ذكرى رحيل المناضل رجائي عطا الصوراني

بقلم: نعمان فيصل

حياة الإنسان هي القصة الوحيدة التي يكتب القدر نهايتها، ففي مثل هذا اليوم رحل عن عالمنا المناضل رجائي عطا الصوراني، الشهير (منصور الصوراني) حيث لي مع هذا الرجل وشائجُ وذكرياتٌ وقصص لا ينتهي سردها، على ما اكتنزت حياته من إقدام وحميَة وعصامية، ومن مكارم وفضائل زيدت على نجاحات فأضفت غاراً له فوق غار، وسمواً في القلب والخلق، وصفاء في الروح، وسخاء في الخير والعطاء، وبهاء صورة على نقاء طوية، فكأنه جسدَّ قول الشاعر:

تعّودَ بسط الكفِّ حتى لو أنه

أراد بها قبضاً عَصتَهُ أناملهُ

ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه

لجادَ بها فليتّقِ الله سائلــهُ

كان رجائي الصوراني - رحمه الله - وطنياً صادقاً، ومثقفاً واسع الثقافة بمقياس زمانه، كان همه الأول الوطن، الذي يعيش في وجدانه، كأنشودة أزلية يحلم بها، تعيش معه، تعشش في مسامّه، ومهما أسهبت في ذلك سأظل مقصراً في تعداد مزاياه الحميدة وعطائه في سبيل وطنه.

ولد العقيد رجائي الصوراني في مدينة غزة عام 1944، وتلقى دراسته الأولية في مدينته، وأنهى الثانوية العامة في مدرسة يافا عام 1964، والتحق مبكراً في حركة القوميين العرب في غزة، وكان دؤوباً في نشاطه الوطني، مما أكسبه تقدير واحترام قيادة الحركة التي اعتمدت منزل والده بحي الدرج مقراً لاجتماعاتها.

لما أُسس جيش التحرير الفلسطيني انتظم فيه عام 1966، وخدم في كتيبة الصاعقة، وفيها حاز على دورة في التوجيه المعنوي. وشارك ببسالة في حرب الخامس من حزيران 1967 مدافعاً عن ثرى مدينة خان يونس الباسلة، وكان مثالاً للتضحية والفداء، وأُصيب في تلك المعارك بقذيفة أثرت على بصره لفترة قصيرة إلى أن تماثل للشفاء. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها طاردته قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتمكن من الإفلات من قبضة العدو، ومغادرة القطاع باسم مستعار إلى الأردن.

رأى رجائي الصوراني في أسلوب الكفاح المسلح الذي تبنته حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) سبيلاً لتحرير فلسطين، فانخرط في صفوفها، وعمل في الرصد المركزي أواخر الستينيات، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية عام 1969، وشارك في بناء تنظيم حركة فتح فيها، رغم المحاذير الكثيرة لذلك، وكلف بمهام مدير مكتب اللجنة الشعبية لمجاهدي فلسطين في منطقة الخفجي، حتى حزيران 1994، وكان مديراً للعلاقات العامة لحركة فتح في الرياض، وقد قام بمهامه النضالية التي أُوكلت إليه على أكمل وجه، وأُصيب أثناء تأديته الواجب بحادث سير عام 1987.

شارك في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني كان أبرزها دورة الجزائر عام 1988 ممثلاً لإقليم السعودية، وبعد عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لأرض الوطن عاد إلى غزة بقرار رئاسي، وعين مديراً للعلاقات العامة في جهاز المخابرات العامة، وكلف بالعديد من المهام الجسيمة أثناء عمله في الجهاز، وكان غيوراً ونموذجاً لطهارة اليد والقلب مما أكسبه احترام وتقدير رؤسائه.

بقي الرجل على سيرته، حتى توفاه الله يوم 22/4/2001 إثر نوبة قلبية، وصدر أمر باعتباره من شهداء الثورة الفلسطينية، وشيع في موكبٍ عسكري مهيب، ولفَّ في العلم الفلسطيني، ودفن في مقبرة الشهداء شرق مدينة غزة.

بقلم/ نعمان فيصل