اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية مسيرة نضال شائكة

بقلم: عباس الجمعة

في كل عام، نقف في السابع والعشرون من نيسان اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية ، "ذكرى الانطلاقة المجيدة" لنقف امام مسيرة نضال الجبهة ، هذه المسيرة الطويلة كانت شائكة متنقلة من محطة إلى محطة، وخاصة بعد ان فقدت ثلاثة من امنائها العامون القادة العظام طلعت يعقوب وابو العباس وابو احمد حلب ، ولكن فقدت احد اهم ركائزها أمينها العام فارس فلسطين "ابو العباس" وهنا السؤال المباشر بعد كواكب الشهداء وهذه المسيرة النضالية الطويلة ،اين نحن، هنا نقول هل حقاً جرى الفرز المعمق بين النهج الذي سلكه الرفيق الشهيد القائد الامين العام ابو العباس وبين النهج الذي نراه اليوم ، هل ستكون ذكرى انطلاقة الجبهة بيومها الوطني بوابة مضيئة لقراءة أكثر جرأة وصراحة للمواقف السابقة وتصويب الأمور بشكل منهجي ينسجم مع استراتيجية الجبهة وتكتيكها ، لنقول أين أصابت وأين جانبها الصواب يجب ان نتمسك بنهج الشهداء والهوية الفكرية للجبهة، وحتى نستفيد من الدروس الهامة ، لأن الجبهة رفضت اوسلو ، ورفضت كل المبادرات التي تنتقص من حقوق شعبنا الوطنية ، ولا تؤمن بحل الدولتين ، وكل هذه المواقف موجودة وموثقة وهي تسندها الأفعال أو تمنحها المصداقية ، وحتى نحافظ على تاريخ الجبهة ذات التاريخ المضيء في مصداقيتها مع شعبها وجماهيرها والفصيل الذي مثل على مدار عقود من النضال والتضحيات صمام الأمان على طريق تحرير الارض والانسان واستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة.

امام اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية نقول بكل صراحة اليوم يحاول البعض طمس هوية الجبهة السياسية والتشويش على خياراتها الفكرية عبر الحديث عن لغة مختلفة عبر اختلاط الأسس الفكرية وطنية ودينية، علما ان ان جبهة التحرير الفلسطينية تنظيم فلسطيني عربي وطني ديمقراطي ، اي بالمعنى تنظيم يساري ، فهل المقصود من البعض تهميش الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه الجبهة في مسيرة النضال الوطني في الساحة الفلسطينية فهوية الجبهة الفكرية واضحة ، ونحن الأحوج ما تكون له في ظل الانقسام الحاد من اجل رسم الطريق الصحيح لاستكمال مشروعنا الوطني وضمان الحقوق الوطنية لشعبنا.

إن البعض يقدمون أحيانا الذرائع لمثل هذه المواقف، كما أن المواقف المرنة والقابلة لتفسيرات متعددة تجاه مشاكل حادة وسلوك بعض هؤلاء تعطي تصورات خاطئة عن حقيقة توجهات الجبهة وسياساتها المعتمدة آخذين في ذلك بعين الاعتبار الزوايا الحادة والضيقة التي تواجه جبهة التحرير الفلسطينية بين وقت وآخر في مسار علاقاتها الوطنية والتزاماتها الداخلية.

من هنا نقول ان الجبهة يجب ان تقف اليوم بعد سنوات طويلة لتتحدث بصراحة وشفافية حتى لا تبقى بعض تلك الأزمات بلا حلول حتى اللحظة، و مع ذلك ليس خطأ أن تقف الجبهة لتراجع وتبحث عن حلول وهذا واجب القيادة والكادر والمناسبة التي نحتقل بها تستحق أن ننجز فيها شيئاً نوعياً، واقول بكل صراحة ان الشهيد القائد ابو العباس استخدم أفضل الأساليب الكفاحية في مواعيدها واتخذ أكثر المواقف مرونة في مواعيدها أيضاً، الرجل الذي كان لتحليله السياسي وتوقعاته المستقبلية أكبر الأثر على قرارات الجبهة الصحيحة والذي اتسم سلوكه كقائد بالمنهجية العلمية والنموذجية لتعليم الآخرين ولمصلحة مستقبل أكثر موثوقية للجبهة رغم كل الأزمات التي مرت بها الجبهة ومن بينها الانتفاضة الثورية عام 1976في الجبهة والعودة الى اسم جبهة التحرير الفلسطينية في العام 1977 التي عالجها الشهيد الامين العام القائد ابو العباس ورفيقه الامين العام القائد الشهيد طلعت يعقوب ورفاقهم القادة انذاك.

إن الحاجة لحكمة الشهيد القائد ابو العباس نستدعيها في اليوم الوطني وخاصة إنجارات الجبهة وآلاف الشهداء ، كما تستدعي الذكرى ضرورة العودة للينابيع والمنطلقات التي حرص عليها على التمسك بها حتى لحظات استشهاده ، حتى تكون المواقف دون تطرف أو مغامرة لهذا نقول على الجبهة أن تراجع اليوم اوضاع الجبهة اين أخفقت ،وهذا لا يعفينا من القول بالدعوة الى

عملية مراجعة شاملة،أين أخفقت الجبهة وأين أصابت،ولماذا تراجع دورها وأدائها وفعلها،وأين مكامن الخلل والقصور،عليها ان تراجع الفكر والسياسة والتنظيم،عليها أن تتوقف بشكل جاد كتنظيم جماهيري ، بعيدا عن العبارات والكليشهات الجاهزة التي تركز على العواطف والمشاعر ، وان تسعى ان تكون ذكرى انطلاقتها محطة هامة للمراجعة والتقييم والمحاسبة والمساءلة بعيداً عن لغة المجاملة والمسايرة،من قمة الهرم حتى قاعدته،فالقيادات غير المنتجة والتي لها هوية اخرى والتي لا تجيد سوى النقد وغير القادرة على تأثير ليس في المجتمع،بل في محيطها الاجتماعي، بالضرورة أن تحاسب وأن لا يسمح لها التقرير بشان سياسة الجبهة، وهذا يستدعي اعادة التجديد وضخ دماء جديدة في صفوف الهيئات القيادية والتقاط الطاقات المبدعة والمبادرة ،حتى تكون رافعة حقيقية لعمل الجبهة في كل اوجه وميادين العمل التنظيمية والكفاحية والجماهيرية والشعبية،وأن تكون هناك حلول لمعضلات الجبهة ومشاكلها، ونبذ التكلس والتحجر والجمود والبكاء على الأطلال والتباكي على التاريخ.

وهنا اقول ان تاريخ جبهة التحرير الفلسطينية منذ اعلان تأسيسها عام 1959 واعلان حضورها عام 1965 وعودتها الى الاسم الاول عام 1977 ، هو تاريخ حافل بالبطولات والمآثر ، تاريخ خطت حروفه بدماء قوافل طويلة وطويلة جداً من الشهداء لا يمكن حصرها ، دماء زكية روت ثرى فلسطين الغالية ، وبلدان عربية شقيقة ، من اجل تحرير فلسطين من عمليات ديشوم وبعدها أول عمليه اقتحام استشهادية كبري لأوكار الغزاة الصهاينة في مستعمرة ما يسمى كريات شمونة في مدينه الخالصة المحتلة " عملية الخالصة البطولية "وعملية الزيب " القدس " الذي قادها الشهيد حمزة الباكستاني ، وعمليه الإنزال البحري علي شواطئ مدينه نهاريا البطولية والتي قادها عميد الاسرى العرب الشهيد القائد المحرر اللبناني العربي الفلسطيني سمير القنطار وعمليه نابلس وبريختا والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي والسفينة أكيلي لاورو والقدس البحرية وعمليه القدس الاستشهادية والعديد من العمليات الاخرى من خلال المدرسة النضالية الخاصة التي كانت بإشراف الرفيق القائد الوطني والقومي الامين العام الشهيد محمد عباس "أبو العباس" الذي امن بشعار الرئيس الراحل القائد جمال عبد الناصر ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوه ، والقائد العسكري للجبهة الرفيق القائد "سعيد اليوسف" الذي فقد وهو يقاوم العدو الصهيوني في جبل لبنان الأشم في عام 1982، والرفيق القائد ابو العز الذي فقد اثناء الاحتلال الامريكي للعراق ، وقدمت الجبهة مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، وهنا لن ننسى دور جبهة التحرير الفلسطينية بعد غزو العدو الصهيوني للبنان صيف عام 1982 في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في مقاومة الاحتلال والاجتياح الصهيوني للبنان، حيث عمل القائد حسين دبوق في ذاك الوقت على توطيد وتعميق أواصر الصلة مع المقاومة الوطنية اللبنانية، ومع جل تقديرنا واحترامنا لشهداء الجبهة وفي مقدمتهم القادة حفظي قاسم وابو العمرين وجهاد حمو ومروان باكير وبرهان الايوبي وابو عيسى حجير وسعاد بدران وزينب شحرور وكل شهداء الجبهة ، ومع تقديرنا العالي لمعاناة الجرحى والاسرى المتواصلة ، فهم نبراساً لنا وتيجاناً على رؤوسنا ، إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين أحياناً لتسليط الضوء على هذا الشهيد أو ذاك المعتقل دون غيره ، وهذا ليس تقليلاً من شأن الآخرين على الإطلاق ، وعليه فليعذرنا ذوي الشهداء والجرحى والاسرى والمعتقلين ، ولو كنا نمتلك الإمكانيات لوثقنا وبدون تردد كل تلك القصص والحكايات .

وهنا نقول بكل وضوح، ان انتماء المناضلين العرب والاحرار في العالم للثورة الفلسطينية ولجبهة التحرير الفلسطينية ، يؤكد اصالة هؤلاء المناضلين للثورة والقضية الفلسطينية حيث كان هناك شهداء على كل بقة من ارض فلسطين ، لانهم كانوا يدركوا ادراكاً كاملاً، لجميع ابعاد الصراع في المنطقة، الصراع الحضاري ضد الوحش الصهيوني - الامريكي، وما رأينا من صمود بطولي في بيروت اثناء الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 لانها كانت ملحمة العرب الرئيسية بل كانت اسطورة الصمود والتحدي في مواجهة هذا الطاغوت الامبريالي - الصهيوني الذي يحاول ان يعلق المنطقة كلها في مخالبه وبين انيابه، فمعارك لبنان بمواجهة العدو

الصهيوني وملحمة بيروت كانت مركز الدائرة للجماهير وارادتها، ووعيها للتاريخ العربي والاممي المعاصر سياسياً وفكرياً وعسكرياً، ومن هذا يمكننا ان نرى بكامل وعينا وادراكنا في ظل استمرار معركة النضال المستمرة وعلى اكثر من جبهة ، فالنضال الوطني سجال بكل قسوته وهمجيته وبطولاته ونتائجه، لذلك نقول برغم الزيف والاوهام في المنطقة ، نسطتيع القول ان انتفاضة الشباب الفلسطيني انطلقت من كبد هذه الجماهير الحقيقية الساطعة تشكل ارضية ناصعة من الثبات والتحدي، فالنضال الوطني قصة تروى وستروى للاجيال القادمة، ترويها اجيال الثورة وصناعها وحملة مشاعلها، يرويها اولئك الذين سيكتب لهم ان يعبروا الجسر البشري الذي تنسجه الثورة من اجساد الشهداء وآلام الضحايا وعذاب الجراح للمستقبل، للغد المشرق، للاجيال القادمة. يرويها هؤلاء بكل فخر واعتزاز وكبرياء بأسطر ساطعة ناصعة في سفر التكوين الحي لمستقبل امتنا وغدها المشرق وبالعلامات المضيئة على الطريق الطويل طريق النضال الشاق والصعب ،وقدرة صمود ونضال شعبنا بالرغم من كل ما احاط ويحيط به من المؤامرات ومن المكائد والدسائس ومن المعاناة والمصاعب ومن الاهوال والآلام، ومع ذلك تتقدم اليوم الانتفاضة لتشق بعزيمة اصيلة وارادة جبارة رافعة راية النضال عالية وعلم فلسطين خفاقا

السابع والعشرون من نيسان ليس عادياً للشعب الفلسطيني وقواه المناضلة عامةً، ولمن ناضل وقاتل في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية أو انتمى لها ، وهو يوماً ليس عادياً لمن انتهج المقاومة طريقاً ، وآمن ولا زال يؤمن بأن الثورة لا زالت قوية ، باقية كالسنديان ، عميقة كحبنا لفلسطين، وهنا أتساءل هل من فلسطيني صغيرٍ أم كبيرٍ ، مقاومٍ أم سياسيٍ لم يعرف من هو " الشهيد القائد ابو العباس " ولم يسمع عن نضاله وتاريخه ، وللحق نقول بأن التاريخ الفلسطيني لم يمنح هذا الرجل حقه ولو باسم شارع او حديقة او جامعة ،وان لم ينصف تلك التجربة النضالية الرائعة للشهيد القائد ابو العباس فهو تاريخ مزيف ، لأن اسمه ليس ككل الأسماء في سجل الثورة الفلسطينية ، هكذا عرفه شعبه وهكذا يتغنى رفاقه باسمه ، وهو من أوفى بوعده وبشهادة العدو قبل الصديق ، فالشهيد "ابو العباس" إسم دب الرعب في قلوب الإحتلال وقياداته العسكريين والسياسيين، فلاحقهم ولاحق عملائهم ، في اكثر من مكان .

ونحن في مناسبة اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية نتوقف امام نضال الحركة الاسيرة المناضلة هذه الحركة التي شكلت نموذجا من العطاء بين أوساط الشعب الفلسطيني لاسيما فيما يتعلق بفلسفة المواجهة خلف القضبان لا يمكن للتاريخ القفز عنها ، فهي محفورة بصورها المتعددة في سجلات الحركة الأسيرة ، ولا زالت تحتذى وتدرس داخل السجون وخارجها ، ولا بد من الإستفادة منها وتطويرها بما يخدم الاسرى والاسيرات عموماً وتعزيز صمودهم في أقبية التحقيق ، وبما يساهم في فولذة الحركة الأسيرة وترسيخ وحدتها في مواجهتها لإدارة السجون ومن هنا نحيي كافة قادة ومناضلي واعضاء الحركة الاسيرة وفي مقدمتهم القادة احمد سعدات ومروان البرغوثي وخالدة الجرار وفؤاد الشوبكي وكل الاسرى والاسيرات.

وفي ذكرى مجيدة نتوجه بالتحية لشابات وشباب فلسطين والشعب الفلسطيني المنتفض في كل الشوارع والأزقة والقرى والمدن في الضفة والقدس والمخيمات الفلسطينية الذي يقاوم باللحم الحي ، وبارادة صلبة لا تلين في مواجهة العدوالصهيوني من أجل حقوقه وكرامته وحريته وتحرره ،هذه الانتفاضة التي يتدفقُ فيها الدمُ الفلسطينيُ مجدداً بكل كرم وسخاء ليغسل عار التخاذل الرسمي العربي، وعار التخلي عن هذه القضية المحورية في الصراع العربي – الصهيوني ، هذا الشعب الجبار هو الأجدر والأقدر على توصيف الانتفاضة بنضاله وتضحياته، فهذه انتفاضة الرد الصحيح والفعل المقاوم الصحيح ، ضد الاحتلال الصهيوني ، حيث أعادت بوصلة الاتجاه بحجارة الاطفال وسواعد الشباب من اجل فلسطين وكرامة فلسطين، وهي الرد الوحيد على كل محاولات تصفية الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني .

وفي ظل هذه الظروف نقول ان السعي لمؤتمر باريس الدولي ، هو يأتي سياق القفز عن الحقوق الفلسطينية تحت يافطة الحل الممكن ، وتأمين رعاية دولية للمفاوضات بين الفلسطينيين

والإسرائيليين، لهذا نقول بكل وضوح ان القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية وخاصة حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس ،لأن ما نراه بانعقاد هذا المؤتمر هدفه إنهاء حقوق شعبنا ، وهناك خشية من تكرار ذات السيناريو بعد صمود الشعب وانتفاضته من خلال التحرك الدولي بوضع الفلسطينيين جميعاً في مجرى سياسي شبيه بأوسلو، أو أسوأ منه.

لذلك نرى انه آن الأوان لانهاء حالة الانقسام ووقف المفاوضات مع دولة الاحتلال وتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، والتصدي لعدوان العدو الصهيوني ضد أبناء شعبنا الفلسطيني من اعدامات ميدانية وقتل و تهويد للقدس وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية والاعتقالات الواسعة والتهجير مما يستوجب تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على المشروع الوطني وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ورسم استراتيجية تستند لكافة اشكال النضال وتعزيز وتطوير الانتفاضة ، وإعادة ملف القضية إلى هيئة الأمم والدعوة لمؤتمر دولي في إطارها لأجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة لا التفاوض عليها.

وفي ظل المخاطر التي تتعرض لها مخيمات اللجوء والشتات في سوريا ولبنان ، فهذا يستحق منا العمل على بلورة موقف جامع لصيانة المخيمات ، فيكفي ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من سياسة تقليصات تعتمدها وكالة الاونروا بحق الشعب الفلسطيني الذي يتطلع الى العودة لدياره على ارض فلسطين من احداث مؤلمة هدفها زعزعة امن واستقرارها من قبل عصابات لم تمت للنضال الوطني بصلة بل تنفذ اجندات خارجية ، وما تتعرض له مخيمات سوريا وتحديد مخيم اليرموك أول الرصاص أول الثورة المعاصرةمن قوى الارهاب التكفيري ، فهذا المخيم وهو مخيم شهيد فتح الأول أحمد موسى وشهيد جبهة التحرير الفلسطينية الأول خالد الأمين ، مخيم الإستشهادي الأول في المسيرة الفلسطينية المعاصرة الشهيد منير المغربي قائد عملية الخالصة (كريات شمونة)، فهو مخيم الشهداء الذين عاشوا وتقاسموا المر والحلو ورغيف الخبز ، وهو منا احتضن في ثرى ترابه الشهداء القادة ابو العباس وابو جهاد الوزير وطلعت يعقوب وابو العمرين وحفظي قاسم وكل القادة المناضلين فلهذا المخيم ابعاد ورموز ودلالات ومعاني في قلب ووجدان الفلسطينيين المشردين والمهجرين الحالمين بالعودة الى ارض فلسطين ، والمتعطشين للحرية والفرح والشمس.

من هنا نرى ان مواقف جبهة التحرير الفلسطينية على مستوى لبنان وخاصة لجهة تعزيز وتطوير العلاقة التي تربط الشعبين اللبناني الفلسطيني تشكل نقطة تحول مهمة لأن هذه العلاقة هي علاقة تلاحم امتزج فيها الدم الفلسطيني واللبناني منذ نكبة فلسطين وقبلها وبعدها وقدم خلالها الشعب اللبناني قوافل الشهداء والتضحيات من اجل القضية الفلسطينية ، اضافة ان هذه العلاقات اقترنت منذ امد طويل بعلاقة الاهل والقربى والنسب والمصاهرة ، حيث يتطلع الشعب الفلسطيني وقيادته الى الحكومة اللبنانية من اجل اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان حتى يتمكن من مواصله نضاله وتمسكه بحق العودة الى دياره التي هجر منها، لأن بوصلة الشعب الفلسطيني ستبقى باتجاهِ واحد هو فلسطين ، لأن ما يجمع الشعب الفلسطيني مع لبنان الشقيق وشعبه هو احتضانه لقضية فلسطين ، لذلك فأن امن صيانة المخيمات وحماية أهلها وسكانها وديمومتها حتى التحرير والعودة الى فلسطين ،تتطلب تطوير وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية و بين المخيمات والجوار ، ونحن نرى المواقف الجرئية لدولة الرئيس نبيه بري حامل امانة اللامام المغيب السيد موسى الصدر بدعمه لحقوق الشعب الفلسطيني من خلال خطاباته ومواقفه في البرلمانات العربية والدولية ، ولن ننسى مواقف سيد المقاومة السيد حسن نصرالله وحزب الله التي تعتبر فلسطين هي قبة النضال وكافة الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية اللبنانية والقوى اليسارية والتقدمية والقومية العربية الداعمة لنضال وحقوق الشعب الفلسطيني .

وفي هذه الايام التي تحتفل فيها جبهتنا جبهة التحرير الفلسطينية كفصيل فلسطيني عربي اممي له تاريخ ثوري يشهد له كل مناضل، وله رصيد كبير لدى الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله،

ومكانة عالية في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، نرى التطورات الحاصلة على الساحة العربية، وخاصة الهجمة الامبريالية الصهيونية والارهابية التكفيرية بهدف تعميم الفوضى من بوابة الفتنة الطائفية والأثنية المذهبية والعرقية بهدف الوصول لتقسيم العالم العربي الى دويلات متصارعة على أسس طائفية تفسح في المجال أمام سرقة ما تختزنه الأرض العربية من ثروات لتمكين الرأسمالية من الخروج عن أزمتها، وانهاء القضية الفلسطينية وبناء الكيان الاسرائيلي على أساس تحويله الى ما يسمى "دولة اليهود في العالم" مما يستدعي استنهاض دور الاحزاب والقوى العربية في مواجهة كل أشكال وأقنعة الاستعمار الإمبريالي الصهيوني الجديد الساعي إلى تشتيت وتفتيت وتقسيم المنطقة، ومحاولاته الحثيثة .

ختاما لا بد من القول ان جبهة التحرير ستبقى تحتل مكانة ومساحة لا بأس بها في قلوبنا ، كيف لا وهي تاريخ ساطع وإرث عريق ليس لمناضليها واعضائها ولمن انتسب إليها فحسب ، بل هي جزء رئيسيا نسيجا من الشعب الفلسطيني والأمة العربية ، ونحن نتطلع ان تكون اكثر فاعلية في الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها ، وفي صون المشروع الوطني الفلسطيني ، لانها ستبقى أمانة في أعناقنا إلى أن تتجسد الآمال والأماني والأهداف السامية للشهداء الذين قضوا وضحوا بأغلى ما يملكون من أجل تحقيقها على طريق تحريرالأرض والانسان، قابضون على جمر الثورة ، حيث تسطر جبهة التحرير الفلسطينية على صفحات تاريخ فلسطين والأمة العربية مجداً ثورياً عبر مسيرة ونضال بقيادة امينها العام الدكتور واصل ابو يوسف وقيادتها من اجل تحقيق الحرية والاستقلال والعودة وتحقيق العدالة الاجتماعية .

بقلم/ عباس الجمعة