الانسان اعظم مخلوقات الخالق .....لأجله كانت الحياة الدنيا ....كما كانت كافة الرسائل السماوية والابداعات الانسانية...والطاقات البشرية ..لأجله تشكلت الجهود الانسانية ..وبكافة المجالات ...وعلي اعلي المستويات...الانسان ..ولأجله تنوعت ...وتعددت وسائل الاتصال والتكنولوجيا....كما كان لأجله كل ما كتب بالتاريخ والثقافة والعلوم الانسانية لتحقيق تقدمه ورفاهية حياته ..كل الجهود تجري ...والطاقات تسخر ....والعقول والافكار تستثمر بكافة ابداعاتها وادواتها الانسانية ....من اجل انسانية افضل...وانسان قادر علي خوض غمار حياته ..بفكر واضح وثقافة عالية ...ووعي مميز...يمكنه من احداث قدرا اكبر من القوة والقدرة والمعرفة علي تحليل ما يدور حوله وما يجري في هذا الكون.... وحتي يمتلك ادوات القدرة الفكرية والثقافية والعلمية للفصل ما بين الخطأ والصواب...وما بين الحقيقة والاكاذيب .
انسان قادر علي حماية نفسه ...وفكره وثقافته ...وسلوكياته واخلاقياته من افكار شيطانية ....والاعيب فكرية ....ومخادعات اعلامية ...ومحاولات لزرع ثقافات لا علاقة لها بتاريخنا....وموروثنا الثقافي والانساني الوطني.
وسائل الاعلام والعاملين بكافة مجالاته وتخصصاته ...يبذلون اقصي الجهود من اجل ايصال رسالتهم ...خبرهم .....وحتي يساهموا بصناعة الراي العام وان يضعوا امام المتلقي اخر الاحداث والمستجدات وبرؤية تحليلية ....تعمل علي تحليل طلاسم المفردات والعبارات والمقولات السياسية التي يتكرر الحديث بها بصورة ملحوظة......وان يعمل ذوي الاختصاص الاعلامي والفكري والثقافي ومن خلال وسائلهم المتعددة علي بناء ثقافة فكرية انسانية وطنية ...يمكن لها ان تشكل قوة مانعة ..وجامعة قادرة علي الفصل ..والتحليل ....وايصال الرسالة بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض .
عالم السياسة ..عالم متحرك بفعل احداث مصنعة ...ومخططات مدروسة ومصالح غالبة ومتغيرة ....بحكم تحالفات طارئة ...وتناقضات متواصلة ....لعالم يصعب علي المتابعين رصد اخر مستجداته وتحليل كافة ابعاده ومخططاته ...علي اعتبار ان المستور منه اكثر من المكشوف والمعلن عنه.
الكثير مما نسمعه ونشاهده وحتي ما نقراه ليس ذي صلة بالحقيقة الكاملة .....بمعني ان الاعلام ودوره بنقل الخبر ....والتحليل يبقي في اطار ايصال المعلومات ....واجراء الاتصال بحسب الوسيلة المتاحة ....دون ادني مسؤولية عن صحة وصدق المعلومة المنشورة ...والا فإن ما ما ينشر ويبث ويكتب ....واذا ما تحملت وسائل الاعلام مسؤوليته ...يكون من حق كل انسان ان لا يقرأ لهذه الوسيلة او تلك ولا يستمع لها ولا يشاهدها .
عالم السياسة ....عالم متحرك بسرعة البرق ...ومتغير ...ومتقلب بحكم المصالح التي ترسم ما بين اقطابه ....حتي اصبحت السياسة وعالمها ....عالم متحكم بمجريات القضايا والاحداث ....وبمصير الشعوب والامم والدول .
اهمية التركيز علي الانسان والثقافة ...ومجمل المفاهيم والمرتكزات .....وعوامل البناء الفكري والقيمي ....والموروث الثقافي والاخلاقي ...ربما يكون له الاولوية الاولي في ظل هيمنة طاغية لعالم السياسة المتقلب ...والمتغير ....عالم المصالح الذي يأخذنا الي مربعات ...وخانات لا علاقة لها بالتاريخ والثقافة والموروث الثقافي الانساني والديني .
اذا ما طالعنا الصحف والمجلات ووسائل الاعلام بكافة انواعها ...سنجد ان هناك حالة من التكرار الممل ..للأخبار المتلاحقة والمتشابهه والمكررة كما الاحداث والتصريحات ...كما يمكن ان يطرا من استثناءات وضرورات خبرية ...يجري الاعلان عنها وضرورة ابلاغ الراي العام بها ....لكنها بالمجمل تأخذ طابعا سياسيا ....واحداثا جارية لا نقلل من اهميتها ....بل نؤكد علي تلك الاهمية والضرورة ولكن ليس علي حساب الانسان وثقافته ....فكره ومنهجيته ....سلوكياته واخلاقياته .
من هنا نري اهمية الاعلام ...لاستكمال مشوار البناء الانساني ....لبناء الانسان .....باعتبارها مهمة وطنية انسانية مهنية قومية يجب ان نعمل عليها جميعا...وان لا نتراخى بطريقة او باخري في اداء دورنا ومهامنا في عملية البناء الانساني ....لأننا اذا ما راجعنا انفسنا ...سنجد ان معظم مشاكلنا وازماتنا ...ناتجة عن سلوكيات خاطئة ...نتيجة لفكر خاطئ ...كما انها نتيجة لتعبئة خاطئة ...وربما لتربية غير مكتملة اصابها الخلل والعطب في مهدها ...ولم تستطع ان تستكمل مشوار بناءها نتيجة عثرات ومصاعب اجتماعية واقتصادية ....تعليمية ثقافية ...او من خلال جهل مقصود ....وتضليل مدبر ...ليسهل السيطرة علي ما لم يمتلكوا ثقافة واعية ...وفكر مستنير ....ووعي مميز يستطيع من خلاله هذا الانسان او ذاك من تحديد توجهاته ...وتحديد افكاره واولوياته ومعرفة مصالحه .
استمرار اقحامنا بعالم السياسة وتقلباتها ....عالم المتناقضات والمصالح وتجاهل وتغيب البناء الثقافي والانساني جعل من حالتنا واوضاعنا امرا مؤلما ....وواقعا خاويا وهشا .....يحكمه الفراغ ....ويتلاعب فيه الوهم ...وخداع النفس .
عالم السياسة واذا ما استمر بممارساته واساليبه ووسائل دعايته ....ومجمل مؤثراته وتأثيراته ....في ظل قصور ثقافي ....وضعف ملحوظ ومقصود بعملية البناء الإنساني الثقافي ....يجعل الكثير منا مجرد مرددين ....مطبلين ...مزمرين ....لا عقل يفكر ليحد من سلوكهم ولا فكر يحدد صوابية توجهاتهم ....ولا ثقافة تحلل ما يمكن الاستماع له .
ترديد لكلمات ....ولعبارات ...ومواقف دون تفكير سليم ...ودون معرفة مسبقة .....ودون تأكيد حقيقي يجعل من هذا او ذاك مجرد العوبة ودمية ...يتم التلاعب بها وتحريكها ....كما يريد اصحاب المصالح والمحركين لهذا الخبر او الاشاعة ....لغاية في انفسهم او لمرض يملأ قلوبهم .
الانسان ذات الفكر والثقافة ....والوعي الذي تم بنائه وفق اسس تربوية ومرتكزات فكرية وثقافية ....تستند لتاريخ طويل وتجربة وطنية متراكمة ....الانسان المتوازن بفكره ومشاعره ....والذي يمتلك ادوات الفصل والتحليل ما بين الخطأ والصواب ....يجب ان نراكم جهودنا من اجل المحافظة عليه ....والبناء علي فكره وثقافته وانسانيته من خلال اعلامنا الوطني .
يجب ان نعمل معا لنخرج الاعلام من كبوته وازماته ...الذي اقحم بها ...وادخل فيها ....من قبل عالم السياسة الذي لا يرحم بمصالحه الغالبة وتناقضاته الواضحة ...لان الاولي لنا ...والاهم بالنسبة لنا هو الانسان وسيلتنا وهدفنا ....لبناء وطننا الذي طال انتظاره.
يجب الحذر الشديد من بعض وسائل الاعلام ...الذين يعملون علي تجهيل الانسان ....ليستمر اصحاب مصالح السياسة ...بسيطرتهم وهيمنتهم ....والذين يجدون صعوبة كبيرة بأداء نفس الدور علي من يتميزون بثقافة اعلي...ووعي ملحوظ ....وفكر وطني قادر علي التمييز.... ما بين الحقيقة والاكاذيب
بقلم/ وفيق زنداح