو ادعاء باطل ويتعارض مع منطق التاريخ والجغرافية كما هو الحال مع احتلال واغتصاب إسرائيل لفلسطين هو أمر يتعارض مع العقيدة الاسلاميه والتاريخ الإسلامي ، لان بلا د الشام التي تضم فلسطين جزء لا يتجزأ من عقيدة المسلم التي تربطه بالقدس والأقصى علاقة إيمانيه عقائديه وثيقة ، وقد ذكرها القران الكريم بقوله سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ، وفيها قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لاتشد الرحال إلا إلى ثلاث المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ، وفيها ألعهده العمرية .

نتنياهو بتصريحاته وتحديه للمجتمع الدولي هو يسعى للتصعيد مستغلا الأحداث والصراعات الاقليميه وموضة ترسيم الحدود وما كان ليتجرأ لولا التنازل المصري عن جزيرة تيران وصنافر للسعودية ، لكن نتنياهو لم يحسب حساباته جيدا وان تصريحاته هذه مغالطه تاريخيه لن تجلب للكيان الإسرائيلي سوى المتاعب والتصعيد وعدم التسليم بالأمر الواقع .

تصريحات نتنياهو حين قال خلال جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي التي عقدها في الجولان المحتل، إن «هضبة الجولان ستظل جزءا من إسرائيل إلى الأبد». حيث نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه القول أمس، خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الذي عقد في الجولان: «خلال الأعوام الـ 19 التي كانت هضبة الجولان فيها تحت الاحتلال السوري، كانت مكانا للمستودعات والأسلاك الشائكة والألغام والعدوان، وخلال الـ49 عاما التي ظلت فيها تحت الحكم الإسرائيلي، أصبحت مكانا للزراعة والسياسة والمبادرات الاقتصادية والبناء. تستخدم من أجل السلام»، وقال: «اخترت عقد هذا الاجتماع الحكومي الخاص في هضبة الجولان لإرسال رسالة واضحة: الجولان سيظل في أيادي إسرائيل للأبد»، وتحدث عن الحرب والدمار الذي شهدته الجولان، وقال إنه أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنه «يشك في أن سورية ستعود إلى ما كانت عليه من قبل». وأضاف إنه قال لكيري إن إسرائيل لن تعترض على أي اتفاق دبلوماسي بشأن سورية طالما لا يمس «أمن دولة إسرائيل»، موضحا أن هذا يعني أنه «في النهاية، ينبغي ألا يكون هناك تواجد لإيران وحزب الله ومسلحي داعش على الأراضي السورية».

نتنياهو الذي يتطلع للتوسع والضم وترسيم حدود الكيان الإسرائيلي وفق مشروع إسرائيل من النيل إلى الفرات ما زال جاهلا للتاريخ ولحقيقة وجوهر الصراعات التي تعيشها المنطقة .

عقد جلسه لحكومة الاحتلال الإسرائيلي في هضبة الجولان يأتي في إطار تحديها واستخفافها بإرادة المجتمع الدولي، وعدم احترامها للأعراف والقوانين الدولية تضرب عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة والهيئات ذات الصلة والتي تطالبها بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، ووقف الاستيطان في هذه الأراضي واحترام حقوق الإنسان فيها. إنقرار مجلس الأمن الدولي رقم /242/ لعام 1967 وقرار المجلس /338/ الصادر في عام 1973 والقرار /425/ الصادر عام /1978/ بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان إضافة إلى القرار رقم /497/ الصادر في /17/ كانون الثاني في 1981 بخصوص قيام إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل. وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/226 بتاريخ 1981/12/27. وكذلك قرارات مجلس الأمن /465، 476 ، 478/ التي تطالبها بإلغاء ضم مدينة القدس إلى إسرائيل واعتبارها عاصمة موحدة لها.

لقد أصبحت إسرائيل ، برفضها القرارات الدولية، وتمردها على الشرعية الدولية ممثلة بهيئة الأمم المتحدة، تمثل شذوذاً في العلاقات الدولية وتحدياً سافراً للمجتمع الدولي. وان اعلان حكومة نتنياهو ان الجولان السوري اراضي تتبع الكيان الاسرائيلي وان الضفة الغربيه اراضي متنازع عليها هو امر مرفوض بالمطلق ويتعارض مع القوانين الدوليه ـواستنادا إلى القرار(136/34) تاريخ 1979/12/14: حول تأكيد حق الدول، والشعوب العربية التي تقع أراضيها تحت الاحتلال الإسرائيلي في السيادة الدائمة والكاملة على مواردها الطبيعيـة. وـ القرار(12/7)(الدورة الاستثنائية الطارئة السابعة) تاريخ 1980/7/29 حول مطالبة إسرائيل بالبدء في الانسحاب قبل1980/11/15 من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967. وكذلك ـ القرار(110/35) تاريخ 1980/12/5 : حول تأكيد حق الدول والشعوب العربية الواقعة أراضيها تحت الاحتلال الإسرائيلي في السيادة الكاملة الدائمة على مواردها الطبيعية.

ان ـ القرار( 122/35)تاريخ 1980/12/11: حول إدانة إسرائيل لفرضها تشريعاً ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان العربي السوري. هو ابلغ رد على حكومة نتنياهو واعلانها عن ان الجولان ارض تتبع الكيان الصهيوني وجاء القرار ( 207/35)تاريخ 1980/12/16: حول إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة، والتأكيد من جديد على الرفض الشديد لقرار إسرائيل ضم الجولان والقدس العربية. وان ـ قرار الدورة الطارئة التاسعة تاريخ 1982/2/5: حول قرار المقاطعة الكاملة لإسرائيل واستنكار الفيتو الأمريكي نتيجة قرار إسرائيل بفرض قوانينها وإداراتها وقضائها على الجولان السوري المحتل والذي يرى أن هذا القرار عمل عدواني باطل ، ويدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مقاطعة إسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً، ويستنكر بشدة الفيتو الأمريكي ضد قرار مجلس الأمن بهذا الخصوص. وكذلك ـ القرار( 160/42)تاريخ 1987/12/8 : حول إدانة إسرائيل بسبب تغيير الطابع العمراني والتكوين الديموغرافي والهيكل المؤسسي والمركز القانوني للجولان السوري المحتل في الشرق الأوسط، وإدانة سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة، والمطالبة بانسحابها الكامل منها، والطلب إلى جميع الدول وقف مساعدات إسرائيل.

ان اقدام حكومة الاحتلال عن اتخاذ موقف احادي بخصوص الجولان المحتل خرق فاضح لكافة قرارات الامم المتحده المنوه عنها ويعد اجتماع حكومة الاحتلال في الجولان السوري المحتل موقف استفزازي وبيان تصعيدي واستفزازي حول الجولان ،، وإصدار موقف يعلن الضمّ النهائي للجولان واعتباره جزءاً تاريخياً لن يخضع للتنازل من الأراضي التي يقوم عليها كيان الاحتلال، هو نقلة إستراتيجية على رقعة الشطرنج التي يمثلها الشرق الأوسط خلال لحظة تاريخية تتزاحم فيها النقلات التي تمثل ثقل الدول والكيانات الكبرى المعنية باللعب الاستراتيجي فوق هذه الرقعة.

الموقف الاسرائيلي جاء في ذروة الصراع الذي تشهده سوريا وفي ظل التغيرات في موازين القوى التي اصبحت تميل كفتها للجانب السوري وبعد الفشل في تقسيم سوريا كما هدفت المؤامرة التي استهدفت سوريا لتحقيقها واسرائيل تعد احد اقطاب التحالف الاقليمي الذي يتآمر على سوريا ويستهدفها ،

فشلت كل المخططات الهادفة لإحداث المناطق الامنه التي سعت تركيا لتحقيقها في الشمال التركي وفشلت محاولات إحداث المنطقة الامنه في الجنوب السوري في درعا والمناطق المتاخمة لحدود الكيان الإسرائيلي الغاصب ،

الموقف السعودي من حزب الله وأولوية الصراع مع إيران هي مواقف تتماهى مع الموقف والرؤيا والاستراتجيه الاسرائيليه في اعتبار المعركة المقبلة هي مع حزب الله، وفي السعي لإقامة نظام إقليمي قادر على تطويق إيران بالتحالفات، التي تضمّ تركيا ومصر وباكستان، والتي كانت القمة الإسلامية في اسطنبول نسخة أولى عن ضعفها وركاكتها، لذلك تقوم السعودية بمحاولات إنهاء حرب اليمن ، وتسلم بدور الحوثيين المستقبلي في صيغة حكم تشاركيه، بنصيحة «إسرائيلية»، وتخطوان معاً نحو تطبيع واسع وشامل من بوابة نقلة إستراتيجية لم تحدث دوياً بحجم نقلة الجولان، لكنها تحمل أبعاداً أشد ثباتاً، هي مضمون ما حمله مشروع الجسر البري بين السعودية وسيناء وامتداده إلى حيفا مع أنابيب للنفط ومسارات لخطوط قطار حديدي سريع للركاب والبضائع،

ان اعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعوديه قصد منه ان تكون اسرائيل حليف استراتيجي لمحور الاعتدال العربي وذلك من خلال مد خط الانابيب والغاز الى ميناء حيفا ونقل الغاز والبترول الى اوروبا عبر هذا الخط ضمن عملية استهداف واضعاف سوريا وايران وروسيا اقتصاديا

الموقف الاسرائيلي من الجولان وعقد اجتماع لحكومة نتنياهو في الجولان جاء تتمة واستكمالا للمخطط الاهم الأهم بخط تيران وصنافير الجزيرتين اللتين سلّمتهما مصر للسعودية بمباركة «إسرائيلية» ضمن هذا المشروع، الذي يشكل حلماً «إسرائيلياً» لتعويض الخسائر التي لحقت بها في الملفات الإقليمية، ولأن من مترتبات الخط ضمان الأمن، فالطبيعي أن يتوّج بخطة سلام، تحول دون تعرّض «إسرائيل» لخطر حرب مقبلة، وهذا يستدعي تفاهماً برعاية أميركية، يضمّ مصر وتركيا مع السعودية و«إسرائيل» لجلب السلطة الفلسطينية وحركة حماس معاً إلى تفاوض ينتهي بدولة فلسطينية في غزة وحكم ذاتي متفاوت النسب في مناطق الضفة، وتفاوض طويل المدى على الحدود والقدس واللاجئين، تحت شعار دولة فلسطينية وفق المبادرة العربية للسلام مع وقف التنفيذ. وفي هذا الإطار وحده يمكن للخط الاستراتيجي أن يُبصر النور، ولخدمة هذا التحول الكبير، لا يمكن لسلام أن يمنع الحرب ما لم يتضمّن تسوية للجولان ومزارع شبعا، وهذا ما يفسّر فتح ملف الجولان «إسرائيلياً» من هذا السقف العالي، فهكذا تحجز «إسرائيل» مقعداً على موائد التفاوض، يدشنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بزيارة موسكو المستهدف الأول بالإعلان «الإسرائيلي» المكرّر بضمّ الجولان، وفي يد نتنياهو استعدادات من نوع إحياء قرار فك الاشتباك للعام 1974 وقبول وساطة روسية للتفاوض بين سورية و«إسرائيل» حول الجولان.

في المقابل فان التغيرات التي تشهدها المنطقه وضمن تلك التغيرات الجيو استراتجيه هو ان ايران وروسيا قد انهيا دراستهم لتنفيذ مشروع شق قناة تربط بحر قزوين _ بالخليج بطول الف كيلو متر وتصبح بموجبه روسيا على مياه الخليج وهذا هو ضمن عملية الصراع الذي تشهده المنطقه للسيطره على اسيا ، حيث بهذا المخطط الروسي الايراني تصبح روسيا المورد النفطي المتمّم لإيران لحاجات الهند والصين عبر هرمز، بعشرة ملايين برميل تعوّض النفط السعودي الذاهب عبر حيفا إلى أوروبا، ويصير الخليج عملياً بحيرة روسية إيرانية، بعد هبوط أهميته الإستراتيجية في عيون واشنطن المرتبطة بعبور النفط السعودي الذي سيتحول مساره نحو حيفا، فيما تنجز إيران أكبر أنبوبي نفط وغاز في آسيا نحو كل من الصين مروراً بباكستان والهند ونحو البحر المتوسط مروراً بالعراق وسورية، ويشكل بلوغ النفط والغاز الروسيين عبر أنابيب قزوين ـــ الخليج، شرطاً كافياً لتحميلهما عبر أنابيب إيران إلى الصين والمتوسط عند الضرورة، لتكون القيمة الإستراتيجية للقناة وشبكة الخطوط، نشوء آسيا جديدة، تتجاوز الحاجة لتركيا والسعودية في جغرافيا النفط والغاز وشبكات الأنابيب.

لا شك أن الموقف الإسرائيلي من الجولان يعد عملية استفزاز ضمن المعادلات الجديدة للتحالفات التي جسدتها زيارة الملك سلمان لمصر وتركيا وهي ضمن معادلة جديدة لاستهداف حزب الله عبر تسخين الساحة الداخلية اللبنانية ، خاصة بعد معادلة الردع لحزب الله التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول تدمير ذاتي لـ«إسرائيل» بمخزونها من الوقود والغازات والمنشآت الكيميائية والبيولوجية والنووية في أي حرب مقبلة،

كل المؤشرات تشير ان خريطة التحالفات التي تسعى دول محور الاعتدال العربي لإحداثها تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وان الإعلان عن هضبة الجولان جزء من الكيان الغاصب يتتبعه استكمال للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وهنا لا بد وان تستوقفنا عملية الاستفزاز الإسرائيلي وأهدافها فهل نضجت المنطقة لشن حرب إسرائيليه لتستهدف قطاع غزه وحزب الله وهل الرسائل المتتابعة والمتتالية تعد تصاعدا في وتيرة المواجهة على جبهة الجولان لرسم توازنات القوة التي ستحكم أي مسار تفاوضي مستقبلي ،

ان خريطة التحالفات والتوازنات لم تحسم بعد وان اسرائيل تدرك مخاطر المخاض الذي ينتظر المنطقه ولا شك ان المعادلات لحرب اليمن لم تنضج نتائجها بمحادثات الكويت وكذلك التحالف السعودي المصري التركي تعترضه العلاقات المصريه التركيه وان الاوضاع الداخليه المصريه لم تسلم برسم الحدود مع السعوديه وبرزت عملية ترسيم الحدود بين السودان ومصر كل ذلك ما زال في طور المخاض حيث يوجد عسر في ولادة التحالفات الاقليميه والمطلوب فلسطينيا انهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني واعادة ترتيب البيت الفلسطيني ليكون بمقدوره من الثبات والصمود في وجه المخططات التي تستهدف القضيه الفلسطينيه كتلك التي استهدفت الجولان السوري المحتل وان الانتظار لنتائج ما تسفلر عنه الصراعات ليتبين حقيقة التحالفات والمحاور ومدى قدرة النجاح السعودي المصري الاسرائيلي التركي على تحقيقها في مقابل المحور الايراني السوري الروسي الذي يدير المعركة بكفائه واقتدار.

بقلم/ علي ابوحبله