من القدس سلامٌ لروحك يا رام الله

بقلم: فايز أبو شمالة

لماذا يقتلنا الإسرائيليون بهذا الشكل الرخيص والمكثف؟ لماذا يستبيحون دمنا بمناسبة ودون مناسبة؟ وهل أضحى من حق اليهود الذين يغتصبون أرضنا أن يغتصبوا دماءنا أيضاً؟ وهل من حقهم أن يزهقوا أرواحنا ويدنسوا أعراضنا دون أن نقاوم، ودون ان نعترض، ودون أن نبكي حالنا؟ هل رصاص اليهود رحيم وحنون لا يحرك إنسانية هذا العالم الذي اعتاد على رؤية دمنا مسفوحاً على الحواجز الإسرائيلية؟ ألا يعني ما سبق أننا على باطل في بحثنا عن حياتنا وأن الإسرائيليين على حق في بحثهم عن أمنهم؟ أم ذلك يعني أننا رعاع بلا قيادة تدفع الموت عن أطفالنا، وأن الإسرائيليين ساميون منزهون بقيادة تشحذ السكين على أعناقنا؟ لماذا يقفون هم بالرشاش صفاً واحداً، ونقف نحن في طابور الذبح متفرقين؟
لقد قتل الإسرائيليون المرأة الفلسطينية مرام وشقيقها إبراهيم بشكل متعمد ومثير للأحقاد، فماذا نحن فاعلون؟ وهل من حقنا أن نغضب ونثور؟ وكيف سنرد نحن الشعب على هذا الإرهاب، وما هو رد القيادة؟ وهل يسمح لنا بالبكاء أم البكاء خرق للتعاون الأمني؟
ألا يحق لنا في هذا المناسبة الحزينة أن نتذكر شاعرنا محمود درويش حين قال لنا:
إنني عدت من الموت لأحيا, لأغني، فدعيني أستعر صوتي من جرح توهَّج
وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج
إنني مندوب جرح لا يساوم
علمتني ضربة الجلاّد أن أمشي على جرحي
وأمشي، ثم أمشي، وأُقاوم، وأقاوم.
لقد نزفت دماء الفلسطينية مرام ودماء شقيقها إبراهيم على حاجز قلنديا شمال القدس بشكل مهين للإنسانية، فهل من حقنا أن نقاوم؟ وهل لامست قطرات الدم حجارة المقاطعة في رام الله؟ هل اهتزت اللجنة التنفيذية لمشهد الدم النازف؟ وهل خربش غبار الموت على كراريس التعاون الأمني المقدس بين القيادة الفلسطينية والمخابرات الإسرائيلية؟.
إن ما يجري من قتل متعمد للفلسطينيين شمال القدس وشمال الضفة لا ينسجم من قريب أو بعيد مع ما يجري من تعاون أمني في رام الله؟ فهل صار دم الفلسطينيين زنخ يزعج استقرار القيادة في رام الله، ويفسد عليها هدوءها الحالم بتعاون أمني طاهر ونقي؟
قبل يومين كتب الشاعر الإسرائيلي "يتسحاق ليؤور" مقالاً في صحيفة هآرتس يقول:
في أواخر تشرين الأول 1948، خرج الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية خاطفة باسم "حيرام". وكان الهدف منها طرد "جيش الانقاذ"، وتحديد الحدود الانتدابية للبلاد كحدود شمالية. وكي تحقق الخطة الشاملة أهدافها، تم تنفيذ مذابح جماعية بحق قرى المسلمين، وتم إبادة قرى بكاملها كي يهرب سكانها، وهذا ما فعله اللواء السابع الإسرائيلي في قرى الجليل الفلسطينية وفق المعلومات الواردة في الأرشيف الإسرائيلي الذي قام بنشره المؤرخ الإسرائيلي " بني موريس"؟
1- في قرية الصفصاف تم ربط 52 شخصاً فلسطينياً بحبل، وتم إنزالهم إلى بئر وإطلاق النار عليهم؛ وتم ارتكاب 3 حالات اغتصاب، بينها طفلة عمرها 14 سنة.
2- في قرية سعسع تم تنفيذ قتل جماعي رغم ان السكان رفعوا الاعلام البيضاء.
3- في قرية صالحة تم تفجير 94 شخصاً تجمعوا في بيت واحد.
لقد اكتفيت بنقل بعض تلك المجازر التي اقترفها الإسرائيليون في القرى الفلسطينية سنة 1948، كي أقدم الدليل التاريخي على أن المجازر التي تقترف اليوم في الضفة الغربية وغزة هي امتداد للمجازر التي اقترفها الصهاينة في الماضي، والتي لم تتغير بالأسلوب منذ وقعت أول قدم صهيونية غازية على أرض فلسطين، وحتى انفلات عشرات الرصاصات القاتلة إلى صدر مرام وشقيقها إبراهيم على حاجز قلنديا شمال القدس.
قبل عشر سنوات ترجمت للشاعر الإسرائيلي "يتسحاق ليؤور" قصيدة شعرية يعرب فيها عن قلقه من المستقبل الذي ينتظر أطفاله جراء مخزون الحقد المتراكم، يقول فيها لطفله:
في كل صباح، حين أنهض من النوم أجيء إلى غرفتك
لأستمع إلى صرخات طفولتك، صرخة تلو صرخة
لأسكب لحظات حياتي داخل لحظات حياتك
وعندما ستكبر يا ولدي
عليك أن تطلب السلام من مطارديك.
ملاحظة: لقد رفض الشاعر الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وفضل عليها حياة السجن.


د. فايز أبو شمالة