احتارت وارتجفت اقلامنا ، وزاغت ابصارنا ، لشدة هول المصائب والفاجعات التي تغزو قطاع غزة ، وتعددت اشكالها ، ولكن اقساها فواجع الموت حرقا ، اما انتحارا ، او قسوة شمعة ظالمة تتماهي مع ظلم الحياة المعاشة في القطاع ، لتوصل رسائل بأقلام الكوبيا المصنوعة من تفحم جثث شبابنا واطفالنا ..
بتنا نشعر انه فرض علينا جبرا ان نلقى بأخدود غزة الكبير تمهيدا لاحتراقنا تباعا ، وبالشكل الذى يرضى المنقسمين على انفسهم والمنقسمين على الوطن الجريح ..
قصتنا في غزة ترجعنا الى قصة اصحاب الاخدود التي وردت بالقرآن الكريم مع اختلاف الابطال والسيناريو المرسوم،
أما أصحاب الأخدود الذين ذمَّهم الله في القرآن الكريم فهم الملك ذو نواس الحميري آخر ملوك حمير باليمن و جماعته، و إنما عُرفوا بأصحاب الأخدود لأنهم شقوا خندقاً مستطيلاً في الأرض ثم أضرموا النار في ذلك الخندق، ثم أحضروا المؤمنين بالله من نصارى نجران و طلبوا منهم ترك ديانتهم و الدخول في الديانة اليهودية المنحرفة التي كان عليها الملك، و كان مصير من يرفض أن يُلقى في النار و هو حي، أما أصحاب الأخدود فكانوا يتلذذون من تعذيب أولئك المؤمنين المستضعفين الذين لم يكن لهم ذنب سوى الإيمان بالله.
وشعب غزة كشعب نجران شعب ذنبه انه مؤمن بالله وصابر ومحتسب ، يعيش ببقعة جغرافية ضيقة محاصرة ، تشبه الى حد كبير تلك الحفرة المحاصرة التي اعدها ذو النواس الحميري لمؤمني نجران ، الذى فرض عليهم اما الاستسلام لقراراته وفكره او الموت حرقا ، ولكن الحال اليوم تطور وتحالف ضد غزة اكثر من امير وملك ، وقرروا ان يحرقوا غزة بما فيها من موحدين ، لذنب اقترفوه انهم لازالوا يحملوا بالوحدة ، وانهاء الانقسام ورفضوا الوصاية والتبعية ، واخذوا على عاتقهم نفض غبار الذل والتسول على عتبات اقليمية ، ورفضوا ان يباعوا أحد من ملولك وامراء الردة ، فكان الرد القاسي من أمراء الحريق ( بان احرقوا اهل غزة كما احرق اهل نجران لانهم قوم يتطهرون )
ومما يثير حنق المحرقين في غزة ، ان المتسبب دوما في المصائب التي تحل عليهم تترى انهم يبعدون جمر النيران عن مربعم ، ويخرج امرائهم ويكيلون التهم على غيرهم ويلعنون الانقسام وامراءه ، وكأنهم غير مشتركين في صب الوقود علي النيران التي تحرق غزة ، يلعنون الانقسام ولا يلعنون انفسهم ، ونخشى ان يأتي يوم يلعنون الشعب الصابر على لعنتهم لأنه السبب في انقسام المنقسمين على الانقسام ..
بقلم/ د. ناصر اليافاوي