انتهت انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت التي دوماً ما تجذب الأنظار إليها، فازت الكتلة الإسلامية "الإطار الطلابي لحركة حماس" وحصلت على 25 مقعداً فيما الشبيبة "الذراع الطلابي لحركة فتح" حصلت على 21 مقعداً، وبذلك تكون الكتلة الاسلامية قد تراجعت بواقع مقعد واحد عما حققته في انتخابات العام الماضي فيما الشبيبة زادت من نصيبها مقعدين، هكذا يمكن أن يستند البعض في تحليلة لنتائج انتخابات جامعة بيرزيت، ويمكن لهم الإرتكاز أيضاً على الفوز الذي حققته الشبيبة قبل أيام في جامعات بيت لحم والقدس وفلسطين التقنية خضوري حتى وإن لم تشارك فيها حركة حماس، وايضاً الفوز في انتخابات بوليتكنك فلسطين التي شاركت فيها الكتلة الاسلامية، ويمكن لهم القول ايضاً بأن نتائج انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات لا يمكن اعتمادها أداة لقياس الرأي العام سيما وأنها تختص بشريحة محددة من المجتمع، قد يأخذنا البعض إلى ذلك المربع خشية أن توجه لهم أصابع الاتهام بالمسؤولية عن ذلك.
ما يمكن لحركة فتح أن تفاخر به أنها وفرت أجواءاً ديمقراطية داخل الجامعات في الضفة الغربية، وخاضت معركة الانتخابات بكل نزاهة وشفافية وتقبلت نتائجها بصدر رحب، ولكن بالمقابل من الواضح أن حركة فتح لا تتعلم من الأخطاء، ولا تمتلك القدرة على مصارحة الذات وتسمية الأشياء بمسمياتها، فلا يمكن البتة لقيادة الحركة أن تحمل مسؤولية الاخفاق على الشبيبة، فهي دون سواها من تتحمل المسؤولية الكاملة، هي من أثقلت كاهل الشبيبة بمواقف لا تمتلك الأخيرة القدرة الأخلاقية في الدفاع عنها، هل بمقدور الشبيبة أن تدافع عن قدسية التنسيق الأمني؟، وهل يمكن لها إقناع الجيل الشاب بأن الحل يكمن في المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات؟، هل تمتلك الحركة برنامجاً ينطلق من مبادئها ويستند على نهجها النضالي في مقاومة الاحتلال يمكن لكتلتها الطلابية أن تصدع به أمام ناخبيها؟، وكيف يمكن للشبيبة أن تنأى بنفسها بعيداً عن حالة الاستزلام والولاء الشخصي التي باتت تسيطر على الحركة؟، ألم تتحول شرعية الحركة إلى شرعية الفرد؟، ألم تأخذنا قيادة الحركة إلى خانة التصنيف المقيتة وصفق البعض لها ليس قناعة منه بصحتها بل لنيل القبول والرضى وكسب المزيد من الامتيازات الشخصية؟.
كنا نتمنى أن تبقى المراجعة النقدية في أروقة مؤسسات الحركة وأن يتم فيها استخلاص العبر والدروس، لكن الحقيقة التي يدركها الجميع أن الحركة وإن استطاعت أن تحافظ على عناوين مؤسساتها القيادية إلا أنه غاب عنها الحد الأدنى من العمل المؤسساتي، يكفي هنا أن نستدل بحجم القرارات التي اتخذها المجلس الثوري وبقيت حبراً على ورق، وكم هي القرارات والمواقف التي اتخذتها الحركة والكثير من أعضاء اللجنة المركزية علموا بها من وسائل الإعلام، ولعل هذا ما فرض على الغالبية إما الصمت تحت ذريعة أن المراجعة النقدية في أطر الحركة لم يعد يجدي نفعا وأن النقد خارج مؤسسات الحركة يلحق الضرر بها، وإما الانضمام إلى جوقة المطبلين والمهللين وماسحي الجوخ، لا أحد يمكن له أن ينكر بأن مؤسسات الحركة القيادية "اللجنة المركزية والمجلس الثوري" تتحمل المسؤولية الكاملة عن الحالة التي وصلت إليها الحركة، ومن الخطأ أن تواصل قيادة الحركة تجميل الواقع، ومن الخطيئة الاعتقاد بأن الصمت سيلازم الغالبية في ظل الانحدار الذي تعاني منه الحركة.
إن كانت حركة فتح بحاجة اليوم قبل الغد لمراجعة نقدية جادة لبرنامجها الذي ابتعد عن أدبياتها، واعادة تصويب نهجها كحركة تحرر تقود المشروع الوطني، فهي بحاجة أيضاً لأن تتبنى سياسة الجمع لا الطرح والقسمة ليس فقط فيما يتعلق بشأنها الداخلي وإنما أيضاً في علاقاتها بمكونات الشعب الفلسطيني الأخرى.
د. أسامه الفرا